تتألف القلعة من أربع طبقات.. وعدد أبراجها 25 برجًا.

إذا أردنا أن نلخص تاريخ مدينة طرابلس من خلال آثارها, فإن القلعة تبرز في المقدمة مؤشرة إلى التلازم بين ماض عريق، ورغبة في استعادة تاريخ غابر, بل إن تاريخ القلعة يكاد يكون تاريخ طرابلس نفسها, في إشارة واضحة إلى أن من يتحكم في القلعة يمكن أن يسيطر على طرابلس والمنطقة المحيطة بها.

وإذا كانت قلعة طرابلس هي أكبر القلاع الحربية في لبنان وأقدمها, فذلك يعود إلى أن من وضع أساساتها الأولى هو الصحابي العربي المسلم سفيان بن مجيب الأزدي عام 636ميلادي. ويمكن أن نرى حتى الآن بنية مثمنة الأضلاع تعود إلى ذلك العصر. وفي عام 1103 جدد القائد التولوزي ريمون دي سان جيل حصنًا فوقه وحول المشهد إلى كنيسة عرفت باسم كنيسة القبر المقدس, ثم حولها الأمير المملوكي أسندمر الكرجي إلى قلعة وبنى بها أبراجًا وأضاف إليها السلطان العثماني سليمان بن سليم الأول برجًا.

تقع القلعة على تلة «الحجاج»، وهو الاسم الذي كانت تعرف به تلة «أبي سمراء» الحالية وهي تلة صخرية.
تتألف القلعة من أربع طبقات طولها 130 مترًا وعرضها 70 مترًا، وبها حمام قديم، وثلاثة مساجد، وسجن واسطبل للخيول، وقاعات للقادة وكبار المسؤولين، وقاعات ضخمة للجند والذخيرة والمدفعية، وآبار وخزانات للمياه، وأحواض للشرب، ومقابر، وباحات واسعة للتدريبات العسكرية والاستعراض، وأكثر من مئة حجرة مختلفة الاتساع، ونحو عشرة أبواب في أسفل أسوارها, يؤدي بعضها إلى النهر وبعضها يؤدي إلى الأسواق الداخلية. وترتفع أسوارها بين 15 مترًا إلى 35 مترًا، وبها نوافذ للمدفعية ومن على متن سور القلعة، الذي يبلغ عرضه مترين, يمكن رؤية المدينة مع الميناء وجزرها في البحر، والطريق إلى العاصمة بيروت، والطريق إلى حمص. ومن فوق السور الشرقي يمكن رؤية جبال الأرز وسفوحها ووادي قاديشا. وتشرف القلعة، أيضًا، على «تكية الدراويش» المولوية, وهي على مسافة 200 متر من القلعة جنوبًا.

وقد بنيت القلعة في البداية كحصن، واستغرق بناؤه أربعة أعوام، ولكنه تعرض لهجوم مباغت من قبل حاكم طرابلس فخر الملك الذي اغتنم فرصة غياب حاميته فدخله وقتل من فيه وسبى وأحرق ونهب السلاح والمال وأحرق القلعة.
كما أصاب طرابلس زلزال كبير عام 1137, ألحق بالحصن أضرارًا كبيرة. وفي عام 1268 حاصر الملك الظاهر بيبرس طرابلس واقتحم الحصن وهدم أجزاء منه.
ومن المعروف أن مدينة طرابلس كانت من أكثر المدن الساحلية في الشرق العربي صمودًا أمام غزو جحافل الصليبيين, حيث بقيت أكثر من عشر سنوات تصد غاراتهم ببسالة وشجاعة.

أوصاف القلعة
صممت القلعة بشكل متعدد الأضلاع, يبلغ طولها من مدخلها الشمالي إلى أقصى طرفها الجنوبي 136 مترًا, ومعظم عرضها لا يتجاوز السبعين مترًا، وارتفاع جدرانها الخارجية أكثر من 35 مترًا, لها ثلاثة أبواب.
وعدد الأبراج في القلعة 25 برجًا، في الداخل منها اثنان، وفي الخارج ثلاثة في كل من الجهة الشمالية والجهة الجنوبية, وخمسة في الجهة الغربية, وستة في الجهة الشرقية.
وهناك خندق تحت الباب الرئيس للقلعة في الجهة الشمالية طوله يتجاوز 70 مترًا بعرض خمسة، وعمق مترين إلى 3 أمتار، يعلوه جسر للمرور إلى داخل القلعة.
في داخل القلعة عدد كبير من الفجوات, تظهر فيها سلالم تؤدي إلى طبقات تحت أرضية القلعة, يقال إنها كانت سجونًا ومخابئ للسلاح، وسراديب كانت تتصل ببعض البيوت المنتشرة في جوانب القلعة, ومنها ما يتصل بالأبراج الحربية المنتشرة على الشاطئ، والتي لم يبق منها إلى اليوم سوى برج السباع.