فنون
عبدالله الشيخ:
لا مكان للهواة في المعارض العالمية
جعل الطلاب في المدرسة فنانين.. محاولة يائسة.
• الرياض: أميرة المالكي
§ حصص الرسم غير مجدية في مدارسنا
§ الرمزية محاولة لكشف علاقة الإنسان بوقته
§ ثقافات الآخرين هي المحرك لشخصية الفنان
عبدالله عبدالكريم الشيخ نقلة تشكيلية في الفن السعودي، كانت بدايته في الأربعينيات، تأثر بفن أخيه عبدالجبار اليحيا، وقريبه رسام الكاريكاتير علي الخرجي. احتضنت بغداد أول معرض له، كما كانت هي مكان ولادته وأرض طفولته. وفي الدمام اختبر الساحة التشكيلية التي كانت في بدايتها هناك بأعمال مباشرة، تلتها معارض ذات لمحة صارخة. حرص فيها الشيخ على إظهار نهجه، وفكرته المرتبطة بالإنسان، والبيئة، واستنهاض الأمل في مواجهة الآلة وسطوة التقنية القامعة للحياة.
طفولة في العراق، ودراسة في بريطانيا، وممارسة عمل في الخليج.. ماذا منح كل هذا لفن عبدالله الشيخ؟
طفولتي ومن ثم دراستي في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وتخرجي فيه عام 1959 كانت بداية رحلتي مع اللون. وبريطانيا جاءت لتزيدني شغفًا بالإبداع الإنساني، وتمدني بما كنت أتشوق لرؤيته، روائع الفن لكل العصور. أما في الخليج فلقد وجدت به الاستقرار ومواصلة البحث ومتابعة التجارب والتأسيس.
من كان له السبق في اكتشاف توجهك نحو الألواح والألوان؟
في عمر لم يتجاوز العاشرة أعوام جاء توجيهي إلى الرسم «بالقلم الرصاص» محاكاة لرسومات أخي عبدالجبار، وابن الخالة علي الخرجي. وازداد تعلقي بالرسم بعد استلامي أول جائزة من مدير المتوسطة حينذاك.
هل كانت رسوماتك في المدرسة توحي بأن الفن التشكيلي هو مستقبلك؟
لا.. لم يخطر ببالي أبدًا. ولكن في أثناء دراستي بالمعهد بدأت أشعر بأن الرسم هو شاغلي الوحيد ولا أزال كذلك.
التحليق نحو ثقافات أخرى ماذا يضيف لعلبة ألوانك؟
ثقافات الآخرين هي ضرورة كالماء والهواء للفنان، هي ينابيع لا تنضب لتغذية الإدراك، والمعرفة هي المحرك الدائم لشخصية الفنان وبلورة مشاعره.
اللوحة تذكرة سفر.. فإلى أين تأخذنا لوحاتك؟
للعالم، حيث المحادثة مع الزمن والعصر الذي نعيشه، حيث يتعامل الإنسان مع الإنسان بلغة الأرقام والوحدات القياسية، إلى عالم يخلو من الرومانسية التي طالما حلمنا بها.
ما اللغة التي تستخدمها؟ وهل هناك فلسفة خاصة برسوماتك؟
الرمزية مع التعبيرية الحديثة. وكلها محاولات لكشف علاقة الإنسان بوقته الراهن، وقراءة القادم من إشكاليات وضع الإنسان نفسه بها.. كمشكلة الأوزون مثلًا.
الفكرة الجيدة تمنح اللوحة منحى ثقافيًا.. فما أكثر لوحاتك تحدثًا عن أفكارك؟
هي لوحة سميتها 1+1=3 عنوان احتجاج لكثير من المسائل الخاطئة التي يراها الجميع. ولكن رغم معرفتنا بالحل إلا أنه ليس من السهل تصحيحها، وهناك من يرى الخطأ ويسكت، وبعضنا الآخر يرى الخطأ ويشير إليه فقط دون القدرة على تغييره.
هل سبق أن طرأت أكثر من فكرة عليك فأفسدت لوحة لك؟
لم يحدث معي ذلك أبدًا.
المادة التراثية والفلكلور.. ما أثرهما في فن الشيخ؟
بعد سنوات الدراسة رسمت الكثير من اللوحات ذات المضمون التراثي، ولكن بعد الثمانينيات بدوت مقلًا في هذا الاتجاه، ولم أرسم منها إلا القليل جدًا.
يقال إن لوحاتك لم تصب بالنمطية الأسلوبية التي نالت من بعض الفنانين التشكيليين في السعودية.. كيف نجوت بها من ذلك؟
قد أكون أحد أولئك الذين يسعدهم دومًا الإبحار في مياه جديدة، وأجد متعة مضاعفة حينما أجد نفسي في عالم جديد لم أطرقه من قبل.
ماذا تعني الشرفات والحمائم في لوحاتك؟
الشرفات نوافذ توصل الإنسان بالعالم الآخر.. عالم بلا حدود. والحمائم هذا المخلوق الرائع رمز للطمأنينة، وذو غريزة جميلة بالانتماء.
