|
||||||||
مدينة الطيبات العالمية للعلوم والمعرفة متحف عبدالرؤوف خليل المتحف يختصر عليك أزمنة، ويقرّب إليك أماكن عدة. جدة: أحمد الرايقي
لمدينة جدة حضارة قديمة وعريقة، والمتتبع لصفحات تاريخ هذه المدينة يتشوق كثيرًا لقراءة الأسطر الذهبية والصور الجميلة، أو لمشاهدة الأفلام الوثائقية التي وثقت كل ما يتعلق بهذه العروس وعادات الجداوية وتقاليدهم. وعندما تسنح لك فرصة زيارة هذه المدينة البحرية فإنك ستجوب كل شوارعها، ولكي تستمتع مثلما تستمتع بنسمات البحر، وهي تداعب الأمواج، عليك بزيارة تاريخ جدة القديمة، خصوصًا متاحفها الباهية، مثل باب نصيف، ومتحف عبدالرؤوف خليل. صمم المتحف على الطراز الإسلامي الرائع، وقد أخذ اللون الأبيض مساحة واسعة من جدرانه ليمنح الناظر سلامًا وحرية أكثر، وشكل الخشب الذي زينت به الأبواب والشبابيك والسلالم والزوايا حلة زخرفة إسلامية فريدة من نوعها، تمنحه عراقة وأصالة يتميز بها، كذلك النقوش على الجبس داخل مسجد المتحف، وفي بقية أروقة المتحف الذي ضم أزقة جدة القديمة وحواريها في عناق بين الماضي البعيد والقريب. ولعلّ القارئ الذي تجوب أعينه أسطر هذا الموضوع، ولم يسبق له زيارة المتحف في تشوق لوصف المتحف. وفي حقيقة الأمر يصعب وصف مثل هذا المتحف في سطور قليلة، لأنه يحمل الكثير من التاريخ، والحضارات، والثقافات المتنوعة، لكن ربما الإيجاز يحفّز القارئ الكريم أن يزور متاحف جدة وحضاراتها عندما تسنح له فرصة زيارتها، ويضعها في أجندة برامجه السياحية هناك. جمال المتحف يكمن في أنه يجعلك تسافر عبر الزمان والمكان وأنت تتجول في أروقته يختصر عليك أزمنة، ويقرّب إليك أماكن عدة. يتكون هذا الصرح الشامخ، الذي أخذ اسم مدينة الطيبات العالمية للعلوم والمعرفة، من عناصر أساسية عدة، يأتي في مقدمتها المسجد الذي شُيّد وزين بالفنون الإسلامية، ومبرة الطيبات الخيرية، والمكتبات ومراكز المعلومات، ومركز تدريب الموهوبين، ومتحف مدينة الطيبات للحضارات العالمية «بيت عبدالرؤوف خليل التراثي»، وهو مؤسس على نمط البيوت في حواري جدة القديمة مثل: حي السبيل، وحارة المظلوم باب شريف وغيرها، وخان الخليل، وشبكة الإذاعة والتلفاز الداخليتين في المدينة، وأيضًا شبكة اتصالات وتقنية عالية، وما يعرف بأمن المدينة، وقسم خاص للصيانة العامة في المدينة، إضافة إلى كثير من العلوم والمعرفة الموجودة في المكتبات في المدينة. وتحتوي المدينة على كثير من الإنجازات الجميلة، إذ بها أكثر من 200000 كتاب ومرجع في مختلف العلوم والمعرفة، استفاد من فحواها أفراد وجهات حكومية وخاصة عدة، ويلفت نظر الزائر للمتحف، أو ما يعرف بمدينة الطيبات العالمية، 2000 مكعب من المعلومات تزينت بها الجدران مع الصور الإيضاحية، والمجسمات، ومن أبرزها وأجملها جناح فاخر خاص بالإنجاز العلمي في القرآن والسنة. وأيضًا بالمتحف ما يزيد على 500 برنامج للحاسب الآلي، في مختلف العلوم والمعارف، وفي ذلك جسر جميل بين أصالة الماضي وتقنية الحاضر. ويضم المتحف عددًا وافرًا من الأجنحة المتحفية في مختلف الحضارات الإنسانية، إذ استطاع صاحب المتحف أن يجسّد كفاح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، ورحلاته الميمونة في استعادة ملك آبائه وأجداده، ونشر تعاليم الدين الإسلامي وسط هذه المجتمعات القبلية، ونبذ كل ما يخالف التشريعات الإسلامية. وهذا الجناح، وحده، ينافس كتب التربية الوطنية في المدارس، ويقدّم إنجازات الوطن في منهج جديد، وجذاب يجعل القارئ يفخر بانتمائه لهذه المملكة. وللفنون والمعادن حظوة وحضور لافت في المتحف، فقد خُصص جناح يجمع في جنباته المعادن والأحجار والمجوهرات، كما منح عشاق الفن التشكيلي أجنحة خاصة بمدارس الفنون التشكيلية العالمية، وأجنحة أخرى لوحدة الفنون العالمية، وجسد التراث الإسلامي من خلال أجنحة التراث والفنون الإسلامية، لكن صاحب المتحف حرص على أن يكون في متحفه جناح خاص لتراث المملكة العربية السعودية وفنونها. والمتحف ليس للأرض وأهلها فقط، بل يرحل بنا إلى الفضاء وكواكبه ونجومه، حيث كان هناك نصيب في هذا المتحف من خلال أجنحة العلوم الكونية «المجموعة الشمسية». وأخذ كوكب الأرض، وما عليه من نبات، وحيوان، وإنسان، حيزًا كبيرًا في هذه الأجنحة. كما جسد تاريخ الحضارات القديمة في العالم من خلال جناح واسع اهتم بتلك الحضارات العريقة. وعلى جانب المتحف الموالي لشارع ريحانة الجزيرة نجد أمامنا خان الخليل، وهو أشبه بالدكاكين يحوي أشرطة وكتبًا في علوم القرآن، ويحتوي على سيوف وبنادق، وفخاريات بأنواعها، ونجد، أيضًا، سبحًا وخواتم متعددة الأشكال والألوان، إضافة إلى محال أخرى مهتمة بالسجاد اليدوي، وغيرها مهتمة بأعمال فنية، إلى جانب خان الفضيات والمجوهرات البدوية، إضافة إلى ملابس التراث البدوية، إلى جانب العملات والطوابع والميداليات، ناهيك من ركن المخطوطات والصور القديمة، وتراثيات أخرى عدة. المتحف يحوي بين جنباته كل الحكايات، ويتصفح بك قرونًا مضت وأبدعت.. ولأنه علامة فارقة في جدة فهو محطّ أنظار الزائرين والسائحين حتى كبار ضيوف الدولة من رؤساء، ووزراء، وسفراء يحرص مستضيفوهم على ترتيب زيارة قصيرة لهم إلى هناك، ليعودوا إلى بلدانهم، وقد سكن المتحف وجنباته في ذاكرتهم. |
||||||||