تحقيق

الطيارون
العملة الصعبة في صناعة النقل الجوي
تستقطب الخطوط الجوية العربية السعودية الكوادر السعودية المؤهلة لقيادة طائرات أسطولها المتنوعة وصيانتها.

report1

إعداد: عبدالله علي الزهراني

تعتز الخطوط الجوية العربية السعودية بأنها أخذت على عاتقها، منذ بداية مسيرتها قبل أكثر من ستين عامًا، إعداد العديد من البرامج التدريبية وتنفيذها داخل المملكة وخارجها لشباب الوطن، لتأهيلهم لشغل مختلف الوظائف المتخصصة في صناعة النقل الجوي، وفي مقدمتها قيادة الطائرات، حيث استقطبت المئات من خريجي المرحلة الثانوية للالتحاق بهذه البرامج، وسد حاجتها من الكوادر المؤهلة في قيادة طائرات أسطولها المتنوعة وصيانتها، وتوجت تلك الجهود بافتتاح أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران والمعاهد التابعة لها، وحصولها على اعتراف رسمي بشهادتها من قبل إدارة الطيران الفيدرالي الأمريكي، واعتمادها من قبل الهيئة العامة للطيران المدني بالمملكة.

  • يمثل الطيارون السعوديون نسبة 92.12% من عدد قائدي طائرات «السعودية» ومساعديهم

  • تعد دراسة الطيران من الدراسات الممتعة، ففيها نوع من التحدي، حيث يبدأ المتدرب كمساعد طيار يتم تأهيله ضمن برامج تدريبية شاملة

  • يعد قائد الطائرة المسؤول الأول عن سلامة الطائرة وحفظ النظام فيها، وهو الذي يترأس الطاقم

يمثل الطيارون السعوديون نسبة 92.12% من عدد قائدي طائرات «السعودية» ومساعديهم، ومن المتوقع أن يتم، في وقت لاحق بإذن الله تعالى، الوصول إلى نسبة 100% في أطقم القيادة من الطيارين السعوديين ومساعديهم من خلال تنفيذ برامج الإحلال التي تتضمنها خطة السعودة.
ويوصف كرسي قيادة الطائرة بـ«الكرسي الذهبي»، لما لهذه المهنة من أهمية وتقدير على المستويات كافة، ولما يحظى به من إقبال من الشباب الطموح.

كيف تصبح طيارًا؟
في عام 1414هـ أطلقت الخطوط السعودية برنامج «الطيارون الدارسون على حسابهم الخاص». ووفقًا للأنظمة المعتمدة، فإن المؤهلات والشروط الخاصة بقبول إدراج المواطنين الدارسين للطيران على حسابهم الخاص في قائمة الانتظار بالخطوط السعودية تقتضي الحصول على الثانوية العامة، وإنهاء 320 ساعة طيران فعلي تشمل 270 ساعة طيران على الطائرات ذات المحرك الواحد، و50 ساعة طيران على الطائرات متعددة المحركات، وألا يزيد عمر المتقدم على 32 عامًا، وفي حال زيادة العمر على ذلك يشترط إنهاء 200 ساعة طيران إضافية لكل سنة زائدة، بالإضافة إلى الحصول على رخصة الطيران الفيدرالية سارية المفعول في قيادة الطائرات ذات المحرك الواحد وذات المحركات المتعددة، وتأهيل الطيران الآلي. كما يشترط الحصول على الشهادة الطبية الفيدرالية من الدرجة الأولى سارية المفعول، وتحقيق المستوى السادس في اللغة الإنجليزية كحد أدنى، واجتياز الاختبارات الأولية للطيران، وأخيرًا اجتياز المقابلة الشخصية التي يحضرها ممثلون من إدارات الطيران والجودة والنوعية، والموارد البشرية، والتدريب.
وبعد اجتياز الشروط كافة تأتي مرحلة القبول النهائي، حيث يتم تحويل المتدرب إلى أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران، حيث يستمر تدريبه فترة تراوح بين سنة وسنة ونصف، يُصرف له خلالها بدل تدريب.

