نباتات |
||||||||
اختصر أجدادنا بالقهوة كل معنى للمحبة والكرم العربي: القهوة «دبلوماسية» العرب بدأت طفولة القهوة في إثيوبيا، ورأت حياة جديدة في اليمن, والبرازيل تنتج أفخرها وأجودها. الرياض: أهلًا وسهلًا § لا يرد طلب من وضع فنجانه أرضًا وقرن ارتشافه بتلبية ما يبتغيه § تعرفت أوروبا عليها في القرن السابع عشر للميلاد ومنحتها هوية جديدة § لا يمكن أن تخرج من مخدعها دون عطر وزينة § سميت قهوة لأنها تذهب بشهوة الطعام رائحة ألفة، ونكهة لقاء تحتضن جدران الماضي وأسقف الحاضر.. كلما تراقصت أبخرة القهوة وتهادى عبقها من فوهة «الدلة».. هذه الجميلة الراسخة بزهو في زاوية الزمان، لتهب المكان هيبة وإجلالاً، وتغدق الفتنة على محبيها، فيستعذبوا حضورها، ويسامروا مذاقها، ويؤرخوا بداياتهم بفناجين منها. القهوة عنوان الضيافة، ولافتة كبرى للحفاوة، وحُسن الترحاب، اختصر بها أجدادنا كل معنى للمحبة والكرم العربي. ارتبطت بالصباحات اليافعة، والعصاري الهادئة، يعشقها العرب مُرة، شقراء، بقوام رشيق، ممزوجة بالسهر والشعر والشجاعة، رفيقة للنار، شقيقة للهيل والمسمار والزعفران. لتحضيرها طقوس، ولتقديمها مراسم. بهية لا يمكن أن تخرج من مخدعها دون عطر وزينة، أدوات تبرجها «القمقم, العشرة، المَصَب, النجر، المحماس، الجربة، المهباج، المعاميل، الدلة، الغلاية». حكاية زهرة بيضاء بدأت طفولتها في حقول إثيوبية بقرية صغيرة تدعى «كفا» كأجمل نبتة، أزهارها بيضاء، وثمارها صغيرة برداء أحمر، تعرف عليها أهل المكان كمكسرات تؤكل، ثم ارتحلت من هناك إلى اليمن، وبدأت حياة جديدة في حقولها لتنضج وتتحمل مسؤولية «الكيف» العربي. وكان ذلك في القرن الثالث عشر الميلادي كمشروب بعد تحميصه واكتسابه لونًا ذهبيًا، ثم سحقه، وإضافته لماء ساخن، وغليه مدة يحصيها صانعوها. ومن اليمن إلى مكة ثم عامة الجزيرة العربية. رحلة فاخرة تعلقت «القهوة» بصنارة بحارة ذات يوم وعبرت البحر.. وتوجهت نحو اسطنبول، ليكون لها هناك رحلة شيقة بطقوس مختلفة، فبدت مهيبة في ردائها القاتم، وقوامها الممتلئ، وفنجانها ذي العروة النحيلة، وعذُب مذاقها لامتزاجها بالسكر. وباح سرها في البلاد وعمت بعنفوان كل أوروبا في القرن السابع عشر للميلاد، ففتح أول محل لشرب القهوة في اسطنبول، ثم في فينيسيا ثم إنكلترا عام1652، وحظيت فرنسا وبرلين وبلدان أوروبية أخرى بمعرفة القهوة، نشأ الود بينهم وتأصلت الألفة. نكهات وألوان واكبت القهوة التغيير هناك في الغرب حيث استوطنت، واتجهت نحو الرفاهية أكثر، فأصبحت بنكهات مختلفة، وبطريقة تحضير أكثر ابتكارًا، مزجت بالحليب، والشوكولاته، والتوفي، وأضيفت لها الكريمة. أطلق عليها مسميات ملونة كـ«النسكافيه، الكابوتشينو، الاكسبريسو، الموكا، الميكاتو». أصبحت توضع في أكواب كبيرة، ليصاحبها الكعك غالبًا. يغطي وجهها رغوة غنية، وقد يُغمس في طرف كوبها إصبع بسكويت صنع خصيصًا لها. أصبحت تُشرب باردة أو مثلجة، منها خرجت نكهات للبوظة والحلويات، وكان لها دور العناية بنكهة بعض المستحضرات التصنيعية ولونها. فنجان صحة لابد أن نجعل لنا فنجان صحــة يوميًا.. لذا نشرب القهوة لكن دون أن نسرف ونتعدى الخطوط الشائكة، ستكون القهوة حينها فنجاننا السحري، والكيف الممتع والمزاج المعتدل.
|
||||||||
|
||||||||