نادي طيران التحكم عن بعد

هواية باهظة التكاليف

إقبال جماهيري كبير محليًا وتطلع إلى المشاركة عالميًا.

ضمن أطر التطور التي تشهدها المملكة في مختلف الميادين، تندرج تنمية المواهب الرياضية كضرورة حتمية توافق متطلبات جيل هذا العصر من الشباب الحالم الطموح، وفي الطيران تجسيد لحالة التحليق التي تغمره لآمال المستقبل.. نادي الطيران السعودي يمثل أحد صور هذا المشهد.
• الرياض: عماد درويش


§       الالتزام بقواعد السلامة سبيل التفوق
§       الطيران هواية باهظة التكاليف في ممارستها
§       للنادي عثرات ترافقه على درب الامتياز
§       للنادي فروع في جدة، والقصيم، والمنطقة الشرقية

هواية منذ الطفولة بحسب بندر عبدالعزيز الحصان، مدرس، فإن اهتمامه بالطائرات بدأ منذ الصغر عندما كان يراقب طيور السماء فاقتنى الطائرات الصغيرة الكهربائية، وكذلك الورقية، ومارس الهواية بشكل محدود دون أي قدر من الاحترافية، وبعد فترة من الزمن وخلال تجواله في أحد محلات الألعاب ومشاهدته لطائرة كهربائية، استيقظت خواطر هوايته القديمة، وأخذ يسأل عن ذلك النوع من الطائرات، وعرف أنها تطير باستخدام البنزين حتى انضم إلى نادي التحكم عن بعد، وقام بصحبة زملائه من المحترفين بتحقيق العديد من الإنجازات التي تسجل في تاريخ النادي. وقد شعر بارتباك كبير عندما أطلق طائرة للمرة الأولى، بالرغم من أنه قضى وقتًا مناسبًا للتدريب عبر جهاز الطيران على الحاسب الآلي المعروف «بالسيميليتر»، وهو برنامج آمن للتدريب، ولكن الممارسة العملية كشفت أن هناك اختلافًا بالرغم من التطابق الكبير مع الأجهزة التي تدرب عليها في الحاسب الآلي، إلا أن مساعدة زملائه في النادي مكنته من تحقيق الهدف المنشود، وقد مضى على ممارسته لهذه الهواية نحو عامين ونصف العام.

وفي البدايات تدرب على طائرات مخصصة للتدريب، ومنها طائرات تعرف باسم الأجنحة العالية اشتهرت بقلة احتمال تعرضها للسقوط، وهي طائرة خفيفة. وهناك العديد من الطائرات المستخدمة في مجال التحكم عن بعد، ومنها طائرات المهارات والطائرات النفاثة، وكذلك طائرات مخصصة للحركات البهلوانية، وهي إحدى مجالات اهتمام بندر الذي أصبح يوليه، مؤخرًا، عناية خاصة من خلال مشاهدته الأفلام الخاصة في هذا النوع من الطيران. كما استعد لتلقي التدريب على جهاز التدريب الآلي على الطيران البهلواني، ليشعر بأنه حقق شيئًا من حلمه، سيما أن هذه الهواية مكلفة بشكل كبير، ولكن المردود المادي الذي يعود عليه من خلال المشاركة في بعض المناسبات يغطي جزءًا من تكاليفها.