برامج التدريب والتأهيل
تعد دراسة الطيران من الدراسات الشيقة والممتعة، ففيها نوع من التحدي، حيث يبدأ المتدرب كمساعد طيار يتم تأهيله ضمن برامج تدريبية شاملة ومكثفة ترتقي بمستوياته العلمية، وإمكاناته، وقدراته الفنية، وتشمل تلك البرامج دورة في علوم الطيران الأساسية، وتأهيل الطيار على المحركات النفاثة، والطيران التشبيهي، وتحديد حجم الطائرة ونوعيتها التي سوف يطير بها، والدراسة الأرضية لجميع أنظمة الطائرة، وسلامة الطيران، والجهاز التشبيهي الثابت، والجهاز التشبيهي المتحرك، ورحلات محلية بالجهاز التشبيهي المتحرك، والتدريب على الهبوط النظري، ورحلة بالطائرة دون ركاب، والتدرب على الإقلاع والهبوط، يعين بعدها المتدرب كمساعد ثانٍ في أربعين رحلة، ثم كمساعد أول في ثمانين رحلة مع مدرب، ثم ألف ساعة طيران كمساعد في طائرة أكبر، حيث لا يقل مجموع ساعات طيرانه عن 4000 ساعة، كما أن تدريب الطيار لا ينتهي باجتيازه هذه المرحلة، بل هناك ثلاثة تدريبات سنوية مستمرة، الأول عبارة عن أربعة أيام في السنة يقضيها الطيار في أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران. يخصص اليوم الأول فيها للدراسة النظرية على الأجهزة التشبيهية، واليوم الثاني لسلامة الطيران، أما اليومان الأخيران فهما مخصصان للطيران الآلي، كما يوجد اختبار أرضي وجوي سنوي. وجميع هذه التدريبات مقررة من منظمة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) على كل قائد، أو مساعد، أو مهندس جوي، للوقوف على مدى كفاءتهم وقدرتهم.report2

بناء الرحلات والجداول
تقوم إدارة توزيع أطقم الملاحين بعمل جول للرحلات والجداول الشهرية بصفة دورية لجميع أطقم قيادة الطائرات، ثم تُطبع هذه الجداول، وتُوزع على الطيارين في توقيت محدد قبل منتصف الشهر، ويقوم الطيار باختيار ما يناسبه من هذه الجداول الشهرية، ثم يتم تعيين الطيار في الجدول الشهري حسب أقدميته وأهليته للطيران، ويصبح الطيار على علم برحلاته للشهر التالي قبل أسبوع من بداية الشهر، ومن هنا يرتب الطيار جدوله عمليًا واجتماعيًا.
ويوجد نوعان من الجداول شهري واحتياطي، وفي حال كون قائد الطائرة احتياطيًا لا بد له من متابعة جدوله بشكل يومي عن طريق الهاتف، حيث وفرت «السعودية» برنامجًا خاصًا عبر جهاز يسمى (IVR) يوفر معلومات شاملة عن جداول الطيارين، يمكنهم من خلاله إجراء عمليات عدة مختلفة، حيث إن «السعودية» تستخدم أحدث البرامج الآلية التي يتم بموجبها بناء جداول الرحلات الشهرية لملاحي القيادة، مع تطبيق القواعد والأسس الدولية المتعلقة بساعات الطيران اليومية، والأسبوعية، والشهرية، وساعات الراحة المطلوبة حسب نوع الطائرة، مع مراعاة توزيع الرحلات الدولية والداخلية بطريقة متساوية، بالإضافة إلى أيام الراحة النظامية والشهرية.

