اقتصاد

إدارة السيولة الذكية

تكمن أهميتها في القدرة على القراءة المستقبلية لاتجاهات السلع.

طــارق المـاضي
كاتب اقتصادي

المقصود التنقل بالسيولة الاستثمارية المتاحة بين فرص متعددة بناءً على التغيرات الاقتصادية، من أجل تحقيق أكبر أمان للاستثمار الأصلي، مع ضمان أكبر نسبة نمو لها من خلال تلك العملية من التنقل بين أفضل الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق.
تبرز أهمية تلك الإدارة للسيولة خلال الفترات الحالية من خلال القدرة على القراءة المستقبلية لاتجاهات السلع، والنفط، والذهب، والعقار، وجميع الأوعية الاستثمارية الأخرى، لتحقيق توقعات صحيحة عن الاتجاهات الاقتصادية المقبلة، وبناء قرار التحرك بناءً عليها، أي إعادة توجيه السيولة الاستثمارية اعتمادًا على توقع اتجاه الاقتصاد الكلي، تكون أهمية ذلك كبيرة نحو الاستثمار في خضم تغيرات أصبحت سريعة في الوقت الحاضر.
الإدارة الذكية للسيولة هي التي سوف تجعل قرار الانتقال بتلك السيولة من الدولار الأمريكي خلال فترة بداية هبوط الدولار قرارًا حكيمًا ساعد على عدم تبخر أكثر من 30٪ من قيمة أصل الاستثمار في الدولار، كما أن عملية العودة مرة أخرى إلى الدولار وتوقيت تلك العودة سوف يساعد على إعطاء أرباح بالقدر نفسه إن تمت العملية بنجاح وبتوقيت مناسب، إن قراءة التغيرات في أسعار الفائدة كانت مؤشرًا جيدًا على تحرك أسعار الدولار في رحلة الهبوط، وسوف تكون التغيرات على أسعار الفائدة نفسها مؤشرًا جيدًا لمراقبة أي تغيرات أخرى على سوق العملات.
الجمود نحو المتغيرات الاقتصادية وتأثيراته سوف يكون عاملاً سلبيًا تجاه المحافظة على رأس مال أي استثمار، حيث إن انخفاض معدلات العوائد على الاستثمار مع ارتفاع أرقام التضخم يساعد على تقليص قيمة أصل السيولة بشكل أكثر حدة مما لو كنت تلك السيولة تتركز في الأصول مثل العقارات أو الأسهم، اعتمادًا على نظرية أن السيولة تهرب في أثناء الأزمات الاقتصادية نحو الأصول.
القراءة الصحيحة للسوق العقارية المحلية والدولية استنادًا إلى أسعار المواد الخام، وأسعار الإجارات، وتخفيض أسعار الفائدة، سوف يعد عاملاً جيدًا نحو توجه السيولة نحو استثمارات عقارية معينة دون الأخرى للاستفادة من حالة التضخم بدلاً من التضرر منها.
في أسواق المال سوف يكون الانتقال بالسيولة بين القطاعات المختلفة بناءً على مدى مقدرة كل قطاع استنادًا إلى حالة الاقتصاد على تحقيق نمو، سوف يكون ذلك قرارًا حكيمًا، حيث إن قطاعات سوق الأسهم تتأثر مقدرتها في تحقيق النمو بناء على الحالة الاقتصادية الكلية، وهي على المنوال نفسه لا تستفيد بالقوة نفسها من حالة الانتعاش الاقتصادي في حالة حدوثه بالقوة نفسها، تغير أسعار النفط والمواد الكيميائية سوف ينعكس على بعض القطاعات والشركات بشكل أكثر حدة من بعض الشركات والقطاعات الأخرى، وفي حين تضرر بعض القطاعات والشركات من هذا الارتفاع سوف نجد على الاتجاه المعاكس قطاعات وشركات سوف يكون ذلك الارتفاع طريقة لها لتحقيق أرباح قياسية وتاريخية.
هنا لن يكون استقرار السيولة في قطاع معين، بغض النظر عن أخذ اتجاهات الاقتصاد الكلي في الحسبان، قرارًا حكيمًا، ولن يساعد على توفير معدلات نمو جيدة للسيولة التي تتم إدارتها، بل على العكس من ذلك لربما يكون ذلك التغير في اتجاه الاقتصاد الكلي مضرًا بشكل قاس على بعض القطاعات ولسنوات متعددة.
المقياس المساعد هنا هو تكييف إدارة السيولة لتتحرك بناءً على الدورات الاقتصادية التي تنتقل به من حالة الانتعاش إلى حالة الركود خلال الدورة الاقتصادية، حيث تتم من خلال تلك العملية الاستفادة من حالة الانتعاش بالاتجاه نحو الشركات التي تحقق معدلات نمو كبيرة خلال تلك الفترات، ومن ثم الانتقال بعد ذلك إلى الشركات الاستثمارية التي تضمن معدلات عوائد مجزية خلال فترات الركود، وتساعد على تخفيض تأثير التضخم في السيولة بقدر الإمكان.