طب

 

 

 

عرض: هيئة التحرير

صدر للدكتور إبراهيم فؤاد عباس، في جدة عام 1426هـ، كتاب "التدخين عدو يمكن قهره"، الكتاب من القطع المتوسط، ويقع في 128 صفحة، يتكون من الإهداء والمقدمة وأربعة فصول، استعان الكاتب بالإضافة إلى تخصصه الطبي بعدد من المصادر العربية والأجنبية، والصحف والمجلات، والنشرات الإلكترونية، يقول موضحاً:  حربنا ضد التدخين لا تعني أننا نحارب المدخنين، فالتدخين عدو للمجتمع والبيئة والحياة، وليس المدخنون سوى ضحايا لهذا العدو الذي يتربص بهم، ويستوطن أجسامهم ودماءهم وعقولهم، ويسلبهم صحتهم وعافيتهم وأموالهم. والكتاب -من هذا المنطلق- دعوة لمواجهة هذا العدو، الذي يسهل قهره بأسلحة عديدة ومتنوعة.. أمضاها سلاح الإرادة.

مخاطر وأضرار

تحت هذا العنوان، في الفصل الأول نجد أن  التبغ  يحتوي على مركبات كيميائية ضارة  400 مادة   منها 43 مادة مسرطنة، خلافاً لما كان الاعتقاد السائد بأنها تحتوي النيكوتين فقط، وإن كان النيكوتين أكثرها خطورة، ويصل عدد ضحايا التدخين الآن إلى نحو خمسة ملايين شخص، يموتون سنوياً على مستوى العالم، وهذا رقم يقارب ضحايا الحرب العالمية الثانية، وهذا يعني أن التدخين يقتل كل عام أكثر من ضحايا الأيدز طوال 15 عاماً، والتدخين له تأثيره المباشر على كل أعضاء جسم الإنسان بدءاً بالجهاز التنفسي والرئتين والقلب وشبكة العين، والكلى والفم والأسنان، ويتسبب التدخين في أمراض الالتهاب الرئوي، الذبحة الصدرية، الربو، وأمراض القلب والشرايين والسرطان، وبالإضافة إلى هذا التأثير المباشر على الشخص المدخن، يؤكد المؤلف أضرار  التدخين السلبي  الذي يؤثر على غير المدخنين الذين يتعرضون لدخان المدخنين في أماكن العمل، ووسائل المواصلات، والمنازل، خاصة النساء والأطفال، مؤكداً أن المرأة الحامل عندما تتعرض لهذا  التدخين السلبي  تزيد عندها فرص الإجهاض، وتشوه الجنين وتأخر نموه، وأن المرأة الحامل لديها أنماط معينة من الجينات تجعلها أكثر عرضة للأثر السلبي لدخان السجائر، كما أن التدخين يعتبر العدو الأول لجمال المرأة، يتخذ ذلك عدة مظاهر فصلها  المؤلف  في كتابه، وأشار كذلك إلى الأمراض التي يمكن أن تصيب الأطفال من داء  التدخين السلبي ، ومنها البدنية والعقلية، كما أنهم أكثر عرضة للإدمان، وإن كان  البنات  أسرع من  الأولاد  في إدمان هذا الداء القاتل.

ولم يقتصر الحديث على السجائر وحدها، إنما امتد ليشمل  الشيشة  محذراً من مخاطرها، إذ إنها تحتوي على تبغ خالص، تم خلطه بكميات من الأصباغ والألوان والنكهات، مما يزيد من خطورتها، مبيناً أن كمية النيكوتين الموجودة في 100جم جراك، وهي الكمية اللازمة للحصول على  تعميرة واحدة  تعادل كمية النيكوتين الموجودة في 20 سيجارة، ويؤكد المؤلف -الطبيب- أن مقولة  أن خطر الشيشة أقل من خطر السجائر  خاطئة، وقد كانت من أسباب الإقبال على الشيشة في أوساط الشباب والفتيات، ويرجع للفضائيات  تغيب الوعي الطبي  بما تبثه من أفلام تعكس الإقبال على التدخين  السجائر والشيشة ، ويقول إن الذين لازالوا يصرون على ممارسة هذا النوع من التدخين  الشيشة  عرضة للإصابة بسرطان البلعوم والحنجرة والمريء أكثر من مدخني السجائر العادية، كما أن مستنشقي الدخان الصادر عن السجائر أو "البايب" يتعرضون للقدر نفسه من المخاطر التي يسببها التدخين، خاصة سرطان الرئة، وأمراض القلب والسكتة والإمفيزيما، وكذلك فإن مضغ  التوباكو  يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الفم.

