يحمل التصريح رقم (1) في سجل المؤسسات الخيرية في المملكة العربية السعودية:

حكايات برائحة العطر

كل الوجوه تقابلك تقول لك بصمت: إنك الأهم هنا، وإن الإنسان هو المحور الأساسي للقائمين فيه.

الرياض: أسماء العبودي

 


§لا يُطلب من العميل أي معلومات شخصية
§المركز أخذ على عاتقه تقديم نوع من الإرشاد الوقائي
§المركز يعتمد على العقل الجماعي في العمل
§المركز يقــدّم الخدمات للمجتمع مجانًا

 

كل الأماكن تبدأ بحكاية، وقد تنتهي تلك الحكاية، وقد تظل بلا نهاية.. لكنها حكاية سيرويها الكل جيلاً بعد جيل، قادني الفضول لأن أعرف حكاية هذا المكان، مكان تفاصيله تسكنها آلام البشر.. لكنه يقودهم إلى الحياة، ويمنحهم الدعم والثقة ليساعدوا أنفسهم, ليبدؤوا حكاية جديدة في حياتهم.

نحن هنا في تفاصيل حكاية المركز الخيري للإرشاد الاجتماعي والاستشارات الأسرية، حيث أسس في عام 1416 في مدينة الرياض، ويحمل التصريح رقم (1) في سجل المؤسسات الخيرية في المملكة العربية السعودية، ويقدّم خدماته لكل جزء فيها.

ومنح هذا التصريح في 19/6/1421 «بعد خمس سنوات من تأسيسه حسب النظام المعمول به في وزارة الشؤون الاجتماعية».

 

وأنا أتجوّل المركز من الداخل قرأت على جدران المركز لافتات جميلة المعنى أقرأ لكم بعضًا من نبضها وبوحها الدافئ:
• هناك أشخاص يمرون في حياتنا، ويتركون أثر جرح.. وهم كثــرة.
وأشخاص يمرون في حياتنا ويتركون رائحة عطــر.. وهم قلـة.
وأشخاص يمرون في حياتنا ويتركوننا شخصًا آخر أكثر جمالًا..وهم ندرة.
وأشخاص يشــعرنا وجودهم في حياتنــا بالأمان.. وهو الأهم في هذه الحياة.

عندما قرأت هذه الكلمات أدركت أن وراء هذا البوح قصــة.. أثارت فضولي لمعرفتها صدق الكلمات الممتنة بين حروفها.. وبمجرد أن فتحت ذلك الباب وجدت الكثيــر من: قصص، وحكــايات، وقلق، وألم، ضياع، وخوف من ألا يأتي النهار بجديد.
كاتبة تلك العبارات هي «هتاف».. امرأة جميلة في بداية عقدها الثاني، وهي على مفترق طرق.. شعرت أنها مشلولة القدرات.. بخبرتها البسيطة.. وحياتها التي لم تعرف فيها معنى للمسؤولية. كان لرحيل والديها في العام نفسه وقع مؤلم.. فهي مسؤولة عن أخ، وأخت يصغرانها، ولم تكن تعرف كيف تتواصل معهما، ولا كيف تتمكن من إدارة أسرة، وهي التي لم تتولّ ذلك مسبقًا. في المركز وجدت هتاف من يحنو على قلقها ويمنحها الثقة والأمان.. وجدت من يرعى حيرتها، ويمسك بيدها إلى الطريق الصحيح.. وها هي تتولى قيادة أسرتها الصغيرة.. وتنمي هواياتها بالرسم والكتابة على الرغم من أنها في سنوات دراستها الجامعية..وهي من بعثت بتلك الكلمات إلى من قادت خطواتها إلى الأفضل.

وتلك «خلود»، معلمة في أواسط العقد الثاني من عمرها، تستنجد بمن يطفئ لوعتها كي تستعيد طفلتها التي انتزعها زوج قاس بعد ولادتها بأيــام، ولم يمنعه من ذلك إلا أن «خلود» تفتقد ثقافة حقوقها التي منحها لها ربّ العالمين، ونظام القضاء، وها هي وجدت في المركز من يضيء لها حياتها من جديد باستعادة ابنتها بالحق والقانون.

