دراسات

volcano_study1

بركان المدينة

قراءات جديدة

ما يخرج من البراكين، عادة، هو مياه مركزة، وجزيئات رماد معدني تتساقط من الجو.

• د.عبدالحفيظ محمد أمين
المدير التنفيذي للنادي العلمي السعودي

هزات أرضية خفيفة شعر بها أهالي المدينة المنورة يوم الاثنين 1 جمادى الآخرة عام 654 هـجرية، ويوم الثلاثاء حيث اشتدت الهزات بصورة مقلقة، وسببت الذعر والهلع، وشعر بها الخاصة والعامة من الناس، ويوم الأربعاء حدث زلزال قوي ليلًا قُدرت شدته بين 2-6 درجات وقد سبب الرعب، واستمرت الهزات الزلزالية، ويوم الخميس تتابعت الهزات، وتساقطت أسقف البيوت الطينية القديمة، ويوم الجمعة حدثت ثمانية عشر زلزالًا متتاليًا، وصلت أقصى شدة لها في منتصف النهار، ثم هدأت، وإذ بأهل المدينة النبوية يرون مشهدًا لأول مرة في حياتهم، لم يره أحد من العرب في شبه الجزيرة العربية قبلهم.

§ أهل المدينة المنورة يرون مشهدًا لأول مرة في حياتهم، لم يره أحد من العرب في شبه الجزيرة العربية قبلهم

§ تقدمت الطفوح البازلتية تجاه المدينة المنورة، وارتفعت سحب كثيفة جدًا من الرماد البركاني المصحوب ببخار الماء إلى أعالي السماء

§ لعل السبب الرئيس في حدوث هذه البراكين هو توسع البحر الأحمر، حيث تتباعد الضفتان بمعدل سنتيمترات قليلة في العام الواحد

