تراث |
||||||||
«رجال ألمع» تاريخ علمي وثقافي لجزيرة العرب جهود الألمعيين أنتجت متحفًا ومكتبة تراثية تحفظ ماضيهم، وتبرز تراثهم الإنساني. • أبها: سعيد عبدالله آل جندب على سفوح الأمل تغفو محافظة «رجال ألمع» 40 كيلو مترًا غرب مدينة أبها عن طريق عقبة الصماء مرورًا بمتنزه «السودة» متجاوزة تحدي العقبات، وصعوبات التضاريس لتسجل نفسها خلال فترة وجيزة وجهة سياحية كبرى، تزورها وفود سياحية دولية بشكل مستمر، لتدخل ضمن أبرز المواقع المثيرة للاهتمام بحكم جذورها القديمة كمصدر علم، وثقافة لجزيرة العرب منذ قرون مضت. يعود نسب الألمعيين، إلى ألمع بن عمرو بن عدي الأزدي القحطاني. وقد جاء ذلك في كتاب «النسب الكبير» لابن الكلبي، وكتاب «تاج العروس»، وكتاب «سبائك الذهب» لأبي الفوز وغيرها. كما ورد ذكر ألمع القبيلة في كثير من الكتب التي تحدثت عن تاريخ المنطقة. وأشار إمام المؤرخين محمد بن جرير الطبري في تاريخه «الجزء الثالث ص 484» إلى أن ألمع شاركت بسبع مئة مقاتل في معركة القادسية ضمن منظومة الأزد مع قبائل السراة، وغامد، وبارق.
وتعد «رجال ألمع» قبيلة في أصلها كونها تنتمي إلى أسرة رجل واحد هو: ألمع بن عمرو وإخوته الخمسة. وهناك من عدّ رجال ألمع خامسة قبائل عسير كما ورد في كتاب «دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتأثيرها في مقاومة بلاد عسير ضد الحكم العثماني المصري» للدكتور محمد بن زلفة، حيث أورد في الصفحة 6 أنها القبيلة الخامسة في سلسلة قبائل عسير.
وهناك من يعد قبائل رجال ألمع منفصلة عن قبائل عسير، وينكر العلاقة بينها، وهؤلاء ممن يرى عدنانية قبائل عسير السراة، وقحطانية رجال ألمع، معتمدين على رأي الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب». الحدود الجغرافية يحد «رجال ألمع» من الشمال محافظة محايل، ومن الجنوب بلاد بني شعبة، ومن الشرق بلاد ربيعة ورفيدة وبني مغيد، ومن الغرب البحر الأحمر. وتشتهر بأودية أهمها وادي حلي، ومن روافده وادي وسانب، ووادي شصعة، ووادي العوص، إضافة إلى وادي روام، ووادي ظهران، ووادي عمقة.. وجميعها تصب في وادي حلي شمال ألمع الذي ينتهي إلى البحر الأحمر. العلم والثقافة يشكل الأدب مصدرًا أساسيًا لأبناء «رجال ألمع»، حيث تميز كثير منهم في كونهم أسرًا تعليمية، ومن أبرزهم أسرة الحفظي التي اشتهرت بإسهاماتها لقرون عديدة في نشر العلم والثقافة جنوب الجزيرة العربية، وتخصصت في مجال نشر الدعوة وتبليغها، وإقامة العديد من المدارس والحلقات، ما أسهم في تسهيل طلب العلم الشرعي على مستوى المملكة عامة، وعلى مستوى المنطقة الجنوبية خاصة. كما أسهم علماؤها في تأليف العديد من كتب التفسير في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وإخراجها، بالإضافة إلى شرح الكثير من صنوف العلم في النحو والعبادات والأحكام. ومن أشهر علماء هذه الأسرة الكريمة وأبرزهم قاضي قضاة المسلمين، كما ورد في شهادة الخليفة العثماني، الشيخ أحمد بن عبدالخالق بن إبراهيم بن أحمد الحفظي الأول. وذكر د.عبدالله أبو داهش في مقالات تحليلية عن الثقافة في عسير أن الحفظي يعد من أشهر علماء رجال ألمع وأدبائها في تلك الفترة، بل من أبرز شعراء الجزيرة العربية في ذلك العهد. كما كتبت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر بتاريخ 24 إبريل عام 1879 أنه قد أسند إليه قيادة الجيش العثماني في كثير من الحروب ومنها حرب البلقان وقبرص، والتي حقق خلالها نجاحًا أبهر الخليفة العثماني عبدالحميد الثاني. المكتبة التراثية وتبرز المكتبة التراثية في «رجال ألمع» الدور الريادي الذي كان للمحافظة على حركة العلم والثقافة في جنوب الجزيرة العربية، حيث حرص الأهالي على إنشائها لتحفظ أكثر من 1000 مخطوط، ووثيقة، كما حفظت الكتب والمعاملات التجارية، والطوابع، والعملات القديمة التي تسجل وتحفظ مختلف فنون العلم والمعرفة. واختير قصر حاكم التراثي ليضم محتويات المكتبة التي وزعت على ثلاثة أقسام وهي: الثقافة الألمعية تبرز الثقافة الألمعية تأثيرها في الحراك السعودي بشكل كامل، حيث يبرز الأديب محمد زايد الألمعي كعراب مهم للمسيرة الحداثية في الأدب السعودي منذ ثمانينيات القرن الماضي، فيما حقق د.