اعرف عدوك

في الفصل الثاني يتناول المؤلف  قصة التبغ ، موضحاً أن موطنه الأصلي هو الأمريكتان، إلا أنه يزرع الآن في العديد من الدول ذات المناخ المعتدل، وإن نبتة نيكوتينا تاباكم  Nicotina Tabacom  هي المصدر الرئيسي للتبغ المستخدم تجارياً، وهناك أنواع أخرى غيرها، وكان انتشاره في أوروبا بنهاية القرن السادس عشر الميلادي، ووصل إلى البلاد العربية من أوروبا عبر المتوسط، وشاعت في ذلك الوقت مزاعم خاطئة باعتباره نباتاً طبياً، واستخدم في علاج أمراض مثل: الصرع والبواسير، ولم يغفل- المؤلف- البعد الاقتصادي للتدخين، وما يكلفه من أموال، بالإضافة للتكلفة الملحقة، والتي تشمل الولاعات، وغيرها من لوازم التدخين، وتكلفة غسيل الملابس بالبخار، والتغيب عن العمل، والعناية الطبية بالأسنان، والتأمين على الحياة وعلى الصحة، موضحاً أن تكلفة التبغ تبلغ بلايين الدولارات، حيث تحرق المملكة العربية السعودية وحدها 600 مليون ريال سنوياً، وأن 18% من سكان مصر من المدخنين، منهم نصف مليون طفل دون الخامسة عشرة، وأن العالم ينفق على التبغ أكثر من مائة ألف مليون دولار، أما الإنفاق على علاج الأمراض الناتجة عن التدخين، والفاقد الاقتصادي من إحراق الغابات وغيره فإنه أمر لا يمكن حسابه بالأرقام، ويؤكد لنا أن محاربة التدخين لا تأتي من الغرب، لأنه ليس من مصلحته القضاء على صناعة السجائر، لاعتماده على عائد ضريبي منها يربو على خمسة مليارات ونصف المليار من الدولارات، وفي تناوله للأبعاد الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية للتدخين أوضح باستفاضة الآثار السلبية المترتبة على هذه الجوانب، ثم أورد هذه الفقرة:  ونظراً للارتباط الوثيق بين التدخين والفقر، فقد كان احتفال العالم في اليوم العالمي لمكافحة التدخين في العام 2004تحت شعار "لا تدفع بنفسك إلى الفقر" ، يعود المؤلف ليؤكد أن التدخين يعتبر إدماناً وليس تعوداً -كما يعتقد البعض-، وأنه نوع من الانتحار البطيء الذي يعكس رغبة دفينة للفرد في تدمير نفسه وشعوره بالاغتراب عن جسده مع رغبة جامحة في التدخين، ولا يقيم وزناً للآثار السلبية على المدى الطويل إذا استمر في التدخين، وفي الجانب الاجتماعي فإن المدخنين أكثر عرضة للطلاق من غيرهم لأنهم يملكون صفات مزاجية حادة.

خدعوك فقالوا..

تحت هذا العنوان يقول: مع الأسف فإن البعض يستمر في التدخين استناداً إلى بعض الشائعات الخاطئة، مثل القول بأن التدخين يساعد على قدح الذكاء وتوقد الذهن، بينما أن الواقع عكس ذلك تماماً، فقد أكدت الدراسات على أن معدل تدهور المخ لدى المدخنين يزداد خمسة أضعاف بالنسبة لغير المدخنين، وأكدت دراسة أجريت بمركز إيراموس الطبي بمدينة روتردام في هولندا أن التدخين بشراهة يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، ولهذا السبب تزداد مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية وتلف مساحات صغيرة من المخ لدى المدخنين، وبيَّنت دراسات نشرت في مجلة نيورولوجى  Neurology  الأمريكية أن التدخين يؤدي إلى تدهور حدة الذكاء في الأعمار المتقدمة، وهذه الدراسة نقضت نتائج أبحاث سابقة قالت إن التدخين يمكن أن يؤخر حدوث مرض  الزهايمر ، ويطرح المؤلف أسئلة محتملة ويجيب عنها، مثل:  قد يقول أحدهم: حاولت الإقلاع عشرات المرات بلا جدوى، والرد بسيط: إذا حاولت الإقلاع سبع عشرة مرة وفشلت سبع عشرة مرة، فإن كل محاولة فاشلة تزيد من احتمال النجاح في المحاولة التي تليها، ومعظم الذين أقلعوا عن التدخين بذلوا العديد من المحاولات قبل أن ينجحوا في تحقيق هذا الهدف .

