الحمامات النائمة في تونس
سحر البحر وعبق التاريخ
.يمكن للزائر أن يلهو، ويخلد إلى الراحة، ويستجم، ويتمتع بالعلاج الطبيعي

• تونس: منال العابدي

تحولت مدينة الحمامات النائمة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، في بضع سنوات إلى باقة من المتعة، كما يسميها التونسيون، إذ صارت هذه المدينة الصغيرة قطبًا سياحيًا عالميًا يستقطب آلاف السياح سنويًا، بينهم أشهر الشخصيات العالمية الباحثة عن الهدوء وسحر الطبيعة، وقد زاد المدينة جمالًا إنشاء أحد المنتجعات السياحية، الذي جمع بين فخامة البناء وعراقة التاريخ العربي والإسلامي.

تترامى في مدينة الحمامات عجائب من الموروث الحضاري العربي والإنساني

الحمامات موقع فريد يمتد بين ساحل البحر المتميز بنقائه وجماله، وسفوح تلال تكسوها الأشجار الخضراء

لا تبعد مدينة الحمامات كثيرًا عن تونس العاصمة، فهي تبعد نصف ساعة عن الطريق السريع بنحو 60 كيلومترًا. كل وسائل النقل العامة متاحة لتقلك إلى هذه البلدة المتاخمة حدودها للبحر، بهوائها العليل الصافي.
وفي هذه المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط يمكن للمرء أن يخلد إلى الراحة، ويستجم، ويتمتع بالعلاج الطبيعي. فمن الساحات والأسواق إلى الفنادق، ومن الحمامات المعدنية إلى الفناءات، ومن الأسوار إلى الديار والحدائق.
تترامى في مدينة الحمامات عجائب من الموروث الحضاري العربي والإنساني، والعادات والتقاليد، والفولكلور، واللوحات الشعبية الخالدة، وتتوزع فيها فنادق فخمة يصل عددها إلى 54 فندقًا، تمثل أحد أهم الأقطاب الفندقية في تونس.
ويجد الزائر في مدينة الحمامات الأشكال والتصورات الهندسية كافة للبلاد التونسية وللحضارات الإنسانية الأوروبية الأخرى، واليابانية، والصينية، في شكل فسيفسائي يجمع إبداعات الإنسان كلها جنبًا إلى جنب.

زهرة الياسمين
«ياسمين الحمامات». استمد هذا المنتجع السياحي اسمه من زهرة الياسمين الفواحة التي تعد من أبرز رموز البلاد التونسية وأجملها، وكانت انطلاقة هذا المشروع السياحي عام 1989 عندما صدر أمر بإنشاء مدينة سياحية متميزة على مساحة 270 هكتارًا، وشهدت هذه المدينة تجديدًا واتساعًا متواصلين سنة بعد أخرى، حتى صارت نموذجًا استثنائيًا يُمكِّن أي شخص من الحلم وقضاء عطلة مغايرة للسائد والمألوف.
يجد الزائر في المنتجع السياحي جميع أصناف الفنادق. فنادق فاخرة وأخرى متوسطة. نوادٍ وشققًا وحمامات تقدم آخر ما استجد في ميدان التداوي بمياه البحر والتداوي بالحمامات البخارية، بالإضافة إلى مفاجآت لمحبي التزلج على الجليد وملاعب الجولف. ويوفر المنتجع نحو 20 ألف سرير كل عام، أغلبها يصنف من فئة الممتاز.

جزيرة اصطناعية
توجد في قلب المنتجع تحفة شيدت حديثًا اسمها «المارينا»، وسط 20 هكتارًا من المياه، توفر 740 مرفأ للسفن والزوارق الشراعية، و500 شقة قبالة البحر، و55 فيلا، أغلبها على جزيرة اصطناعية، شيدت على حافة الميناء، بالإضافة إلى 18 ألف متر مربع من المحال التجارية، و30 ألف متر مربع من الحدائق المهيأة.
وتتميز المارينا، بشهادة زوارها من السائحين، والمعماريين، والرسامين، بأناقتها وسحرها، وتناغم معمارها. وقد زادها شهرة احتضانها العديد من الحفلات العالمية الكبرى، والعديد من المسابقات الدولية مثل مسابقات الدراجات النارية.
كما يستقبل الميناء الذي يعد، اليوم، من أجمل الأماكن على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، عددًا من سباقات الزوارق، والمعارض البحرية، وبعض الفعاليات الأخرى ذات العلاقة بالبحر، مثل المسابقة النسائية للزوارق الشراعية التي تُعرف بـ«طريق عليسة»، أو «أليسار» بانية قرطاج القديمة.
ويقول مهندسو هذه المنتجعات  إنها شيدت لمنافسة المدن والمناطق السكنية الحديثة في الضفة الشمالية للمتوسط، مثل منتجعات جزيرتي صقلية وسردينيا القريبتين، ومدن: كان، ومونت كارلو، وسان تروبيز جنوب فرنسا.
وتعد «مارينا الحمامات» أهم مشروع عقاري سكني من هذه الفئة الجديدة، فهو باكورة المدن المستقبلية، خصوصًا أن موقعه فريد، إذ يمتد بين ساحل البحر المتميز بنقائه وجماله، وسفوح تلال تكسوها الأشجار الخضراء.

