اجعل رحلتك القادمة لبريطانيا تراثية:
مسارح لندن وسياحة شكسبير
.شكسبير يفتح صفحات الأدب الإنجليزي للسياح
لندن: أهلاً وسهلاً
§ «الويست إند» أكبر منطقة تجمع مسرحي في العالم
§ أول مسرح بدأ في لندن عام 1576
§ زيارة مدينة «ستراتفورد أبون إيفون» تكشف نشأة شكسبير وموقع وفاته
§ بعض المسارح لها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى، ويقال إن بعضها فيها سكان دائمون من الأشباح!
زيارة المسارح في لندن تجربة سياحية من الطراز الأول، يستفيد منها قليلون من السياح العرب. فلندن هي المركز الثقافي الأول عالميًا باللغة الإنجليزية، وبها عشرات المسارح التي تقدم جميع ألوان الفنون من المسرحيات التقليدية التي يستمر عرضها عشرات السنين، إلى الأوبرا والأوبريتات الموسيقية، بالإضافة إلى المسرحيات التاريخية لأعمال كلاسيكية من تأليف ويليام شكسبير الذي يعد أبا الفن المسرحي البريطاني.
السياحة المسرحية في لندن لا تقتصر على فصل الصيف بل تستمر طوال العام. وتشمل التجربة جوانب أخرى قد لا تكون معروفة للسائح العربي مثل جولات المسارح التي تأخذ الزائر إلى خلف الكواليس لكي يتعرف على المؤثرات الخاصة والديكورات، وأحيانًا يقابل بعض الممثلين والممثلات. كما يجري تنظيم جولات للمشي في أحياء المسارح، مع شرح تاريخي لأبرز الأحداث التي مرت بالأحياء والمسارح، وأشهر المسرحيات التي عرضت.
ويمكن اختيار جولات لزيارة مسارح معينة والتعرف على تاريخها وزيارة كواليسها. وهي زيارات تجري يوميًا على فترتين صباحية ومسائية، وأسعارها رمزية لا تزيد على تسعة جنيهات للزائر الواحد، وسبعة جنيهات للأطفال. وتشمل الزيارات مسرح «رويال» في دروري لين، ومسرح «ناشيونال» ودار الأوبرا الملكية وغيرها. وبعض المسارح لها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى، ويقال إن بعضها فيها سكان دائمون من الأشباح!
الحي الغربي
وتقليديًا تعرف منطقة الحي الغربي «ويست إند» بأنها أرض المسارح في لندن. وهي أكبر منطقة مسرحية في العالم. ولكن هناك بعض المسارح المهمة مثل أبوللو فيكتوريا، وفيكتوريا بالاس تقع خارج نطاق الحي الغربي، ولكنها تعد من مسارح «الويست إند». ويعد شارع «شافتسبري افينيو» هو قلب حي المسارح اللندني، لأن ستة مسارح تنتشر على جانبيه.
تاريخ عريق
وللمسارح اللندنية تاريخ عريق يمتد إلى العصور الوسطى. وتذكر الوثائق أن أول مسرح في لندن كان في عام 1576، وكان اسمه «المسرح» لأنه كان الوحيد في لندن. وقبل ذلك كانت المسرحيات تعرض في الأماكن العامة وفي حدائق القصور، وبعد نهاية تعاقد الإيجار على أرض «المسرح» تم نقله إلى موقع جديد اسمه «غلوب» وافتتح في عام 1599.
ويشتهر «غلوب» بأنه كان أول مسرح يعرض مسرحيات شكسبير بداية من هاملت، والملك لير، وعطيل «أوثيللو», أما مسارح الحي الغربي فقد بدأت في عام 1663 في حارة دروري لين، وبعدها تكرر افتتاح المسارح التي احترق بعضها بعد عدة سنوات واستمر الآخر لمئات السنين يعمل بلا انقطاع. ويمكن القول إن تاريخ المسرح الإنجليزي صنعته مسرحيات شكسبير. ولعل المسرحي الشهير دافيد غاريك «الذي يوجد مسرح وناد في لندن على اسمه حاليًا» كان أحد هؤلاء الفنانين الذين اشتهروا بإدارة المسارح والتمثيل أيضًا، وكان أشهر أدواره دور الملك ريتشارد الثالث في مسرحية شكسبير التي تحمل الاسم نفسه. وفي العصر الحديث يعد اندرو لويد ويبر من أشهر مؤلفي الموسيقا المسرحية، وتعرض مسارح لندن العديد من مسرحياته الغنائية.
واستمر بناء المسارح في الحي الغربي خلال الثلث الأول من القرن العشرين، وبعد الحرب العالمية الثانية لم يدخل إلى عالم المسارح في لندن سوى مشروعين يمثلان الحداثة في لندن هما مسرح «ناشيونال» جنوب النهر، ومسرح «باربيكان»، وكلاهما مجمع يضم عدة فعاليات مشتركة.