التهيئة والاستعداد للرحلة
تلعب خبرة الطيار وطاقم الرحلة ومهنيتهم دورًا كبيرًا في التهيئة والاستعداد، حيث تعتمد على اعتبارات عدة، منها مسار الرحلة سواء كان داخليًا أو دوليًا، والمدة الزمنية التي سيقضيها الطيار بعيدًا عن بيته وأسرته.
ويحرص الطيار على أن ينال قسطًا وافيًا من الراحة قبل رحلته المجدولة، لضمان قيامه بأداء عمله بكفاءة عالية، ويحضر إلى المطار قبل موعد الرحلة بنحو ساعة ونصف، ويتم إثبات حضوره لدى قسم جدولة الملاحين، حيث يتم إطلاعه ومساعده بمكتب الترحيل الجوي على جميع المعلومات الملاحية والفنية للرحلة، والتباحث معه حول العوامل التي تؤثر في الرحلة، والتي تشمل تقارير حالة الطقس في بلديِّ المغادرة والوصول، وخرائط الطقس في طبقات الجو العليا، والتأكد من صلاحية الأجهزة الملاحية كافة في بلديِّ المغادرة والوصول، والطرق الجوية التي ستسلكها الطائرة، والتأكد من صلاحية الطائرة للرحلة بالتنسيق مع إدارة الصيانة، وعمل خطة للرحلة تشمل الوقت الذي ستستغرقه، والارتفاع الذي ستحلق به الطائرة، والممرات الجوية التي ستسلكها، وحساب كميات الوقود اللازمة للرحلة، وحساب أوزان إقلاع الطائرة وهبوطها، وكمية الحمولة التي يمكن نقلها، وطلب تصاريح عبور الأجواء والهبوط من الدول الأخرى إذا لزم الأمر، وبعد الاتفاق بين قائد الطائرة والمرحل الجوي على قانونية الرحلة وسلامتها يقوم قائد الطائرة والمرحل الجوي بالتوقيع معًا على «إذن الترحيل الجوي»، وبهذا يكون كل منهما مسؤولًا عن سلامة الرحلة حسب أنظمة إدارة الطيران الفيدرالية وقوانينها.
وبعد التأكد من أن هذه العوامل جميعها مناسبة وقانونية لسير الرحلة يقوم المرحل الجوي بوضع جميع أوراق الرحلة ومستنداتها في مظروف يسمى «مظروف الرحلة» يسلمه لقائد الطائرة، وتغادر الطائرة حسب التخطيط المتفق عليه بينهما.report3
ولا تنتهي المهمة هنا، بل يواصل مركز مراقبة العمليات والمرحل الجوي متابعة الطائرة كل فيما يخصه، وذلك إلى حين هبوطها بمطار الوصول، حيث يكونان على اتصال مباشر مع قائد الطائرة، خصوصًا في حال وجود أي خلل طارئ، لا سمح الله، يعوق الرحلة سواء كان أمنيًا، أو ميكانيكيًا، أو جويًا.
وقبل التوجه إلى الطائرة يعقد قائد الطائرة ومشرف الرحلة اجتماعًا تتم فيه مناقشة عدد من الأمور عن السلامة، وتوزيع مواقع الخدمة بين طاقم الخدمة الجوية وبعض التعليمات من قائد الطائرة، كما يتم عرض بعض الخبرات والمواقف السابقة، للاستفادة منها، بالإضافة إلى تأكد مشرف الرحلة من كفاءة المضيفين المعينين في الرحلة، ومدى درايتهم بمهامهم المناطة إليم.
بعد ذلك يتوجه قائد الطائرة والملاحون لإنهاء إجراءات الجوازات وعبورهم مع أمتعتهم المصاحبة من خلال جهاز التفتيش الأمني الموجود بمبنى العمليات الجوية، ثم يتوجهون إلى الطائرة.

