تحديات تواجه الناقلات الجوية العالمية!

الأفعال غير المشروعة على متن الطائرات

كابتن: عبدالحميد بن سعيد الغامدي
مدير عام السلامة


يختلف السفر بالطائرة عن غيره من وسائل النقل الأخرى. فالطائرة تجوب العديد من الأقطار في فترات وجيزة, تحمل على متنها مسافرين من مختلف الأجناس والخلفيات الثقافية، يتطلعون جميعًا إلى سفر يسوده الهدوء والطمأنينة.. وحرصًا من المنظمة الدولية للطيران المدني «أيكاو» الممثلة في هيئات الطيران المدني العضو الرسمي لكل دولة في المنظمة لتحقيق تطلعات هؤلاء المسافرين, فقد قامت بإبرام العديد من الاتفاقيات والمعاهدات التي من خلالها تم وضع القوانين والأنظمة والإجراءات تحت رعاية دولية موحدة التوجهات والمفاهيم، تتناسب مع عادات هذه الدول وثقافاتها رغم تباينها, تهدف في المقام الأول إلى تحقيق سفر آمن لهؤلاء المسافرين، وكذلك الحد من بعض السلوكيات والأفعال غير القانونية التي قد تصدر من قبل بعض الركاب على متن الطائرة والمصنفة دوليًا كأفعال غير مشروعة، والتي قد تكون ناتجة عن ضعف في إدراك آثارها السلبية من قبل هؤلاء الركاب على أمن الطائرة وسلامتها إذا لم يتم التعامل معها في حينه بالطرق النظامية الدولية والمحلية المقننة، ما قد يعكر صفو السفر على بقية المسافرين على متن الطائرة.

لذلك فإن ظاهرة الأفعال غير المشروعة المرتكبة على متن الطائرات هي من أهم التحديات التي تواجه الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الآياتا) الممثل الرسمي لشركات النقل الجوي العالمية بعضوية ناقلكم الوطني الخطوط الجوية العربية السعودية، وذلك منذ تأسيسها في عام 1364هـ وترعرعها تحت كنف هذا الكيان الكبير ورعايته، المملكة العربية السعودية، وفي ظل قيادة حكيمة لم تتوان يومًا عن الحرص على أمن مواطنيها والمقيمين فيها وجميع ضيوفها المسافرين منها وإليها وسلامتهم ورعايتهم، وبالأخص فيما يتعلق بأمن النقل الجوي وسلامته، والذي يشمل جميع الطائرات المدنية المحلية والأجنبية المغادرة والقادمة، حتى العابرة لأجوائها الإقليمية.

وتعد المملكة العربية السعودية من أوائل الدول في العالم التي وقعت وصادقت على اتفاقية طوكيو بتاريخ 22/08/1386هـ والخاصة بالجنح والأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات, والتي تلاها العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في هذا الخصوص. ومنذ ذلك الحين والخطوط السعودية ما زالت تقوم بالتنسيق المباشر مع جميع الإدارات الحكومية ذات العلاقة تحت مظلة الهيئة العامة للطيران المدني لكي تترجم على أرض الواقع ما التزمت به حكومتنا الرشيدة في هذا المجال على متن طائراتها.

وتعد الخطوط السعودية واحدة من أقل الناقلات الجوية العالمية تعرضًا لأعمال الشغب والعنف على متن طائراتها «حيث إن نسبة الركاب الذين يقومون بارتكاب مثل هذه الأفعال على متن طائراتنا لا يتجاوز راكبًا واحدًا لكل مئتي ألف مسافر»، نظرًا لما يتحلى به السواد الأعظم من أبناء هذا البلد الإسلامي المبارك وعملاؤنا الكرام من أخلاق حميدة والتزام بالعادات والتقاليد المحافظة والتي نعتز بها جميعًا، وأيضًا بما تتميز به الخطوط السعودية عن غيرها من الناقلات الجوية بعدم تقديمها المشروبات الكحولية، أو حتى السماح بحملها على متن طائراتها. حيث تحتل أفعال المخالفات أو الشغب الناتجة عن تأثير المسكرات أو المواد المخدرة على متن الطائرات أعلى نسب المخالفات بحسب الدراسات والإحصاءات الدولية، ما يعني عدم تعرض الخطوط السعودية لهذه الظاهرة إلا فيما ندر.

