تاريخ |
||||||||
إرث يحكي تاريخها ما زالت أسماء الأبواب متداولة رغم اندثار معظمها منذ مئات السنين. • القاهرة: شريف عبدالمنعم كانت القاهرة وقت إنشائها تمثل نموذجًا تقليديًا لإحدى مدن العصور الوسطى التي تطوقها الأسوار وتتحكم فيها البوابات، وتميزت بما حوته من آثار شتى ما زال الكثير منها باقيًا إلى يومنا هذا، ومن أهم هذه الآثار بوابات القاهرة. لكل باب منها ذكراه المحفورة في صفحات التاريخ بوصفها إرثًا حضاريًا.
منذ إنشاء القاهرة كان يحوطها سور كبير شيده جوهر الصقلي، قائد جيش المعز لدين الله، لكن المصادر التاريخية تؤكد أن هذا السور لم يُعمر أكثر من ثمانين سنة، إذ تهدم في عصر الخليفة المستنصر بالله، وبنى الأمير بدر الجمالي سورًا آخر بدلاً منه عام 480 هجريًا 1087 ميلاديًا، وجاء السور الجديد موازيًا للسور القديم بعد توسعة مساحة مدينة القاهرة، وعُرف بـ«سور القاهرة الشمالي». السور الشمالي
وفق الأثري محمد صلاح، المسؤول عن أسوار القاهرة وبواباتها بهيئة الآثار الإسلامية، فإن سور القاهرة الشمالي بُني من الطوب اللبن، بينما أقيمت بواباته من الحجر، وقد تبقى منه ذلك الجزء الواقع بين بابي النصر والفتوح، وينقسم السور إلى جزئين: الأول يمتد إلى مسافة 30 مترًا يسار باب النصر، حيث يتجه جنوبًا حتى يلتقي مع بداية سور الناصر صلاح الدين الأيوبي، ويتخلله برج الدرج الحلزوني، وهو برج مستطيل يتكون من طابقين يوصل بينهما سلم حلزوني داخل كل منهما حجرة للدفاع، بها فتحات للسهام «مزاغل»، ويتصل هذا البرج اتصالاً مباشرًا ببرجي باب النصر وبحجرات الدفاع الموجودة فيه. باب زويلة في بداية شارع المعز لدين الله من الجهة الجنوبية نشاهد واحدًا من الأبواب الثلاثة الباقية منذ زمن القاهرة التاريخية العتيق، وهو باب زويلة الذي تم ترميميه وافتتاحه للجمهور، وكان من أضخم الأبواب في العالم، ويروي المؤرخون أنهم لم يروا بابًا أكثر منه هيبة في مختلف البلدان التي زاروها. ووفق مجدي سليمان، مدير عام منطقة آثار الأزهر، فإن الباب سُمي بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة «زويلة» ذات الأصول المغربية التي سكنت واستقرت بالقرب من هذا الباب الذي يُعرف، أيضًا، بـ«باب المتولي» نسبة إلى الشخص الذي كان يتولى تحصيل الضرائب، وكان يتخذ جلسته بهذا المكان. وحينما تم تجديد الباب مؤخرًا وضع القائمون على الترميم بعض المقتنيات التي عُثر عليها في أثناء الحفريات بالمنطقة في صندوق زجاجي لكي يشاهدها المرتادون، وتتكون البوابة من أبراج نصف دائرية أدخل عليها السلطان المؤيد بعض التعديلات عندما بنى جامعًا سُمي باسمه إلى جوار البوابة في القرن الخامس عشر الميلادي، كما شيد، أيضًا، المآذن التي تعلو الأبراج وتضفي شكلًا جماليًا فريدًا يتميز به باب زويلة عن غيره من سائر الأبواب. وكانت أرضية باب «زويلة» في الأصل مغطاة بطبقة ملساء لامعة من الجرانيت لتعوق خيول العدو الذي يحاول مهاجمة مدينة القاهرة عبر هذه الجهة، إلا أن السلطان الكامل محمد الأيوبي أمر بهدم هذه الطبقة الملساء عندما انزلق فرسه بسببها وأطيح به من فوق صهوة الجواد. وفوق مدخل البوابة توجد شرفة كان يستخدمها الموسيقيون للإعلان عن المواكب الملكية، كما كان سلاطين المماليك وأمراؤهم يستخدمون الباب، أيضًا، في مشاهدة زفة المحمل الذي كان يصنعه المصريون، وتصنع فيه كسوة الكعبة المشرفة، حيث يتم إرسالها إلى مكة المكرمة. باب الفتوح
