الدكتور جوفاني كوراتولا في سطور 
من مواليد فلورنسا عام 1953.
• حائز مرتبة الشرف في اللغات والآداب الشرقية من كلية اللغات والآداب الأجنبية في جامعة «كافوسكاري» في فينيسيا.
• حائز منحة دراسية في معهد الدراسات الشرقية والإفريقية، جامعة لندن، وفي مركز البحوث الوطني في «المعهد الشرقي» التابع لجامعة إكسفورد.

الخبرات العملية:
• أستاذ الآثار وتاريخ الفن الإسلامي في جامعة أوديني من عام 1989 حتى الآن.
• أستاذ في جامعة البندقية عام 1982.
• مدير المعارض في البندقية وأوديني.
• عضو اللجنة العلمية «مقرنص» التي تنشرها جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية.
• عضو المجلس العلمي في جنيف بسويسرا.
• عضو الفريق العلمي الدولي التابع لمنظمة اليونسكو «طريق الحرير البحري» عام 1991.
• تعاون مع البعثة الإيطالية للحفر عن الآثار في إيران.
• حضر عددًا من المؤتمرات الدولية في الشرق الأوسط والقوقاز ووسط آسيا.

من مؤلفاته:
• الفن الإسلامي 2006.
• صناعة الخزف الفارسي من القرن التاسع الميلادي إلى القرن الرابع عشر عام 2006.
• الفن الفارسي 2004.
• الفنون الإسلامية 1990.
• السجاد الشرقي، 1981، «ترجم إلى خمس لغات»
.

الدكتور جوفاني كوراتولا:

الفن الإسلامي جسر التواصل بين الحضارات

الفنون التشكيلية إحدى قنوات الاتصال بين الغرب والعرب.على مر العصور، ومنذ ولادتها، ارتقت الحضارة الإسلامية سبيل تميزها عن الحضارات الأخرى، وفي ظل عطاءاتها المتجددة أصبحت مورد الإرث والثقافة، تبادل قريناتها الأثر والتأثر، حتى استطاعت مخاطبة العقول النيرة في الأرجاء كافة، وصنعت منها استشراقًا يستشرف مآثرها.

المستشرق الإيطالي جوفاني كوراتولا يسلط الضوء على هذاالمضمار.
الرياض: أهلاً وسهلاً


§       الحضارة الإسلامية أثرت إيجابًا في العالم الغربي
§       صقلية مدرسة إسلامية في فنونها
§       عائلات فايتل الأوروبية جمعت الكثير من المقتنيات الإسلامية
§       يجب توضيح مفاهيم الإسلام بطريقة ودية تحترم خصوصياته

برزت في أوروبا مراكز استشراق كثيرة، ما الذي يميز المدرسة الإيطالية من بينها؟

تعد إيطاليا مهد الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا، فالبابوات هم الذين وجهوا إلى دراسة اللغة العربية، وتم إنشاء مدارس لتعليم اللغة العربية في باريس، ونابولي، وسالونيكا وغيرها، وترجمت العديد من كتب اللاهوت إلى اللغة العربية.

ومع استمرار اهتمام إيطاليا بالعالم الإسلامي ظهر مستشرقون في شتى الميادين، ومنهم، المستشرق الأمير كايتياني الذي أصدر مؤلفه الكبير «حوليات الإسلامي»، وكارلو نيللو الذي درّس الفلك والأدب في جامعة القاهرة، ومن أعلام المدرسة الاستشراقية الإيطالية ديفيد سانتيلانا David Santillana «1855-1931»، وثالث أبرز المستشرقين بالمدرسة الإيطالية هو كارلو نللينو(Carlo Alfoso Nallino) «1872-1938».

