وجود أكثر من 33 موقعًا في العالم لأهل الكهف
قبور أهل الكهف.. أين؟
ما من قرائن تاريخية تشير إلى المكان الذي عاش فيه أهل الكهف على وجه التحديد.
عمان: سارة العتيبي
§ في عام 1969 اكتشف الرقيم, وهو مغارة الكهف
§ تربة الكهف ومنطقة الرقيم تساعدان على صيانة الجسم
§ رواية أهل الكهف مهمة في جميع الديانات السماوية
§ الكهف الأردني أكثر مطابقة لمواصفات القصة القرآنية
وردت قصة أهل الكهف قبل القرآن الكريم في الروايات السريانية، واليونانية، واللاتينية، والرومانية. وهناك روايات واردة في المتون القبطية، والحبشية، والأرمنية وتنتهي جميعًا إلى السريانية. وما تناقلته الروايات أن عددهم لم يعرف تمامًا فيقال إنهم 7 أفراد أو 8 أفراد ومعهم كلب يدعى قطمير.
في عام 1969 اكتشف عالم الآثار الأردني رفيق وفا الدجاني عند منطقة الرحيب التي تقع على بعد 4 كم شرق مبنى التلفاز الأردني و1.5 كم شرق مدينة أبو علندا, والاسم القديم للموقع هو الرقيم, وهو مغارة الكهف التي اتخذها أصحاب الكهف مرقدًا لهم حين دخلوها هاربين بأنفسهم، وفارين بدينهم وإيمانهم بالله عز وجل من طغيان الملك (ديقيانوس) في العصر البيزنطي.
تم العثور على ثمانية قبور بنيت بالصخر أربعة منها يضمها قبو يقع على يمين الداخل للكهف, والأربعة الأخرى تقع في قبو على يسار الداخل للكهف. وفي المنطقة الواقعة بين القبوين في مدخل الكهف تم العثور على جمجمة لكلب وبفكه ناب واحد وأربعة أضراس, مدفون على عتبة الباب، حيث كان يحرس ولم يدفن في القبر الثامن.
بعد هذا الاكتشاف زار الأردن عشرات علماء الدين والآثار والجيلوجيا العرب والأجانب، نظرًا لأهمية رواية أهل الكهف في جميع الديانات السماوية, والتي يرجح أن تكون حدثت على زمن سيدنا عيسى، عليه السلام, ورغم وجود أكثر من 33 موقعًا في العالم كالموجودة في إسبانيا، وإيطاليا، واليونان، وقبرص، وتركيا التي تدعي وجود ثلاثة مواقع لأهل الكهف في كل من مدن طرسوس، وأفشين، وأفس وتسمى كلها بكهوف أهل الكهف, إلا أن الشواهد والأدلة التي توجد في الأردن هي الأكثر قربًا من الرواية, حيث وجدت على جدران الكهف كتابات بلغات قديمة تشير إلى وحدانية الله عز وجل.
من الأدلة التي اختبرها العلماء وترجح وجود أصحاب الكهف في الأردن, هي:
الدليل التاريخي
وهي الأدلة التاريخية التي ساقها علماء الآثار بأن العديد من الصحابة وقادة الجيوش الإسلامية ذكروا أن موقع الكهف الذي يوجد به أصحاب الكهف موجود بجبل الرقيم بالأردن, حيث زاروا هذا الموقع وعرفوه ومنهم الصحابي عبادة بن الصامت الذي مر على الكهف في زمن عمر بن الخطاب, وأيضًا معاوية بن أبي سفيان، وحبيب بن مسلمة وابن عباس, حيث دخلوا هذا الكهف ورأوا عظام أصحاب الكهف.
