التمور..

كنوز البيداء في الأحساء

تشهد سوقها تضخمًا في الإنتاج، وتغتني بمنافع جمة لكل أعضاء الجسم.


 الأحساء: محمد بالطيور

 

§                 يتولى تجار التمور تسويق 500 ألف طن في عدد من المنافذ

§                 إطلاق جائزة الإنتاج المتميز للتمور

§                 يوجد في الأحسـاء أكثر من 70 نوعًا من التمور

§                 تعاني مصانع تعبئة التمور محدودية في الطاقة الاستيعابية

تتميز المملكة العربية السعودية بإنتاج أفضل أنواع التمور في العالم، التي تندرج في أكثر من 70 صنفًا تمايزت في مواصفاتها وفوائدها، وتجسّد مزارع الأحساء نسبة 60% من حجم هذا الإنتاج. وتستحوذ تمور الأحساء على اهتمام شريحة كبيرة من المستهلكين في المملكة، فالجودة والتميز هما العنوان الرئيس لها.


 «أهلًا وسهلًا» تسلِّط الضوء على واقع سوق التمور وأهم مشاكلها من خلال التحقيق التالي:

ومع انطلاق موسم الصرام «جني محصول التمور»، والذي يعده مزارعو المنطقة مهرجانًا سنويًا يحتفلون به، تستقبل أسواق التمور العديد من التجار، ومندوبي الشركات من عدة مناطق سعودية، ودول الخليج المجاورة لعقد صفقات مباشرة مع المزارعين الذين يحرصون على جني محصول أكثر من 3.5 مليون نخلة في الفترة من منتصف آب (أغسطـس) حتى نهاية أكتوبر من كل عام، فيما يتولى تجار التمور تسويق المنتج الذي يتجاوز 500 ألف طن في عدد من المنافذ منها سوق التمور بالمنطقة أو بعض الأسواق المجاورة.

ويشكّل الخلاص أكثر من 60٪ من إنتاج الأحسـاء، حيث يتميز بطعمه الحلو، وكبرحجمه، ولونه المائل إلى الصفرة، يليه في الإنتاج الرزيز، وهو تمر شديد الحلاوة يميل لونه للسواد، ويمتاز بزيادة نسبة السكريات فيه، ما يساعد على إمداد الجسم بالطاقة التي يحتاج إليها، وهو ما أهّله لتصدر اهتمام المزارعين، وتضخم الإقبال عليه، نظرًا لدوره في إمداد الجسم بالطاقة اللازمة للقيام بالأعمال المهنية الشاقة التي كان يمارسها أبناء المنطقة. أما الآن فقد اتجه مؤشر الاستهلاك لصالح الخلاص، ما أدى إلى ارتفاع سعره.

كما تجد بعض أنواع التمور، مثل: الشيشي والشبيبي، إقبالًا جيدًا من المستهلكين، ويوجد في الأحسـاء، بالإضافة إلى أكثر من 70 نوعًا من التمور يستهلك بعضها في مرحلة الرطب. بينما يترك بعضها الآخر ليبلغ في نضجه مرحلة التمر، ومن أبرزها: «الشهـل، المجنـاز، الطيـار، الخنيـزي، الغـر، أم أرحيـم، المرزبـان، الهلالي، البرحـي، التنـاجيـب، الخصاب، الزاملي، الوصيلي، الحاتمي».

وفيما يتعلق بمشاكل المزارعين، تندرج عملية التسويق كأبرزها، فمع تزايد إنتاج مزارع المنطقة من التمور خلال السنوات الأخيرة وتراجع نسبة الطلب، طرأ انخفاض كبير في أسعار التمور، ما سبب خسائر كبيرة للمزارعين الذين يواظبون على البحث عن وسائل جديدة لتصريف الفائض من الإنتاج، خصوصًا مع محدودية الطاقة الاستيعابية لمصانع تعبئة التمور في المنطقة، والتي تصل إلى 13 مصنعًا تتبع القطاع الخاص، ولا تتجاوز طاقتها الإنتاجية 15٪ من الكمية المنتجة من التمور، واهتمامها بالتعبئة والتغليف مع إهمال جانب التصنيع، بالإضافة إلى مصنع حكومي للتمور تابع لهيئة الري والصرف تصل طاقته الإنتاجية إلى 21 ألف طـن، حيث يقوم باستقبال التمور من المزارعين في شتى أنحاء المملكة بأسعار تشجيعية تصل إلى خمسة ريالات للكيلو، وفقًا لشروط معينة تحدد جودة التمور وسلامتها.