هل من الممكن أن تسطو الآلة الحربية على الفنون بشكل دموي كما هي الحال في واقع الحروب الآن؟
ليس من الضروري أن تكون الآلة حربية لتسطو على الوجدان! فهناك «الماكينة» التي جرفت كل شيء جميل عند الإنسان المرهف. ويخيل إليّ أنها ضريبة التطور والسعي من أجل حياة أفضل.
من يسكن ذاكرتك من مبدعي الفن التشكيلي؟
فنان تتلمذت على يديه يدعى جواد سليم.
ما قصة المربعات والمستطيلات في لوحاتك؟
هي أسلوب غير إرادي يظهر في لوحاتي بين آونة وأخرى، قد تكون إحدى وسائل التعبير التي أجيدها، أو بوساطتها أستطيع إيصال ما أود أن يعرفه المشاهد.
حصد الجوائز، ماذا يعطي للفنان؟
يعطي شعورًا بالرضا لفترة معينة، وقناعة بأن الرسالة في اللوحة وصلت للمتلقي، سواء كان مشاهدًا عاديًا، أو ناقدًا.
بما أنك مارست تدريس التربية الفنية.. كيف وجدت اهتمام الطلاب بهذه المادة؟ وماذا ينقص حصص الرسم لتحرِّض على فن حقيقي مستقبلًا؟
حصص الرسم غير مجدية في مدارسنا.. ولنقل في مدارس الوطن العربي كله. فعند ممارستي التدريس وجدت تدريس مادة تاريخ الفن أنفع وأجدى لجميع الطلاب «غير الموهوبين». بمعنى أنه يجب أن يقوم بتدريس مادة الرسم متخصصون يثقفون الطلبة نظريًا، ويعلمونهم مفاهيم الفن التشكيلي مع طرح النماذج، وتدريس كيفية قراءة اللوحة عند زيارة المعارض الفنية.
أما ما يحدث الآن فهو محاولة يائسة لجعل العشرات والمئات في المدارس فنانين. أما الموهوبون منهم فبإمكان المعلم تكريس كل أوقاته معهم لتطوير ما يتقنونه، سواء في أثناء الدوام الرسمي أو بعده.
كيف ترى اهتمام وزارة الثقافة بالفنانين التشكيليين؟
أنا سعيد جدًا بما يحدث في بلدنا وما تقوم به الوزارة من اهتمام بالفن التشكيلي، وهي تبذل جهدًا يجب أن نشكرها عليه، بالرغم من المعضلات التي تنتظر الحلول، ولكن سنكون متفائلين ونقول إن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، ولي ثقة بأن تكون هناك انطلاقة قريبة.
أين أنت من الجماعات الفنية الموجودة حاليًا في الساحة الثقافية؟
لا أدري.. الإجابة عند الآخرين.
كيف، برأيك، من الممكن أن نساعد على اقتراب المدارس الفنية من تفهم المجتمع؟ وكيف السبيل إلى العلو بذائقة المتلقي السعودي؟
التعليم أول الطرق، وتربية النشء على تذوق الفن منذ الصغر، سواء في المدرسة، أو البيت. ويجب أن يكون على أيدي مختصين ليكون التعليم صحيحًا.
ألم يحرمك تحفظ المجتمع على التصوير ورسم الأرواح من أشياء وددت ممارستها أو تقديمها؟
ربما كان ذلك في السابق، لكن في الوقت الحالي مع الفسحة الموجودة فالأمر أفضل. وبالطبع في كلتا الحالتين لم أفكر في شيء غير مألوف اجتماعيًا.. فالمحافظة على التقاليد والموروث من أكثر ما أحرص عليه.
المعارض الدولية.. كيف ترى الوجود السعودي بها؟
هناك دعوات جيدة لحضور معارض عالمية، وتلبي وزارة الثقافة هذه الدعوات، وهذا شيء جميل. لكن أود أن تكون اللوحات المقدمة مصطفاة من أعمال ذوي الخبرة، فالواجب إبراز الأحسن لإعطاء صورة جيدة عن الفن السعودي. وأنا ضد ترشيح المواهب الجديدة في هذه المعارض بحجة تشجيع الهواة والمبتدئين. أعتقد أن المعارض المحلية هي من ستساعدهم أكثر حتى يتمكنوا من الحصول على الخبرة في هذا المجال.
ماذا تأمل بعد أن تتحدث عنه لوحاتك في الغد؟
الأحداث التي تحيط بنا، سواء كانت اجتماعية، أو سياسية هي من تؤثر. وبالتأكيد سأتحدث عن القضايا المعاصرة الآن، وآمل أن يحل السلام لننعم بترجمة مشاعرنا الجميلة على لوحاتنا المقبلة.
سيرة ذاتية عبـدالله عبـدالكريــم الشيـــخ:
• تخرج في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1959. |
 |
 |
