|
|
من الرياض إلى الدار البيضاء سيرًا على الأقدام الرياض: طارق شوقي
الشاب عبدالعزيز بن صالح بن عبدالعزيز العقيل، الملقب «بسفير الخليج»، بدأ حياته مصورًا ثم عشق الترحال، والتنقل بين البلدان عبر رحلاته العديدة منها رحلته الشهيرة سيرًا على الأقدام من السعودية إلى الدار البيضاء التي تعرض فيها للموت مرّات عدة، إلا أنه كان ينجو بأعجوبة.. «أهلاً وسهلاً» التقته للوقوف على هذه التجربة المليئة بالمخاطر والمفارقات. قصتك مع عالم التصوير متى بدأت؟ منذ الطفولة المبكرة، وبالتحديد في سن سبع سنوات، وأنا شغوف بآلة التصوير والرحلات، حيث كانت تمثل لي عالمًا خاصًا. وكثيرًا ما كنت أحلم بتصوير الأماكن والأشياء النادرة، وما ساعدني على ذلك، أن والدي يسافر كثيرًا بحثًا عن العمل، وهو دائم الانتقال من مكان لآخر داخل المملكة. وقد توافق ذلك مع فترة إعلامية خصبة تسعى المملكة فيها للتعريف بآثارها ومعالمها التاريخية والثقافية والرياضية البارزة، وفي هذه الفترة دخلت عالم التصوير، الذي فتح أمامي آفاق الولوج إلى عالم الرحالة. الولوج إلى عالم الرحّالة ليس بالأمر الهيّن، فكيف كان ذلك؟ ما دفعني لعالم الرحّالة أشياء كثيرة، يأتي على رأسها التحدي وإثبات الذات. قمت برحلتك الكبرى من المملكة إلى الدار البيضاء نأمل تسليط الضوء على ذلك؟ استغرقت الرحلة أكثر من 7 أشهر، زرت خلالها جميع المناطق الريفية في القرى والبادية والمدن والمعالم الأثرية، وكنت أتعرف على العادات والتقاليد المغايرة في أنماطها وسلوكياتها عن المملكة، وأظهر السلوك الجيد عن بلدي في كل مكان أحلّ فيه، وأحمل على كتفي علم بلدي، وعلم الدولة التي أتواجد بها. بعد ذلك سلكت طريق البحر، لأن الرطوبة والبرد ساعداني على اجتياز المسافات الطويلة بلا مشقة، ولنبدأ في السودان، حيث مكثت ثمانية أيام بها للراحة والعلاج، وقابلت السفير السعودي في السودان، وما أعجبني في السودان بساطة أهلها وشعبها الودود.. غير أنهم في البداية كانوا في حالة اندهاش واستغراب كبيرين، كوني خليجيًا، وأقوم بهذا العمل الشاق جدًا، وكأنه ضرب من الجنون، إلا أنهم في نهاية المطاف تفاعلوا معي بشكل جيد. ومن الأشياء التي استوقفتني في السودان أهالي بعض القرى الذين يجبرون العابرين للطريق بالقوة لتناول الطعام معهم من أجل إكرام الضيف، خصوصًا إذا كانت عندهم مناسبات خاصة. بعد ذلك اتجهت إلى الجماهيرية العربية الليبية متخذًا طريق البحر، وقوبلت بترحاب كبير ثم مكثت بضعة أيام للراحة والعلاج، ورأيت أشهر المعالم السياحية في ليبيا ثم واصلت طريقي بمحاذاة البحر حتى وصلت إلى تونس، وهناك حدث أمر مهم جدًا أسعدني للغاية وهو أن السفير السعودي كان في انتظاري على الحدود التونسية. وبالطبع زرت السفارة السعودية والقنصلية، وأشهر المعالم السياحية في العاصمة، وأعجبني جمال مدينة «سوسة» السياحية وروعتها، وما لفت انتباهي اختلاف اللهجة التونسية إلى حد كبير عن بقية اللهجات، حيث تجد فيها صعوبة. كما أن معظم الشعب التونسي يتحدث الفرنسية بطلاقة، ويجيد لغات أخرى، ووجدت البدو في الصحراء يتحدثون بلهجة صعبة، ما جعلني آكل أشياء لم أعرفها، وأتناول مشروبات شعبية عندهم لم أعرفها بالطبع، لكنها كانت أكلات ومشروبات لذيذة. وواصلت مسيرتي عبر الطريق الساحلي حتى وصلت إلى الجزائر، وقوبلت بحفاوة كبيرة من قبل الشعب الجزائري، ونصحوني بعدم اجتياز الصحراء الجزائرية المغربية، لأنها خطرة جدًا حتى أهالي البلد أنفسهم لا يقدمون على ذلك، لأنها مليئة بقُطَّاع الطرق، واللصوص، والمرتزقة. وكدت أغير وجهتي وأسلك طريق البحر، لكنني في آخر لحظة قرّرت خوض الطريق البري الساحلي، وتوكلت على الله الذي نجّاني من هؤلاء جميعًا حتى وصلت إلى