أربع جامعات وأشهر نادٍ كروي في العالم
مانشستر
عاصمة الشمال الإنجليزي
ما يحدث اليوم في مانشستر يحدث غدًا في بقية أنحاء العالم.
• لندن: أهلاً وسهلاً
§ التاريخ الإنجليزي يتذكر بداية الثورة الصناعية من مانشستر
§ اسمها روماني الأصل ويدل على موقعها حيث يعني «مدينة التل»
§ تدرس منظمة اليونسكو حاليًا طلبًا من المدينة بوضع مناطق تصنيع في مركزها ضمن التراث العالمي
§ تعيش في مانشستر أكبر جالية مسلمة في بريطانيا تكوِّن فيما بينها نحو 10٪ من سكانها.
تسمى مدينة مانشستر عاصمة الشمال الإنجليزي وهي ثالث أكبر مدينة بريطانية بتجمع سكاني في مانشستر الكبرى يصل إلى مليونين وربع مليون نسمة. ولكن مدينة مانشستر نفسها لا تضم أكثر من نصف مليون نسمة. وهي موقع حيوي للفنون، والتعليم العالي، والرياضة، والتجارة. ويبدو أن نصيب مانشستر هو الموقع الثالث في العديد من المجالات مثل إقبال الشركات عليها، وزيارة السياح لها. ولكنها في السنوات الأخيرة احتلت مركز ثاني أكبر مدينة بريطانية بعد لندن، وأزاحت برمنغهام من هذا الموقع.
يذكر الفولكلور الإنجليزي أن الثورة الصناعية بدأت في مانشستر، حيث كانت مركزًا لتصنيع القطن حينذاك. وتدرس منظمة اليونسكو حاليًا طلبًا من المدينة بوضع مناطق تصنيع في مركزها ضمن التراث العالمي، لأنها تتميز بقنواتها المائية المتقاطعة ومصانع القطن القديمة. وتختلف الآراء في أصل الاسم، ولكن الأقرب إلى الصحة هو أنه اسم روماني يدل على موقعها، ويعني «مدينة التل».
ولكن أصول المدينة تعود إلى ما قبل العهد الروماني، حيث تم الكشف قبل عدة سنوات في أثناء مد مدرج مطار مانشستر، عن آثار لتجمعات سكانية بدائية تعود إلى العصر البرونزي على ضفاف نهر بولين. وبعد الغزو النورماندي لإنجلترا في عام 1066 استمرت المدينة في التوسع والتخصص في صناعة الغزل والنسيج، ووفد إليها العمال المهرة من داخل بريطانيا وخارجها. واستمر هذا التوسع عبر العصور الوسطى. وتحولت المدينة من غزل الصوف إلى غزل القطن، كما توسعت تجارتها مع فتح ميناء بحري لها كان بمنزلة نافذة استيراد للقطن الخام وتصدير المنسوجات. كما ساهمت القنوات المائية في فتح مجالات نقل الفحم، وهو وقود ذلك العصر، من مناطق بريطانية أخرى.
وفي أثناء الثورة الصناعية نجحت مانشستر، بفضل المنافسة، في خفض تكلفة وقود الفحم وبالتالي تكلفة نقل القطن الخام إلى النصف. واستقبلت المدينة أول محطة قطار سريع إليها في القرن 19، وافتتحت فيها أول بورصة للسلع خارج لندن، كما تكونت فيها مدرسة الاقتصاد الحر التي كانت تعرف باسم مدرسة مانشستر. وكانت المدينة سباقة في العديد من المجالات إلى درجة أن أحد الصناعيين فيها قال: «ما يحدث اليوم في مانشستر يحدث غدًا في بقية أنحاء العالم».
ونشأت في المدينة، أيضًا، أول حركة عمالية كونت نقابات طالبت بحقوق عادلة للعمال الذين ساهموا في صنع الثروات للطبقة الأرستقراطية. ومنها نشأ حزب العمال الذي تحول إلى حزب سياسي يحكم الآن في بريطانيا ويرأسه غوردون براون.
العصر الذهبي
ويمكن القول إن العصر الذهبي لمانشستر كان خلال الربع الأخير من القرن 19. ففي هذه الفترة بنيت معظم معالم المدينة التي تدل على ثروتها، وتأسست فيها العديد من المعاهد والمؤسسات الفنية مثل أوركسترا هالي الشهيرة. ولكن المدينة التي استفادت كثيرًا من عصر الرخاء الصناعي كانت، أيضًا، الأكثر معاناة في أثناء فترة الكساد العظيم بين الحربين العالميتين. وكان واضحًا أن الثورة الصناعية تتغير إلى عصر مغاير فقدت المدينة معه موقعها المتميز، وتحملت فوق هذا هجمات الطيران الألماني الذي دمر الكثير من معالمها ومبانيها التاريخية في أثناء الحرب العالمية الثانية.
ولم تسلم المدينة من الإرهاب، حيث تكررت فيها هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي من العشرينيات حتى عام 1996 الذي شهد تفجيرًا مدويًا لأكبر قنبلة تنفجر على أرض بريطانية. وأسفر التفجير عن جرح نحو مئتي شخص، وتحطيم نوافذ زجاجية على بعد نصف ميل من الموقع، وبلغ حجم خسائر هذا الهجوم الإرهابي 400 مليون جنيه استرليني. وأسفر الهجوم عن إفلاس العديد من الشركات والأعمال الصغيرة.