زاهر بن عواض الألمعي انتصارًا لطموحه التهامي ليحصل على الدكتوراه من ميدان الجندية حتى أصبح مثار إعجاب سجلته صحيفة الأهرام المصرية على صدر صفحتها الأولى في عام 1394هـ، لكن دوامة الجدل الثقافية الألمعية يذكر للأديب إبراهيم شحبي أول ممارسة احتجاجية على عدم وعي المجتمع السعودي بالقراءة ليشعل النار في مكتبته منتصف تسعينيات القرن الماضي ليستقبل العام الجديد برفعه لأول قضية اتهام بالعلمانية ضد أحد أفراد قبيلته حتى أثار الرأي العام السعودي، ويفوز بحكم جلد لصالحه لكنه تنازل عنه طواعية. المتحف الألمعي يحكي المشرف على المتحف محمد حسن غريب فكرة تأسيسه، والتي نبعت من آراء الأهالي ومقترحاتهم بأن يكون هناك موقع تجمع فيه آثار المنطقة القديمة خشية ضياعها، ولإتاحة الفرصة لأبناء الجيل الحالي لمعرفة الماضي بكل أبعاده ليتبرع الألمعيون بمبنى مكون من خمسة أدوار مبنية من الحجر والطين لإقامة المتحف. وقد تم تقسيم المبنى إلى 29 قسمًا حسب ترتيب الاستخدام أو الدلالة التراثية المتجانسة مثل: شنعة النحل، وغرفة الحارس، والمطبخ، ومكان تخزين الحبوب وطحنها، وأدوات الزراعة والبناء والنقل، وقسم للأسلحة، والحلي، والطب الشعبي، والمصنوعات الحرفية، وبيت الرجل الألمعي، وبعض المخطوطات القديمة التي يصل عمر بعضها إلى مئات السنين. ويحتوي المتحف على أكثر من 2800 قطعة تراثية، ويستقبل أكثر من 50 ألف زائر سنويًا، سعوديين، وخليجيين، ووفودًا سياحية دولية. العسل الألمعي بين لسعات النحل وارتحالات النحالين حكايات من التعب الشهي التي تختتم بكيلوات نهاية كل موسم يكون طريقها إما الإهداء، أو البيع، أو التداوي. وتحتل محافظة رجال ألمع قائمة الأشهر في تربية النحل، وإنتاج العسل الصافي، حيث تحتضن أشهر سوق للعسل في المنطقة الجنوبية، وذلك بحكم طبيعتها الخضراء، وأشجارها النباتية الكثيفة التي تتغذى عليها جموع النحل. وتبرز كمصدر مهم وأول للعسل حتى أصبح يحتل القائمة الأولى في اهتمامات زوارها كمنتج طبيعي تجود به النحلة بإذن ربها وهي تنهل كل يوم من رحيق الزهور، والنباتات العطرية، والشجيرات المتنوعة المنتشرة في غابات تهامة والسراة، وجبالهما، وسهولهما، ووديانهما في منطقة عسير. الفنون الشعبية تنوع التضاريس ميز الفنون الشعبية لتكون متعددة بحسب المناسبات، ويفصل فيها المشرف على فرقة تهامة عسير حديش جبان، حيث تنقسم إلى لون الدمة، حيث يؤدى هذا اللون من الفرقة على شكل حلقة يتقدمهم شاب خفيف الحركة يقوم بعملية التدوير، ويردد الجزء الأول من الحلقة البيت الأول من القصيدة، ويكمل الجزء الثاني البيت الثاني في تناغم متزن الارتفاع متصل الإيقاع، بحيث لا تسمع نشازًا في صوت الفرقة. أما اللون الثاني فهو الخطوة حيث يتقابل صفان وحركتهما جماعية متبادلة. ويغلب على قصائد الخطوة الغزل والوصف. أما لون السيف، أو ما يسميه بعضهم «المرحة»، ففيه يتقدم شاب سريع وخفيف بحركة ثلاثية أمامية سريعة. ويتميز اللبس في هذا اللون بوجود «العصابة» وهي دائرة تكونها الأزهار العطرية مثل البرك، والكادي، والريحان، والفل تلف على الرأس، فيما يأتي لون الربخة أو كما يسميها بعضهم السمرة كلون غزلي تكون فيه الأصوات متجانسة مع إيقاعات الناي والمزمار.
|
||||||||
|
||||||||