حوار

 

الأمير بندر بن سعود بن محمد آل سعود:

مشاريع سياحية في المحميات قريبا

15منطقة محمية منتشرة في مختلف مناطق المملكة.

• الرياض: أهلاً وسهلاً
 

§ استراتيجية علمية لتنظيم السياحة الطبيعية في المملكة

§ اتفاقيات دولية للهيئة تثمن نشاطها على المستوى العالمي

§ إجراءات عقابية بحق منتهكي الحياة الفطرية ومخالفي الأنظمة

§ لوزارة التربية والتعليم دور كبير في نشر الوعي البيئي

 

تتميز المملكة العربية السعودية بتنوع طبيعتها الجغرافية، نظرًا لامتداد مساحتها الشاسعة بين البحر والبر، وانطلاقًا من الإيمان بنفاسة مقدراتها الطبيعية. وللحفاظ على هذه الثروة الطبيعية من حيوانات ونباتات نادرة أضحت مهددة بالانقراض، تم تأسيس الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية.

حسب الأمير بندر بن سعود بن محمد آل سعود، الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية، فإن الهيئة رغم عمرها القصير نسبيًا منذ إنشائها عام 1406هـ حققت العديد من الإنجازات الطيبة في مجال المحافظة على الحياة الفطرية وإنشاء المناطق المحمية, حيث أنشأت 15منطقة محمية منتشرة في مختلف مناطق المملكة, وقامت بإكثار بعض الأنواع الفطرية تحت الأسر بمراكزها البحثية في المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية بالطائف، ومركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية بالثمامة، ونجحت في إعادة تلك الأنواع الفطرية، سواء التي كانت منقرضة مثل المها العربي «الوضيحي», أو المهددة بالانقراض مثل: ظباء الريم, والإدمي، والحباري في بيئاتها الطبيعية مرة أخرى.
كما أن للهيئة نشاطًا ملموسًا على المستوى الإقليمي، فهي تتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك مع جامعة الدول العربية حول جميع الأمور المرتبطة بالمحافظة على الحياة الفطرية. أما على المستوى الدولي، فإنها عضو فاعل في العديد من الاتفاقيات منها: اتفاقية المحافظة على التنوع الإحيائي, واتفاقية التجارة الدولية في الأنواع الفطرية المهددة بالانقراض من مجموعات النباتات والحيوانات البرية المعروفة ﺑ«سايتس», واتفاقية الأنواع المهاجرة.
وستواصل الهيئة مسيرتها وجهودها الرامية إلى الحفاظ على الحياة الفطرية في المملكة، وستحقق العديد من الإنجازات في مجال الحفاظ على الحياة الفطرية على المستوى العالمي.

