§      
20٪ من السياح الفرنسيين يقضون عطلتهم فيها
§       تكثر فيها المنتجعات السياحية والمجمعات الاستشفائية
§       مهرجاناتها الفنية طوال العام وأشهرها مهرجان قرطاج الدولي
§       المعالم الأثرية والطبيعية الخلابة جعلت من تونس مقصدًا للسياح


فتونس التي تمتد شواطئها على أكثر من 1300 كم على المتوسط، ومساحة الصحراء فيها 40٪ من مساحتها الإجمالية وتعد من ضمن البلدان التي تجذب السياح بسبب ما توفره من خدمات سياحية متنوعة. فالدولة تهتم بشكل كبير وملحوظ بهذا القطاع، من ناحية إقامة المشاريع وتقديم التسهيلات في هذا المجال. ففي مجال الاستثمار السياحي يبلغ الاستثمار الأجنبي  63٪ من مجمل الاستثمار العام، بسبب السماح للمستثمرين بامتلاك 55٪ من رأس مال المشروع، ناهيكم من الآثار العريقة القديمة في هذا البلد التي تدلل على أصالته والحضارات المتعاقبة عليه، والمناخ والطبيعة الخلابة فيه، كل هذه تعد عوامل مهمة في تنشيط هذا القطاع.
يذكر أن عدد السياح القادمين إلى تونس تجاوز ستة ملايين سائح، أي أكثر من نصف عدد سكان تونس خلال عام 2006. وتونس تستأثر بـ20٪ من السياح الفرنسيين الذين يمضون عطلهم خارج أوروبا، وهذه النسبة كبيرة مقارنة بالسياح الأجانب الذين يزورون بلدان عربية أخرى، خصوصًا بسبب قربها وطبيعة مناخها، ونشاط الشركات السياحية في الخارج في تقديم برامج لرحلات جماعية إلى هذا البلد.

وإمكانية وصول السياح إلى تونس تختلف وتتنوع بحسب رغباتهم، فبعضهم يفضل الرحلات البحرية بوساطة سفن الركاب أو الزوارق الخاصة، والتي لها مكان مخصص للوقوف في منطقة سيدي بوسعيد، وفي سوسة وغيرها من المدن الساحلية، وبعضهم الآخر يفضل الطيران، فهو أسرع وأكثر راحة، والقدوم ضمن مجموعات سياحية، حيث الدليل السياحي مؤمن، ليسهل عملية زيارة المناطق السياحية والتعريف بها، وهي الطريقة المألوفة، لكن بعضهم يفضل الاعتماد على النفس في هذه العملية، فيأتي بسيارته الخاصة أو الموتورات الصغيرة مع مجموعة من الأصدقاء بعد أن يكون وصل بحرًا، ليبدأ عملية السياحة معتمدًا على الخرائط، وكتيبات الشرح الصغيرة للوصول إلى المعالم التي يريدها. ووجهات السياح تختلف حسب رغباتهم فبعضهم يرغب في زيارة العاصمة، ومنهم من يفضل الساحل وآخرون يرغبون في الصحراء.

تونس العاصمةالعاصمة، وخصوصًا مدينتها القديمة المثقلة بصفحات التاريخ العريق، هي المفضلة، فالمدينة القديمة ببيوتها القديمة المتلاصقة، وأزقتها الضيقة التي تفوح منها رائحة تاريخ هذه المدينة والبخور المنبعث من زنقاتها أكثر ما يجذب السياح الأوربيين، ليعيشوا الأجواء الأصيلة في المقاهي القديمة مع رائحة الشيشة والشاي بالنعناع، حتى الصناعات التقليدية القديمة من خزف، ونسيج كالشاشية (ما يوضع على الرأس بالنسبة للرجال) والبلغة (الحذاء التونسي القديم) كلها صناعات يرغب فيها السياح، فهذه الصناعات التقليدية القديمة لم تمت بسبب بعض الورش التي ما زالت قائمة في أزقة أسواق المدينة القديمة.
أسواق هذه الصناعات التقليدية المنتشرة تحيط بجامع الزيتونة من كل جوانبه، هذا الجامع الذي بني في القرن التاسع، واستعمل في بنائه بعض الآثار التي تعود للعصر الروماني، ويمكن القول بأن هذه المدينة قد حافظت على أصالتها وملامحها وشكلها القديم بفضل المساجد، والأزقة، والأبواب الموجودة إلى الآن، رغم عمرها الطويل، والتي يعود للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
المعالم السياحية في مدينة تونس مختلفة ومتنوعة، والسائح القادم إلى تونس لا تبارح ذهنه الحضارة القرطاجية التي تأسست على يد الفينيقيين في القرن التاسع على يد إليسار، والتي أصبحت فيما بعد ندًا للإغريق ومن بعدهم الرومان. ومنطقة قرطاج غنية بآثارها الباقية كمعبد بعل، وتانيت، وحمامات انطانوس، والأكروبوليوم، والفيلات الرومانية، وبعض البيوت، والمسرح وبقايا بعض الكنائس، وهي من أهم المعالم التي يسعى السياح لزيارتها، فهم يعدونها امتدادًا لحضارتهم في مكان آخر خارج بلدانهم.