وعلى صعيد آخر، تم الإعلان، مؤخرًا، عن تأسيس لجنة للتمور تتبع الغرفة التجارية الصناعية بالأحساء، وتستهدف الاهتمام بكل ما يخص التمور من حيث إقامة الندوات، والمحاضرات، واللقاءات. كما تم إطلاق جائزة للإنتاج المتميز للتمور، كما قامت مجموعة من رجال الأعمال والمختصين يتقدمهم الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم، وزير الزراعة السعودي بتأسيس جمعية النخلة التعاونية الزراعية، والتي تهدف إلى المحافظة على أسعار التمور وجودتها، والمساعدة في تحقيق التوازن فيما يصب في مصلحة المزارعين بالمنطقة، وأن تكون لها القدرة لمطالبة الدولة بزيادة دعمها للمزارعين، بالإضافة إلى موازنة العرض والطلب في سوق التمور. وكذلك إيقاف عملية إغراق السوق بالتمور وقت جني الثمار، وتوفير العمالة الموسمية المدربة لمساعدة المزارعين في أوقات الحاجة، وتخفيض تكاليف الإنتاج عن طريق القوة التفاوضية للجمعية مقارنة بأي مزارع آخر، والتي تفتح آفاقًا وقنوات تسويقية مع الجهات التي تشتري التمور.

كما تم استحداث نظام لتصنيف التمور إلى عدة درجات يعد الأساس في وضع سعر التمر مع صدور شهادات الجودة، حسب نوعيته التي تعتمد تحسين الإنتاج من خلال تشجيع المزارعين لاستخدام أحدث الوسائل المساعدة في زيادة إنتاج التمور، وتوعيتهم بالآفات الزراعية ومحاربتها. وأخيرًا استثمار الأراضي الزراعية التابعة لوزارة الأوقاف وبيت المال، والقيام بالبحوث والإرشادات الزراعية.

وبحسب الدراسات، فإن فوائد التمر متعددة كونه منجمًا لكميات كبيرة من الفيتامينات، والسكريات، والأملاح المعدنية، والحديد، وتناول 15 تمرة يوميًا تزود جسم الإنسان بما يحتاج إليه من الماغنسيوم، والفوسفور الذي يساعد على نمو خلايا المخ. وكذلك فيتامين (ب1) و(ب2) في هدوء الأعصاب، وفيتامين (أ) الذي يكفل وقاية العين من العشى الليلي، ويقوي أعصاب البصر، ويحافظ على رطوبة العين ويقيها من الرمد، ويزيد قوة السمع لدى كبار السن. كما يقي الكالسيوم والفوسفور الأسنان من التسوس.

ويعد التمر أفضل علاج لأمراض الصدر وآلام الظهر، وتليين الأوعية الدموية، بالإضافة إلى فائدته في غسل الكلى، وتنظيف الكبد من حصيات المرارة، وتضمن الأملاح القلوية الموجودة فيه كالكالسيوم، والفوسفور، والحديد تخليص الدم من الحموضة، وتقليل نسبة الكوليسترول فيه، وعلاج الإمساك، وتخفيف حدة البواسير، وعلاج السرطان لاحتوائه على الماغنسيوم. أما فيتامين(أ) فيساعد على نمو الأطفال، وإمداد الجسم بالطاقة.