الصيد الجائر خطر يهدد الحياة الفطرية

تعمل الهيئة على الحد من الصيد الجائر من خلال ثلاثة أنظمة هي: نظام صيد الحيوانات والطيور البرية، ونظام المناطق المحمية للحياة الفطرية، ونظام الاتجار في الكائنات الفطرية المهددة بالانقراض، وقامت بالتعاون مع وزارة الداخلية ممثلة في إمارات المناطق بتشكيل لجان محاكمة مخالفي هذه الأنظمة، وهي لجان مشكَّلة من بعض منسوبي إمارة كل منطقة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها, حيث تقوم هذه اللجان بالرفع إلى الجهات المسؤولة لتنفيذ القرارات التي أصدرتها، والتي تتمثل، عادة، في السجن لمدد محددة والغرامة المالية، إذ تتوقف على نوع المخالفة المرتكبة.
وفي حال تكرار المخالفة تُشدد العقوبة، وتُصادر المركبة والأدوات المستخدمة في مخالفة التعدي على الحياة الفطرية, غير أن هذه العقوبات لا تمنع المخالفات ولكنها تحد منها, فبعض المخالفين يعاود تكرارها. ونتيجة لذلك فإن الهيئة تقوم، حاليًا، بإعادة دراسة عقوبات جديدة، ومن ثم رفعها إلى الجهات المختصة لإقرارها واعتمادها. ومن أهم هذه العقوبات رفع الغرامة المالية عن كل من يقوم بصيد المها العربي «الوضيحي» والظباء، بحيث يكون هناك رادع لبعض المخالفين الذين لا يقدرون أهمية هذه الثروة الوطنية التي كلفت الكثير من المال والجهد.
وحسب الأمير بندر، فإن الهيئة تراجع موسم الصيد دوريًا، حيث تتابع مواسم هجرة بعض الطيور، وتحدد لكل نوع مواسمه المستقلة كموسم صيد الحباري، وموسم صيد الكروان، وموسم صيد القماري، فمتى رأت الهيئة، من خلال باحثيها والدراسات العلمية التي يقومون بها، وما يرد إليها من تقارير من منظمات عالمية معنية بالطيور، وجود مشكلة ما في هجرة الطيور بسبب العوامل المناخية، فإنها تقوم بتغيير مواسم صيد هذه الطيور دون تردد، لأن هاجسها، بالدرجة الأولى، هو إفادة أبناء الوطن الصيادين من هذه المواسم، لإشباع هوايتهم التراثية، شريطة التزامهم بالتعليمات الصادرة في هذا الشأن واتباعها للحفاظ على الثروات الطبيعية.
ومن أجل العمل على مكافحة الاتجار بالكائنات الفطرية المهددة بالانقراض اقترح مجلس إدارة الهيئة نظامًا جديدًا تُفرض فيه عقوبات على من يمارس هذه التجارة، وقد صدر مرسوم ملكي كريم بالموافقة عليه، وتم إصدار لائحة تنفيذية له، وتعمل الهيئة على تطبيقه مع اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع الفطرية المهددة بالانقراض المعروفة ﺑ«سايتس»، بالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية مثل: وزارة الزراعة، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الداخلية, ومصلحة الجمارك، والهيئة العامة للطيران المدني.
وقد لاحظت الهيئة أن الصورة السابقة في تجارة الحياة الفطرية بدأت تنحصر, ولكن من الصعب جدًا القضاء على هذه التجارة بين عشية وضحاها, حيث إن ذلك يحتاج إلى تكاتف جميع الجهات الحكومية وتعاونها من خلال تكثيف الرقابة على الأسواق، والمنافذ البرية، والبحرية، والمطارات، ومصادرة ما يُعرض منها وما يُهرَّب.
ودعا الأمير بندر المواطنين إلى دعم الهيئة ومساندتها في جهودها من خلال امتناعهم عن شراء الحيوانات الفطرية من هذه الأسواق، وإبلاغ الهيئة بما يشاهدونه فيها, معربًا عن أمله في السيطرة على هذه التجارة غير المشروعة وغير الحضارية.
وعلى صعيد المحافظة على الغطاء النباتي ومنع الاحتطاب، هناك جهود كبيرة تبذلها الهيئة بالتنسيق مع وزارة الزراعة بحكم أنها الجهة المسؤولة، نظامًا، عن الغابات والمراعي والاحتطاب في المملكة، بما فيها تطبيق العقوبات بحق المخالفين, حيث تمكنت الهيئة، بفضل من الله ثم بجهود الجوالين، من إيقاف جميع التعديات على الأشجار، بمنع الاحتطاب داخل حدود المناطق المحمية.
كما ساهمت الهيئة في استصدار عدة قرارات للمساعدة على ذلك منها: قرار بإعفاء الفحم والحطب المستورد من الرسوم الجمركية، وقرار بمنع احتطاب الأرطى لمدة عشر سنوات، وكذلك قرار بمنع الاحتطاب تمامًا بحلول عام 1430هـ.
وقد أسهمت هذه الجهود، ولله الحمد، في حماية الأشجار البرية والغطاء النباتي في ربوع المملكة.