    نافورة من اللافا الحمراء البازلتية، وهي ترتفع إلى أعالي السماء، مصحوبة بأصوات رعدية عنيفة على بعد 19 كيلو مترًا إلى الجنوب الشرقي من المدينة المنورة في حرة رهط.
    تقدمت الطفوح البازلتية تجاه المدينة المنورة، وارتفعت سحب كثيفة جدًا من الرماد البركاني المصحوب ببخار الماء إلى أعالي السماء، وصلت إلى طبقات الستراتوسفير (Stratosphere) «أعلى من 10 كيلو مترات من مستوى سطح البحر»، وأظلمت الدنيا في وضح النهار. لقد سبب رؤية هذه المناظر الطبيعية لانفجار البركان الخوف والهلع الشديدين لأهالي المدينة المنورة وقتذاك، فذهب أعيان البلد ووجهاؤه إلى أميرهم منيف بن شيحة الوالي من قبل الخليفة العباسي المستعصم بالله، طالبين رد المظالم إلى أهلها، والتوبة إلى الله.volcano_study2
    سيعيد كاتب السطور ترتيب الصور من خلال ربط ما كتبه المؤرخون عن هذا الحدث بعلم البراكين، مسلطًا الضوء على جزء مهم من التاريخ الجيولوجي لمنطقة المدينة المنورة، ومسترشدًا بآراء البروفيسور جون روبيل، الخبير في جيولوجية الدرع العربي، والمستشار السابق في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، الذي أمضى أكثر من خمسة وثلاثين عامًا في المملكة من خلال إشرافه على الرحلة الجيولوجية التي نفذها النادي العلمي السعودي لمعلمي الجيولوجيا بتاريخ 10/5/1429هـ، بالإضافة إلى استعانته بصور الأقمار الاصطناعية المختلفة والمراجع البحثية المختصة في شبكة الإنترنت، وماكتبه المؤرخ عبدالرحمن إسماعيل المعروف بـ«شهاب الدين أبوشامة» «599–665هـ»، والمؤرخ محمد بن أحمد القسطلاني، على الرغم من عدم مشاهدتهما الحدث عيانًا، فأبوشامة كان في دمشق، والقسطلاني كان في مكة المكرمة، ولكنهما كانا من أفضل المؤرخين وصفًا لهذا الحدث التاريخي.
    لنقرأ ما كتبه المؤرخ شهاب الدين أبوشامة نقلًا عن شاهد عيان وهو يصف الحدث، ونستشف منه الحالة النفسية لأهالي المدينة المنورة وقتذاك «ومن كتاب شمس الدين بن سنان بن عبدالوهاب بن نميلة الحسيني، قاضي المدينة، إلى بعض أصحابه: لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة 654هجرية، حدثت في المدينة بالثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت باقي تلك الليلة تزلزل كل يوم وليلة قدر عشر نوبات، والله لقد زلزلت مرة ونحن حول حجرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اضطرب لها المنبر إلى أن أوجسنا منه، إذ سمعنا صوتًا للحديد الذي فيه، واضطربت قناديل الحرم الشريف، وتمت الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى، ولها دويُّ الرعد القاصف، ثم طلع يوم الجمعة في طريق الحرة في رأس أجيلين نار عظيمة مثل المدينة العظيمة، وما بانت لنا إلا ليلة السبت، وأشفقنا منها، وخفنا خوفًا عظيمًا، وطلعت إلى الأمير وكلمته وقلت له: قد أحاط بنا العذاب، اهبط الساعة معنا إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فهبط وبتنا ليلة السبت والناس جميعًا، وما بقى أحد في النخيل ولا في المدينة إلا عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم سال منها نهر من نار، وأخذ في وادي أجيلين وسد الطريق، ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو بحر نار يجري، وفوقه حجر يسير إلى أن قطعت الوادي وادي الشظا، وما عاد يجيء في الوادي سيل قط، لأنها كانت حصرته نحو قامتين وثلث علوها.
    أما قتيرها الذي مما يلينا، فقد طفا بقدرة الله، وإنها إلى الساعة وما نقصت إلا تُرى مثل الجمال حجارة، ولها دويٌّ، ما يدعنا نرقد، ولا نأكل، ولا نشرب، وما أقدر أن أصف لك عظمها، ولا ما فيها من الأهوال».
    لقد وصف القاضي شمس الدين بن سنان الحالة النفسية لأهل المدينة المنورة وهم يواكبون الحدث، والزلازل التي حدثت هي من الزلازل البركانية الناتجة عن تمدد حجرة الصهارة (Magma) في أعماق الأرض قبل الثوران، بسبب تجمع الصهارة، وعند صعودها إلى سطح الأرض تحدث الزلازل، وتزداد درجة حرارة المناطق المجاورة للبركان.
