فن اللياقة البشرية
الإتيكيت:
قواعد وأذواق وأصول
ليست هناك قاعدة إتيكيت تعلو على سنة نبينا أو قواعد ديننا وأخلاقنا.
بون: أسامة أمين
§ سعر الدورة التطبيقية لتعلم الإتيكيت، تتكلف حوالي 2500 يورو أي ما يعادل3925 دولارًا في أسبوع واحد
§ هناك اختلافات بين الثقافات في مسألة ما يليق وما لا يليق، خصوصًا في التعامل مع المرأة
§ الشخص المهذب لا يملأ ملعقته حتى لا تتساقط منه الشوربة في الطريق إلى فمه
§ حسن تصرف الشخص ولباقته من عدمه تظهر في أثناء الرحلات الجوية
كثير منا جلس في مطعم أنيق، ووجد أكوابًا عديدة ذات أشكال متباينة، وسكاكين، وملاعق، وشوكًا لا حصر لها، ولم يعرف بأي منها يبدأ، ولا أي منها يستعمل في كل مرحلة من مراحل تناول الطعام، وأين المكان الصحيح لفوطة الطعام، وأسئلة أخرى كثيرة: هل من اللائق أن أرد على الجوال في أثناء تناول الطعام مع ضيوفي؟ أو أصطحب معي صديقي إلى العشاء الذي دعاني إليه صديق آخر؟ أو أتناول الطعام في الشارع؟ أو آخذ معي وردًا عند زيارة صديقي في المستشفى؟ هل يجوز أن أضع يدي في جيب البنطال في أثناء التحدث مع رئيس في العمل؟ وهل يعني تحرر المرأة أنها أصبحت ترفض أن يتصرف معها الرجل كـ«جنتيلمان» فيفتح لها الباب عند الدخول والخروج، ويفسح لها الطريق دومًا لتسبقه؟
سر الإتيكيت
شاركت أخيرًا في مسابقة لقياس مدى إتقان الشخص لقواعد الإتيكيت، وكانت النتيجة لا تسر عدوًا، ولا حبيبًا، فقمت بشراء مجموعة من الكتب عن فن اللياقة، خصوصًا أنه تبين لي أن سعر الدورة التطبيقية الواحدة لتعلم الإتيكيت، تتكلف نحو 2500 يورو في أسبوع واحد.
وجدت الكتب تتناول كل جوانب الحياة تقريبًا، وبقواعد لا أول لها ولا آخر، وفهمت لماذا يصر القائمون على دورات تعليم اللياقة، على ضرورة أن تشمل الدورة إقامة الشخص في مقر الدورة، والذي يكون، غالبًا، في فندق أنيق، بحيث يتعلم الشخص من خلال الممارسة لهذه القواعد على أرض الواقع مباشرة، منذ قيامه من النوم صباحًا، وارتدائه الملابس المناسبة، وتناوله طعام الفطور، وحتى يعود إلى غرفته في الليل، لأنه يجد دومًا من يعلّمه، ويصحح له، حتى يستطيع بعد ذلك الانضمام مثلاً إلى عشاء العمل مع أعضاء مجلس إدارة شركته، والتركيز على القضايا الجوهرية التي اجتمعوا للحديث عنها، بدلاً من الانشغال بالبحث عن الشوكة الصحيحة لتناول السلطة، أو كيفية التخلص من طبق الشوربة الذي لم يعجبه.
الأمر بمنتهى البساطة عبارة عن حزمة معايير تساعد الشخص على التعامل مع الآخرين بأسلوب راق، بحيث لا يصدر من تصرفاته ما يؤذي مشاعرهم، فلا يشعرون بأنه يقترب منهم أكثر من اللازم، فيستاؤون من إزالة الكلفة بينهم، ومن التعدي على خصوصيتهم، كما لا يتصرف الشخص بأسلوب يجعلهم يظنون أنه يتعالى عليهم، ويعاملهم بجفاء فينفرون منه.
وصحيح أن هناك اختلافات بين الثقافات في مسألة ما يليق، وما لا يليق مثل كيفية التعامل بين الرجل والمرأة في الشرق والغرب، ولكن هناك حلول وسط، يمكن أن تكون مقبولة بين أتباع الثقافات المختلفة دون أن يضطر أحدهما إلى التنازل عن ثقافته. فإذا كان بدهيًا في الغرب، مثلاً، أن يقبِّل الرجل زوجة صديقه في عيد ميلادها، أما في الشرق فإنه طبيعي أن يتجاهل الرجل وجود زوجة صديقه معه، ويتحدث معه، وكأن زوجته ليست موجودة، أو ترتدي طاقية الإخفاء، فإذا تلاقى زوجان من الشرق مع زوجين من الغرب، فيمكن أن يكون الحل، مثلاً، أن يلقي الرجل الشرقي التحية على صديقه الغربي وعلى زوجته الغربية دون مصافحة، ويفعل الرجل الغربي الشيء ذاته مع صديقه الشرقي وزوجته.