مواجهة مخاطر التدخين

يستعرض المؤلف عدة طرق للإقلاع عن الــــتدخين نــــذكر منها ما يلي:

● تغيير النمط الحياتي: ويعدد أمثلة كثيرة.. منها:  إذا كنت متعوداً على إشعال سيجارة مع قهوة الصباح، امتنع عن شرب فنجان القهوة، واذهب بدلاً من ذلك في نزهة على الأقدام .

● استخدم بعض العلاجات المعوضة للنيكوتين  علكة النيكوتين ولصاقاته وحلوى النيكوتين .

● الإبر الصينية  acupuncture .

● العلاج النفسي  aversion therapy .

● الأدوية: مثل دواء زيبان  Zypan .

● الأمصال.

● عيادات مكافحة التدخين.

● توجد في الولايات المتحدة شركات تنتج سجائر خالية من التبغ، تتكون توليفتها من أعشاب تنبعث عنها رائحة منفرة.

● السواك.

● الإنترنت: هناك بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية تعنى بالإقلاع عن التدخين، وأهم تلك المواقع:

 www.quinet.org

 www.quitsmokingsupport.com

● الإقلاع باختبار الحمض النووي.

بعد ذلك أورد المؤلف جهود المملكة في مكافحة التدخين، موضحاً أن هذا النظام يأتي مكملاً لأنظمة حماية البيئة، وأن المملكة عضو عامل وفاعل في اللجنة الخليجية لمكافحة التدخين، وقد حققت العديد من الإنجازات على مدى أكثر من  22  عاماً، تطرق بعدها إلى الجهود الدولية المبذولة في مكافحة التدخين، موضحاً أن ملك إنجلترا  الملك جيمس  أول من قام بحملة ضــــد التدخين، وقد أصدر منشوراً ضد التبغ سنة 1604م جاء فيه:  إنه بغيض المنظر للعين، كريه الرائحة للأنف، ضار بالدماغ، خطير على الرئتين .

وتحت  فوائد الإقلاع عن التدخين ، يؤكد أن التوقف يفيد صحة المقلع عن التدخين مباشرة، إذ يتخلص جسم المدخن من مادة النيكوتين بعد ساعتين من الإقلاع، وبعد ست ساعات ينخفض نبض المدخن وضغط دمه، وبعد  21  ساعة يتخلص الجسم من المادة السامة  أول أكسيد الكربون ، وفي الفصل الرابع والأخير يورد بعض الفتاوى التي توضح موقف الإسلام من التدخين، ونجد بالكتاب مقدمات وتعليقات تؤكد شمولية البحث، وتثمن محتواه.. لعضو مجلس الشورى عبدالرحمن بن عبدالعـــزيز العثــــمان، ود. سليمان بن ناصر الشهري- استشاري أطفال ومدير عام الخدمات الطبية بوزارة التربية والتعليم، د. عبدالناصر عبداللّه الهلالي- استشاري أمراض وراثية واستقلالية بمستشفى الملك خالد للحرس الوطني بجدة.

ونختم العرض بهذه العبارة التوجيهية من مقدمة المؤلف:  ولاشك أننا معنيون ومدعوون- والأمر بهذه الخطورة- للتوعية بأضرار التدخين، وتسليط الضوء على وسائل مكافحته في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا وأماكن عملنا، محافظة على صحة الفرد والبيئة والمجتمع، ودرءاً للمخاطر والأمراض التي يسببها هذا العدو الذي يتعين علينا مواجهته بسلاح الإرادة 

 

☼مسؤول شعبة صحة الطاليات

المنسق العلمى لتعليم البنات فى محافظة جدة سابقا 

  © مارس 2007 مجلة " أهلا وسهلا ".