الرسالة الإعلامية

ووفق الأمير بندر، فقد خطت الهيئة في مجال الإعلام والتوعية البيئية خطوات طيبة، رغم قلة الإمكانات المادية والبشرية المتاحة لها في الميزانية، حيث عملت على زيادة الوعي لدى كثير من المواطنين بأهمية المحافظة على البيئة والحياة الفطرية. ومن المتوقع أن يصل في السنوات المقبلة إلى مستوى عالٍ من المسؤولية، للحفاظ على الحياة الفطرية.
بالرغم من محدودية موارد الهيئة المالية إلا أنها حرصت على فتح الأبواب أمام الإعلام بمختلف قنواته، للتعرف، عن كثب، على الجهود المبذولة في المحافظة على الحياة الفطرية، من خلال تنفيذها عددًا من الأعمال التوعوية مثل: إصدار مجلة «الوضيحي» المختصة بالبيئة والحياة الفطرية العربية, والتعاون مع شركة سابك في إنتاج برنامج تلفازي حول «تكامل البيئة مع التنمية» سيتم عرضه في القريب العاجل في القنوات التلفازية الفضائية، وهذا المشروع الآن في مراحله النهائية، كما قطعت شوطًا كبيرًا في أسبوع الحياة الفطرية للتوعية بأهمية المحافظة على الحياة الفطرية, الذي سيسند إلى إحدى المؤسسات الإعلامية المختصة في هذا المجال, وستقوم الهيئة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ممثلة في إدارات التعليم في مناطق المملكة بتنظيم محاضرات توعوية لطلاب المدارس. كما حرصت على التواصل بصفة مستمرة مع المجتمعات المحلية القريبة من المناطق المحمية من خلال تنظيم اللقاءات المفتوحة مع الأهالي في تلك المناطق، لإيصال رسالة الهيئة، وتوثيق العلاقة والتشاور معهم، والاستفادة من ملاحظاتهم ومقترحاتهم لتطوير العمل في المناطق المحمية, إذ عمدت إلى تعيين مجموعة منهم في بعض المناطق المحمية كجوالين مستشارين للأمين العام في أمور الحماية والتوعية، والتواصل بين الهيئة والأهالي في مناطقهم.
هذا، بالإضافة إلى تواصل الهيئة مع المواطنين من خلال المعارض التي تشارك بها في المناسبات الوطنية، والمهرجانات السياحية الصيفية, وكذلك الصحف، من خلال تزويدها بالأخبار واللقاءات الصحفية, وتقديم التسهيلات للقنوات الفضائية الراغبة في إنتاج برامج عن الحياة الفطرية في المناطق المحمية. كما أن الهيئة بصدد مراجعة استراتيجيتها الإعلامية للفترة السابقة، للخروج باستراتيجية جديدة ذات مفهوم إعلامي أوسع وأشمل وأدق، يتفق مع توجهات الهيئة وتطلعاتها للفترة المقبلة. فالهيئة من خلال التوعية سوف تجعل الجميع يدركون أهمية الحياة الفطرية والمناطق المحمية ودورها الفاعل في بقاء الحياة الفطرية، كما تسعى إلى المحافظة عليها من خطر الانقراض، بإقناعهم، وإرشادهم، وحثهم على المشاركة الفاعلة في المحافظة عليها.

السياحة الطبيعية في المملكة

برنامج السياحة في المملكة حديث ولم يستكمل بعد، وستكون السياحة البيئية جزءًا لا يتجزأ منه, وحرصًا من الهيئة على حماية الحياة الفطرية وإنمائها، تم وضع تنظيم يستند إلى أسس علمية صحيحة، يحفظ للمحميات سلامتها بيئيًا، وينظم دخول الزوار، ويمنع الممارسات الخاطئة التي تصاحب مثل هذا النوع من السياحة من قِبَل السياح, وهناك تعاون وثيق بين الهيئة وبين الهيئة العليا للسياحة تنظمه مذكرة تفاهم موقعة من الهيئتين، تم بموجبها تشكيل لجنة مشتركة تقوم، حاليًا، بوضع أسس الممارسات السياحية المقبولة بيئيًا لتطبيقها على أنشطة الحياة البيئية في بعض المناطق المحمية المقترحة، والمناطق ذات الأهمية السياحية الأخرى، بما يحافظ على مواردها الفطرية، ويحفظها من التدهور البيئي. وهناك محميات ستقدم فيها مشاريع سياحية في المستقبل القريب بالتعاون مع الهيئة العليا للسياحة.
وحسب الأمير بندر، فإن جميع المحميات التابعة للهيئة متاحة لزيارة المواطنين, وإن الهيئة ترحب بمثل هذه الزيارات، ولكن بشرط التنسيق المسبق مع الهيئة، للحصول على تصريح بالدخول, حيث إن الهيئة تواجه مشكلة التسلل إلى المناطق المحمية بقصد الصيد, فعندما تقوم دوريات المحمية بالإمساك بهم يتذرعون بأن قصدهم هو زيارة المحمية ومشاهدة الحياة الفطرية فيها, وعند تفتيش سياراتهم من قِبَل الجوالين في المحمية يفاجؤون بوجود أسلحة صيد, كما أن حصول الراغب في دخول المحمية على تصريح بالدخول يجعله يحظى بمساعدة الجوالين فيها ومتابعتهم، ويقدمون له جميع التسهيلات الممكنة, وحماية له من الضياع في الصحراء وتعرض حياته للخطر.

