منارة تضم شتى حقول المعرفة
مكتبة الملك فهد الوطنية
تحتضن مواد ثقافية ووثائقية، وأهم مقتنياتها مجموعة من الصور التاريخية للمملكة.
• الرياض: أهلاً وسهلاً
تعد أحد أهم معالم المملكة الثقافية، فهي من أكبر الهيئات المتخصصة في نشر علوم المكتبات والمعلومات في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، بصفتها إحدى المكتبات الرائدة في نشر الإنتاج الفكري السعودي وعرضه.. مكتبة الملك فهد الوطنية.. نبراس في ميدان الثقافة.
تعد المكتبة مرجعًا مهمًا للكتاب والمثقفين ومحبي الاطلاع محليًا ودوليًا، وذلك لما تضمه من كتب قيمة، ودوريات نادرة، ومخطوطات تاريخية، ونشرات ثقافية مهمة، وكل ما يبحث عنه المثقف العربي في مختلف المجالات.
المكتبة أنشئت عام 1406هـ تحت إشراف أمانة مدينة الرياض، بتكلفة تجاوزت الثمانين مليون ريال.
وفي عام 1410هـ تحول هذا الصرح المعرفي إلى مكتبة وطنية للمملكة العربية السعودية باسم «مكتبة الملك فهد الوطنية»، لتكون لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة، وترتبط إداريًا بديوان رئاسة مجلس الوزراء، ويشرف عليها الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض.
تمتد المكتبة على مساحة 58.000 متر مربع تقريبًا، خصص منها 30.000 متر مربع كحديقة لها، ولمبناها 28.000 متر مربع. بينما تبلغ مسطحات المبنى الرئيس 23.000 متر مربع، ويتكون من دور أرضي تعلوه ثلاثة أدوار تغطيها قبة سماوية ذهبية، وقد صمم المبنى بطابع معماري حديث مزين بالزخارف العربية والنقوش الرخامية. ولعل من أهم ميزات المكتبة مقرها في منطقة حيوية من مدينة الرياض، فهي محاطة بأربعة شوارع رئيسة هي طريق الملك فهد من جهة الغرب، وشارع العليا من جهة الشرق، ما أتاح لها إمكانية النجاح في أداء دورها، وذلك لسهولة الوصول إليها من قبل الباحثين، وقاصدي المعرفة.
وتعد المكتبة من أكبر الناشرين العرب في حقول المكتبات والمعلومات، وما له صلة بمصادر المعلومات السعودية. فقد نشرت ما يفوق المئتي عنوان من المراجع، والمؤلفات، والبحوث، والمترجمات. كما تصدر مجلة علمية متخصصة في علوم المكتبات والمعلومات مرتين في العام، منذ عام 1995، وصدر منها حتى الآن عشرون عددًا في عشرة مجلدات، نشر فيها ما يزيد على 208 أبحاث، إلى جانب نشرة المستخلصات للبحوث المترجمة من اللغات الإنجليزية، والفرنسية، والتركية والألمانية، وتهدف التعريف بالمقالات الحديثة في العلوم الإنسانية وما ينشر عن السعودية والعرب والإسلام، بالإضافة إلى نشرة أخبار المكتبة التي تهتم بأنشطتها ومقتنياتها من أوعية المعلومات.
وفي هذا السياق، بلغ مجموع ما تقتنيه المكتبة من أوعية المعلومات المطبوعة، والمواد السمعية والبصرية، مثل الأقراص البصرية والمصغرات، والوثائق المحلية، والمسكوكات، والكتب النادرة، والمخطوطات، الملايين. فقد حصلت المكتبة على الدفعة الأولى من المخطوطات العربية النفيسة من جامعة برنستون الأميركية، وهي عبارة عن 5000 ملفوفة مصورة من مجموع المخطوطات والكتب النادرة. كما تحتضن المكتبة ما يقارب100 ألف مادة ذات علاقة بالمملكة، وهي أكبر مجموعة يضمها مكان واحد، وكذلك مليون كتاب لخدمة 128 ألف مستفيد سنويًا.
وبالنسبة لتسويق المطبوعات فيتم عن طريق بعض دور النشر المحلية والعربية، وفي معارض الكتب، وعبر سبل الإهداء والتبادل مع المكتبات في جميع أنحاء العالم.
وفي أطر الاهتمام بمقتنيات المكتبة تقدم للتجهيزات ونظم الحفظ والاسترجاع العناية الفائقة، من خلال ترميم المخطوطات والكتب النادرة وصيانتها، فضلاً عن اهتمامها بتكوين قواعد البيانات وعمليات التوثيق الآلية، وكذلك الحصول على مصادر المعلومات على أقراص بصرية، وبناء شبكات المعلومات الداخلية التي تساعد على تنظيم المعلومات وتداولها، الأمر الذي هيأ لمكتبة الملك فهد الوطنية فاعلية المشاركة في المعارض المحلية والعربية بنشر مطبوعاتها وعرضها، وغيرها من الإنتاج الفكري السعودي، حيث بلغ ما نشرته في مجالات المكتبات والمعلومات حوالي 75 كتابًا إلى جانب الاتصالات والبرامج التعاونية وتبادل المعلومات والمطبوعات مع الجهات العربية والأجنبية.
وتجدر الإشارة إلى أن المكتبة ستشهد خلال المرحلة المقبلة جملة من التطورات، سواء على المستوى الإنشائي أو الثقافي لمواكبة الطلب المتزايد لمقتنياتها، وتصاعد الإقبال عليها.