بخلاف هتاف وخلود.. لا شك أن هناك الكثير من الحكايات..والنجاحات، وربما لا يخلو الأمر من إحباطات. ولا شك أن هناك الكثير من القصص الشائكة، والتي تحتاج إلى جهود غير اعتيادية للوصول معها إلى بر الأمان.

كل ما في المكان يجلب لك السعادة، هكذا شعرت وأنا أتجول في ردهات المركز.. كل الوجوه تقابلك تقول لك بصمت.. إنك الأهم هنا، وإن الإنسان هو المحور الأساسي للقائمين فيه، فهو مبنى من طابقين، وزعت حجراته وعياداته بطريقة جميلة، روعيت فيها الخصوصية للعملاء.. تجد أمامك طاقمًا من الموظفات يجعلك تشعر زهوًا بنساء الوطن.

في البدء التقيت الاختصاصية الاجتماعية نورة الصويان.. وكان تساؤلي عن آلية العمل بالمركز..أجابت: المركز يضم العديد من الاختصاصيات الاجتماعيات المؤهلات والمدربات لهذه النوعية من العمل، وعلى أساليب مهنية عالية الجودة، وكل ما يقوم به طالب الخدمة «العميل» الاتصال هاتفيًا والتسجيل، لأول مرة، عن طريق اختصاصية الاستقبال.. ويتم الاستماع إلى مشكلته، ويتم التقرير من البداية إن كانت المشكلة تقع ضمن نطاق المشكلات التي يتعامل معها المركز، أو يتم توجيهه إلى المؤسسات الاجتماعية الأخرى التي تقدم الخدمات التي تناسبه..ويعطى العميل موعدًا، بالإضافة إلى رقم ملف خاص به يكون هو وسيلة اتصاله، ولا يطلب منه أي اسم، أو أي معلومات شخصية، أو أرقام تدل على هويته حفاظًا على سرية العملاء وخصوصيتهم، وبعد المكالمة الأولى يتم تحويله إلى إحدى الاختصاصيات الاجتماعيات التي تتولى متابعة الحالة.

وعن نوعية الحالات التي يتولاها المركز.. تخبرنا الأستاذة نورة أن المركز يولي اهتمامًا كاملاً بجميع المشكلات الأسرية ومنها:
 المشاكل الزوجية مثل مشكلات الطلاق، والترمل، والعلاقات الزوجية.. ومشكلات الخيانات، والنظرة الدونية للزوجة، ومشكلات افتقاد مهارات التواصل بين الزوجين، وفي الغالب تتم المعالجة فيها باستخدام نظريات خاصة لتعديل المفاهيم، وكيفية اتخاذ المواقف من أجل تغيير أنماط التعامل، كما أن بعض الحالات تتطلب التدخل القانوني والاستشارات الخاصة، سواء من أطباء أو معالجين نفسيين، بشرط أن يتم التواصل بينهم وبين المركز للاطلاع على جدية العلاج وسيره.
• مشكلات الطفولة التي يمر بها الأطفال.. مثل التبول اللاإرادي، والعناد، والسرقة، والمشكلات الدراسية، ومشكلات الاضطراب الاجتماعي.
  المشكلات المتعلقة بإيذاء الأطفال، والعنف الأسري.
• المشكلات المتعلقة بالمراهقة، والمشاكل السلوكية المصاحبة لهذه المرحلة، والانحرافات الأخلاقية.
• مشاكل ضغوط الحياة.. وعدم القدرة على تجاوزها.

وأضافت الأستاذة نورة أن المركز دائمًا يهدف إلى تطوير مهارات الاختصاصيات الاجتماعيات وتنميتها عن طريق التدريب والقراءات الخاصة، كما أنه في نهاية الأسبوع يُخصص جزء من وقت الدوام بالمركز للتدريب الذاتي، حيث يتم عرض بعض الحالات، ومناقشة الأساليب العلاجية لها، أو أن يكون هناك ورشة عمل أو محاضرة من إحدى الموظفات.