القيروان مدينة القيروان، تعد إحدى دور التراث التونسي بسبب غناها بالذكريات التاريخية والمعالم الحضارية المتميزة، فمدينتها القديمة ما زالت تحافظ على أزقتها الضيقة الملتوية، والقباب البيضاء حول مسجد عقبة بن نافع، وأسواق البلدة القديمة.ويعد مسجد عقبة من أعرق المساجد في العالم وأقدمها، والذي استعملت في بنائه بعض الأعمدة والأقواس الرومانية الأصل، والجامع تأسس على يد عقبة بن نافع في عام 670 ميلادي، وهو أول مسجد في المغرب العربي.الفسقيات، والتي يبلغ قطرها 128 مترًا، أيضًا، من معالم المدينة، وهي برك معدة لجمع الماء لمختلف الاستخدامات.جزيرة الأحلام «جربة» جربة الجزيرة التونسية الساحرة والتي لا يتجاوز ارتفاعها 55 مترًا، أقرب إلى الواحة، وليست إلى الجزر بفضل النخيل الكثيف المنتشر فيها، فمناخها الحار يجذب السياح الأوربيين بسبب افتقادهم لهذا المناخ في بلادهم، واحتضنت هذه الجزيرة التجار وقوافلهم على مر الزمان، لذا فهي تتميز بفنادقها القديمة، والتي تحول عدد منها إلى فنادق عصرية صغيرة تحافظ على أصالتها، وبالرغم من أن طابع هذه الجزيرة سياحي، إلا أنها تضم عددًا كبيرًا من أشجار الزيتون (1500 شجرة) تعود بعضها للعصور الرومانية.

ياسمين الحمامات هذه المنطقة تعد قطبًا سياحيًا مهمًا، وذا حيوية كبيرة بالنسبة لتونس، ففيها فنادق فخمة، وأماكن للترفيه والتسلية ومدينة عتيقة، وشاطئ يمتد على 1500 مترًا، اصطفت به المقاهي والنوادي بشكل متلاصق لكثرتها، والأهم هو المرفأ الذي يتسع لـ700 قارب ويخت.
هذه المدينة الحديثة صممت على شكل حديقة متوسطية وفق طراز قديم بأبواب ضخمة وأسوار من الحجارة الصفراء، استلهمت من التراث التونسي، وفيها أقواس وقباب، لكن الأهم للترفيه في هذه المدينة هي حديقة «قرطاج لاند»، والتي تروي حكايات القراصنة والبحارة القرطاجنيين مرورًا بفيلا حنبعل، حيث تجسد تاريخ تونس بأسلوب جذاب.
طبرقة وهي مدينة صغيرة أغلب أبنيتها حديثة البناء ترتفع فيها الأسقف القرمدية الحمراء، ومن أهم معالمها الحصن الجنوبي الذي شيد على يد التجار الإيطاليين على قمة مرتفعة في جزيرة صغيرة على مسافة من البر، ارتبطت باليابسة منذ القرن السادس عشر، حيث احتلت هذه المنطقة لاستغلال المرجان الثمين، أما المعالم الطبيعية فتتميز طبرقة بتشكيلة من الصخور التي تنزل من المرتفع إلى الماء.
سوسة هذه المدينة عريقة الأسوار أندلسية السحر، أسوارها التي تعود للقرن التاسع الميلادي تظهر أهمية هذه المدينة العسكرية في صد الغزوات القادمة من أوروبا، وفيها قلعة الرباط، والتي تشبه قلاع الشام بتصميمها. ومن أهم معالمها سراديب الموت، والتي تعد من العلامات البارزة في المدينة القديمة التي كانت تعرف باسم حضرموت، والتي تبلغ حوالي 240 سردابًا، كما يوجد فيها ميناء لليخوت يتسع لأكثر من 340 يختًا.
هذه المدن وغيرها أمثال الكاف وسبيطلة، ونابل، والحمامات، وعين دراهم تعد من أهم مقاصد السياح في تونس، فهي من الناحية الجمالية الطبيعية تضم أماكن كثيرة للاستجمام كالشواطئ والجبال، بالإضافة إلى انتشار المناطق الصحراوية بشكل كبير (40٪ من مساحة تونس)، وهي ما يقصدها السياح الأوروبيون بشكل كبير رغبة منهم في التمتع بالشمس التي يفتقدونها في بلدانهم باردة المناخ. أما من الناحية التاريخية والمعمارية فهذه المدن بمجملها تضم من الآثار الكثير، والتي تعود إلى أزمنة وحضارات مختلفة كالبيزنطية، والإغريقية، والرومانية، والإسلامية، والتي تظهر عراقة هذا البلد وأصالته والأهمية التي اكتسبها على مدى الزمن.
السياح العرب القادمون إلى تونس كثيرون أيضًا، فالسيارات الليبية والجزائرية بنمرها البيضاء والصفراء تعج بها تونس، وعلى مدار السنة. فالسياحة العربية في تونس ليست بالقليلة، خصوصًا مع القرب الجغرافي بين هذه البلاد والتسهيلات في عبور الحدود بينها، ورخص تونس بالنسبة لهذه البلاد. وعدد السياح العرب يقارب عدد السياح الأوربيين، فمن بين 6 ملايين و235 ألف سائح يوجد 3.8 مليون سائح أوروبي، منهم مليون ومئة ألف فرنسي، ثم يتضاءل العدد مع الإيطاليين ثم البلجيكيين وغيرهم. أما السياح العرب فقط، تصدر الليبيون العدد، فهم ما يزيد على مليون وثلاث مئة ألف سائح على مدار العام.