وعلى الرغم من ظهور الفن السينمائي المنافس وارتفاع تكاليف صيانة المباني الفاخرة العتيقة للمسارح التقليدية إلا أن الرقي الفني في التمثيل والإخراج، والإقبال منقطع النظير على مسارح لندن ساهم في استمرار انتعاش العمل المسرحي، ولم يغلق أي مسرح أبوابه في العقود الثلاثة الماضية. وتتحكم شركات كبيرة، حاليًا، في إدارة مسارح لندن، الأمر الذي يمنحها درجة عالية من الأمان التجاري. ومن أهم الشركات التي تعمل في المجال المسرحي مجموعة الموسيقار اندرو لويد ويبر التي تسمى «ريلي يوسفول غروب».
ومن المقرر أن يفتتح مسرح جديد في العام الحالي(2008)في شافتسبري افينيو باسم «سوندهايم»، ليكون بذلك أول إضافة لعالم المسارح اللندني في القرن الحادي والعشرين. وتستكمل منشآت المسرح حاليًا مجموعة ماكنتوش، ليكون بذلك أول مسرح لندني جديد منذ عام 1931.
مسرح غلوب
ولعل مسرح غلوب «Globe» التاريخي هو الأب الروحي لمسارح لندن، نظرًا لحجمه وتصميمه الفريد وشهرته المطلقة التي دعت إلى إعادة بنائه قبل سنوات قليلة للمرة الثالثة تاريخيًا. وكان ويليام شكسبير أحد الشركاء المؤسسين لمسرح غلوب الأول الذي بني في عام 1599، وبحصة 12.5٪ تناقصت خلال حياته إلى 7٪ فقط.
وفي 29 يونيو «حزيران» عام 1613 احترق مسرح غلوب المبني من الخشب في أثناء تمثيل مسرحية هنري الثامن بسبب انفجار في مدفع كان يستخدم في أثناء العرض، ولم يقتل في الحادث أحد.
وبعد إعادة بنائه، أغلق المسرح من حركات متطرفة دينيًا في عام 1642, وتم إعادة بناء المسرح التاريخي وافتتح في عام 1997 باسم «مسرح شكسبير غلوب» على مقربة 50 مترًا من الموقع الأصلي. وهو يماثل التصميم الأصلي تمامًا، حيث إنه دائري بلا سقف مع ثلاثة طوابق من المقاعد. وتباع 700 تذكرة لكل عرض للمشاهدين وقوفًا «بسعر خمسة جنيهات استرلينية»، ولابد من الوقوف في أثناء العرض حيث إن الجلوس ممنوع.
وتجرى العروض في أثناء الصيف بين شهري مايو «أيار»، وأكتوبر «تشرين الأول». وفي الشتاء يتم استخدام المسرح في الجولات السياحية ولأغراض تعليمية. ونظرًا لتعليمات السلامة فلا يسمح بسعة أكبر من 1300 مشاهد في أثناء أي عرض مسرحي، أي أقل من نصف المشاهدين الذين كانوا يحضرون في زمن شكسبير(3000 مشاهد).
مما يذكر أن مسرحيات شكسبير كانت تعرض في عصره على مسارح أخرى في لندن، ولكن مسرح غلوب كان هو الأشهر والمفضل لعرض مسرحياته. وفي عام 1590 حتى عام 1593 قدم مسرح غلوب عدة مسرحيات ناجحة لشكسبير بدأت بهنري السادس، وكوميديا الأخطاء، وريتشارد الثالث. وكان المسرح في أثناء حياة شكسبير يجتذب كل الطبقات الاجتماعية، وكان من الأماكن العامة القليلة التي يجلس فيها العامة جنبًا إلى جنب مع الأرستقراطيين. وليس من المؤكد أن يكون شكسبير نفسه قد قام بتمثيل أدوار في المسرحيات التي كتبها، ولكن نسبت إليه أدوار في مسرحية هاملت وفي مسرحية واحدة على الأقل لمؤلف غيره.
نشأة شكسبير
شكسبير لم يكن من مواليد لندن، وإنما ولد في مدينة «ستراتفورد أبون إيفون» في عام 1564. وهو يعد أحد أعظم كتاب الأدب الإنجليزي على الإطلاق، سواء كان شعرًا أو أدبًا. ويتكون تراثه من 38 مسرحية، و154 قصيدة، وقصيدتي شعر قصصي. وترجمت أعماله إلى كل لغات العالم الحية تقريبًا.
وقضى شكسبير سنواته الأولى في مدينة ستراتفورد وتزوج في الثامنة عشرة من آن هاثاواي وأنجب منها ثلاث بنات، وانتقل شكسبير إلى لندن في عام 1585 وعمل ممثلاً وكاتبًا مسرحيًا. وكانت أعماله الأولى كوميدية، ثم انتقل إلى التاريخ، ثم إلى الدراما، ونشرت معظم أعماله في حياته. وعلى الرغم من أن شكسبير كان مشهورًا في عصره إلا أن مكانته لم تصل إلى ذروتها إلا في القرن التاسع عشر.