    لعل السبب الرئيس في حدوث هذه البراكين هو توسع البحر الأحمر وهي عملية بدأت في عصر الميوسين، حيث تتباعد الضفتان بمعدل سنتيمترات قليلة في العام الواحد «بمعدل نمو أظافر الإنسان»، وتدفع صحيفة شبه الجزيرة العربية باتجاه الشمال الشرقي نحو إيران وتركيا «وهذا يفسر كثرة تعرض الدولتين للكثير من الزلازل». ويعتقد الجيولوجيون أن مصدر بؤرة التوتر يقع في مثلث عفار في أثيوبيا، حيث تقوم تيارات الحمل الدورانية (Convection currents) الصاعدة من أعماق طبقة الوشاح بتوسيع ذراع البحر الأحمر وذراع خليج عدن، وقلقلة الوادي المتصدع في أثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا.
    لقد وجدت الصهارة طريقًا إلى سطح الأرض في حرة رهاط من خلال ست فوهات بركانية «انظر صورة 3»
    الفوهات: 1، 2، 3 شكلت المخاريط الرشة (Spatter Cones)، أما الفوهات: 4، 5، 6، فشكلت المخاريط الإسفنجية (Scoria Cones). استمر الثوران البركاني مدة 52 يومًا في ستة انبثاقات «نبضات» (Pulses) مختلفة الشدة، وكونت ست نوافير بركانية نارية حمراءRed Fire) Fountaining) ارتفعت إلى علو أكثر من 1500 قدم «457م» من طبقة الوشاح الخارجي للأرض، مندفعة بضغط هائل من أعماق راوحت بين 160 كيلو مترًا و200 كيلو متر، ولعل الانبثاق السادس كان من القوة بمكان حيث فجر الفوهة رقم 6أ بقطر 85 مترًا، ليفجرها إلى فوهة 6ب بقطر370 مترًا تقريبًا، وترتفع منها نافورة هائلة جدًا بلغ علوها أكثر من 2000 قدم تقريبًا «609م»، وربما هي التي عناها مؤرخنا أبوشامة بقوله: «ثم ظهرت نار عظيمة في الحرة قريبة من قريظة، نبصرها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا، وهي نار عظيم إشعالها «أي ارتفاعها» أكثر من ثلاث منارات. فيها نموذج عما أخبر الله، تعالى، في كتابه {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ}. volcano_study3
    المشهد الذي أصفه للقارئ الكريم هو ست نوافير نارية حمراء مختلفة الأحجام تقذف ملايين الأطنان من اللافا البازلتية إلى سطح الأرض بلغ حجمها 0.5 كيلو مكعب، وتنفث الرماد، والهباء البركاني إلى عنان السماء، بارتفاعات راوحت بين 1500 قدم و2000 قدم «475-609م» مصحوبة بجزيئات من حمض الكبريتيك وبخار الماء إلى أن وصلت طبقات الجو العليا «الستراتوسفير» (Stratosphere)، وهي إحدى طبقات الغلاف الغازي التي تمتد بين 10 كيلو مترات إلى 50 كيلو مترًا فوق مستوى سطح البحر، ويتميز بالهواء الجاف، وتقل فيه الرياح، وتختفي الغيوم، وتصل برودته إلى -3مْ في المتوسط، وهذا ربما ما عناه المؤرخ أحمد القسطلاني بقوله: «فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشي الأفق سواده، فلما تراكمت الظلمات، وأقبل الليل سطع شعاع النار، وظهرت مثل المدينة العظيمة من الشرق».
    تعد هذه النوافير النارية الحمراء متوسطة الارتفاع إذا قورنت ببركان ليزوأوشيما في اليابان، حيث وصلت النافورة البركانية إلى ارتفاع 5250 قدمًا، أي ما يقارب 1600 متر تقريبًا، والذي انفجر عام 1986.
    لقد كان تجاه اللافا البركانية نحو المدينة المنورة، وفي اليوم السادس الذي يوافق يوم السبت، وبعد صلوات ودعوات أهل المدينة المنورة بنسائهم وأطفالهم في المسجد النبوي الشريف توقف انسياب الطفح على مسافة 12كم من المدينة القديمة، وانسابت الحرة إلى مسافة 23 كيلو مترًا إلى الشمال، ثم الشمال الغربي إلى حدود مطار المدينة المنورة اليوم، كما أشار البروفيسور جون روبيل.