الأمراض التي تصيب النخيل

ووفق الدكتور عبدالعزيز بن محمد العجلان، وكيل كلية العلوم الزراعية والأغذية للبحث العلمي بجامعة الملك فيصل، فإن النخيل قد يتعرض للعديد من الأمراض التي تهدد وجوده وتنذر بالقضاء عليه، ومن أهمها سوسة النخيل الحمراء، وهي من الآفات الخطيرة التي انتقلت إلى نخيل المنطقة من دول شرق آسيا. أما الوجام فهو من الأمراض التي تقضي على النخيل بعد الإصابة بفترة وجيزة، وكذلك حلم الغبار، وخياس طلع النخيل وهو مرض يتسبب في موت النخلة بعد إصابتها بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وتجرى، حاليًا، في مراكز البحوث الزراعية بكلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل عدد من الدراسات والبحوث في محاولة لمكافحة تلك الآفات والأمراض والحفاظ على نخيل المنطقة.

وبحسب الدكتور عبدالله بن صالح الغامدي، رئيس قسم التقنية الحيوية الزراعية بكلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل، فإن هناك اهتمامًا كبيرًا بالتقنية الحديثة في مجال إكثار النخيل، ومكافحة الآفات التي تصيبها، وتحسين الإنتاج منها كزراعة الأنسجة، والتي تعد طريقة علمية حديثة لإكثار النخيل، وتتم عادة بأخذ جزء من النخلة ويفضل المهيأ منها للنمو كالبراعم الإبطية أو الطرفية، بحيث يزرع في وسط غذائي معقم ثم يتكاثر بطريقتين الأولى عضوية، وهي الأكثر أمانًا والثانية جنينية جسدية.

خمسة أطوار لإنتاج النخيل

ومن جهة أخرى، يحرص العديد من المزارعين على تلقيح نخيلهم خلال الفترة بين منتصف فبراير حتى نهاية شهر أبريل ، ويتم التلقيح عادة عن طريق تسلق النخلة من قبل المزارع، ووضع كمية من الحبوب في وسط الطلع الأنثوي وربطه بخوصة «جزء من سعف النخيل»، لتتم عملية الإخصاب، وتسمى تلك الطريقة باليدوية. كما توجد هناك طرق أخرى تستخدم في عملية تلقيح النخيل منهـا طرق طبيعية، وذلك عن طريق الرياح أو الحشرات التي تقوم بنقل حبوب اللقاح من الأكماء الذكرية إلى الأنثوية أو طرق صناعية كاستخدام المنفاخ المطاطي، وذلك بتوصيل فوهة المنفاخ إلى الطلع الأنثوي في أعلى النخلة ونفخ الحبوب لتصل إلى الطلع وتقوم بتلقيحه، أو من خلال طرق ميكانيكية، وذلك باستخدام الطائرات التي تقوم برش حبوب اللقاح على الأكماء الأنثوية.

وتمر النخلة بعد تلقيحها بعدة أطوار حتى تبدأ إنتاجها وهي:

طور الحبابوك: وهو الطور الأول، يستمر حتى شهر يونيو، حيث تتكون حبات في حجم الذرة لونها أبيض مصفر ثم تميل إلى اللون الأخضر. وكذلك طور البلح الذي يطلق عليه بعضهم الخلال، ويستمر حتى أغسطس، ويغلب عليه اللون الأخضر. أما البسر: فيغلب على الثمرة فيه اللون الأصفر أو الأحمر، ويستمر هذا الطور بين ثلاثة أسابيع إلى خمسة أسابيع.

بينما في الرطب تبدأ الثمرة في النضج منتصف سبتمبر، وتستمر حتى نهاية أكتوبر، حيث يكون نصف الثمرة السفلي تمرًا، ونصفها العلوي بسرًا ذا لون أصفر أو أحمر. ويعد رطب الطيار أول الأنواع نزولاً إلى الأسواق يأتي بعده المجناز، والغر، والخلاص، والشيشي، والخنيزي، والشهل، والتناجيب، وأم ارحيم، والمرزبان، والبرحي والهلالي.

وتمثل فترة تلقيح النخيل فرصًا وظيفية جيدة لبعض السشباب السعودي الذين يجيدون تسلق النخلة بالاتفاق مع بعض أصحاب المزارع للقيام بعملية تلقيح نخيل مزارعهم نظير أجر معين للنخلة الواحدة، وذلك حسب عدد النخيل وارتفاعها في المزرعة.