كمستشرق إيطالي، إلى أي فكر تنتمي في تعاملك مع الحضارة الإسلامية؟
ولدت في فلورنسا ودرست اللغات الشرقية في جامعة فينيسيا وهي مدينة مشهورة بالفن الرفيع، ثم ذهبت إلى لندن للدراسة في إكسفورد وعدت للعمل في جامعة فينيسيا في مجال الفن الإسلامي والآثار الإسلامية.
وقد عملت عالمًا للآثار في بعض الدول الإسلامية مثل إيران والأردن، بالإضافة إلى المحاضرات التي ألقيتها في مدن كثيرة في العالم، وألفت كتبًا عن السجاد والفن الإسلامي.
كما أقمت معرضًا عن الفن الإسلامي في إيطاليا عام 1993 وتحديدًا للموجودات الإسلامية في إيطاليا، وكانت جميعها روائع فنية بحد ذاتها رغم صعوبة القيام بتجميعها من مختلف أنحاء إيطاليا في فينيسيا.

استخدمت السجاد كرابط يجسد التقارب بين الفن الإسلامي ونظيره الإيطالي، كيف تخلقت لديك هذه الفكرة؟
العلاقة بين الفن الإسلامي والإيطالي خاصة جدًا، وقد اخترت موضوع السجاد تحديدًا لتوضيح هذه العلاقة، خصوصًا أنها صناعة شرقية جاءت من دول الشرق الأوسط، تحمل في طياتها سمات فنية مهمة.
وأعتقد أن السجادة أحيطت بنوع من الاهتمام، على مدى القرون الماضية، حيث استخدمت بالمساجد للصلاة والعبادة. ولم يقتصر هذا الاهتمام على العالم الشرقي، بل كان شائعًا، أيضًا، بالعالم الغربي، إذ استخدم الرسامون السجادة في فنونهم، ما جعلها تتبوأ موقعًا خاصًا في عالم الرسم والفن، وفي أعمال الإيطاليين بيلايانس دولوتو وبيرو ديلا فرانشسكا (Pelaiance De Lotto & Piero De la Franchisca).
كما استعمل الأثرياء السجاد في بيوتهم وممتلكاتهم لدلاتها على غنى هؤلاء الأشخاص، حيث كانت تلتقط لهم الصور فوق السجادة وهم يحملون الكتاب بين أيديهم كرمز لثقافتهم وثرائهم، ونلاحظ هنا أن السجادة بدأت بمكانة مقدسة، ثم استخدمت في تقلد المناصب، وأخيرًا إشارة إلى الثراء.
وكان هذا موضوع محاضرتي الأساسي التي قدمتها في مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية مؤخرًا، وعرضت بعض نماذج من السجاد التي جاءت من الشرق، كما تطرقت في حديثي لبعض الرسامين والفنانين الذين نسجوا دراسة واسعة في السجاد، وذكرت أن فكرة السجاد والشرق والإسلام أمور مهمة للغاية.

وهناك الكثير من الرسائل المنظمة في الرسوم لم تفهم من الناس جيدًا، وعرضت أخيرًا رسومًا للفنان «تيشن» أحد أكبر الفنانين في القرن السادس عشر، وكذلك رسومات للفنان «تيكسيات»، وهو من الشخصيات المؤثرة في التاريخ، وكان يلبس قفطانًا تركيًا. لأن ذلك يمثل في نظره رمزًا للقوة والعظمة، وهناك رسالة دون أدنى شك في لباس هذا الفنان لا نعرفها، ولكنها إشارة تدل على احترامه للإسلام ولم يكن ذلك بمحض المصادفة.
فهناك قنوات اتصال فيما بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية مثل التجارة، والعمل، وتبادل التراث. وعلى سبيل المثال نجد كبرى عائلات «فاتيل» في أوروبا من أغنى الأسر التي قامت بجمع الكثير من المقتنيات الإسلامية لتذوقهم السليم لهذا الفن.
أما المشكلة الحقيقية التي تقف عقبة في طريق العلاقات الجيدة بين الحضارتين فهي عدم فهم كل طرف للآخر، وجهل الطرفين لجوانب إيجابية كثيرة لدى الطرف الآخر، وأعتقد أن الفن في هذا الشأن يعد أفضل السفراء للقيام بهذا الواجب.ولعل الحضور الطاغي للسجاد الشرقي في فن الرسومات الإيطالية بالقرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادي، أكبر دليل على تأثر الحضارة الغربية بالفن الإسلامي.

