استخراج البخور عملية معقدة:
البخور العمانية..
أغلى من الذهب
البخور تستخدم في الطب، والعطور، والمنزل، والمناسبات الدينية، والأعراس.
• مسقط: طلعت المغربي
تتميز سلطنة عمان ببعض المنتجات الخاصة بها التي ارتبطت بها حتى أضحت البصمة العمانية لتلك المنتجات تعني الجودة أولًا وأخيرًا، مثل الحلوى، والبخور، والخناجر، والسيوف. ويزداد الإقبال على تلك المنتجات طوال العام، وخصوصًا في المناسبات الدينية، والأفراح، والتظاهرات الثقافية والفنية مثل خريف صلالة، ومهرجان مسقط.. وتبقى للبخور العمانية نكهة مميزة لاتضاهيها أي بخور أخرى على الإطلاق.
اشتهرت محافظة ظفار في سلطنة عمان منذ قديم الزمان بوجود الأضرحة والمزارات الدينية للأنبياء أيوب، وصالح، والنبي عمران، كما اشتهرت بفنونها التقليدية المتميزة مثل الهبوت، والبرعة، والشرح، والربوبة، وغيرها التي تعكس الحضارة والمخزون الثقافي الذي تحتويه. وتشكل هذه الفنون جزءًا من العمق التاريخي والثقافي للإنسان العماني وحضارته.
وتعد أشجار البان أهم منتجات ظفار التي تدر دخلاً جيدًا لسكانها. وقد ازدادت أهمية هذه الشجرة نتيجة للمادة التي تنتجها، والتي تستخدم في العديد من الأغراض، سواء في المجالات الطبية، أو المنزلية، أو في المناسبات الدينية والعائلية كالأعراس، بجانب استخداماتها اليومية في المنازل على شكل بخور ذات رائحة طيبة. كما يستخدمها بعضهم في عملية الصمغ، وبخاصة النساء، إضافة إلى استخداماتها الأخرى. ويطلق بعض الناس على هذه الشجرة «الشجرة المقدسة».
وتنمو شجرة اللبان بشكل طبيعي على الحواف المتأثرة بالأمطار الموسمية في هذه المحافظة. ونظرًا لما تمثله هذه الشجرة من أهمية تاريخية، وطبيعية، ودينية، واقتصادية، وصحية، فقد أجريت حولها العديد من الدراسات والأطروحات العلمية، والتي تناولتها من زوايا مختلفة. أما الحقيقة الثابتة حولها فإن محافظة ظفار تنفرد عن باقي المناطق والمحافظات العمانية بزرع هذ الشجرة.
حضور تاريخي
وتؤكد المراجع التاريخية أن شجرة اللبان حظيت، عبر مسيرتها، بحضور تاريخي هائل جعل منها جسرًا للتواصل بين حضارات العالم القديم قبل أكثر من 7 آلاف سنة. ولأجلها تحركت القوافل التجارية، في مسارات شاقة من ظفار بجنوب عمان، إلى شواطئ جنوب العراق، وإلى الشام ومصر القديمة، حتى غزة الفلسطينية الساحلية، التي حملت منها السفن ثمار الشجرة الظفارية إلى البلدان الأوروبية، وبخاصة روما القديمة.
بوزيفليا ساكرا
وتنمو أشجار اللبان العمانية المعروفة باسم «بوزيفليا ساكرا» بارتفاعات تصل إلى خمسة أمتار تقريبًا. وهذا النوع من الأشجار مع أشجار المر من فصيلة الأشجار البخورية التي يتميز أعضاؤها بوجود مجارٍ راتينجية في لحائها.
وفي أوائل أبريل من كل عام، وما أن تميل درجة الحرارة إلى الارتفاع، حتى يقوم المشتغلون بجمع الثمار، «بتجريح» الشجرة في مواضع متعددة. فالضربة الأولى يسمونها «التوقيع»، ويقصد به كشط القشرة الخارجية لأعضائها وجذعها، ويتلو هذه الضربة نضوح سائل لزج حليبي اللون، سرعان ما يتجمد فيتركونه لمدة 14 يومًا تقريبًا. وتتبعها عملية التجريح الثانية، ثمار درجة ثانية، والنوعية في هذه المرة لا تكون بالقدر نفسه من جودة المرة الأولى، فضلًا عن كون الكميات المنتجة منها غير تجارية.
ويبدأ الجمع الحقيقي بعد أسبوعين من التجريح الثاني، حيث ينقرون الشجرة للمرة الثالثة، وفي هذه الحال ينضح السائل اللبني ذو النوعية الجيدة، والذي يعد تجاريًا من مختلف الجوانب، ويكون لونه مائلًا إلى الصفرة. وضرب أشجار اللبان ليست عملية عشوائية، وإنما تحتاج إلى مهارة فنية خاصة ويد خبيرة، وتختلف الضربات من شجرة إلى أخرى حسب حجمها، ويستمر موسم الحصاد لمدة ثلاثة أشهر. ويبلغ متوسط إنتاج الشجرة الواحدة عشرة كيلو جرامات تقريبًا من الثمار، ويصل ما تنتجه محافظة ظفار، في العام الواحد، إلى سبعة آلاف طن تقريبًا، وهو ما يمكن تقدير قيمته المبدئية بحوالي 30 مليون ريال عُماني.
ويستخدم سكان محافظة ظفار ثمار شجرة البان في ماء الشرب، حيث يعتقد أنها تساعد على «الإدرار»، كما أنها تجعل الماء باردًا ونقيًا في أوقات الصيف. ويتم استخدام اللبان كمادة مهمة في صناعة البخور الذي يستخدم في الكثير من المناسبات الاجتماعية، المرتبطة بعادات الزواج والولادة، وقد ذكرها وأشاد بها ابن سينا، حيث يقول: « إنها تداوي جميع الأمراض».
ولا يزال اللبان العُماني،الذي يعدّ أفضل أنواع اللبان في العالم، مطلوبًا في العديد من بلدان العالم، حيث يتم إدخاله في صناعة الأدوية، والزيوت، والمساحيق، والعطور، والشموع الخاصة، بالإضافة إلى استخدامه في العديد من دور العبادة حول العالم.