على مائدة الطعام
تتناول كتب الإتيكيت موضوع مائدة الطعام بتفصيل كبير لا يصلح للعرض في سطور قلائل، ولكن يمكن هنا تناول جزئية صغيرة من هذا الموضوع.
ستجد على المائدة أمامك أعلى الطبق أدوات الطعام المخصصة لتناول الحلو. أما الشوكة والسكين المخصصان للوجبة الرئيسة فيكونان على يمين الطبق، أما ملعقة تناول الشوربة فتكون إما أعلى أدوات الطعام الحلو أو على يمين الشوكة والسكين، أو على الطبق الصغير الموضوع أسفل فنجان الشوربة، وإذا لم تكن هناك شوربة، بل مقبلات طعام مثل السلطة، فإن أدوات الطعام الخاصة بهذه المقبلات توضع مكان ملعقة الشوربة.
أما في حالة وجود أطباق رئيسة متعددة فيجب فصل مجموعة الشوك والسكاكين عن بعضها بعضًا بوضع السكاكين على يمين الطبق والشوك على يساره، ويبدأ الشخص بالسكين الموجود على أقصى اليمين والشوكة التي على أقصى اليسار، ويتناول الطبق وراء طبق بشوكة وسكين جديدين، حتى يصل إلى السكين والشوكة الملاصقين للطبق، وفي كل مرة لا بد من تبديل الطبق وعدم تناول الطعام في الطبق المستخدم لصنف الطعام السابق.
وفي حين توضع أدوات الطعام في فرنسا مقلوبة، بمعنى أن تصبح أسنان الشوكة إلى أسفل، وكذلك الملعقة على ظهرها، فإن غالبية الدول تضع أسنان الشوكة لأعلى، وكذلك بقية أدوات الطعام.
وهناك من يشرب الشوربة من طرف الملعقة «ألمانيا»، وهناك من يشربها من جانب الملعقة «إنجلترا»، ولكن هناك إجماعًا على ألا يملأ الشخص المهذب ملعقته فتسقط منه الشوربة في الطريق إلى فمه، لأنه يجلس منتصبًا، ولا ينحني فوق صحن الشوربة، وإذا كانت الشوربة ساخنة فلا يقوم الشخص بتقليبها بعنف حتى تبرد، بل يمكنه أن ينفخ فيها، ولكن برقة لا تجعلها تتناثر حول جيرانه على المائدة. ولكن أدب اللياقة لا يقتصر على مكان وضع أدوات الطعام، وكيفية الأكل فقط، بل هناك، أيضًا، قواعد الذوق العام مثل عدم التحدث في الهاتف الجوال في أثناء تناول الطعام، إلا إذا كنت تنتظر مكالمة مهمة للغاية، فيجب الاعتذار سلفًا لمن معك على طاولة الطعام، قبل استلامك للمكالمة عن انتظارك لهذه المكالمة المهمة، وتلغي صوت الرنين، وتكتفي بالتنبيه عن طريق الاهتزاز، وحين تستلم المكالمة تقوم من على المائدة، وتتحدث بعيدًا عن بقية الجالسين على الطاولة، حتى لا يضطروا إلى التوقف عن الحديث فيما بينهم تحاشيًا لإزعاجك.
في الطائرة
ويظهر حسن التصرف ولباقة الشخص من عدمه في أثناء الرحلات الجوية، فعلى الرغم من أن كلنا يعرف ما يليق، وما لا يليق في الطيران، لكن الكثيرين منا لا يطبقون ما يعرفون من هذه القواعد البدهية، فما يكاد يُنادى على ركاب الرحلة ليصعدوا الطائرة، إلا وجدت من يدفعك من اليمين، ومن الشمال، ومن الخلف، ليكون في مقدمة الراكبين للحافلة الموصلة للطائرة، أو للأنبوب الواصل بين الطائرة والصالة، وفي الحافلة يصر كل راكب على البقاء أمام الباب، ولا يترك طريقًا لبقية الركاب للدخول إلى الأماكن الكثيرة الفارغة داخلها، حتى إذا وصلت الحافلة أمام الطائرة، وجدت من يهرول للوصول إلى سلم الطائرة دون مراعاة لكبار السن، أو الأطفال، الذين يتخطاهم.
وفي الطائرة يوزع بعضهم حقائب اليد والمعطف، وربما حقيبة المشتريات من السوق الحرة، في الخزانة الواقعة فوق مقعده، دون أن يفكر في الآخرين الجالسين بجواره، والراغبين، أيضًا، في وضع حاجياتهم في الخزانة نفسها، ويحدث السلوك نفسه عند هبوط الطائرة، حيث يصر بعضهم على تشغيل الهواتف النقّالة قبل الهبوط لإبلاغ مستقبليهم بقرب وصولهم، وعلى الرغم من مطالبة طاقم الطائرة للركاب بالبقاء في المقعد، مع ترك حزام المقعد مغلقًا، وعدم إنزال حقائب اليد من الخزانة حتى تقف الطائرة تمامًا، فإن بعضهم يصر إلا أن يقوم من مكانه، ويفعل بالضبط عكس ما يطلب منه طاقم الطائرة.