يقع في نهاية شارع المعز من الجهة الشمالية بجوار جامع الحاكم بأمر الله، ويتكون من برجين على شكل نصف دائري، وتوجد بجوارهما طاقتان كبيرتان في فتحتيهما حلية مزخرفة بأسطوانات صغيرة، وله باب ضخم يقع بين البرجين، وهو ذو عقد مفتوح، وبه زخارف نباتية وهندسية. باب النصر
حسب الباحث الأثري، علاء عاشور، فإن «باب النصر» يعد من أنفس الأبنية الحربية الباقية في مصر الإسلامية، فالواجهة تتكون من برجين مستطيلي القاعدة ومنقوش عليهما بعض أشكال آلات الحرب كالسيوف والتروس، وتتوسط البرجين بوابة ضخمة ومعقودة، ولها فتحة مستطيلة ارتفاعها 6.5متر واتساعها 4.7 متر. باب سعادة عرف بهذا الاسم نسبة إلى غلام المعز لدين الله سعادة بن حيان الذي قَدِم من بلاد المغرب بعد بناء القاهرة وخرج جوهر الصقلي للقائه ودخلها من هذا الباب الذي نسب إليه فيما بعد. باب العزب هو الباب الرئيس للقلعة، شيده الأمير المملوكي رضوان كخيا، وهو ضيق جدًا وشديد الانحدار، وجزء منه منحوت في الصخر، وحول هذا الباب جرت مذبحة القلعة الشهيرة التي دعا فيها محمد علي باشا زعماء المماليك إلى مأدبة طعام، وكان عاقدًا العزم على التخلص منهم حتى ينفرد بالحكم، خصوصًا بعد أن نما إلى علمه أن هناك رسائل مريبة متبادلة بين المماليك في القاهرة ونظرائهم في الوجه القبلي، فأعد احتفالاً مهيبًا بالقلعة دعا إليه كبار رجال الدولة وجميع الأمراء والبكوات المماليك الذين زاد عددهم على 450 شخصًا، فلبوا دعوته وتلقاهم بحفاوة بالغة، وبعد انتهاء الوليمة هَمَّ أمراء المماليك بالانصراف من طريق باب «العزب»، لكنه أغلق عليهم فجأة وأمطرهم جند الوالي بوابل من الرصاص، فسادت بينهم الفوضى فقُتل منهم مَنْ قُتل بالرصاص، فيما ذُبح الباقي كالبعير، ولم ينجُ منهم سوى شخص واحد فقط استطاع أن يفز من فوق أسوار القلعة، وفر هاربًا إلى الشام. باب الخلق أنشئ عام 1241 ميلاديًا في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب، وقصته أن شارع الخليج المصري الذي يُعرف الآن بشارع «فم الخليج» كان قديمًا عبارة عن ممر مائي ترفع منه المياه إلى قلعة الجبل، وإلى جانب الخليج كان يوجد سور به فتحة واسعة لدخول الناس وخروجهم، وكان يطلق عليها اسم «الخرق» المرادف لكلمة فتحة أو بوابة، ولكن نظرًا لكون هذه الكلمة مستهجنة فقد استبدلت مصلحة التنظيم في عهد الخديو إسماعيل هذه الكلمة، وسُميت المنطقة كلها والميدان باسم «باب الخلق». باب الشعرية أطلق عليه هذا الاسم لوجوده إلى جوار مسجد الشيخ «الشعراني» ووقفه، وعلى الرغم من أن المسجد والوقف ما زالا موجودين إلى الآن، إلا أن الباب ذاته لم يعد له وجود رغم أن المنطقة المحيطة التي تعد من أكثر الأماكن شعبية في مصر ما زالت تحمل اسم «باب الشعرية» إلى الآن. باب الوزير هو أحد أبواب سور القاهرة الشرقي الذي شيده الناصر صلاح الدين الأيوبي، ويقع فيما بين الباب المحروق «القراطين» وقلعة الجبل، وعُرف بهذا الاسم، لأن الذي قام بافتتاحه هو الوزير نجم الدين محمد قلاوون عام 1341، فعُرف منذ ذلك الوقت وإلى الآن باسم «باب الوزير».
|
||||||||
|
||||||||