    اتضح من خلال الدراسات الجيولوجية التي قام بها الجيولوجي فيكتور كامب وآخرون «1987– 1989» على الطفح البازلتي أنه يتكون من ثلاثة أنواع هي البازلت الأولفيني القلوي المتميزة كيميائيًا، وبازلت مختلط يحتوي على بلورات كبيرة من البلايجوكليز الشفاف مع بلورات أصغر من الأولوفين المغنيزي في فجوات البازلت الرمادي الناعم، والنوع الثالث هو البازلت البوتاسي الذي لا يحتوي على البلورات، وهذا يفسر لنا النطاقات التي انبثقت منها من أعماق تراوح بين 160 كيلو مترًا و200 كيلو متر في طبقة الوشاح الخارجي (Upper Mantel) للأرض.
    أما عن نظام القنوات الناقلة اللافا (Plumping System)، فيظهر أن هناك أكثر من ست قنوات مختلفة الأحجام تدفع الصهارة تجاه الفوهات، كما أن هناك شقوقًا وكهوفًا اندفعت منها، وعندما ضعفت قوة ضغط الغازات ونفدت طاقتها، توقف انسياب اللافا من الفوهات 1، 2، 3 أولًا، ثم الفوهتين 4، 5، وظلت الفوهة البركانية 6ب تدفع الحمم، ولم تُخمد كليًا، بل كانت اللافا تندفع من الأنفاق البركانية (A lava tubes) أسفل منها بعد أن تجمد السطح العلوي للبركان، وغطاها الرماد البركاني، وعندما بردت الحمم فوق سطح الأرض شكلت نوعين من اللافا هما: اللافا الحبلية المجدولة (Pahoehoe lava)، واللافا الكتلية الخشنة (aa lava) بدرجة حرارة راوحت بين 1000 درجة مئوية و1200 درجة مئوية.
    تأثير انفجار بركان المدينة المنورة على المناخ الإقليمي
    ما نراه يخرج من البراكين، عادة، هو مياه مركزة وجزيئات رماد معدني تتساقط من الجو بسرعة كبيرة، أما الدخان فهو قطرات من حامض الكبريتيك ضعيفة جدًا، إلا أنها تتشكل في الغلاف الجوي الخارجي عندما تتحول غازات الكبريت التي يطلقها البركان عبر عمليات كيميائية إلى حامض الكبريتيك الذي يتحول بعدها إلى ضباب رقيق أبيض.
    لنقرأ ما كتبه شهاب الدين أبوشامة «ثم ظهرت عندنا بالحرة وراء قريظة على طريق السوارقية نار عظيمة تنفجر من الأرض، فارتاع لها الناس روعة عظيمة، ثم ظهر لها دخان عظيم في السماء ينعقد حتى يبقى كالسحاب الأبيض، ثم ظهرت النار لها ألسن تصعد في الهواء إلى السماء حمراء كأنها القلعة وعظمت».
    لقد انفجر بركان سانت هيلنز في ولاية واشنطن بالولايات المتحدة في 19 مايو 1980 وحولت سحابة الدخان الكثيفة النهار إلى ليل في أغلب مدن شمال غرب الولايات المتحدة، ورصد زلزال بقوة 7.5 درجات على مقياس ريختر مسببًا انهيار الجانب الجنوبي من الجبل، وارتفعت سحابة الرماد البركاني مسافة 15 ميلًا في طبقة الستراتوسفير خلال 15 دقيقة، وحركتها الرياح مسافة 250 كيلو مترًا حاملة ملايين الأطنان من الرماد لتحول السماء الزرقاء إلى بقع رمادية.
    في مثال آخر لتأثير الرماد البركاني على المناخ انفجار بركان بيناتوبو في الفلبين 15 يونيو 1991 عندما أطلق أعدادًا هائلة جدًا من الجزيئات المجهرية التي تُعرف بـ«الهباء الجوي» إلى طبقة الستراتوسفير وقُدر حجم الهباء الجوي بـ20 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريتيك إلى جانب كميات هائلة من الرماد وبخار الماء، لقد غطى الهباء الجوي كوكب الأرض كاملًا في 15 أغسطس عام 1991 أي خلال شهرين فقط من الانفجار، وتركز الهباء الجوي على ارتفاع راوح بين 20 كيلو مترًا و25 كيلو مترًا فوق خط الاستواء، وعُرف تأثير الهباء الجوي عبر مقياس أشعة الشمس القادمة إلى مركز الطاقة الشمسية (SEC) في جنوب كالفورنيا، وكان عام 1992 أبرد بكثير من عام 1991.
    مماسبق ندرك مدى تأثير الهباء الجوي الناتج من البراكين على مناخ الأرض، ويمكن لعلماء الأرصاد الجوية وعلماء البراكين متابعة تحرك الهباء الجوي بالأقمار الاصطناعية كما حدث عام 2002 في أثناء انفجار بركان بصقلية في إيطاليا، حيث صور القمر الاصطناعي تيرا (Terra)التابع لوكالة ناسا تحرك الهباء الجوي البركاني خلال أيامٍ قليلة من انفجار البركان لمئات الكيلومترات، ووصل إلى شمال أفريقيا، وعلى الطريقة نفسها أدى ارتفاع السحب الكثيفة من الرماد والهباء البركاني الجوي من بركان «الملساء» التاريخي بالمدينة المنورة إلى إحداث خلل في الإشعاع الشمسي (Solar Radiation)، بالإضافة إلى تغيير في الديناميكية الحرارية للطبقات الجوية (Atmospheric Thermodynamics)، حيث حجبت جزءًا من أشعة الشمس، وامتصت جزءًا من حرارتها، ما أدى إلى برودة الجو، ومشاهدة مناظر شروق الشمس والقمر وغروبهما غير العادية، ويمكن حساب سرعة الرياح من تأريخ شهاب الدين أبوشامة لهذا الحدث في دمشق بقوله «وفيها من ليلة الاثنين السادس عشر من جمادى الآخرة خسف القمر أول الليل، وكان شديد الحمرة، ثم انجلى وكسفت الشمس، وفي غده احمرت وقت طلوعها وغروبها، وبقيت أيامًا متغيرة اللون وضعيفة النور».volcano_study4