والمكتبة تجسد مؤسسة معلوماتية وثقافية تستهدف جمع الإنتاج الفكري السعودي، وحفظه، وتوثيقه، وتسهيل استرجاعه لخدمة الباحثين، والمحافظة على الثقافة الوطنية السعودية.
كما يتم عملها من خلال تطبيق نظام الإيداع السعودي والتسجيل والترقيمات الدولية، سواء للكتب عن طريق الرقم المعياري الدولي للكتب ISBN أو للدوريات من خلال ISCN ولكل الأعمال الفكرية المنشورة في المملكة أو ما ينشره السعوديون في الخارج، وتتبع ما ينشر عن السعودية وتوفيره للباحثين، بالإضافة إلى الكثير من المهام المنوطة بالمكتبة مما له صلة بأعمال التوثيق والمعلومات والببليوجرافيا، وتطوير مهنة المكتبات في البحوث والنشر، وتقديم المعونة الفنية، والاستشارات للمكتبات السعودية وغيرها.
أما أهم مقتنيات المكتبة، فهي مجموعة الصور القديمة للمملكة التي يضمها أرشيف الصور التاريخية، والتي يصل عددها إلى خمسة وأربعين ألف صورة تاريخية مُخزنة في قواعد البيانات ومتاحة لخدمة الباحثين، الذين تجاوز عددهم التسعين ألف باحث وباحثة في العام الماضي.
كما بلغت مقتنيات المكتبة من الإنتاج الفكري السعودي الملايين من المواد الثقافية، فهي تمتلك أكبر مجموعة سعودية، وغدت مركز معلومات شاملًا عن السعودية في جميع حقول المعرفة، إذ تتضمن قائمة كبيرة ومتنوعة من المخطوطات الأصلية أو المصورة، ونوادر المطبوعات، والمسكوكات، والطوابع القديمة، ومنها الكثير من المجموعات المحلية المتوارثة لدى أسر سعودية أهدتها للمكتبة وبعض المخطوطات من الأصول النفيسة التي لا يوجد لها نظير في مكتبات العالم، أبرزها مجموعة جامعة برنستون الأميركية، وهي غاية في الأهمية يتجاوز عددها 20 ألفًا من المخطوطات والمطبوعات المصورة والنادرة في العلوم العربية والإسلامية، أفادت الكثير من الباحثين في كل مكان.
وفيما يخص المخطوطات النفيسة، فإن أهمها مصحف كوفي على الرق يعود للقرن الثالث الهجري و«مختصر الخرقي» للزركشي، وهي نسخة ممتازة عليها تملكات كتبت عام 879هـ، ونسخة خزائنية من كتاب «خالصة الحقائق» للفارابي 887هـ، و«المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل» للحاكم النيسابوري نسخت في بغداد سنة 597هـ، ومخطوطات أندلسية مبكرة على الرق، وكتاب «زاد المعاد» لابن القيم بخط سليمان بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب نسخ عام 1220هـ بخط جميل وملون، ومخطوطة «الأسماء والصفات» للبيهقي مؤرخة سنة 585هـ، وكتاب «الأحكام السلطانية» للماوردي كتب عام 682هـ، وديوان «الأحنف العكبري» وهي نسخة فريدة كتبت سنة 595هـ.
كما تقوم مكتبة الملك فهد الوطنية بمسح وطني شامل لحصر المكتبات ومراكز المعلومات المتوافرة في المملكة العربية السعودية، بما يشمل جميع أنواع المكتبات العامة، والمدرسية، والمكتبات الجامعية المتخصصة، ومراكز المعلومات والتوثيق المنتشرة في الهيئات الحكومية والشركات والقطاع الخاص، تمهيدًا لإصدار الطبعة الثانية من «دليل المكتبات ومراكز المعلومات السعودية» الذي صدر لأول مرة عام 1419هـ محتويًا على أكثر من ثلاثة آلاف مكتبة ووحدة معلوماتية.
وستكون البيانات الأساسية متاحة للباحثين ومتخذي القرارات والتربويين بعد الانتهاء من الحصر، حيث أتمت المكتبة الوطنية مراسلة نحو 850 هيئة في مناطق المملكة.
وقد أطلقت المكتبة باكورة أعمالها في مشروع المكتبة الإلكترونية السعودية، وذلك بوضع نصوص الرسائل الجامعية المتاحة لديها على موقع فهرس المكتبة. وتقوم إدارة الإيداع بأخذ موافقات الباحثين الحاصلين على درجتي الماجستير والدكتوراه، بإضافة محتوى رسائلهم إلى الموقع، حيث بدأت إدارة التقنيات المعيارية في المكتبة بتجهيز موقع للرسائل الجامعية على السيرفر الخاص بالفهرس الإلكتروني. كما تم تجهيز حقول الروابط الخاصة بالرسائل الجامعية المتصلة بالتسجيلات الببليوجرافية لتلك الرسائل ذات النصوص المتوافرة، بالإضافة إلى أيقونة للباحثين لتصفح الرسائل على الفهرس.
وفي إطار التطوير، ستشهد المكتبة تطورًا في عمليات الإيداع والتسجيل باستخدام الباركود أو القارئ الآلي، ضمن خطة التطوير المرتقب تنفيذها على جميع الأصعدة، وتقدر تكلفتها الإجمالية بما يزيد على 400 مليون ريال، رصدت لإنشاء طابق آخر فوق المبنى الحالي للمكتبة واستغلال بعض أجزاء الحديقة الخاصة بها.