فحص الطائرة
أول عمل يقوم به قائد الطائرة هو فحص جسم الطائرة من الخارج والداخل للتأكد من خلوه من أي صدمات أو تسريب للزيوت، ويتم فحص كل شيء في جسم الطائرة مثل: العجلات الأمامية والخلفية، والذيل، وأضواء الملاحة، والأجنحة، والنوافذ، حيث يتم التأكد من صلاحية الطائرة ومظهرها الخارجي. وبعد أن يصعد الطيار ومساعده إلى قمرة القيادة يقوم بعدد من المهام الفنية والتقنية التي تشمل تدقيق الوثائق كافة، فيما تكون لمساعده ومشرف الملاحين مهام أخرى تشمل التأكد من عدد من المتطلبات منها: أدوات السلامة، ورخص الطائرة، وخلوها من أي أعطال تستوجب استدعاء فنيي الصيانة، بالإضافة إلى التأكد من توافر كمية الوقود، وبعد انتهاء الجميع من اتمام المهام الموكلة إليهم تصبح الطائرة جاهزة فنيًا لاستقبال الركاب، وعندها يتم تشغيل المساعدات الملاحية كافة وفحصها، ويقوم مساعد الطيار بإدخال المعلومات كافة عن كمية الوقود التي تم تزويدها، والحمولة الفعلية، وغيرها من المعلومات الخاصة بالرحلة، وبرمجة الترددات العالية للاتجاهات في برجي المراقبة إلى الحاسب الآلي بالطائرة مع بقية التدابير الملاحية الإضافية، كما تعد البوصلة من أهم الأدوات على متن الطائرة، بالإضافة إلى بعض التجهيزات القياسية الأخرى ومن ضمنها الأفق الاصطناعي، ومؤشر سرعة الهواء، ومقياس الارتفاع، ومؤشر الاتجاه، ومعدات قياس المسافة (DME)، وتجمع هذه البيانات جميعها في لوحة حاسوبية معقدة، وعند الوصول إلى هذه المرحلة تفحص وتُفعل الأنظمة الاحتياطية كافة.

تصعيد الركاب
يطلب مراقب الحركة الأرضي من قائد الطائرة السماح بتصعيد الركاب إلى الطائرة، ويقوم الطيار بالترحيب بهم من قمرة القيادة، وتزويدهم ببعض المعلومات حول مدة الرحلة ومسارها، وحالة الجو في مطار الوصول، ثم يقوم الملاحون بعرض إجراءات السلامة والطلب من الركاب إرجاع المقاعد إلى وضعها الطبيعي، والتأكد من ربط أحزمة المقاعد، حيث تكتسب هذه الأمور أهمية كبرى في مجال السلامة، خصوصًا في عمليتي الإقلاع والهبوط.

مرحلة الإقلاع
يقوم قائد الطائرة بالاتصال بموظف المراقبة الجوية ويطلب منه الإذن بتشغيل المحركات، ثم التحرك الأرضي داخل مسارات المطار أو ممراته تجاه المدرج المحدد لعملية الإقلاع، ثم ينتظر الإذن بالإقلاع من البرج، وعند أخذ الإذن يقوم الطيار بتشغيل المحركات بأقصى طاقتها، وتتلاحق العمليات بسرعة، وتستخدم الطائرة جزءًا من المدرج الذي يختلف طوله من مطار إلى آخر، ويتواصل التسارع بعد الإقلاع، حيث تصعد الطائرة، بعد ذلك، بزاوية محددة مسبقًا، وعند وصولها إلى ارتفاع معين يبدأ الطيار الانعطاف بها بزاوية معينة، ثم يتواصل صعودها إلى أن يصل بها إلى الارتفاع المحدد له، وبعدها يقوم الطيار بإجراء فحص شامل للعمليات، والأجهزة، وأداء المحركات، مع متابعة كل صغيرة وكبيرة في جميع المراحل، وعند الوصول إلى مرحلة معينة يقوم الطيار بتشغيل الطيار الآلي الذي يستطيع أن يقود الطائرة إلى وجهتها المقصودة، ولكن هناك جهد كبير يقوم به قائد الطائرة يتعلق بالإشراف والاطلاع على المؤشرات المختلفة لغرفة القيادة، والتأكد من عملها، بالإضافة إلى الإنصات إلى مراكز المراقبة الجوية، وتغيير الموجات أولًا بأول عند الحاجة إلى ذلك، وتحويل الترددات، بعد ذلك، إلى مطار محطة الوصول.
ويعتقد بعض الناس أن قائد الطائرة يصبح في فترة راحة تامة عند تشغيل الطيار الآلي حتى محطة الوصول، وهذا ليس صحيحًا، حيث إن قائد الطائرة يتابع كل شيء خارج الطائرة بدقة متناهية مثل: حالة الجو، والتأكد من خلو المسار من طائرات أخرى، إلى جانب الأجهزة كافة في قمرة القيادة، ومتابعة أداء طاقم الرحلة، بالإضافة إلى الاطمئنان على المسافرين، والتأكد من عدم وجود أي مشكلات على متن الطائرة، والعمل على حلها إن وجدت، بل إنه يقوم بمتابعة الشحنات الموجودة في الرحلة، حيث إن بعض الشحنات تحتاج إلى درجة حرارة معينة وظروف خاصة، وقد تواجه الطائرة مطبات هوائية، منها ما قد تسببه الحرارة أو الجبال، ومنها ما هو مصاحب للأحوال الجوية أو غير مرئي، ويقوم قائد الطائرة ببعض الإرشادات والإجراءات التي تقلل الآثار الناتجة عنها مثل: تقليل السرعة، وتنبيه ملاحي المقصورة والمسافرين وتهدئتهم، كما يمكن تفادي السحب الرعدية بتغيير المسار يمينًا أو شمالًا أو تغيير الارتفاع.report4

