مواسم

 

العام الجديد

تخطيط مستقبلي.. وجرد سنوي

.من أجل عام جديد في كل شيء

الرياض: أميرة المالكي

§ ثقافة التخطيط المستقبلي، والجرد السنوي، قاعدة ذهبية يغفل عنها الكثير

§ لابد من كشف حساب سنوي للإنجازات والإخفاقات

§ لنبدأ عامنا بابتسامة صغيرة، وننهيها بآمال كبيرة

§ كلنا نحتاج إلى أسماء، وأشكال جديدة للعام الجديد

 

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أهزوجة بشرى، صدحت بها سماء يثرب، حين وصل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام.. مهاجرين من مكة، في شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة. ارتدت البقاع وشاح النور فسميت «المدينة المنورة».

لم يركن الرسول الكريم إلى ميزة كونه نبيًا، وتساق له المعجزات، أخذ الأمر عنده صفة المؤسسة الاجتماعية المتينة، وكان حصر المكاسب والخسائر هو ما قاس عليه مدى نجاح الدعوة خارج مكة، وبعيدًا عن القوة الجاثمة هناك بدأ بالتخطيط. حقق مبدأ البحث عن الأفضل، وقرر المغادرة فنسق عملية هجرته، بما يناسب مكانته بين مناصريه، أنهى كل ارتباطاته بمكة، أعد راحلته، واختار رفيقه، وحرص قبل كل ذلك على إعداد مكان إقامته وتجهيزه في المدينة.
ثقافة التخطيط المستقبلي، والجرد السنوي، قاعدة ذهبية يغفل عنها الكثير، لا تنافي التوكل ولا تتعارض مع الإيمان بالقدر. هي منهج حياة استحق أن يكون من أولى الخطوات التعليمية التي قُدمت في العهد الإسلامي.
ومنذ أن انعتقت الأرواح من الظلمات في المدينة بوجود الدعوة الإسلامية، إلى يومنا هذا والسنة الهجرية قائمة، تبدأ بشهر محرم.. وتنتهي بشهر ذي الحجة، هي اثنا عشر شهرًا لا زالت بالملامح نفسها سنة قمرية تحسب مدة الهجرة النبوية.

الإنجازات حقائب سفر نحو الأجمل

قبل أن يودّعنا العام.. مسافرًا بإنجازاته وإخفاقاته، حاملاً حقائب أيامه ولياليه نحو الماضي، لابد أن نرى ملفات «غليظة» تفتح لتطوى مرة أخرى بعد أن يتم الرصد، واستخراج الربح، واستثناء الخاسرات. تبدأ رحلة التوجه نحو العام الجديد، بالكثير من الترقب، والاجتهاد، والأمل.
كل الجهات الاقتصادية المهتمة.. تنجز ما يسمى بالميزانية.. وكل المحافل قبيل إعلان ساعة النقر عن بداية عام جديد تعمد إلى إغلاق أبوابها لتتفقد محتوياتها، وتعد إسهاماتها، وتجرد مدخراتها، وتوزع فائضها، وتجعل المكان أكثر رحابة، وتعيد فتح الأبواب لاحتضان عالم آخر بهيكل أكثر تطورًا.. وأعلى أفقًا مما كان.
بتصحيح الأخطاء، وتجاوز الكبوات تبتسم الأعمال، وتزدهر الفرص، والإنسان هو أكثر المشاريع المحتاجة إلى هذه الخطوة لتكتمل صورة اهتمامه بنفسه كما يفعل مع الطعام، واللباس، والتعلم.
يحتاج الإنسان إلى استحداث نظام يكفل له جمع المعلومات اللازمة لطرح مشروع كبير بحجم أهمية ارتقائه ونماء قدراته، هذا النظام لا بد أن يسكن العقل، ويتغذى على قناعة تامة بضرورة المضي إلى الأمام.
يتضمن المشروع توظيف الإمكانيات النفسية، والخبرات الزمنية، والظروف المكانية، من أجل بناء فرد يجيد أعماله، ويفخر بتفوقاته، يطرح أوراقه آخر العام من أجل الرصد والمحاسبة، وإعلان الربح، واستدراك الخسائر، يحدد مصير قراراته، ويبدأ بكتابة سطور متفائلة لأيام آتية، يبدؤها بابتسامة صغيرة، وينهيها بآمال كبيرة.

قبل إغلاق العام أبوابه

كل الأشياء تبدأ ببذرة ضئيلة الشكل، شديدة الرغبة في الحياة، تتشبث بالماء والغذاء حتى تنمو، وكل الأشياء التي تستحق تتغير، تعظم، وربما تتلون، لكن إلى الأكثر زهاء، وعطاء.
لذا كل عاقل سيبحث عما يغيره قبل إنهاء العام أعماله وتسليمه المهام لساعات وأيام وشهور قادمة. سيكون للبحث عن فرص مصالحة مع الذات، ومع الآخرين أثره في تقفي الأشياء المفقودة من الداخل، وحتمًا ستكون جسر جمال لإصلاح العطب الإنساني المسمى بالشر.
شيء أروع من رغبة كبيرة في استرجاع ما أسقطته الظروف، من خسارة علم، أو نقصان مؤونة فكر أو روح، وبالتأكيد محاولة إضاءة الزوايا المظلمة بالتسويف، وإعادة ترتيب الأركان المهملة بدعوى الانشغال، سيصب في مجرى تطوير الحلم، والاقتراب من تحقيقه.

اسم لكل عام

كلنا نحتاج إلى أسماء، وأشكال جديدة للعام الجديد، ففهد المتخاذل لا بد أن يكون فهدًا المنتصر، ويوسف حتمًا سيكون أجمل لو أصبح اسمه يوسف اللطيف، وهدى ستبدو أرق لو ناديناها بهدى المبدعة. ومن لا يطمح لأن يحصل على ثوب جديد فبالتأكيد هو شخص لا يجيد الاحتفال بنفسه، ولا يتقن الترحيب بعمر يضاف إلى عمره.