ولكن مانشستر نهضت منذ ذلك الوقت ونفذت خطة معمارية لإحياء وسط المدينة، وبها الآن أكبر مركز تسوق في بريطانيا اسمه «مانشستر ارنديل»، كما تم بناء أكبر ناطحة سحاب في بريطانيا خارج لندن، وهي تحمل اسم «بيثام تاور».
وتتميز مانشستر بطقس أكثر اعتدالاً من بقية أنحاء إنجلترا، كما أن موقعها هيأ لها نسبة رطوبة معتدلة ساهمت في نجاح صناعة النسيج في الماضي. ولا تزيد أيام المطر في مانشستر على 140 يومًا سنويًا بالمقارنة مع 154 يومًا في أنحاء إنجلترا الأخرى.
وتعيش في مانشستر أكبر جالية مسلمة في بريطانيا تكوِّن فيما بينها نحو 10٪ من سكانها. وهناك العديد من المساجد، والمطاعم الحلال، والشرق أوسطية، والهندية تنتشر في أرجائها. ويمكن للزائر أن يصلها مباشرة برحلات طيران دولية، أو برحلات داخلية من لندن، أو مدن بريطانية أخرى. كما تنطلق رحلات قطار منتظمة من لندن عدة مرات يوميًا. وداخل المدينة نفسها تنتشر شبكات الباص والترام لتربط ضواحيها.
الفنون والموسيقا
وفنيًا تستضيف مانشستر فرقتي أوركسترا هما هالي، وأوركسترا بي بي سي. وتعد مانشستر من مراكز بريطانيا الشهيرة في تعليم الموسيقا، وبها كلية الموسيقا الملكية الشمالية، ومدرسة تشيثام للموسيقا، كما تقع في مانشستر قاعة «إيفننغ نيوز ارينا» لحفلات الموسيقا، وهي الأكبر حجمًا في أوروبا وتتسع لحوالي 21 ألف مستمع. وهناك قاعات أخرى أصغر حجمًا مثل أبوللو وأكاديمي، بالإضافة إلى عشرات القاعات الصغيرة. وبها دار للأوبرا وثلاثة مسارح كبيرة. كما ظهرت في مانشستر العديد من الفرق الموسيقية الناجحة، ولكن ليس على مستوى البيتلز الذين بدؤوا حياتهم في مدينة ليفربول. وهناك العديد من الكتب التي تصف الحياة في مانشستر تاريخيًا، كما أن الروائي تشارلز ديكينز اختار مانشستر مسرحًا لرواية «هارد تايمز».
ويقصد العديد من الطلبة جامعات مانشستر التي تضم جامعة تحمل اسم المدينة وتعد الأكبر حجمًا من حيث عدد الطلبة في بريطانيا، وأخرى تحمل اسم «مانشستر متروبوليتان». وتجتمع مراكز هاتين الجامعتين بالإضافة إلى جامعة الموسيقا الملكية في الحي الجنوبي، وجامعة رابعة تكتمل بها منظومة التعليم العالي في المدينة لتكوِّن فيما بينها أكبر تجمع تعليمي في موقع واحد على المستوى الأوروبي.
ومن ناحية الإعلام تتمتع مانشستر بموقع فريد، حيث تقع فيها العديد من شركات الإعلام الناجحة مثل شركة غرانادا، وفيها، أيضًا، يتم إنتاج حلقات تلفازية ناجحة تبث خمس مرات أسبوعيًا في بريطانيا ويشاهدها الملايين، وهي حلقات «كورونيشن ستريت». وتعد المدينة مركزًا رئيسًا للتلفاز البريطاني «بي بي سي»، ويتم إنتاج الأخبار وبرامج الأطفال منها.
وللمدينة قناة تلفازية خاصة بها. وتعتزم بي بي سي نقل عدد كبير من الموظفين وشركات الإنتاج من لندن إلى مانشستر قبل عام 2010. وكانت مانشستر موقعًا للعديد من الأفلام السينمائية منذ عصر الأفلام غير الملونة. وهي تستضيف سنويًا مهرجانًا سينمائيًا دوليًا.
ومما يذكر أن صحيفة الغارديان البريطانية بدأت في مدينة مانشستر عام 1821 ولم تنتقل إلى لندن إلا في عام 1964. كما تحتفظ العديد من الصحف البريطانية بمكاتب رئيسة في مانشستر. وتوجد العديد من القنصليات الأجنبية في المدينة، ولكن ليس من بينها قنصليات عربية.
وتتفوق المدينة في الرياضة أيضًا، حيث تستضيف اثنين من أكبر أندية كرة القدم في الدوري الإنجليزي هما مانشستر يونايتد، ومانشستر سيتي. واستضافت المدينة في عام 2002 دورة ألعاب الكومنولث، وهي تساهم في توفير مواقع تدريب رياضي لدورة الألعاب الأوليمبية التي تستضيفها لندن في عام 2012. وحاولت المدينة أكثر من مرة المنافسة على استضافة الدورات الأوليمبية ولكنها خسرت مرتين أمام إطلانطا في عام 1996 وسيدني في عام 2000.