الدليل الأثري
تم العثور على بناء أثرى بني فوق الكهف، وهو الذي أشير إليه في قوله تعالى: }فقالوا ابنوا عليهم بنيانًا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدًا{. أثبتت الحفريات عن وجود بنيان فوق هذا الكهف كان معبدًا (كنيس) ثم تحول إلى مسجد في العصر الإسلامي، تم ترميمه أكثر من مرة وفقًا لما هو مدون على الأحجار التي وجدت بداخله، وهي تشير إلى تجديد تم عام 117 هجرية ثم عام 277 هجرية، ثم أعيد التجديد مرة أخرى عام 900 هجرية. وما يؤكد الاهتمام بهذا الموقع وجود مسجد آخر يقع بالجهة القبلية من الكهف وما زال منبر هذا المسجد قائمًا إلى اليوم, وهو مكون من ثلاث درجات ضخمة من الأحجار على يمين المحراب، وقد عثر بالمسجد على بلاطة تفيد بأن الخليفة الموفق العباسي أمر بتجديده.
الدليل الجيولوجي
يؤكد المهندس الجيولوجي «ناظم الكيلاني» من خلال فحوصه المخبرية أن تربة الكهف ومنطقة الرقيم تساعدان على صيانة الجسم، ويذكر أن هذه التربة تتكون من الكاربوهيدرات والكالسيوم والمغنسيوم، إضافة إلى حفريات النباتات والحيوانات المشبعة بالراديوم، وهذه المواد توجد في معادن اليورانيوم، والثوريوم المشعة والتي من خصائصها إنتاج أشعة «ألفا»، و«بيتا»، و«جاما». وهذه الأنواع من الأشعة ذات تأثير كبير في تعقيم اللحوم والنباتات والمحافظة عليها وتحول دون تفسخها. ويعتقد الكيلاني أن وجود هذا النوع من التربة بعناصرها وأملاحها ربما يكون (ومعها أشعة الشمس المتناوبة) الوسيلة التي حفظت أجساد فتية الإيمان أكثر من ثلاثة قرون دون أن تؤثر فيهم عوامل الهواء والتربة.
أدلة أخرى:
تتمثل في أن الكهوف الأخرى التي تمت الإشارة إليها على أنها هي التي جاء ذكرها في سورة الكهف لا ينطبق عليها آية طلوع الشمس وغروبها، وهو ما أكده علماء الدين المسلمون الذين زاروا المنطقة عدة مرات للتأكد من مطابقة حركة الشمس في طلوعها وغروبها على الكهف كما وردت في القرآن الكريم, ودرسوا كذلك عددًا من الكهوف التي نسب إليها أهل الكهف, وأهمها في أفسوس، وطوروس واستبعدوها لأنها ذات فتحات لا تتفق في سقوط الشمس عليها مع ما جاء في الآيات الكريمة.
من جهة أخرى يؤكد خبير الآثار الأردني «محمد طبيان»، بناء على دراسة استمرت لأكثر من عشر سنوات، أن كثيرًا من المتخصصين والمهتمين الذين زاروا كهف أفسوس في تركيا ينفون أن يكون هو الكهف المعني لبعده عن عاصمة الإمبراطورية الرومانية حوالي 450 كم, وحتى لو كانت مدينة أزمير هي مقر الحاكم الروماني ومنطلق الفتية المؤمنين, فإنها، أيضًا، بعيدة ولا يمكن للفتية أن يبتعدوا كل هذه المسافة عن أزمير.
أما القرطبي فيقول في تفسيره الجامع لإحكام القرآن: كهف أهل الكهف الحقيقي غير معروف على وجه التأكيد، وما من قرائن تاريخية تشير إلى المكان الذي عاش فيه أهل الكهف على وجه التحديد، كل ما في الأمر أن هناك بعض الإشارات إلى مواصفات الكهف الذي كانوا يعيشون فيه .
ومن خلال مقارنة هذه المعلومات على الطبيعة, تم اكتشاف عدد كبير من الكهوف التي تملك كل هذه المواصفات أو بعضها، ناهيك من بعض النقوش والرسومات الموحية بعناصر القصة. وقد اعتقد أهل كل منطقة بأن كهفهم هو الكهف المقصود والموصوف في القصة المعروفة لدى النصارى والمسلمين. ويضيف القرطبي: لقد سنحت لي الفرصة للمقارنة على الطبيعة بين كهف أهل الكهف في قرية الرجيب (الرقيم) الأردنية, وكهف أهل الكهف في مدينة طرسوس التركية فوجدت أن الكهف الأردني أكثر مطابقة لمواصفات القصة القرآنية من الكهف التركي, وإن تشابهت المغارتان من حيث التهوية والمسجد.