ومع تنامي ثورة الاتصالات والمعلومات في العقد الأخير فقد برزت ظاهرة استخدام الأجهزة الإلكترونية المحمولة على متن الطائرات من قبل بعض المسافرين، والتي ثبت تعارضها وتأثير ذبذباتها على أجهزة الاتصالات وكذلك الأجهزة الملاحية للطائرة، إلا أنه وبفضلٍ من الله، ثم بتفهم الكثير من المسافرين على متن طائراتنا وإدراكهم مدى خطورة استخدام مثل تلك الأجهزة وتأثيرها على سلامة الطائرة، وبمساهمة العديد منهم بالتعاون مع ملاحي مقصورة الركاب في منع بعض الركاب الآخرين من استخدام هذه الأجهزة على متن الطائرة، فقد تمكنا ولله الحمد من تقليص هذه الظاهرة والحد منها، رغم إقرارنا بعدم القضاء عليها كليًا «وندعوك عزيزي المسافر بالمساهمة معنا في القضاء عليها».

كما تتفهم الخطوط السعودية ما قد يتعرض له المسافرون جوًا من ضغوط أمنية، ومعوقات تشغيلية في بعض المطارات نتيجة تعرضهم للعديد من متطلبات إنهاء إجراءات السفر، مرورًا بنقاط التفتيش الأمنية إلى حين وصولهم الطائرة, إضافةً إلى خوف بعض المسافرين من السفر بالطائرة، الأمر الذي قد يدفع بعضهم إلى القيام ببعض الأفعال المخالفة للأنظمة والقوانين، والتي قد تتطور في بعض الأحيان بالخروج عن الضوابط والأعراف الاجتماعية إلى ارتكاب أفعال غير مشروعة لا يتوانى موظفو المواجهة أو ملاحو الطائرة عن بذل جميع الجهود الممكنة لمعالجتها، ومحاولة تهدئة هؤلاء الركاب وتنبيههم إلى خطورة الاستمرار في مثل تلك الأفعال.

ومع الأخذ في الحسبان جميع الأسباب التي قد يعانيها المسافرون على متن الطائرات نتيجة قيام القلة منهم بارتكاب أفعال غير مشروعة على متن الطائرة، وحفاظًا على أمن الطائرة وسلامتها، فقد قدمت الجمعية العمومية بمنظمة «أيكاو» قائمة تصنيفات لهذه الأفعال إلى جميع الدول الأعضاء في الجمعية بهدف تقنينها ووضع لائحة عقوبات لها. حيث كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي قامت بإعادة صياغة بعض هذه الأفعال وتصنيفها، وكذلك تقنين العقوبات الملائمة لها بما يتوافق مع الأنظمة المرعية للمملكة دون الخروج عن نص تصنيفات الجمعية العمومية، والتي تم تضمينها في نظام هيئة الطيران المدني، بحيث يتم تطبيقها على جميع الطائرات المدنية المحلية والأجنبية سواءً المغادرة، أو القادمة، أو العابرة لأجواء المملكة. وقد تم تقسيمها إلى قسمين رئيسين كما يلي:

القسم الأول: أفعال المخالفات المرتكبة على متن الطائرة
يعاقب كل من قام بأي من المخالفات التالية بالغرامات الآتية:
عدم الامتناع عن التدخين «ثلاث مئة ريال»،استخدام الأجهزة الإلكترونية ذات التحكم عن بعد أو غيرها من الأجهزة المحظور استخدامها على متن الطائرة «خمس مئة ريال».

ويندرج تحتها ما يلي:
أجهزة يمنع استخدامها بتاتًا على متن الطائرة وفي أي وقت من الأوقات مثال ذلك أجهزة الراديو التي تعمل على موجات (AM/FM), ملحقات الحاسب الخارجية أو الألعاب الموصلة بسلك «كالطابعة, جهاز الفاكس, السواقات الخارجية», الألعاب ذات التحكم عن بعد, أجهزة التلفاز, الماسحات الضوئية المستقبلة لموجات (VHF), الفأرة اللاسلكية, أجهزة الإرسال اللاسلكية «ذات الذبذبات المستخدمة من قبل الهواة, ذات الذبذبات المدنية والأجهزة ذات خاصية الإرسال والاستقبال».

وهناك أجهزة يمنع استخدامها منذ لحظة إغلاق باب الطائرة للمغادرة مثل أجهزة الهاتف المحمول «الجوال»، مشغل الأقراص المدمجة (CD,DVD)، مشغل ومسجل أشرطة الكاسيت الرقمية، أجهزة استقبال النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) والتي تحتاج إلى أسلاك خارجية لتشغيلها «كالتي يتم إلصاقها بالجهاز», الألعاب الإلكترونية اليدوية, أجهزة البيجر مزدوجة الاتصال, جهاز الحاسب الشخصي والفأرة الخارجية, أجهزة المساعدة الرقمية الشخصية التي لا تتوفر فيها خاصية الإرسال والاستقبال، أو التي تتوفر فيها هذه الخاصية كجهاز (Palm VII), ألعاب المحادثة التي تصدر موجات إلكترومغناطيسية, مسجلات الفيديو/ أنظمة إعادة العرض.