بداية مبكرة

ومن جهة أخرى، يوضح عوض سعيد الأحمري، عضو نادي طيران التحكم، أن بداياته في هذه الهواية تعود إلى نحو 14 سنة انطلاقًا من الموقع القديم للنادي في وادي لبن، فخلال جولته في المنطقة دفعه الفضول إلى الاقتراب والمشاهدة، ومن ثم تملكه الاهتمام بهذه الرياضة، فقام بشراء طائرة صغيرة، ولكنه واجه صعوبات كثيرة، إلا أنها ساعدته على التدريب الجيد، خصوصًا أن هناك مواصفات خاصة لهذا النوع من الطائرات منها أن يكون تركيب الطائرة سليمًا ومتقنًا تفاديًا لوقوع الحوادث، ولكل نموذج من الطائرات نوع مخصص من المحركات، إذ يجب أن يكون حجم المحرك متناسبًا مع حجم الطائرات، فبالإضافة إلى الطائرات المخصصة للتدريب فقط، هناك عدة نماذج متعددة الاستخدامات. فطائرات التدريب تعد آمنة، وهناك الطائرة الاستعراضية، وهي بمواصفات خاصة. كما يمكن امتلاك تصميم الطائرة مع فارق في السعر يعتمد على نوع الأدوات الداخلة في تركيبها، وتخضع في النهاية لرغبة العميل وتطلعاته، حسب الميزانية المرصودة لتجهيز الطائرة.
ثمة عثرات تواجه الطيارين في التحكم بالطائرة، ومنها الصيانة الوقائية، ونوع الوقود المستخدم، والبطاريات المستخدمة والأحوال الجوية، وافتقار المملكة إلى قطع الغيار. وفي حال عطل الطائرة يتم التبادل مع الزملاء أو طلبها من الخارج، وهي تشكل بذلك تكلفة عالية، نظرًا لوجود رسوم جمركية لتجسد هذه المعضلة إحدى المعوقات التي تحول دون نمو الإقبال على ممارسة هذه الهواية. أما إنشاء ورشة للصيانة فهو أمر قيد التفكير، سيما أن هناك من هم يحترفون بناء الطائرات.
وبشكل عام يمكن الحصول على الطائرات عن طريق الإنترنت، إلا أن إدخالها إلى المملكة يواجهه صعوبة بالغة.
وفيما يتعلق بأبرز المواقف الصعبة التي واجهت عوض، فهي في أثناء إطلاق إحدى الطائرات التي قام بصناعتها، ففقد السيطرة عليها وهوت. كما شارك في عدة عروض في مناسبات مختلفة منها مهرجان العيد في الرياض. ونظرًا لما تجده هذه الهواية من إقبال، فإن الآمال معقودة، لأن تتخذ الجهات المختصة خطوات نحو تسهيل الإجراءات الخاصة بهذه الهواية، ويمر التدريب على هذا النوع من الطيران على الاهتمام بعنصر السلامة قبل كل شيء. فسلامة مشغل الطائرة والجمهور من أهم ما يجب وضعه في الحسبان عند البدء في محاولة إطلاق الطائرات والحركات الناتجة عن أجزائها. ويمكن التدريب من خلال برنامج الطيران التشبيهي، لأنه يوفر نحو 85% من واقع الطيران ومع التدريب تتوافر لدى الطيار القدرة على التعامل مع الطائرة بمزيد من الحرص والاحترافية.


حلم الصغر

أما سامر الهندي، وهو عضو النادي، فعشق هذه الهواية منذ الرابعة من عمره، إذ كان يصنع الطائرات الورقية ويطلقها، بمساعدة جده في الإنفاق عليها. شغفه بالطيران دفعه إلى دراسة علومه خارج المملكة، وبعد عودته علم بافتتاح النادي، والتحق بعضويته، فهي تجربة ثرية وممتعة، لا سيما أنه من الذين يهتمون بصناعة الطائرات، ولكنها صعبة ومكلفة ففي أول خسارة له تحطمت الطائرة التي أطلقها.

إلا أنه يحلم بأن تنال هذه الهواية نصيبها من الأهمية في المجتمع السعودي، خصوصًا أن نادي طيران التحكم عن بعد يحظى بإقبال كبير، وحضور جماهيري واسع تحت إشراف نادي الطيران السعودي. ومن المنتظر أن تتوسع عملية تصنيع الطائرات بعد أن يتم توفير بعض التسهيلات المهمة لدعم هذه الهواية وتطويرها.