الاستعداد للهبوط
تختلف مرحلة الاستعداد للهبوط عن مرحلة الاستعداد للإقلاع، حيث إن عملية الإقلاع تكون من الموقع المزدحم بالطائرات إلى الفضاء الفسيح، أما مرحلة الاستعداد للهبوط فتكون بالعكس من الموقع الفسيح إلى موقع مزدحم بالطائرات، وتستلزم هذه المرحلة تركيزًا عاليًا ومراجعة شاملة للأحوال الجوية في مطار الوصول، والممرات الأرضية، والمدارج المغلقة والمفتوحة، وجميع المعلومات التي قام المرحل الجوي بتزويد قائد الطائرة بها قبيل إقلاع الرحلة، وفحص التصاريح وتهيئة الطائرة والركاب للهبوط، كما أن جميع المراحل الفنية في أثناء الطيران لا مكان فيها للاجتهاد أو التجربة الفردية، حيث إن هناك قوانين وتعليمات واجبة التطبيق والتنفيذ بكل دقة، ضمانًا لسلامة المسافرين، بالإضافة إلى أن معظم المطارات الدولية تبث معلومات فورية عن أحوال الطقس عبر أجهزة الاتصال، ويتم تحديث هذه المعلومات كل ساعة، كما أن قائد الطائرة يقوم بالاستماع إلى هذه المعلومات قبيل الهبوط بنصف ساعة على الأكثر. وفي حال عدم توافر هذه الخدمة يتم طلبها من مركز المراقبة، وحينها يتم إعادة ضبط المعلومات التي تم تلقيها بأجهزة الطائرة مرة أخرى حيث تشمل حالة الجو ومعلومات المدرج والهبوط الآلي، ثم يبدأ الطيار في الهبوط التدريجي بالطائرة بعدما يقوم برج المراقبة بتحويل قائد الطائرة من مركز إلى آخر عبر الاتصال ليتم التحويل إلى الرادار الذي يعطي الاتجاه والطريقة الأسهل للنزول آليًا، وهو المحطة الأخيرة التي تكون على بعد نحو 60 ميلًا جويًا من المطار.
بعد ذلك وعلى مقربة من أرضية المطار ينفصل الطيار الآلي وتنزل عجلات الهبوط على المدرج المحدد، وعند خروج الطائرة من المدرج النشط «المستخدم» يرحب المراقبون في المطار بالطيار، ويتم تسليمه إلى المراقبين الأرضيين الذين يقودونه إلى الموقع الذي يجب أن تقف فيه الطائرة، وإذا كان هناك ازدحام في المطار، فإن المراقبة الجوية في المطار تقوم بإيقاف الطائرة في منطقة جوية قريبة، ويتم فصل الحركة المتجهة إلى الداخل طبقًا لتشكيلات المدرج في مطار الوصول، واعتمادًا على الظروف الجوية.
وتقوم كل طائرة بالاقتراب من رادار المراقبة، ويجب ملاحظة أن من واجب المراقبين التأكد من أن الطائرة الأولى أخلت المدرج قبل أن تهبط الطائرة الثانية، لضمان السلامة القصوى، وفي حال أخطأ طيار الهدف يجب أن يقوم بجولة أخري في الجو قبل الهبوط.