أما الأجهزة التي يمنع استخدامها بتاتًا في أثناء مراحل الإقلاع والهبوط للطائرة، ويمكن تشغيلها واستخدامها فقط عند إطفاء إشارة ربط أحزمة المقاعد فهي مشغل الأقراص المدمجة (CD,DVD)، مشغل ومسجل أشرطة الكاسيت الرقمية، الألعاب الإلكترونية اليدوية, جهاز الحاسب الشخصي والفأرة الخارجية, أجهزة المساعدة الرقمية الشخصية التي لا تتوفر فيها خاصية الاتصال المزدوج, ألعاب المحادثة التي تصدر موجات إلكترومغناطيسية, مسجلات الفيديو/ أنظمة إعادة العرض.

وفي حالة رغبة المسافر في استخدام أي أجهزة إلكترونية غير موجودة في هذه القائمة فيمكنه الاتصال بأحد ملاحي مقصورة الركاب للمساعدة. كما قد يطلب قائد الطائرة في بعض الحالات من المسافرين الكرام إطفاء أي أجهزة إلكترونية محمولة أو مستخدمة لديهم في أي وقت، ما يتطلب تعاون المسافرين واتباعهم هذه التعليمات من أجل سلامتهم وسلامة الطائرة.

رفض الراكب الجلوس في المقعد المخصص له على الدرجة نفسها أو رفض ربط الحزام «مئتي ريال»، وعدم اتباع تعليمات السلامة الجوية  وإرشاداتها المعتمدة دوليًا «مئتي ريال»، التدخين في دورة المياه «خمس مئة ريال»، والعبث بجهاز الكشف عن التدخين داخل دورات المياه أو غير ذلك من الأجهزة المتعلقة بالسلامة الموجودة على متن الطائرة «ألف ريال»، التسبب في تعطيل أو تلف محتويات الطائرة أو أي من أجهزتها «ألف وخمس مئة ريال».

القسم الثاني: أفعال الجرائم على متن الطائرات

يعد مرتكبًا لجريمة كل من يقوم بأحد الأفعال التالية على متن طائرة مدنية ويتم إحالة مرتكبها إلى السلطة القضائية:

الاعتداء، أو الترهيب، أو التهديد بدنيًا، أو بالقول ضد أحد أعضاء طاقم الطائرة، ما يؤثر في أداء مهام هذا الشخص، أو يقلل من قدرته على الاضطلاع بتلك المهام، ورفض اتباع التعليمات القانونية أو التي يصدرها قائد الطائرة أو أحد أعضاء طاقم الطائرة بالنيابة عنه لغرض تأمين سلامة الطائرة، أو أي من الأشخاص أو الممتلكات المحمولة على متنها، أو لغرض الحفاظ على النظام والانضباط على متن الطائرة، القيام بفعل ينطوي على عنف بدني ضد شخص، أو الاعتداء أو التحرش أو المضايقة الجنسية ضد أحد أعضاء طاقم الطائرة أو ركابها، القيام بفعل يمس سلامة الطائرة أو سلامة أي شخص على متنها، أو إذا كان ذلك الفعل يخل بالنظام والانضباط على متن الطائرة.

الاعتداء، أو الترهيب، أو التهديد، بدنيًا أو بالقول ضد أي من ركاب الطائرة، التسبب عمدًا في تلف ممتلكات الطائرة أو تدميرها، الثمالة بتأثير تناول المشروبات الكحولية أو تعاطي العقاقير المخدرة، سرقة أي من ممتلكات الطائرة أو ممتلكات الأشخاص الموجودين على متنها.

ونظرًا لما تقتضيه المصلحة العامة في ضرورة مواكبة هذه التطورات واستباقًا لها، وحرصًا من الخطوط السعودية على تقديم أرقى درجات التعامل الإنساني في التعامل مع عملائها إيمانًا منها والتزامًا برسالتها كناقل جوي عالمي فائق العناية بهم، فقد قامت بتطوير آليات التعامل مع ظاهرة الأفعال غير المشروعة على متن الطائرات، وذلك بوضع الأنظمة والقوانين والإجراءات الداخلية اللازمة التي توضح كيفية التعامل مع هذه الفئة من الركاب، وذلك ضمن برنامج متطور ومتكامل ومتوافق مع المعاهدات والأنظمة المحلية والدولية، سواءً كانت تلك الأفعال جرائم، أو مخالفات تؤثر في أمن الطائرة وسلامتها، أو مرتكبة ضد ركاب آخرين أو ضد موظفي المواجهة لهذه الإدارات في أثناء أداء عملهم، آخذة في الحسبان أقصى درجات التسامح، خصوصًا في حالات أفعال المخالفات التي لم تخرج عن نطاق المستويين الأول والثاني من ضمن ثلاثة مستويات محددة لأنواع الأفعال غير المشروعة، والتي قد تصدر من الراكب وتعطي الحق في عـدم نقله أو نقل أمتعته لأسباب تتعلق بأمور السلامة إذا قررت لأسباب معقولة بأنه قد يتسبب في إزعاج الركاب، أو يجعل نفسه مرفوضًا من الركاب الآخرين، قد يشكل خطرًا من أي نوع على نفسه أو على الأشخاص الآخرين أو الممتلكات، عدم تقيده بتعليمات «السعودية» أو أي قوانين مطبقة أو لوائح أو أوامر خاصة بأي دولــة أو قُطر يلزم الطيران منه أو إليه أو فوقه.