ووفق ملاقي علي الصامل، عضو نادي طيران التحكم عن بعد، فإن ولوجه هذا المجال تم منذ أيام الدراسة، وما لبث أن التحق بمعهد الدراسات الفنية في الظهران نتيجة تعلقه الشديد بعالم الطيران، ليختص بهندسة الطيران. وقد تفوق في دراسته وعمله، وفي نادي طيران التحكم عن بعد تولى مسؤولية السلامة والتدريب. ومن واقع الخبرة والتجربة أمكن له تحديد مواصفات خاصة لا بد من توافرها في الشخص الراغب في ممارسة هذه الهواية، وأهمها القدرة على التحمل والصبر. وكذلك الاستماع والالتزام بتعليمات المدرب تجنبًا لوقوع أضرار بالغة، وربما تحطم الطائرة. فالفشل المتكرر يصيب المتدرب بالإحباط.

وهناك تعاون جيد بين الزملاء في النادي فهم يساندون بعضهم في حال الحاجة إلى قطع الغيار، أما اشتراطات السلامة في هذا المجال فتتوافر في ضرورة معرفة ترددات الطائرات من قبل الجميع، إذ إن التداخل فيها يسبب حوادث مؤسفة. كما ينبغي عدم التسرع عند تشغيل الطائرة، وأن تتم هذه العملية بوجود الطيار المالك ومساعده لحمايتها من التعرض للتلف، بالإضافة إلى اختيار الموقع المناسب لإطلاق الطائرة بعيدًا عن خطوط الهاتف والكهرباء وبمنأى عن سيارات الحضور، حرصًا على قواعد السلامة.

وفي سياق التدريب، هناك برنامج تدريبي يبدأ من الصفر فيتعلم المتدرب على أجزاء الطائرة، والمهمة التي يقوم بها كل جزء منها، ومن ثم يتعرف على الطريقة التي تطير بها الطائرة قبل البدء بالطيران، ويتم إرشاده لإجراء الصيانة البسيطة، ومن ثم التدرب على الإقلاع برفقة المدرب. وهناك عدة طرق للتدريب تختلف حسب وجهة نظر المدرب، ومن ثم يتم الاعتماد على المتدرب، وليس هناك مدة محددة للتدريب فهي تخضع لمدى استيعاب المتدرب ولكن المعدل العام حوالي شهر واحد فقط.

وتتراوح تكلفة صيانة الطائرة حسب مقدار استهلاكها للوقود ومدى تعرضها للتلف. ومن بين الصعوبات التي تعترض المتدربين عدم التزام بعض الجماهير في المواقع المخصصة للمشاهدين.
وأخيرًا، فإن للنادي فروعًا في القصيم، وجدة، والمنطقة الشرقية، وجميعها تعمل بالجهود الفردية، ويتم تواصلها مع النادي، وتطمح لتمثيل المملكة في المناسبات والفعاليات المحلية والإقليمية والدولية في إطار الخبرات التي يملكونها، وتقديم عروض مميزة تعكس القدرات التي يتحلى بها الطيار السعودي.

تأسيس النادي
تم تأسيس النادي في عام 1421 وأصبح فريق طيران التحكم عن بعد جزءًا من نادي الطيران السعودي، والتحق به العديد من المهتمين والممارسين، كان من بينهم الأمير بدر بن فهد الفيصل آل سعود، رئيس النادي حاليًا. ولا توجد شروط معينة للمشاركة فيه سوى أن يكون العضو محبًا ومهتمًا بهذه الهواية، ولديه الاستعداد للتدريب. ويضم النادي أعدادًا كبيرة من المهتمين والمحبين لهذه الهواية الجميلة من مختلف الأعمار والتخصصات بمن فيهم الأطفال، وسبق أن شارك أعضاء النادي في العديد من الفعاليات والمشاركات، منها ما هو داخل المملكة من خلال المهرجانات والعروض العامة، إضافة إلى عدة مشاركات خليجية، ومنها في قطر، والكويت، والعين بدولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى المشاركات داخل المملكة