معايير الهبوط
هناك معايير للهبوط الصحيح خاصة بالسلامة والأمان في المقام الأول، وليست لها أي علاقة بتحقيق الانسيابية أو غيرها في عملية الهبوط، وهذه المعايير ممثلة في أن تهبط الطائرة وسط المدرج على الخط, وفي الثلت الأول من منطقة المدرج، وتصحيح المعلومات في الطائرة في حال وجود رياح جانبية أو عكسية، بالإضافة إلى أن عملية الهبوط بانسيابية لا تعني شيئًا مهمًا لقائد الطائرة، ولكنها تريح المسافرين، فما يهم قائد الطائرة هو سلامة الرحلة، وهبوط الطائرة بثبات، وضمان عدم انحرافها على أرضية المدرج، خصوصًا في الأجواء السيئة وتساقط الثلوج والأمطار.
وبعد انتهاء عملية الهبوط يعطي الطيار الإذن لمساعده بإعادة بعض الأجهزة إلى ما كانت عليه قبل الهبوط، وعند دخول البوابة أو المكان المخصص يطفئ الطيار المحركات، ويتأكد من سلامة المسافرين. بعد ذلك يسمح للركاب بالنزول ومغادرة الطائرة، ثم يعيد أجهزة الطائرة إلى السكون، لكي تكون جاهزة للفحص من طاقم آخر لإعدادها للرحلة التالية.report5

قائد الطائرة والمراقبة الجوية
تلعب العلاقة بين قائد الطائرة والمراقبة الجوية دورًا مهمًا، حيث إن برج المراقبة الجوية يقوم بتأمين سلامة الطيران من خلال خدمات الاتصالات السلكية واللا سلكية من مواقع المراقبة الجوية مع الطيارين في الجو، وتوفير خدمات الاتصالات الهاتفية المباشرة بين المراقبين الجويين وأقاليم الطيران المجاورة والمطارات المدنية والعسكرية، إلى جانب توجيه الطائرات للالتزام بالطرق الجوية التي يتم تحديدها بوساطة محطات إرشاد لاسلكية من خلال المتابعة المستمرة على شاشات معلومات الرادار.

طب الطيران
يعد طب الطيران من العلوم الطبية الحديثة التي بدأت في الانتشار أخيرًا في الجامعات والكليات الطبية العالمية، وهناك نحو 20% من حوادث الطيران ترجع بشكل أساسي إلى قائد الطائرة ووضعه الصحي، وتجري الخطوط السعودية الاختبارات الطبية التي تعد اختبارات دولية مثل أشعة الصدر، وتخطيط القلب، واختبارات السمع، وفحوصات الدم والكبد بأنواعها، ويعد تحليل (HIV) من التحليلات المهمة جدًا، حيث إن مقدار الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر يختلف عن نظيره على ارتفاع 30 ألف قدم مثلًا، وهذا يؤثر في صحة قائد الطائرة والملاحين والركاب، وفي حال مرض قائد الطائرة فإن هناك إجراءات صارمة تتبع، حيث يتم منحه إجازة مرضية لمدة كافية، فمثلًا عند تشخيص الضغط لأحد الطيارين يتم منحه الدواء اللازم مع إجازة لمدة تصل إلى أسبوع لمتابعة تأثيرات الدواء الجانبية ومدى وجود اختلاطات أو ظهور مضاعفات، وعند التأكد من استقرار الوضع الصحي وتأقلم الجسم مع الدواء يتم السماح له بالعودة إلى الطيران.
وهناك وجبات غذائية خاصة لقائد الطائرة وأخرى مختلفة تمامًا لمساعده يتم تأمينها في أثناء الرحلة، ولا يسمح لقائد الطائرة بتناول وجبات المساعد، ولكن في حالة الضرورة سواء لطول الرحلة أو تأخرها يسمح له بذلك على أن يكون الفارق الزمني بين الوجبات 45 دقيقة، حسب القانون الدولي للطيران. والنوم يعد من أهم التأثيرات التي يواجهها كابتن الطائرة، حيث يؤثر السفر عند الاتجاه نحو الشمال, أو الجنوب, أو الشرق, أو الغرب بشكل كبير على الساعة البيولوجية في جسم قائد الطائرة، وينصح أطباء الطيران طاقم الطائرة عند الوصول إلى بلد آخر بضرورة التعرض لأشعة الشمس، وتناول الأطعمة الأساسية الرئيسة للمنطقة، وتعديل أوقات النوم والاستيقاظ مع أهل المنطقة، كما يفرض على قائد الطائرة إجراء كشف طبي كل ستة أشهر، أما مساعد الطيار والمهندس الجوي فيجرى الكشف عليهما كل عام، ولا شك أن قائد الطائرة يواجه معاناة صحية ويتحمل أعباء كثيرة في أدائه مهامه، إلا أننا لا نستطيع أن نغفل أن صناعة الطائرات تشهد تقدمًا هائلًا، حيث تستطيع تلك الأجهزة المتطورة التقليل من التأثيرات السلبية على الوضع الصحي لقائد الطائرة.