المستوى الأول: يندرج تحت هذا المستوى جميع أفعال المخالفات المنصوص عليها في القسم الأول «أفعال المخالفات المرتكبة على متن الطائرة» والتي يمكن السيطرة عليها باستخدام جميع المهارات السلوكية في تقدير الموقف ومحاولة تهدئة الراكب. وفي حالة استمرار الراكب في مخالفته يتم إنذاره شفهيًا وإخطاره بالإجراءات النظامية التي سيتم تطبيقها بحقه. والمستوى الثاني: وهو امتداد للمستوى الأول, وذلك عند استمرار الراكب في مخالفته بعد توجيه الإنذار الشفهي له يتم إصدار الإنذار الكتابي الموجه له من قائد الطائرة.

والمستوى الثالث: يندرج تحت العناوين التالية: استمرار الراكب في مخالفته بعد توجيه الإنذار الكتابي الموجه له من قبل قائد الطائرة.جميع أفعال الجرائم: في حالة قيام الراكب بأي من أفعال الجرائم المنصوص عليها أعلاه، والتي تجيز لقائد الطائرة حسب ما نصت عليه الأنظمة والمعاهدات الدولية في هذا الخصوص اتخاذ ما يراه كما يلي:أي تدابير ضرورية ووقائية بما فيها تقييد الحرية، أن يأمر باقي أعضاء الطاقم أو يأذن لهم بمعاونته في اتخاذ التدابير المشار إليها أعلاه، كما يجوز له أن يطلب تلك المعونة من الركاب أو يأذن لهم بها، إلا أنه لا يجوز له إجبارهم على ذلك. ولقائد الطائرة أن يطلب من السلطات المختصة في الدولة التي تهبط الطائرة في إقليمها إنزال الشخص المشار إليه أعلاه مع بيان الأسباب المسوغة لذلك.

وختامًا عزيزي المسافر، نود أن نؤكد لك أننا نتفهم جميعًا ما قد تتعرض له من مؤثرات ومعوقات في أثناء سفرك، ونأمل أن تتفهم أن الخطوط السعودية قد لا تكون طرفًا مباشرًا فيها، بل نعمل جاهدين لتذليلها لك. كما نأمل ألا تنزعج عندما تكون في إحدى صالات المطار أو على متن الطائرة ويتم الإعلان عن تأخير رحلتك بسبب سوء الأحوال الجوية، أو بسبب خلل فني قد يطرأ على طائرتك. وكذلك لا تنزعج عندما تعود الطائرة من مدرج الإقلاع، أو عدم تمكن قائد الطائرة من الهبوط في مطار المقصد وانحرافها إلى المطار البديل.. فكل تلك الأمور عزيزي المسافر ليست إلا معوقات تشغيلية تتعرض لها جميع الناقلات الجوية العالمية والمحلية دون استثناء, حيث لا تهاون ولا مساومة لدينا على معايير السلامة التشغيلية ومتطلباتها. فهناك أنظمة وقوانين سلامة دولية صارمة تُخضع هذه الناقلات وتلزمها بالإيفاء بجميع متطلباتها، كل ذلك حفاظًا على سلامتك رغم ما تسببه من تكاليف باهظة تتكبدها الناقلات الجوية بصدر رحب وفي مقدمتها الخطوط السعودية.

فلنبدأ عزيزي المسافر رحلتنا معك بدعاء السفر من محطة المغادرة ونختمها بأمنياتنا لك في محطة الوصول بإقامة طيبة، وندعوك للتعرف على المزيد من أنظمة الأفعال غير المشروعة وإجراءاتها على متن الطائرة من خلال موقعنا (www.sv.safety.net/unruly). كما ندعوك للتواصل معنا عبر بريدنا الإلكتروني

(fltsafety@saudiairlines.com.sa)، أو على الفاكس رقم 6864966 02 فملاحظاتك عن مستوى أدائنا لمعايير السلامة على متن طائراتنا سيكون دائمًا موضع تقديرنا واهتمامنا.

فسلامتك هي هدفنا الأول.. والله يرعاكم بعنايته.