في المقابل أوضح لنا الدكتور سامي الدامغ، المشرف العام على المركز ومدير القسم الرجالي، أن المركز منذ تأسيسه كان حريصًا على انتقاء العاملين فيه، من حيث التخصص والتأهيل، وأن الأساليب المستخدمة في العمل عالية الجودة في المهنية والتدريب. كما أن المركز أخذ على عاتقه تقديم نوع من الإرشاد الوقائي داخل المركز أو خارجه بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي بهدف التوعية والتثقيف، بالإضافة إلى إجراء البحوث والدراسات ذات الصلة بقضايا المجتمع ومشكلاته.

وحول آلية العمل في المركز يقول الدكتور الدامغ: لقد أسسنا طريقة العمل في المركز الخيري للإرشاد الاجتماعي والاستشارات الأسرية، بحيث يقوم على أسس مهنية بحتة. فنحن نتبع الميثاق الأخلاقي للاختصاصيين الاجتماعيين الإكلينيكيين في الولايات المتحدة الأمريكية. فعملنا يقوم على مبادئ العمل المهني التي في أساسها تعتمد على مبدأ العلاقة المهنية البحتة بين العميلة والاختصاصية الاجتماعية، وعلى مبدأ التقبل وقبول الآخر، كما هو، لا كما يجب أن يكون عليه، ومبدأ حق تقرير المصير للعميلة لا أن نقرر لها حياتها، ومبدأ السرية التامة للعميلة، بحيث تبقى كل معلوماتها الشخصية ومشكلتها في سرية تامة مكفولة لها.

ويضيف أيضًا.. كما أننا في المركز نتبع النموذج الطبي في الممارسة المهنية لعملنا الذي يعتمد في جوهره على الدراسة، والتشخيص، والعلاج. فحين ترد لنا حالة نقوم بدراستها دراسة وافية، ونقوم بتشخيص المشكلة تشخيصًا نوعيًا «مشكلة أسرية، مشكلة ترتبط بالعنف، مشكلة انحراف، مشكلات مراهقة، مشكلات طفولة، مشكلة عاطفية، مشكلة نفسية، مشكلة صحية.. إلخ» ثم نقوم بتشخيص المشكلة تشخيصًا طائفيًا، بحيث نحدد المشكلة الدقيقة تحت مسمى المشكلة النوعية مثلاً، والمشكلة الأسرية تعد مشكلة نوعها أسرية، وطائفتها من المشكلات الأسرية أو نوعها الدقيق قد يكون خلافات زوجية، أو عدم قدرة على التواصل بين الزوجين وهكذا. ثم نقوم بعد ذلك بتشخيص المشكلة تشخيصًا سببيًا، بحيث نحدد أسباب حدوث المشكلة، ونحدد العوامل المؤثرة في المشكلة وأطرافها، ثم نقوم أخيرًا بعرض المشكلة كاملة وتسجيلها في إطار تاريخي، ونعتمد في ذلك على التسجيل القصصي التاريخي.

وبعد استيفاء دراسة المشكلة وتشخيصها تشخيصًا سليمًا نقوم بالتدخل المهني حسب كل حالة. ونعتمد في المركز على عدة أطر نظرية في الممارسة المهنية والتدخل المهني، ولكننا لا نستعمل واحدًا منها فقط، بل يمكن أن نصف توجهنا النظري في المركز على أنه توجه انتقائي نظري، بحيث نستخدم النظرية المناسبة مع الحالة المناسبة. ونقوم أحيانًا باستخدام أجزاء من نظرية معينة مع أجزاء معينة من مشكلة العميلة، وهكذا. ونحن في المركز لا نعتمد على الحلول المقولبة أو الجاهزة، بل لكل حالة أو مشكلة حل خاص بها، حسب طبيعتها ونوعها ومعطياتها الخاصة بها. وبقي أن نقول إننا نعتمد في المركز على العقل الجماعي في العمل، ومناقشة الحالات في اجتماع صباحي يومي، ونعتمد على الأدبيات العلمية، فلدينا في المركز واحدة من أحدث المكتبات المتخصصة في الخدمة الاجتماعية.

