أماكن


قلعة صلاح الدين
صنفتها اليونيسكو من أهم الآثار عالميًا
تتوسط جبالاً وسهولاً خصيبة، وتنبت أرضها أنواعًا من الأشجار المثمرة في سورية.

• استطلاع وتصوير: سعد بن عبدالعزيز الشبانات

hajj_1

 

  • يزيد من أهمية هذه القلعة ما تمتاز به من تحصينات طبيعية وَعِرَة التضاريس أكسبتها مناعة التحصين

  • تعلقت القلعة على كف قارة مرتفعة لا يصلها الغزاة أو المتسللون

  • بنيت القلعة على عدة فترات زمنية متباعدة منها ما يعود إلى العهود الفينيقية في القرن السادس قبل الميلاد، ثم العهود اليونانية في القرن الرابع قبل الميلاد

صنفت منظمة اليونسكو هذه القلعة ضمن أهم الآثار عالميًا، وتأتي أهمية هذه القلعة لموقعها في نقطة استراتيجية لتوسطها بين جبال وسهول خصيبة تنبت أرضها أنواعًا من الأشجار المثمرة التي تشرب من ماء السماء، وكذلك لموقعها القريب من البحر. ويزيد من أهمية هذه القلعة ما تمتاز به من تحصينات طبيعية وَعِرَة التضاريس أكسبتها مناعة التحصين. وقد تجلى إبداع الإنسان في تطويع التضاريس الصعبة لخدمة حاجته، حيث تعلقت القلعة على كف قارة مرتفعة لا يصلها الغزاة أو المتسللون. وقد قصت صخور حواف الجبال وقطعت لتستخدم الصخور في بناء مرافق القلعة، وتبلغ مساحتها أكثر من خمسة هكتارات. وأصبحت القلعة متعلقة في السماء تحيطها الحواف والجدران الشاهقة التي لا تصلها إلا قذائف المدافع والمنجنيق.

تاريخ القلعة
تشير الدراسات إلى أن القلعة بنيت على عدة فترات زمنية متباعدة منها ما يعود إلى العهود الفينيقية في القرن السادس قبل الميلاد، ثم العهود اليونانية في القرن الرابع قبل الميلاد.

الفترة البيزنطية: في عهد الإمبراطور يوحنا تزمسكس، وذلك سنة 975. وقد بقي فيها البيزنطيون ما يقارب مئة سنة، وأحدثوا فيها كثيرًا من التحصينات منها ثلاثة أبراج دفاع ومراقبة مكونة من عدة طوابق, وبالقلعة آثار أكثر من كنيسة بنيت في العهد البيزنطي.
الفترة الإفرنجية: وقد بدأت منذ القرن الثاني عشر الميلادي، وقد بنوا فيها حصونًا منها برج ضخم مكون من طابقين بني من الصخور الضخمة, وكنيسة. وقد بقيت القلعة تحت نفوذهم مدة ثمانين سنة تقريبًا حتى افتتحها القائد صلاح الدين الأيوبي.

الأنظمة الإسلامية
تمكن القائد صلاح الدين الأيوبي وابنه الظاهر غازي من محاصرة القلعة ورجمها بالمنجنيق، وكان أميرها آنذاك الأمير شمس الدين سنقر الأشقر.
وشدد صلاح الدين وابنه الظاهر الحصار على القلعة حتى استطاع اختراق تحصيناتها وفتحها، وذلك سنة 1188 وأمن السلام والأمان على أنفس سكانها بعدم إيذائهم حسب ما تقتضيه الأنظمة الإسلامية في حالة الحروب، وكان بالقلعة أميرهم سنقر الذي أحسنوا التعامل معه وأكرموه.

نشأة صلاح الدين
ينتمي صلاح الدين إلى قبيلة كردية تعد من أشراف الأكراد اسمها «الرّوادية» تنحدر من بلدة دوين الواقعة عند حدود أذربيجان بالقرب من مدينة تفليس في أرمينيا، وينتسب الأيوبيون إلى أيوب بن شادي. ولد صلاح الدين بقلعة تكريت سنة 532هـ، ثم رحل به والده وعمه أسد الدين شيركوه إلى نور الدين زنكي بالشام.
نشأ في الموصل وبعلبك في كنف والده، وكان صلاح الدين شابًا عاديًا يقضي أوقاته في اللعب وركوب الخيل، وكان يلازم عمه أسد الدين شيركوه، واسمه صلاح الدين بن يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب، الدُّوِيْنيُّ، التكريتي المولد، يلقب بالملك الناصر.

وصف القلعة
وصف القلعة صاحب كتاب «الكامل في التاريخ» فقال:
«قلعة صهيون، وهي قلعة منيعة شاهقة في الهواء، صعبة المرتقى، على قرنة جبل، يطيف بها واد عميق، فيه ضيق في بعض المواضع، بحيث إن حجر المنجنيق يصل منه إلى الحصن، إلا أن الجبل متصل بها من جهة الشمال، وقد عملوا لها خندقًا عميقًا لا يرى قعره، وخمسة أسوار منيعة، فنزل صلاح الدين على هذا الجبل الملتصق بها، ونصب عليه المجانيق ورماها، وتقدم إلى ولده الظاهر، صاحب حلب، فنزل على المكان الضيق من الوادي، ونصب عليه المجانيق أيضًا، فرمى الحصن منه».

العمارة الإسلامية
عندما تتجول في القلعة فإنك تتنقل بفكرك بين مزيج من الحضارات المختلفة، حيث قامت كل حقبة بتطويرها. وقد برزت العمارة الإسلامية بدقة العمارة وضخامة المباني التي أحدثوها، فمثلاً بها مسجد جامع يسع لمئتي مصلٍّ، له مئذنة مربعة شامخة في السماء.
وبالقلعة عدة خزانات للمياه تجمع مياه السيول التي تهطل على القلعة، وقد نظم لها قنوات تسلك الماء إلى الخزانات ومنها خزان كبير تصل سعته إلى أربعة آلاف متر مربع.

العصر الإسلامي
توجد بالقلعة إسطبلات ومرابط لخيل الجند المرابطين بها، ومخازن للأعلاف والحبوب والمواد الغذائية والزيوت صنع لها قوارير كبيرة في الأرض.
كما يوجد بالقلعة قصر بني في العصر الإسلامي وهو مكون من طابقين وبه حمام كبير.
ويلاحظ الزائر طول المسلة التي ترتفع من قاعدة الأرض إلى أن تصل مستوى القلعة، ووظيفتها كعامود إسناد لجسر يسدل عليها للعبور من القلعة وإليها في أوقات الأمان، ويرفع في أوقات الحرب.

معالم القلعة
في مدخل القلعة حانوت صغير يباع فيه تحف تذكارية، ومنها كتيب فيه نبذة تاريخية عن القلعة، ويحوي صورًا لمعالم القلعة من تأليف جمال حسن حيدر.
وفي مصر توجد قلعة أخرى تسمى قلعة صلاح الدين تقع على هضبة قرب القاهرة في منطقة المقطم تقوم عليها قلعة عظيمة بناها صلاح الدين عندما حارب الدولة الفاطمية وأخرجهم من مصر في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، وما زالت القلعة شامخة تسمى باسم القائد صلاح الدين الأيوبي.
توفي صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، سنة 589هـ بدمشق ودفن فيها عند المسجد الأموي.