اقتصاد

 

في أسواق المال:

!على قدر أهل العزم تأتي.. المكاسب

.طبيعة المتداولين تحدد استراتيجيات البيع والشراء في الأسهم

طــارق المـاضي

كاتب اقتصادي

§ العمل في سوق الأسهم بشكل أكثر اتساعًا من أي مجالات أخرى

§ المجازفون هم الأفضل من حيث النتائج في سوق الأسهم

§ العابرون هم أكثر شرائح المتداولين تأثيرًا في استقرار السوق

§ المقيمون لا يتقبلون الخسارة بسهولة رغم أنهم الأكثر تعرضًا للخسائر الفادحة

أن تكون متداولًا في سوق الأسهم يعني ذلك أنك تكتسب من تلك السوق بمرور الزمن مهارات، والأهم من ذلك صفات وطبيعة معينة استناد إلى انعكاس تجربتك في السوق على شخصيتك، ليس ذلك مقتصرًا فقط على العاملين في أسواق المال، بل سوف تجده في أغلب مجالات العمل، ولكن لعل العمل في سوق الأسهم، الذي يشمل جميع شرائح المجتمع وبشكل أكثر اتساعًا من أي مجالات أخرى، يساعد على رصد ألوان متعددة من أطياف المتداولين والعاملين في سوق الأسهم نتيجة انعكاس تجارب تلك السوق وتداولاتها عليهم.

