|
||||||||
§ الاستخدام الخاطئ للأعشاب بات ظاهرة عالمية تربك عملية الهضم، تؤثر سلبًا في الكلى.. تبطئ نبضات القلب.. كلها أمراض تجنيها البشرية، نتيجة الاستخدام العشوائي للأعشاب الطبية التي يفضلها كثيرون، نظرًا لاستخراجها من الطبيعة وخلوها من المواد الكيميائية.. هذا ما كشفت عنه دراسات وأبحاث علمية حديثة أجريت في هذا الصدد، والتي قالت إن الاستخدام الخاطئ للأعشاب في العلاج بات ظاهرة عالمية تجتاح العالم المتقدم والنامي على الرغم من التطور الكبير الذي شهدته المعدات الطبية في الكشف عن مخاطر الأعشاب، وأيضًا على الرغم من حملات التوعية عن سلبيات هذه المواد الطبيعية. في السياق نفسه، كشفت وكالة السيطرة والإشراف على الأدوية في بريطانيا أن بعض الأدوية التقليدية الصينية، وأكثرها من مستخلصات الأعشاب، تحتوي على مواد ومكونات محظورة وممنوعة قانونيًا وتشكل خطورة على الصحة العامة.وبالرغم من الخطوات المتخذة للتخلص من المكونات السمية في هذه الأدوية فلا تستطيع الوكالة إعطاء ضمانات بسلامتها وخلوها من المخاطر رغم اكتشافها وجود الزئبق والزرنيخ ومواد سمية أخرى تؤثر في عمل الكلى وجميع وظائف الجسم بالسلب. وتكمن المشكلة، كما تشير الوكالة، في خروج قطاع الطب التقليدي عن نطاق سيطرة الأجهزة الحكومية في أي دولة في العالم، نظرًا لإمكانية ادعاء أي فرد أنه متخصص في هذا العلم، وبالتالي خداع طالبي العلاج بسهولة. وحذرت دراسة أجرتها جامعة «كورنيل» الأمريكية من استعمال الأعشاب في علاج السرطان، حيث تبين أن بعض المكملات الدوائية العشبية قد تزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي. وأكدت الدراسة أن كون العلاجات العشبية «طبيعية» لا يعني إنها آمنة أكثر من الأدوية الأخرى. فالمكونات الفعالة في هذه العلاجات ربما تكون لها آثار جانبية تؤدي إلى مشاكل صحية عديدة. أعشاب طبيعية.. لكن! وتعليقًا على هذه المخاطر الناجمة عن تعاطي الأعشاب، يؤكد د.أيمن فاخر، أستاذ الطب البديل واستشاري العلاج بالأوزون بجامعة ميلانو بإيطاليا، أن كلمة أعشاب من الكلمات المرفوضة علميًا. فالطب البديل والطب التكميلي علم وله شركات كبيرة ذات رأس مال ضخم. أما القول بأن: «الأعشاب إذا لم تنفع.. فلن تضر» فهو كلام خاطئ تمامًا، لأننا لا نعرف ما الحشرات التي مرت على العشب، وما المبيدات التي يحتوي عليها، وما العوامل البيئية التي ترعرع فيها.. مشيرًا إلى أنه بالنسبة للاستخدام العلمي لهذه الأعشاب، فهناك متخصصون وعلماء يفصلون المواد السامة عن العشب، وتعطى للمريض العقاقير على شكلة حقنة أو حبة. ناهيك من أن الأعشاب الموجودة عند العطار لم يتم الكشف عليها، فقد أخذت من الأرض أو الشجر، ولم تكن عليها رقابة طبية، لذلك فإن تناول الأعشاب التي لم تتم معادلتها طبيًا يمكن أن يؤدي لحدوث كوارث مثل التسبب في الإصابة بالسرطان. وتزداد المشكلة في أماكن كثيرة حول العالم، نظرًا لضعف الإمكانيات المستخدمة في هذا المجال نتيجة ارتفاع ثمنها، خصوصًا أن أجهزة فصل السموم عن العشب قد يصل سعرها إلى 30 مليون دولار. ومن جانب آخر، يشير د.هاني الغزاوي، عضو الكومنولث الدولي للطب البديل، إلى ضرورة مراعاة أشياء مهمة بخلاف العلاج بمواد طبيعية، وليست كيميائية، وأهم هذه الأشياء هو مدى ملاءمة تلك المواد لحالة المريض وظروفه. فالعلاج بالمواد الطبيعية مثل الطعام العادي، قد يتوافق مع شخص ويريحه، ولا يتوافق مع الآخرين.. فهناك خطوط عريضة في العلاج بالأعشاب الطبيعية وأساسيات تسري على بعض الأشخاص دون غيرهم، لذلك ينبغي الاعتماد على سماع نصائح المجربين لعلاجات معينة، بل يجب الكشف الطبي لتحديد أي المواد الطبيعية التي يجب تناولها. المريض يشتكي ولم يقتصر الأثر السلبي لبعض الأعشاب على سرطان الثدي فقط، فقد أكد الباحثون، في جامعة شيكاغو، أن مستحضرات الأعشاب من المحتمل أن تساهم في إبطاء نبضات القلب، ومنع تخثر الدم، وتغيير جهاز المناعة، وبالتالي أصدروا تعليمات لمستخدمي العلاج بالأعشاب بعدم تناول أدوية عشبية مجهولة الهوية أو غير معروف مكوناتها، وأكدوا ضرورة تناول الأعشاب تحت إشراف طبي حتى ولو كانت طبيعية. وفي سياق متصل، أكد د.طارق رشدي، استشاري التغذية الإكلينيكية بطب قصر العيني، أنه يجب على الناس التفرقة بين الأعشاب، وبين النباتات والخضراوات والفاكهة التي نأكلها، حيث انتشرت عادات خاطئة تتمثل في تناول الأعشاب مثل شرب اللبن أو مثل تناول طعام سوتيه به خضار طبيعي. ولكن الأعشاب غير ذلك تمامًا، فهي وسيلة لاستخراج أدوية عديدة منذ قديم الأزل، أي أنها في حد ذاتها أدوية، ويستخرج منها مواد فعالة مع استبعاد مواد أخرى غير فعالة، وإذا لم يتم الفصل بينهما فقد يتأذى الجسم. ولا يجب تعاطيها دون إشراف طبي. إلا أنه من الممكن تعاطي هذه الأعشاب إذا تمت معالجتها بأسس علمية، وتم تناولها في هيئة دواء، موضحًا أن هناك أدوية عديدة، وهي مكتوب عليها الأعشاب المستخرجة منها، ولكن لا يعني ذلك أننا نتناول الأعشاب بهذا الأسلوب دون رقابة طبية عليها، لأن العشب قد يضم مواد أخرى تدمر فوائده، أو تقلل فاعليته، أو توصل السموم إلى الجسم. ويفيد بأن المسمى الأصح لهذا النوع من الطب هو الطب التكميلي، وليس البديل، لأنه مكمل للعلاج العادي، وهو ذو أصل عربي وديني وصيني وغير ذلك. وقد أجريت دراسات علمية على الطب التقليدي القديم كي يكون أكثر فاعلية، وتتم تنقيته بشكل أفضل وبأجهزة أحدث، أي أننا أخذنا الفكرة من القدماء وطورناها، ومن هنا جاء الطب التكميلي الذي يحتاج إلى دراسات كثيرة توضع تحت بنود قانونية محكمة، وتحجم شركات الأدوية عن إنتاج هذه الأدوية، لأن الربح فيها ربما يكون أقل من الأدوية الكيميائية. |