كثيرون ينسون أن قواعد اللياقة التي تسري على الأرض، تظل سارية الصلاحية، أيضًا، في السماء، فلا تدافع، بل مراعاة للآخرين، كما لو كانوا أفراد أسرتك، فتساعد الكبير، وتحمل الحقائب عن الراكبة التي تسافر مع طفلها الرضيع دون زوجها، وتفسح الطريق للطفل، وتفعل ما تتمنى أن يفعله الآخرون معك، ومع زوجك وأطفالك.
الدين واللياقة |
أهم من كل قواعد الإتيكيت هو المبدأ النبوي المتمثل في البشاشة، وحسن المعاملة، كما قال نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، وقوله: «الدين المعاملة»، وقوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وليست هناك قاعدة إتيكيت، مهما أجمع عليها كل مؤلفي هذه الكتب، تعلو على سنة نبينا، أو قواعد ديننا وأخلاقنا. |
نصائح في الرحلات الجوية
ومن بعض النصائح التي نعرفها جميعًا، ولكن قد نحتاج إلى التذكير بها ما يلي:
• الالتزام بالوزن المرخص به، والحجم المسموح لحقيبة اليد.
• كن نظيف الجسم والثياب في الطائرة، حتى لا تؤذي جارك، الذي لا مفر أمامه من البقاء بجوارك لساعات طوال.
• ألق التحية على جارك الجالس بجوارك، ولكن لا تبدأ بالحديث معه، إلا إذا لمست رغبة حقيقية لديه ولديك، أيضًا، لهذا الحديث الذي قد لا تستطيع إيقافه بعد ذلك.
• لا ترجع بظهر مقعدك بالدرجة التي تؤذي من خلفك، فلا يقدر على الحركة في مكانه، ولا يستطيع أن يتناول الطعام.
• لا تغلق مائدة الطعام المثبتة في ظهر المقعد الذي أمامك، بصوت عال، أو بعنف، بحيث يصاب الراكب الذي أمامك بالفزع على حين غرة.
• لا تضغط بركبتك في ظهر جارك الذي أمامك، فلا ذنب له في طول رجليك، وضيق المسافة الفاصلة بينكما، بل اطلب من البداية الحصول على مقعد أمامه مسافة كبيرة، مثل المقاعد المجاورة لمخرج الطوارئ، أو في الصف الأول.
• لا تصر على الذهاب إلى الحمام عند قيام المضيفة بتوزيع الطعام.
• لا تطيل البقاء في الحمام، لأن هناك كثيرين غيرك يحتاجون إليه.
• جفّف حوض الحمام بمناديل ورق، وألقها في المكان المخصص لذلك، بحيث تترك الحمام نظيفًا لمن بعدك.
• لا تثر الضوضاء بصحيفتك في أثناء قيام المضيفة بشرح تعليمات الأمان والنجاة في حالة الطوارئ، لأن غيرك من الركاب قد يسمعها لأول مرة في حياته، ويرغب في معرفتها.
• لا تتحدث بصوت عال عن حياتك الخاصة، أو شؤونك التجارية، فعلى الرغم من ضوضاء محرك الطائرة، فإن الركاب من حولك لا يفقدون حاسة السمع، وقد يسمعون ما لا يهمهم، وما يجرح خصوصيتك أمام أناس غرباء عنك.
• لا تضايق من بجانبك بالاستئثار بمسند الذراع بين مقعديكما.
• لا تنادِ على المضيفة في أثناء انشغالها بتوزيع الطعام، أو المشروبات، إلا في حالة الضرورة.
وإذا كانت الخطوط السعودية تطلب من مسافريها عدم وضع أبنائهم على طاولة الطعام المثبتة في كرسي الجار الذي أمامك، لأنها غير معدة لتحمل أوزان الأطفال، فإن الوالدين عليهما مهمة إحضار كتب أطفال يقرآن فيها مع أبنائهم في أثناء الرحلة الطويلة، والمملة للأطفال، أو إحضار كتب رسم وتلوين، أو مسجل لسماع أغاني الأطفال وحكاياتهم، أو يستغلان الفرصة للحديث المكثف مع أبنائهم، دون إزعاج الآخرين بالصوت المرتفع، مثلاً بشرح خريطة العالم، وخط الطيران، الموضح في المجلات المتوافرة على متن الطائرة، وعمل مسابقة لهم في معرفة عواصم الدول، أو موقع الدول من القارات.