رغم عدم دقة المحاولات المتعددة في تحديد تلك الشخصيات المتداولة ذات الطبيعة والصفات المشتركة ووصفها وتقسيمها إلى شرائح، اعتمادًا على العوامل المشتركة بينهم، يمكن تحديد ملامح أهم تلك الصفات لدى المتداولين في تسع شرائح يمكن تقسيمها ووصفها كالتالي:
المجازفون: لا يترددون في اتخاذ القرار عند توافر أقل المعطيات «معلومات تتوافق مع طبيعة التداولات» عن السوق الإيجابية أو السلبية أو التراجع عن هذه القرارات بخسارة في حالة اكتشافهم خطأ تلك المعطيات، وتجيد هذه الفئة الربط بين المعلومات وطبيعة التداولات في شاشات الأسهم. وتُعدّ من أفضل المتداولين في سوق الأسهم، وعامل الضعف الوحيد لديهم عندما تكون تلك المجازفات معتمدة على معلومات فقط، والدخول العشوائي في الأسهم، أو الاعتماد على الغير في اتخاذ القرارات، ويتركز معظم أفراد هؤلاء الشريحة في المضاربين وليس المستثمرين.
المتحفظون: كثيرون التردد والتدقيق بشكل مبالغ فيه، هذا التحفظ يجعلهم لا يملكون الحس والتوقيت الصحيح في عمليات الدخول والخروج في الأسهم، ولديهم، دائمًا، شكوكهم نحو السوق والشركات والمتداولين الآخرين، حيث يفسرون أي تعاملات إيجابية في سوق الأسهم بشكل سلبي، ولديهم إيمان أن تداولات سوق الأسهم تدار بشكل مرسوم ومحدد يجعل تحقيق أي أرباح من خلالها أمرًا شبه مستحيل. ومعظم التجارب لديهم نظرية نتيجة عملية التحفظ التي تمنع التعلم من التجارب، وفي الأغلب يتحولون في نهاية الأمر إلى مستثمرين جبارين نتيجة سلسلة من عمليات الخسائر.
العابرون: في سلسلة من تداولات متتالية عبر الكثير من الشركات دون أي خطط أو رؤية، وهم من أكثر شرائح المتداولين تأثيرًا في استقرار السوق، والمتسبب الرئيس في أكثر التذبذبات، وممن يعطي إشارة الانطلاق لعمليات «البيع الجماعي» في بداية عمليات الهبوط القوية، وهم أكثر المتداولين تذبذبًا في سوق الأسهم، والتأثر بالغير في عمليات التداول والتقلب بشكل كلي مع تداولات وتغيرات السوق اللحظية، وأكثر الفئات تنفيذًا للصفقات والتداولات، هل شاهدت شركة ترتفع بشكل فجائي، ومن ثم، وخلال دقائق، تعود إلى الهبوط؟ هل شاهدت في بعض الأحيان، خصوصًا خلال فترة الافتتاح عملية صعود سريعة الانتكاس خلال دقائق؟ كل هذه الظواهر تشير إلى سيطرة شريحة «العابرين» على التداولات خلال تلك اللحظات تحديدًا، وليس أكثر.
التابعون: وهم غير القادرين بشكل شبة تام على اتخاذ قرارات بيع أو شراء بما في ذلك توقيت الدخول والخروج دون الاعتماد على دعم خارجي قادم من فرد أو مواقع إنترنت أو برامج تلفازية إلى غير ذلك، والغريب أن هذه الفئة هي النسبة الأكبر من المتداولين، ودلالة ذلك الانتشار الواسع موقع الإنترنت والقنوات الاقتصادية المتخصصة في الأسهم والإقبال عليها.
المدققون: هذه الشريحة تشترك في صفات كثيرة مع شريحة «المتحفظين». الفرق، إضافة إلى أنهم يستعينون بشكل مبالغ فيه بجميع الآراء والتحليلات من أجل مساعدتهم في اتخاذ القرار، أنهم هنا يملكون الحس والتقدير الصحيح لعمليات الدخول والخروج، ولكن التأخير في عمليات التدقيق يكون هو سبب الإخفاق في كثير من الحالات وليس عدم صحة الخيارات، وذلك بسبب صلابة المنهج المتبع منهم، ولكن المبالغة في عمليات التدقيق قد لا تتفق في كثير من الأوقات مع السرعة المطلوبة في تداولات سوق الأسهم، خصوصًا بالنسبة للمضاربين واستغلال المعلومة بأسرع وقت ممكن.
التقنيون: يعتمدون على التحليل الفني والأساسي من أجل اتخاذ قرارات البيع والشراء في سوق الأسهم، وهنا رغم صحة المنهج، ولكن قياسًا على صغر الكثير من شركات السوق، وسهولة سيطرة مضارب واحد عليها تصبح عملية تطبيق هذه الأدوات بشكل معياري كامل عملية تثير الجدوى منها في معظم الحالات الكثير من الشكوك، خصوصًا إذا عرفنا أن معظم أدوات التحليل الفني ونظرياتها هي ذات أصل دولي تطبق على شركات وأسواق تختلف من حيث الأداء بشكل جذري عن أساليب التداول في أسواقنا الناشئة، وفي بعض الشركات تحديدًا. لذلك سوف نجد أن بضعة أفراد من هذه الفئة استطاعوا تطويع بعض أدوات التحليل الفني للتكيف مع بعض طبيعة التداولات في بضع شركات في السوق، وليس تطبيقه بشكل أعمى، واستطاعوا بهذا الدمج تحقيق نجاحات بارزة.
التاريخيون: وهم من يعتمدون على المعلومات التاريخية التحليلية للسوق والأسهم، وطبيعة التحركات في الماضي في محاولة فهم الحركة المستقبلية للسوق وتوقعها، وهم من قدماء العاملين في سوق الأسهم بحكم احتياجهم إلى عامل الخبرة، ورغم الدور الكبير للخبرة في النجاح في تداولات سوق الأسهم، ولكن ذلك يرتبط بشرط أساسي وهو القدرة على الربط مع المتغيرات بين فترات المقارنة التاريخية والفترة الحالية، ووضع ذلك في الحسبان لرصد أي تغيرات قادمة بناء على ذلك. وكل ذلك بالتأكيد ليس مهمة سهلة للحاجة إلى عمليات سريعة وهي «استرجاع البيانات التاريخية ومن ثم ربطها مع المتغيرات الحالية ومن ثم استنتاج تأثيرها المستقبلي».
المقيمون: لا يتقبلون الخسارة بسهولة رغم أنهم أكثر فئات المتداولين تعرضًا للخسائر الفادحة، وذلك في كثير من الأحيان بسبب السباحة ضد التيار، ورفض عملية البيع، وتصحيح الأخطاء التي تمت من خلال عملية شراء غير سليمة في توقيت غير صحيح، ورغم ذلك، وفي كثير من الأحيان، لا تبيع هذه الفئة أي سهم بخسارة حتى لو تأكدوا بشكل شبه تام عدم وجود أي أمل في الارتفاع على المستوى القصير. وتشكّل هذه الفئة عددًا لا بأس به من المتداولين الناقمين على السوق والتداولات، وهم في الأغلب يتحولون نهاية الأمر إجباريًا إلى مستثمرين طويلي الأجل دون أي إدارك لطبيعة الاستثمار الذي يضعون فيه أموالهم.