الإعجاز الإلهي في وقف وظائف الجسم الفسيولوجية
حجب وظيفة السمع ليناموا: إن الله، جلت قدرته، أوقف وظيفة السمع ضمن وقف جميع الوظائف الفسيولوجية الأخرى لأجسامهم بصفة وقتية، حيث إن الصوت الخارجي يوقظ النائم, وذلك في قوله تعالى: }فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددًا{. والضرب هنا التعطيل والمنع، أي عطلنا حاسة السمع عندهم مؤقتًا والموجودة في الأذن والمرتبطة بالعصب القحفي الثامن, ذلك أن حاسة السمع في الأذن هي الحاسة الوحيدة التي تعمل بصورة مستمرة في جميع الظروف، وتربط الإنسان بمحيطه الخارجي.
لم تبصر العين بالرغم من كونها مفتوحة }وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود{ولم تتحرك العضلات بالرغم من أنهم أحياء }ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال{, ولم تتغير هيئتهم على الرغم من مرور سنين عددًا عليهم بالكهف }قالوا لبثنا يومًا أو بعض يوم{, وحالتهم هذه تقارب حفظ أعضاء الإنسان بطريقة وقف العمليات الحيوية والتي تتم غالبًا بالتبريد، وهي تستخدم الآن بشكل واسع في العالم.
تشير المراجع العلمية إلى أن التعرض للبرودة الشديدة يؤدي إلى انخفاض كبير في درجة حرارة الإنسان، والشخص الذي انخفضت حرارته انخفاضًا كبيرًا يصبح شبيهًا بالميت، إلا أنه يكون محميًا إلى حد ما من نقص الأكسجين، وانخفاض ضغط الدم، وفشل الدورة الدموية. وفي حالات عديدة فإن الشفاء التام قد يحدث خصوصًا في عمر الشباب، ولهذا لا يجب عدّ أي إنسان تعرض للبرودة الشديدة وانخفضت درجة حرارته انخفاضًا شديدًا ميتًا، بل أصبحت البرودة اليوم تستخدم لحفظ أعضاء الإنسان في المستشفيات.
تعطيل المحفزات الداخلية التي توقظ النائم كالشعور بالألم أو الجوع أو العطش أو الأحلام المزعجة (الكوابيس).
المحافظة على أجهزتهم حية تعمل في الحد الأدنى من استهلاك الطاقة كالخلايا، والأنسجة التي تحفظ في درجات حرارة منخفضة فتتوقف عن النمو وهي حية.
التقليب المستمر لهم في أثناء نومهم كما في قوله تعالى: }وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال{. لئلا تأكل الأرض أجسادهم فيصابوا بتقرحات الفراش في جلودهم والجلطات في الأوعية الدموية والرئتين. وهذا التقليب هو ما يوصي به الطب التأهيلي الحديث في معالجة المرضى فاقدي الوعي، أو الذين لا يستطيعون الحركة بسبب الشلل وغيره.
تعرض أجسادهم وفناء الكهف لضياء الشمس بصورة متوازنة، ومعتدلة في أول النهار وآخره للمحافظة عليها منعًا من حصول الرطوبة والتعفن داخل الكهف في حالة كونه معتمًا، وذلك في قوله تعالى: }وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه{, والشمس ضرورية كما هو معروف طبيًا للتطهير أولاً، ولتقوية عظام الإنسان وأنسجته بتكوين فيتامين «د» عن طريق الجلد. هذا كله دليل على عظمة الخالق وقدرته على البعث, وحماية أوليائه الصالحين, وهو عظة وعبرة تتناقلها الأجيال.