المجتمع وحماية الحياة الفطرية

يرى الأمير بندر أن لوزارة التربية والتعليم دورًا كبيرًا في نشر الوعي البيئي داخل المجتمع، من خلال إعداد المناهج في مختلف مراحل التعليم العام التي تتناول مواضيع البيئة والحياة الفطرية، بالإضافة إلى ذلك المشاركة من قِبَل إدارات التعليم بمناطق المملكة ومحافظاتها في الأنشطة اللاصفية التي تنظمها الهيئة لطلاب المدارس كإقامة المعسكرات التوعوية في المناطق المحمية، وتنظيم المحاضرات واللقاءات المفتوحة مع الطلاب, وزيارات الطلاب مركز الزوار بالهيئة، وكذلك مراكز أبحاث الهيئة في الطائف والثمامة، حيث تم تشكيل لجان مشتركة تعمل في هذا الموضوع، تقوم بأداء مهامها الموكلة إليها على أكمل وجه.
من جانب آخر تسعد الهيئة، دائمًا، بتقديم أي مشورة فيما يتعلق بالمحافظة على الحياة الفطرية. وقد أولت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية أهمية كبيرة لمساهمة المرأة في مجال حماية الحياة الفطرية، حيث حرصت على أن يكون لها دور فاعل في أسبوع الحياة الفطرية، إذ أسندت إلى بعض السيدات من قطاع الجامعات والإعلام مهام رفيعة في لجانه، تهتم بكل ما يخص النشاطات الموجهة إلى المرأة والطفل. ولدى الهيئة قسم نسائي في مركز التدريب للمحافظة على الموارد الطبيعية يهتم بالتدريب الموجه إلى المرأة، عمل على تنظيم عدد من المحاضرات النسائية في بعض مناطق المملكة, إضافة إلى تنظيمه عددًا من الدورات التدريبية في التعليم البيئي للمعلمات والموجهات. ومن الجدير ذكره أن هذه الدورات كانت ناجحة بكل المقاييس.
يرى الأمير بندر أن لحماية الحياة الفطرية مستقبلاً واعدًا، بفضل الدعم والمؤازرة من القيادة السعودية، ومن الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومن المواطنين والقطاع الخاص, وأنها ستتخطى العقبات والصعاب التي تواجهها، وستنفذ عددًا من الأعمال التطويرية في الهيئة خلال الفترة المقبلة منها: استثمار الموارد البشرية المتاحة بأقصى كفاءة ممكنة في إنجاز مهام الهيئة، وتأكيد أواصر التعاون، وإيجاد الشراكة الفاعلة مع الهيئات الحكومية والقطاع الخاص, والتركيز على تشغيل المناطق المحمية بفاعلية, والعمل على تعزيز الوعي لدى المواطنين بأهمية المحافظة على الحياة الفطرية، وحثهم على مساندة الهيئة من خلال إيجاد آلية لتفعيل دور المواطن المخلص الذي يمتلك الرغبة في العمل التطوعي لخدمة وطنه, وتكثيف الدراسات والأبحاث العلمية، وتطوير الكوادر الوطنية لكي يرقى إلى المستوى اللائق.