|
||||||||
على بعد ما يربو على 100 كيلو متر شمال غرب مدينة حائل، وفي وسط النفود الكبرى تقع منطقة جبة الأثرية، تحدها من الجنوب الغربي سلسلة جبال المرابيب وجبال أم سنمان غربًا، وفي الشرق جبال الغوطة، وهي بمنزلة الطود الذي يحميها من غيلة الكثبان الرملية الحمراء. هذه الواحة التي توشحت بوشاح الحضارة كغيرها من مدن هذا البلد المعطاء دون أن تنزع عنها تاج الشهامة ورداء السخاء والأصالة يقطنها 20 ألف حاتمي، ما أن تضع رجلك على ترابها حتى يتداعى القوم ويتسابقون للفوز باستضافتك، بوجوه باشة، وأريحية جياشة تفيض بالتحايا والترحاب المفعم بدخان الألوة. تزخرالمنطقة بالآثار والكتابات السبيئة والرسومات القديمة عميقة الدلالة، بما يكرس في النفس شعور الشوق لزيارتها، خصوصًا تلك الرسومات والكتابات المنحوتة على صخور جبالها، وبالأخص جبل أم سنمان، حيث يقف المرء مدهوشًا أمامها وكأنما هي شاشات صخرية تستعرض مشاهد الماضي السحيق بدقة محيرة تنبئ بأن الذي رسمها يعلم علم اليقين أنها ستدوم آلاف السنين لتحكي قصة حضارته بكل أدبياتها وأبجدياتها من بناء، وحياكة، وصيد، ورقص، وحروب، ورعي تجسدها تلك المنحوتات الضخمة التي تصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة أمتار طولاً وتبلغ أربعة منها عرضًا، لمخلوقات عملاقة ليس فيها ما يشبه الإنسان غير أن لها رؤوسًا وأيدي وأرجلًا وقد استطالت قامتها واستدقت أطرافها برؤوس لا شكل معينًا لها، وجوه أشبه بسحنات مخلوقات الفضاء التي تعودناها في أفلام الخيال العلمي وتماثل إلى حد كبير حصان يوفنجتون في إنجلترا، وعملاق بليث، وتوأم موجيف في صحراء كاليفورنيا، وعنكبوت نازكان في البيرو، والتي يعتقد الكثيرون أنها من عمل كائنات فضائية متطورة. فالطريقة التي نحتت بها في الصخر تثبت استحالة أن تكون قد نحتت بآلات بدائية، إذ تبدو كأن الصخر قد قطع بأشعة ليزر، أو حفر بمواد كيماوية على الرغم من قدمها الذي يصل إلى أكثر من عشرة آلاف سنة.
|