مسؤوليات قانونية
يعد قائد الطائرة المسؤول الأول عن سلامة الطائرة وحفظ النظام فيها، وهو الذي يترأس الطاقم، وله بالإضافة إلى وظيفته الفنية في قيادة الطائرة، وظائف وسلطات عدة، والوظيفة الفنية لقائد الطائرة هي الأهم، وتعد الركيزة الأساسية لما له من سلطات، ويتحدد نطاق الوظيفة الفنية بثلاث مراحل تشمل الاستعداد للتحليق، وفي أثناء التحليق، ومرحلة الهبوط في مطار الوصول، كما أن لقائد الطائرة الحق في تأجيل إقلاع الطائرة، أو إيقافها، أو إلغائها متى تبين له، بحكم وظيفته الفنية، أن ثمة أخطار حقيقية تهدد الرحلة، كما يجوز له أن يغير خط سير الرحلة المقرر متى قدر أن ذلك ضروري لسلامة الطائرة.
وفيما يتعلق بالاختصاصات التجارية، يجب على قائد الطائرة إجراء الإصلاحات الضرورية للطائرة، وعقد القروض للإنفاق منها، وتعيين أعضاء إضافيين للطاقم، وفصل بعضهم عند الضرورة، بالإضافة إلى الوظيفة الإدارية التي يقصد بها السلطات المخولة له تجاه أعضاء الطاقم والركاب، حيث إن هذه السلطات خولت له بوصفه المسؤول الأول عن أمن الطائرة والركاب وسلامتهم، وله الحق في إصدار الأوامر، ويجب عليهم الانصياع لها لإتمام الرحلة بسلام.
كما أن لقائد الطائرة أن يأمر أحد أفراد الطاقم بأداء عمل مغاير لعمله المقرر، ولقائد الطائرة متى اعتقد يقينًا أن راكبًا قد ارتكب، أو في طريقه إلى ارتكاب مخالفة، أو جريمة تعرض أمن الطائرة وسلامة المسافرين أو الشحنات للخطر كمحاولة فتح باب الطائرة، أو الاعتداء على أحد الركاب، أو طاقم القيادة، فله في مثل هذه الحالة أن يتخذ الإجراءات الضرورية والمناسبة لضمان سلامة الطائرة وإعادة النظام فيها، بما في ذلك إجراءات القصر والتقييد الضرورية.
ويحق له أن يأمر أحد رجال الطاقم بمساعدته، أو أن يطلب تلك المساعدة ممن يتطوع من المسافرين. كما أن لقائد الطائرة أن ينزل هذا الراكب في أول محطة جوية في الطريق ويسلمه للسلطات المختصة على أن يقدم لها تقريرًا عما نسب إليه من جرائم أو مخالفات.