الحمامات النائمة
على الرغم من أن الحمامات النائمة في حضن البحر هي إحدى الواجهات السياحية العريقة في تونس، إلا أن نمط المعمار القديم الذي اشتهرت به، لم يعد مواكبًا للعصر، ولا مستجيبًا لأذواق الأجيال الجديدة من المستثمرين ورجال الأعمال. ومن هذا المنطلق خطط مهندسون تونسيون لإنشاء مدينة سكنية غير بعيدة عن المدينة التاريخية بقلعتها الشامخة، وأسواقها العربية العتيقة، وبيوتها البيضاء الناصعة.
ويتصل المشروع في الحمامات باليابسة بجسر قناة أو كاسرة أمواج تمت تهيئتها لتكون فسحة تنتشر على ضفتيها المطاعم، والمقاهي، والمحال التجارية. وفكرة القناة أو الكاسرة مقتبسة من تراث الفنيقيين، الذين كانوا يشقون قناة تتوغل في اليابسة، ثم تعود إلى البحر، لضمان الحماية لسفنهم من الغارات والعواصف. ولكل فيلا من الفيلات الفخمة إطلالة مباشرة على البحر من الواجهة الخلفية للبيت، وفيها موقع خاص لليخت أو الزورق الخاص، فيما يوجد مكان للسيارات على الواجهة الأمامية.

قرطاج لاند
وعلى مشارف هذه المنتجعات  توجد قرطاج لاند، وهي مدينة ألعاب ترفيهية، تمتد على مساحة خمسة هكتارات، وترتكز على الخيال الجماعي، مساهمة في إعادة إحياء أساطير الطفولة وحكاياتها، مستغلة التاريخ والموروث الحضاري العربي لإنعاشه وإبرازه من جديد.
وتقدم قرطاج لاند لزائريها 18 فضاء ترفيهيًا ومكانًا للألعاب المثيرة، مثل: رحلة حانون والإخوة بربروس، ومغامرات علاء الدين، وغيرهما، اعتمادًا على الخيال الخصب وبعض ما تبقى في الذاكرة الشعبية من غرائب القصص، والمغامرات، والحروب.

المدينة الساحرة
يعد الميناء الذي تقع على حافته المدينة الساحرة القلب النابض للمجمع السكني الجديد، فمنه تنطلق فسحة للمترجلين على طول كاسرة أمواج عريضة، تحاذي القناة البحرية الدائرية، وتنتشر على جانبيها المطاعم، والمقاهي، ومحال الوجبات السريعة المطلة على حوض الميناء، ويشتمل المجمع على سوق من الطراز العربي القديم، يضم  محال الحرفيين الذين يصنعون الأواني الفخارية والمشغولات التقليدية، بالإضافة إلى مركز للتسوق، ومطاعم حديثة.
وللميناء خمس ميزات الأولى: هي موقعه الذي يطل على قلب البحر الأبيض المتوسط، فهو لا يبعد سوى 40 ميلًا عن مدينة تونس العاصمة، و60 ميلًا عن جزيرة صقلية الإيطالية، ويتسع لـ700 يخت وزورق، وتتوافر به جميع التجهيزات ووسائل الاتصال والتموين اللازمة في المساحات الملحقة به، ما جعله أهم ميناء ترفيهي في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.

بصمات الأندلسيين
والميزة الثانية: هي أنه قريب من الحمامات، ومنفصل عنها في آن معًا، وهي التي تحمل على جبينها بصمات الأندلسيين، منذ أن فتحت ذراعيها لاستقبال المهاجرين المطرودين من شبه الجزيرة الأيبيرية في القرن السادس عشر الميلادي، فجددوا عمارتها، وأدخلوا تقنيات زراعية وأنظمة ري متطورة إلى أراضيها الخصبة.
ويستطيع المولعون بالتاريخ زيارة المدينة التاريخية بقلعتها، وأسواقها، وبيوتها، وصياديها، مثلما يستطيعون زيارة القيروان، والمنستير، وسوسة، وتونس العاصمة. وهي مدن تاريخية لا تفصلها عن المشروع سوى ساعة واحدة بالسيارة.

ملاعب جولف
ويعد وجود ملعبي جولف كبيرين في محيط المشروع الميزة الثالثة، وهما ملعبان يستقطبان فئات عليا من السائحين الغربيين واليابانيين على مدار السنة.
والميزة الرابعة: هي كونه يقع على مشارف المنتجع، إذ لا يحتاج سكان الشقق إلى أكثر من عشر دقائق سيرًا على الأقدام، ليجدوا أنفسهم في قلب منطقة سياحية حديثة، تضم فنادق ومطاعم فخمة من فئتي 4 نجوم و5 نجوم.

سهولة التملك
أما الميزة الخامسة: فهي سهولة التملك للعرب والأجانب، نتيجة وجود تسهيلات ائتمانية، وعدم وجود قيود صارمة على شراء العقار، إذ تمنح البنوك التونسية قروضًا للتملك تصل إلى 60 بالمئة من سعر العقار، تسدد على مدى 7  أعوام إلى 15 عامًا.
كل ما يوجد في هذه المدينة الساحرة جذاب ومثير، أبدعته أيادٍ تونسية خالصة، وجعلته محطة عالمية، رسمت أغلب معالمها، وزينت أطرافها بالزهور والورود، وأضيئت جميع طرقاتها وشوارعها، حتى أصبحت نموذجًا سياحيًا فريدًا لا يمكن الاستغناء عنه.