    لقد وصل الهباء البركاني الجوي إلى دمشق خلال أحد عشر يومًا قاطعًا المسافة بين المدينة المنورة ودمشق التي تبلغ أكثر من 1100 كيلو متر، بسرعة تصل إلى 100 كيلو متر في اليوم بطبقة الستراتوسفير (Stratosphere).
    أدى انتشار الرماد والهباء البركاني الجوي على نطاق إقليمي إلى تغيير المناخ، حيث انخفضت درجة الحرارة، وارتفعت الرطوبة، وازدادت كثافة تساقط الأمطار بصورة غير طبيعية، لقد حدثت معجزة من معجزات سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه الصحابي الجليل أبوهريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى». «رواه البخاري».
    لقد عكس سحب الهباء الجوي البركاني الإقليمي المنبعث من بركان المدينة التاريخي في طبقة الستراسفير الضوء الهائل المتولد من الفوهات البركانية الست التي كانت ترتفع أكثر من 1500 قدم، وأحالت ليل هذه المناطق أسفلها إلى نهار باهت استطاع بعض الناس خلاله قراءة الكتب في تيماء، وانعكس ذلك الضوء على صفحات أعناق الإبل في بصرى بالشام.
    لنقرأ ما كتبه القسطلاني عن شدة إضاءة هذه النوافير النارية الحمراء «إن ضوءها استوى على ما بَطَنَ من القيعان، وظَهَرَ من التلال، حتى كأن الحرم النبوي عليه شمس مشرقة، وجملة أماكن المدينة بأنوارها محدقة، ودام على ذلك لهبها حتى تأثرت له النيران، صار نور الشمس على الأرض تعتريه صفرة، ولونها من تصاعد الالتهاب تعتريه حمرة، والقمر كأنه قد كسف من اضمحلال نوره».
    وصف المؤرخ أحمد القسطلاني المدينة المنورة في الليل بأن القيعان والتلال ليست لها ظلال من شدة أضواء النوافير النارية الحمراء وارتفاعها، ولعله وصف ما شاهده الراوي من الفوهة 6 أ التي انفجرت إلى 6 ب بقطر 370 مترًا «انظر صورة 3»، وكانت الأعلى بارتفاع 2500 قدم تقريبًا، لأنها هي المواجهة للمدينة المنورة، ووصف المدينة في النهار بأن ضوء الشمس تغير إلى الأصفر والأحمر، والقمر قد اضمحل نوره وتلاشى دلاله على كثافة الهباء البركاني الجوي الهائل جدًا ووصوله إلى طبقة الستراتوسفير.
    ويمكن من هذه المقولة التاريخية استنتاج مسار الهباء البركاني الجوي واتجاهه نحو الشمال، وانعكاس ضوء النوافير النارية الحمراء بالمدينة المنورة في تلك المنطقة.
    ربما قدمت نظرية «الهباء الجوي البركاني» تفسيرًا معقولًا لكيفية انعكاس ضوء النوافير النارية الحمراء في المدينة المنورة ببصرى بالشام، كما أخبرنا الصادق المصدوق سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، واستطاعت النظرية، أيضًا، تفسير التغير السريع في المناخ والفيضانات التي اجتاحت العراق بعدها، كما أن الهباء الجوي البركاني ظل متماسكًا أيامًا قليلة، ثم تناثر بفعل الرياح الضعيفة في طبقات الجو العليا.

المراجع

A One –Day Field Excursion To Northeren Harrat Rahat By M.J.Roobol 2004.
http://www.decadevolcano.com/index.htm
http://www.usgs.gov http://www.springerlink.com/content/w5r104r036175j26/

هيئة المساحة الجيولوجية السعودية http://www.sgs.org.sa/index.cfm?sec=79&sub=285&page
مفصل دلائل النبوة – المكتبة السلفية http://www.salafi.net/articles/article27d.html
موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة www.55a.net
التذكرة للإمام القرطبي الجزء الأول المكتبة العصرية بيروت.