صحة

 

قد يكون إشارة إلى مرض خطير

صداع الأطفال..

لم يعرف الطب حتى الآن سببًا محددًا للصداع النصفي الذي يصيب الأطفال لسبب غير عضوي.  

القاهرة: أهلاً وسهلاً
 

§ آلام الرأس الأكثر انتشارًا بين الأطفال

§ لا توجد خلفية عائلية لصداع التوتر

§ الشوكولاته والجبن الرومي قد يسببان الصداع «النصفي»

§ التوتر أحد الأسباب الأكثر انتشارًا للإصابة بآلام الرأس

 

تشير الإحصائيات إلى أن آلام الرأس هي أكثر الآلام انتشارًا لدى الأطفال بعد آلام القدمين والبطن. وفي أغلب الحالات لا يعلم الآباء ما إذا كان يجب عليهم الإسراع إلى الطبيب لإجراء أشعة مقطعية على المخ فورًا، أم مطالبة الطفل بالعودة إلى واجباته المدرسية؟ فكيف يكون بوسع الآباء تحديد طبيعة شكوى أولادهم، ومدى الأهمية التي يجب عليهم أن يولوها لهم؟

حالة نادرة للغاية

هالة طفلة في الرابعة من عمرها، بدأت منذ شهر، تقريبًا، في الشكوى من آلام الصداع التي توقظها من نومها ليلاً، وأحيانًا تنتابها الآلام نفسها نهارًا. وقد قالت مربيتها في دار الحضانة التي تذهب إليها، إن هالة لا تتصرف بشكل طبيعي، وتكثر من البكاء دون سبب. وباستشارة طبيب الأطفال تم نقل الطفلة إلى المستشفى بشكل عاجل، لإجراء أشعة مقطعية على المخ، فتبين وجود ورم في الجزء الخلفي من المخ.
بحسب الأطباء، فإن هالة تمثل حالة نادرة للغاية، وفقط في حالات قليلة تشير آلام الصداع عند الأطفال إلى ورم بالمخ. وفي معظم الحالات لا يجري الحديث عن مرض عضال، ولكن تكمن المشكلة في إمكانية تشخيص المرض بشكل صحيح، ووصف الدواء السليم.

الصداع النصفي

ويعد الصداع النصفي، أو ما يعرف طبيًا باسم «مايجرين»، الأكثر انتشارًا عند الأطفال، وتكون نسبة انتشاره 2.5% في الأطفال و7.5% بين البالغين. وتزداد نسبة الإصابة بين الفتيات في سن البلوغ. ولدى أكثر من نصف الأطفال بدأت الشكوى من الصداع النصفي بعد سن العاشرة، وفي ثلثي الحالات تكون هناك خلفية عائلية (بمعنى أنه وراثي).
يتميز الصداع النصفي بآلامه المتكررة التي تصيب أحد جانبي الرأس، ويكون مصحوبًا بآلام في البطن، وغثيان، وتقيؤ، وشحوب غير طبيعي، والخوف من الضوء (فوتوفوبيا) والضوضاء (فونوفوبيا)، ويخف الألم بالذهاب إلى النوم. وفي بعض الأحيان تكون هناك بعض الإشارات المبكرة الدالة على آلام الرأس المسماة بـ«اورا»، والتي تبدو في اضطراب بالرئة، أو فلاشات ضوئية في العين، فبعد دقائق أو ساعات من هذه الأعراض تظهر آلام الرأس. والصداع النصفي لدى الأطفال يختلف عن نظيره لدى الكبار، فنوباته لدى الأطفال تكون أقصر كثيرًا، ولا تكون الصورة الإكلينيكية ظاهرة بوضوح دائمًا. كما أن الصداع النصفي لدى الأطفال يظهر أحيانًا أعراضًا لا تعبر عن آلام الرأس، مثل نوبات التقيؤ الدوري، أو نوبات متكررة من الدوار، وعدم الاتزان، وجميعها أعراض تشير إلى أن هذا الطفل سوف يصاب بالصداع النصفي في المستقبل.
وحتى الآن لا يزال سبب الإصابة بالصداع النصفي مجهولاً، وحتى فترة أخيرة كانت النظرية المعتمدة ترجع الإصابة بالصداع النصفي إلى تقلص، وتمدد خلايا الدم. ولكن هذه النظرية لا تفسر كل الأعراض. والتقدير السائد اليوم يربط الصداع النصفي بوجود مشكلة في مناطق معينة بنسيج المخ.
هناك عوامل بيئية تثير نوبات الصداع النصفي، من بينها: التوتر، والإرهاق، والعصبية، والتغيرات الهرمونية، وتناول أنواع معينة من الطعام (مثل الشيكولاته، والجبن الرومي، والسجق، والنقانق)، وكذلك التعرض المستمر لأشعة الشمس، والجوع، واستخدام حبوب منع الحمل (لدى الفتيات البالغات)، وتناول الكحوليات، وكذلك الجهد البدني الزائد عن الحد، بالإضافة إلى ذلك هناك وسائل عديدة للعلاج نذكر منها:

أولًا: العناية الوقائية
وذلك بالامتناع عن العوامل التي تثير نوبات الصداع، مثل الامتناع عن تناول وجبات معينة، مثل الجبن الرومي، أو الشوكولاته، إذا ما تبين أن آلام الصداع تأتي بعد تناولها مباشرة، كذلك الحرص على النوم لساعات كافية، والابتعاد عن الضغط النفسي الناتج عن حالات كثيرة مثل: صعوبات الدراسة والتعلم، أو الأزمات الاجتماعية في المدرسة. كذلك تشخيص مصاعب الدراسة، أو المشاكل التي يمكن أن تساهم كثيرًا في علاج آلام الصداع. وبصفة عامة، تبين لدى الأطفال الذين يتم الكشف عليهم بمعرفة الطبيب نتيجة تهدئتهم هم وآبائهم، انخفاض نسبة نوبات الصداع، وشدته بمقدار النصف على الأقل (50%).