الحدود المغربية، وهناك مكثت أيامًا للراحة والعلاج. بعد ذلك اتجهت إلى مدينة طنجة وكانت حلمًا يراودني، لأنها بلد ابن بطوطة شيخ الرحالة العرب، فعندما دخلتها انتابتني سعادة غامرة كوني وصلت بلد أشهر رحال عربي، ثم اتجهت بعد ذلك إلى الدار البيضاء واستقبلت بحفاوة كبيرة من قبل المسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم السفير السعودي بالمغرب. وتم نقلي بعد ذلك للمستشفى، وقرر الأطباء بتر قدمي اليمني، لأن العروق جفت فيها أو كادت تنتهي، وخشوا أن تحدث «غرغرينة» في بقية الجسد، إلا أنني رفضت البتر، وجلست في المغرب ثلاثة أشهر، ونقلت بطائرة خاصة إلى المستشفى العسكري في المملكة. وأكد لي الاستشاريون الكلام نفسه الذي قيل لي في المغرب، حيث إنه لا بد من بتر القدم اليمني، غير أنني رفضت، أيضًا، وذهبت إلى البيت ومكثت ثلاثة أشهر أخرى بعدها ذهبت إلى القصيم. ما أخطر المواقف التي تعرضت لها؟ تعرضت في الحدود الجزائرية المغربية للهلاك عدة مرات، سواء كان ذلك من الحيوانات المفترسة أو من قُطَّاع الطرق والمرتزقة، إلا أنني عقدت العزم على خوض التجربة كاملة مهما تكن النتائج والتضحيات، وبالفعل عبرت الطريق، وأنا في حالة من الخوف الشديد، إلا أن الله أراد لي السلامة والنجاة. ما الأدوات التي استخدمتها في رحلاتك؟ بدأت بالسير على الأقدام، ثم بالجمال، والدراجات الهوائية، والسيارات، ولكنني آمل بتشكيل فريق استكشافي مكون من طبيب، ومصور فيديو، وميكانيكي، وشركة سيارات تقوم برعاية هذا الفريق لكي يستطيع إنجاز مهامه على خير وجه، وذلك للتعريف بآثار المملكة، وليكون خير مروج للسياحة السعودية. ثمة شروط معينة يجب أن يتحلى بها الرحّال، ما أبرز عناوينها؟ الصبر، والتحمل، والحصافة، وحضور البديهة، وذلك ليستطيع الخروج من المواقف الصعبة، والإصرار على تحقيق الأهداف والطموحات، والسعي العملي لتحقيقها، وليس مجرد الأماني والأحلام. هل تأثرك برحّالة معين هو الذي دفعك لخوض هذه التجربة؟ بالفعل قرأت سيرة ابن بطوطة وغيره من الرحالة العرب، وتأثرت بالإيجابيات التي حدثت معه، واستفدت بذلك في رحلاتي. لماذا لا نجد فريقًا من الرحّالة على غرار الدول الأخرى؟ أنا أطالب بإنشاء مسابقات بين أكثر من فريق استكشافي بهدف إعادة اكتشاف المعالم الأثرية من جديد والترويج للسياحة السعودية.كما أنني أتساءل: لماذا لا يصدر كتاب يتضمن بين ثناياه الرحالة السعوديين من جيل الشباب الذين يعشقون المغامرة، ويبذلون في سبيلها تحدي الذات، وبذل كل غالٍ ونفيس للوصول إلى طموحاتهم وتحقيق ذاتهم. قمت برحلة طفت فيها أرجاء المملكة على دراجة هوائية، حدثنا عن تلك التجربة؟ انطلقت من البكيرية بمنطقة القصيم مرورًا بمحافظة الغاط والمجمعة ثم الرياض والطائف ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت المحطة الأخيرة للرحلة التي استمرت 37 يومًا. ما الهدف الذي تريد تأكيده من هذه الرحلات؟ الهدف هو تصوير المعالم الأثرية في المملكة، ودول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية الأخرى، وأمتلك أكثر من مليون صورة فوتوغرافية عن الآثار والتراث، وأقمت معرضًا تحت مسمى «سفير الخليج» في 8 مناطق بالمملكة، وهي: المدينة المنورة، تبوك، الرياض، القصيم، حائل، جدة، أبها، الدمام، حيث يحتوي المعرض على ثلاثة أجنحة كبداية لانطلاقة المعرض الدولي الذي سيضم 24 جناحًا. ما الرسالة التي يحملها فريق سفير الخليج الذي قمت بتأسيسه؟ يسعى فريق «سفير الخليج» إلى التعريف بجوانب عديدة منها الجانب الثقافي، حيث يحرص الفريق على إظهار المعالم الحضارية والتاريخية والتراثية التي تزخر بها دول العالم من خلال زيارته لها وتوثيقها وإقامة المعارض للتعريف بها. |