وكان شكسبير يقضي أوقاته بين لندن، حيث عمله، وبين مسقط رأسه في مدينة ستراتفورد.
مدينة ستراتفورد
وتمنح مدينة ستراتفورد فرصة نادرة للسياح لزيارة العديد من المعالم المتعلقة بشكسبير، والتمتع بطبيعتها الخلابة في الوقت نفسه. وتضم المدينة خمسة منازل متعلقة بشكسبير وتاريخه وتعد بمنزلة مزارات للسياح حاليًا. وهي مفتوحة للزيارة طوال العام، وتشمل المنزل الذي ولد فيه شكسبير، ومنزلين لابنتيه، ومنزل زوجته، ومنزل تقاعده.
وتوجد في المدينة، أيضًا، مكتبة خاصة بأعمال شكسبير وتحتوي على مجموعات نادرة من رواياته، بالإضافة إلى مئات الوثائق والسجلات والموارد التعليمية لباحثي الأدب الإنجليزي. وتقع المدينة، واسمها الكامل «ستراتفورد أبون إيفون» في مقاطعة واريكشير، وهي تبعد عن لندن حوالي 100 ميل، ومن مانشستر حوالي 60 ميلاً. ويمكن السفر إليها من لندن بالقطار من محطة يوستون شمالي لندن. وهي مدينة تاريخية صغيرة الحجم لا يزيد تعدادها على 20 ألف نسمة، وكانت المدينة تعتمد على أسواقها المحلية في مصدر دخلها، ولكنها الآن مدينة سياحية من الطراز الأول بفضل ابنها المفضل ويليام شكسبير.
وهناك، أيضًا، ثلاثة مسارح في المدينة، وبها العديد من الحدائق العامة التي تمتد على ضفتي نهر إيفون. ويمكن القيام بنزهات نهرية خلال فصل الصيف. كما أن وسط المدينة يشتهر بمحلاته التجارية العتيقة ومقاهيه القديمة، ويعد من أماكن الزيارة المفضلة. ويتم تنظيم رحلات استكشاف يومية للسياح في أرجاء المدينة.
وهناك، أيضًا، العديد من المعالم السياحية غير المعروفة للسياح الأجانب مثل منازل عتيقة يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، ومزارع للفراشات، ورحلات بالترام والقطار البخاري، وطاحونة تعمل بتيار المياه في النهر، وعروض فيديو تأخذ المتفرج إلى أعماق التاريخ الإنجليزي. وبلغ من جمال مدينة ستراتفورد أن بعض العرائس في إنجلترا يفضلن أن يعقد قرانهن في المدينة حتى تبقى ذكريات المدينة معهن.
وتفيد الإقامة في ستراتفورد في استكشاف العديد من القرى الجميلة في منطقة «كوتسولدز» القريبة التي تقدم من المعالم قصر بلينهايم في وودستوك، وقرى برودواي وويستونبرت. وعلى مقربة من ستراتفورد تقع مدينة باث الرومانية.
وهذه السياحة التراثية تفتح للسياح العرب مجالات مثيرة للخيال، وتقدم لهم فرص المعرفة والمغامرة في الوقت نفسه. وفي زيارتك المقبلة لبريطانيا لا تنس أن تقتفي أثر شكسبير!
أقدم عرض مسرحي في لندن مستمر منذ 55 عامًا! |
هناك العديد من الأرقام القياسية التي حققتها مسرحيات لندن، وتعد مسرحية «ماوس تراب» أو مصيدة الفئران هي أطول مسرحية تعرض في تاريخ مسارح لندن الحديث فهي ما زالت مستمرة منذ 55 سنة! المسرحية من تأليف مؤلفة الروايات البوليسية الشهيرة أغاثا كريستي، وافتتحت للجمهور في 25 نوفمبر «تشرين الثاني» عام 1952. وتم نقل المسرحية من مسرح «نيو امباسدور» إلى مسرح سان مارتنز في عام 1974، وتم عرضها 20 ألف مرة على الأقل.
أما أطول العروض المسرحية الأخرى في لندن فهي:
• «البؤساء» لفيكتور هوغو، وهي مستمرة منذ 21 عامًا، وتعد، أيضًا، صاحبة الرقم القياسي كمسرحية موسيقية.
• «شبح الأوبرا» في مسرح «هير ماجستي» وعمرها 20 عامًا.
• «إخوة في الدم» على مسرح فينيكس وهي مستمرة منذ 18 عامًا.
• «ذات الرداء الأسود» على مسرح فورتشن، منذ 18 عامًا.
• «شيكاغو» على مسرح كيمبردج منذ تسع سنوات.
• «ماما ميا» على مسرح «برنس اوف ويلز» منذ ثماني سنوات.
• «ملك الغابة» على مسرح لايسيوم منذ أربع سنوات. |