ثانيًا: العلاج الدوائي الوقائي
يجري الحديث هنا عن العلاج اليومي، والقرار باستخدامه قائم على خطورة نوبات الصداع، ومعدل تكرارها، وتأثيرها على نشاط الطفل في المدرسة وخارجها. وتتحدد الأدوية التي يتم تناولها بمعرفة الطبيب المختص.
ثالثًا: العلاج السلوكي

ويتضمن تعديل سلوكيات الطفل للوقاية من الإصابة بآلام الصداع، ولكن هذا الأسلوب من العلاج لا يفيد إلا مع الأطفال ممن تزيد أعمارهم على ثمانية أعوام.

الصداع التوتري

يمثل التوتر أحد الأسباب الأكثر انتشارًا للإصابة بآلام الرأس لدى الأطفال، والكبار على حد سواء، حتى إنه يظهر لدى 1% من الأطفال في سن المدرسة. وفي أحيان كثيرة يصعب التفريق بينه وبين الصداع النصفي، بل إن هناك من الأطباء من يرى أن النوعين صورتان مختلفتان لمرض واحد.
وعلى العكس من الصداع النصفي، لا توجد خلفية عائلية لصداع التوتر. ويوصف الألم الناتج عنه بأنه ألم قوي، وكثيف وضاغط يصيب المنطقة الخلفية من الرأس. ويكون مصحوبًا بشد عضلي، ويظهر كرد فعل للتوتر النفسي، ويستمر الألم، ويتزايد طوال ساعات النهار، ولا يكون مصحوبًا بقيء.
أما العلاج فيكون عن طريق تهدئة الطفل وأسرته، واستخدام العلاج النفسي والسلوكي أيضًا.
ويعد التهاب الجيوب الأنفية من الأسباب المنتشرة، أيضًا، للإصابة بآلام الرأس عند الأطفال، ويكون مصحوبًا عادة بنزلة برد، مع أو دون ارتفاع في درجة الحرارة. ويكون تشخيص المرض عن طريق وصف المريض، وكشف الطبيب، ولا يكون مزمنًا لدى الأطفال المصابين به. وفي هذه الحالة يكون علاجه سهلًا عبر استخدام مضاد حيوي لمدة تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين وفق ما يحدده الطبيب.
ويمثل الصداع أحد الأعراض الأولية الدالة على ارتفاع الضغط داخل الجمجمة، والناتج عن توتر الأنسجة الدماغية وخلايا الدم. ويظهر الألم عند حدوث تغيرات بأوضاع الرأس، مثل وقت النهوض من النوم في الصباح، ويزداد الألم بالكحة، والعطس، أو الضغط في أثناء عمل الأمعاء، مصحوبًا بقيء في الصباح، وكذلك عند التغير السلوكي، فيصبح الطفل ناعسًا مثلاً أو عصبيًا.
وتكون أسباب ذلك وجود ورم بالمخ، أو الإصابة بمرض استسقاء الرأس، أو وجود خراج أو تجمع دموي بالمخ. ويتم التوصل إلى تشخيص هذا المرض عبر إجراء أشعة مقطعية على المخ، ويكون العلاج بحسب المشكلة.
آلام الرأس لدى الأطفال والكبار، أيضًا، يمكن أن تنتج عن أسباب أخرى، مثل: ارتفاع ضغط الدم، والصرع، أو الاضطرابات النفسية، وكذلك الاكتئاب. وتكون معظم حالات الصداع الناتج عن الاكتئاب مصحوبة بأعراض إضافية مثل فقدان الشهية، والأرق، والإمساك.
وفي النهاية ينبغي الانتباه إلى عدد من الأعراض التي تمثل جرس إنذار لإصابة الطفل بنوع من أنواع الصداع السابقة، بما يستلزم الاهتمام والعرض على الطبيب لاتخاذ الخطوات اللازمة. ومن هذه الأعراض:
• تراجع المستوى الدراسي.
• تغير في سلوك الطفل، مثل العصبية، والبكاء بلا سبب، والشقاوة الزائدة، أو الهدوء غير الطبيعي خلافًا لشخصيته.
• آلام رأس توقظ الطفل من نومه (هذا العرض يشير دائمًا إلى وجود مشكلة لدى الطفل).
• آلام الرأس التي تظهر في الصباح الباكر عندما يستيقظ الطفل من نومه، مع أو دون قيء.
• آلام الرأس في أثناء السعال.
• زيادة نوبات الألم، وشدته.
• صداع مصحوب بتقلصات معوية (مغص).

عمر المصاب

تختلف صورة الاستجابة لآلام الرأس باختلاف عمر المصاب، فبينما يكون بوسع الصبية، والكبار أن يعبروا عن شعورهم بالألم وأن يشيروا إلى موضعه، فلا يكون الأطفال الصغار والرضع قادرين على التعبير بالكلمات، ويمكن، فقط عبر ملاحظة سلوكهم، التنبه إلى وجود مشكلة ما يعانيها الطفل، مثل كونه غير هادئ، أو يميل إلى البكاء على فترات متقاربة، أو تفضيله لغرفة مظلمة، أو يقوم بفرك عينيه ورأسه طوال الوقت، أو التقيؤ دون سبب واضح.
وأسباب الصداع كثيرة، وفي معظم الحالات لا يجري الحديث عن مرض عضال، ولا يجب في كل الحالات الهرولة إلى الطبيب لإجراء أشعة مقطعية على المخ.