وأكد الدكتور سامي أن المركز وضع ميثاقًا أخلاقيًا للعاملين فيه من الاختصاصيين الاجتماعيين والاختصاصيات الاجتماعيات والنفسيات في أثناء ممارسة المهنة، ليحاسب على أساسه من يخلّ بهذه الأخلاقيات.. وكان ذلك من خلال استفادة المركز من تجارب الدول الأخرى، وتحديدًا ما هو صادر من الجمعية الوطنية للاختصاصيين الاجتماعيين في الولايات المتحدة الأمريكية..NASW بما يتفق مع عادات المجتمع وقيمه، وتعاليم الدين الحنيف.

كما أن هناك عقدًا مهنيًا يجب على العملاء قبوله، وهو خاص بين الاختصاصية الاجتماعية، وبين العميلة بخصوص واجبات كلا الطرفين وحقوقهما منذ بداية العلاقة المهنية مع المركز.

ونعود للأستاذة نورة الصويان قبل أن نختم رحلتنا في المركز فتخبرنا أن المركز لا يستطيع أن يبادر بحل مشكلة ما، بل لا بد من أن يتقدم إليه صاحب المشكلة ليستطيع المركز أن يقوم بدوره، كما يجب.. وتركز الأستاذة نورة في حديثها على جزئية أن المجتمع لا يزال غضًا طريًا في ثقافة البوح، وحل المشكلات من أطراف أخرى، وخصوصًا لدى النساء التي نتلمس خوفها أحيانًا من زيارتها لنا خوفًا من المجتمع، ونظرته إليها، وتدعو في معرض حديثها إلى تشجيع أفراد المجتمع على تلمس مثل هذه الطرق، لأنها تختصر عليهم أشياء كثيرة في حياتهم، وتضيف الأستاذة نورة أنها كثيرًا ما تزورها بعض النساء اللاتي ساهم المركز في حل مشكلاتهن لأجل التواصل والاطمئنان عليهن، وطلب المشورة في أمور عدة، حيث تحولت علاقتنا معهن إلى صداقة في ثوب جديد.

وكانت آخر جولاتي في المركز إلى المكتبة المقامة داخل المركز، والتي تحوي العديد من الكتب المتخصصة في عمليات العلاج الأسري والإرشاد النفسي.. وكتب الخدمة الاجتماعية ومجموعة كبيرة من الدوريات والمجلات المتخصصة باللغتين العربية والإنجليزية، كما أن العمل على تطويرها يجري بشكل مستمر.

ومن الجــدير أن نذكر هنــا أن المركز كفكــرة بدأت لدى سمو الأميرة د.منيرة بنت عبدالرحمن بن عبدالله آل سعود منذ أن كانت على مقاعد الدراسة في مرحلة البكالوريوس، وتمت ترجمتها إلى واقع عملي بعد أن توصل المؤسسون إلى الاتفاق على صيغة معينة لكيفية تحقيقهــا على أرض الواقع، وخصوصًا أن المركز يقــدّم الخدمات لشـــرائح متعددة من المجتمع مجانًا دون أن يكون هنـــاك ربح مادي ودون شـــروط لهذه الخـــدمة إلا ما يضمن حقوق المركز، ويحافظ على خصـــوصية العمـــلاء.

المـــركز يقع في مدينة الرياض في حي أم الحمــام الشرقي، وأوقات الدوام فيه من الساعة السابعة والنصف صباحًا إلى الواحدة والنصف ظهرًا.. وهناك دوام مســائي من الساعة الرابعة إلى التاسعــــة.. والمـــركز وضع أرقام الحسابات التالية لأجل منح الفرصة لمن يرغب في دعم أنشطته وبرامجه المتنوعة:

بنك الرياض: 2091400039901
ســـــامبا: 2007002361
هواتف المركز:
القسم النســــائي: 4884211- فاكس: 4801725
القسم الرجـــالي: 4828904 فاكس: 4884177.