الحملات الغربية ضد الإسلام، بأي القراءات تطالعها؟

صحيح أن هناك فئة تؤمن بربط الإرهاب بالإسلام بسبب جهلها للإسلام، ولكن دورنا كمتخصصين أو علماء حري بنا شرح هذا الأمر، وتوضيح الحقائق من وجهة نظر صحيحة، وأن نقوم بتوضيح مفاهيم الإسلام بطريقة ودية تحترم خصوصياته وعدم الانصياع وراء كل ما تكتبه الصحف، لأن ليس كل ما يكتب صحيحًا.

الحضارة الإسلامية، أيمكن لها ردم هوتها مع الحضارات الأخرى؟

يعد الفن الإسلامي جسرًا حقيقيًا لإنهاء حالة الصراع الذي يغذيه المستفيدون من تأجيجه، فهناك طرق مختلفة سياسيًا واقتصاديًا، لكن الفن هو جوهر الأشياء، يترجم الجمال الذي يفهمه الجميع، ولا يختلفون عليه. وحين يتبين حجم الحب الذي يتمتع به الفنان عندما يكتب القرآن بخطوطه الجميلة لأولئك الذين لا يعرفون عن الإسلام فإنهم سيدركون الرابط القوي والمحبة بين هذا الشخص والفنان ومخطوطاته الرائعة، وبالتالي فإن من يؤمنون بهذا القرآن هم أصحاب حضارة عظيمة لا يمكن أن تكون خطيرة تجاه الحضارات الأخرى.

في اعتقادك، هل تمثل الفنون الإسلامية التشكيلية أحد نقاط التماس بين العرب والغرب؟

بعد أن استقرت الحضارة الإسلامية واندمجت مع الحضارات الأخرى عبر الفتح والدخول في الإسلام، بدأت المعاني والأفكار الإسلامية تنتقل إلى هذه الحضارات وعلى رأسها الفن الإسلامي عبر التجارة الخارجية التي أضحت أهم وسائل انتقاله.

وهذا ما حاولت إلقاء الضوء عليه وبالتحديد تأثير الفن الإسلامي في العصور الوسطى الأوروبية، ثم أثر الحضارة الإسلامية على الغرب ككل، وكذلك بواكير عصر النهضة، كما أن دراسة الفنون الإسلامية التشكيلية تجسد موقعًا للقاء الحضارتين العربية والغربية، فالفنون الأوروبية أثرت في الفن الإسلامي أيضًا، الذي غدا فنًا مستقلًا يمكن أن يطلق عليه أحد أبرز الفنون التي أنتجها الإنسان على مدى تاريخه الطويل.

من أجل ذلك تمت معالجة نشأة الفن الإسلامي، وعلاقته بالدين وطرق تطوره وفلسفته، والتجديد فيه، وبسماته وتنوعه، للوصول إلى نتيجة واحدة بإضافة هذا الفن إلى بقية الفنون الإنسانية، كالفن الأوروبي، والفن الفرعوني، والبابلي والفينيقي، مع أنه لا يقل أهمية عن فنون شرق آسيا، والصين، والهند، واليابان.

وهذا ما يتضح عند إلقاء الضوء على التصوير في الفن الإسلامي، ثم تطوره في العصور المختلفة من الإسلام، وذلك من خلال استعراض المدارس العربية المختلفة كالعراقية والمصرية ثم اختيار نماذج إسلامية في المدن الأوروبية مثل صقلية، من خلال الفنون الزخرفية الإسلامية وأثرها في صقلية، وهذا يعني أن مدرسة صقلية هي مدرسة إسلامية في فنونها.