السياحة الصحية عندما نتحدث عن السياحة فالحديث لا يقتصر على زيارة الآثار والإقامة في الفنادق والنشاطات الترفيهية، فهناك، أيضًا، السياحة الصحية والتجميلية. فتونس تعرف بألدورادو السياحة التجميلية، والتي تكثر في المنتجعات السياحية، حيث التكلفة بسيطة، واليد الخبيرة موجودة، والذي يشجع السياح قرب المسافة. فعملية شد الوجه في أوروبا تكلف 3000 يورو، بينما في تونس هذا المبلغ يمكنك من إجراء عمليتين مع إقامة لمدة أسبوعين في مجمع صحي. وفي السابق كانت تجرى في تونس ألفا عملية تجميل فقط، أما الآن فتصل إلى 150 ألفًا سنويًا، وهي بهذا تنافس رومانيا التي كانت ملجأ الأوروبيين في مجال هذه العمليات، والتي يصل عدد العمليات فيها إلى 50 ألف عملية سنويًا. وتعد عمليات شد الوجه، وشفط الدهون من أكثر العمليات المطلوبة هنا، وتعد جزيرة الأحلام «جربة» من أكثر المناطق التي تلبي هذا النوع من السياحة، حيث يوجد فيها أحد عشر مجمعًا استشفائيًا في منتجعاتها.
العلاج بالمياه منتشر، أيضًا، في تونس، وهذا بفضل عيون المياه الطبيعية الموجودة بكثرة، حيث تعالج أمراض المفاصل والعيون، وهناك 21 منتجعًا بهذا الخصوص. كما تشتهر تونس بالمعالجة بمياه البحر، لخفض الوزن، ومقاومة التوتر، وثقل الساقين وآلام الظهر وغيرها.

المهرجانات المهرجانات الفنية، سواء السينمائية، أو المسرحية، أو الغنائية على مدار العام في جميع الولايات، وتعد موردًا سياحيًا مهمًا، خصوصًا أن هذه المهرجانات دولية، فجزيرة جربة، مثلًا، تحتضن مهرجان «أوليس»، وهو عبارة عن عروض غنائية، وعادات وتقاليد من جربة، وهذا المهرجان يقام مرة كل سنتين بالتناوب مع مهرجان الفيلم الأسطوري التاريخي. أما مدينة الحمامات فهي تحتضن المهرجان الدولي بالحمامات، وهو عبارة عن موسيقا وعروض متنوعة، والأهم من هذا كله مهرجان قرطاج الدولي في المسرح الروماني في قرطاج، ومهرجان قرطاج السينمائي أو المسرحي بالتناوب كل عام، ومهرجان المدينة الذي يقدم عروضًا مختلفة فنية من دول عدة.

تاريخ تونس العريق الواضح من خلال معالمها الأثرية القديمة، وطبيعتها الخلابة ومناخها جعلها مقصدًا للسياح من مختلف الأرجاء، خصوصًا مع وجود المشاريع السياحية الضخمة بكامل فئاتها من خمسة أو أربعة أو ثلاثة نجوم، والتي تسمح للسياح، وبمختلف قدراتهم، زيارة هذا البلد، ومع توافر بيئات سياحية مختلفة بحرية تصلح للصيد والغوص، وصحراوية للاستكشاف.