سفر وسياحة


salahlah1

صيفها ضباب وسحب ماطرة

يبدأ موسم الخريف في محافظة ظفار في يونيو وينتهي في سبتمبر.

• مسقط: خلفان الزيدي

حينما تتألق الطبيعة بجمالها الأخاذ، وتكسو الخضرة الجبال الشامخة والسهول المنبسطة لتزيدها جمالاً، ويلفها الضباب والسحب الماطرة، وتنساب الينابيع لتتحول إلى شلالات مائية تنحدر إلى مئات الأقدام. وحينما تجد ذاتك ملفوفًا بطقس استثنائي منفرد بين مناطق شبه الجزيرة العربية، حيث الضباب والرذاذ المنعش، حينها، فقط، أطلق العنان لمشاعرك كيما تفضفض عن أحاسيسها ومكنوناتها، فأنت في صلالة اليانعة الخضراء تحتضنك ذكرى لن يطولها النسيان أمدًا بعيدًا.

    صلالة هذه البقعة الجميلة التي تزدان كل عام وترفل بأثواب الخريف كعروس زاهية بديعة تتألق وتزهو كلوحة تحفل بكل الألوان الجميلة. تبهر الناظرين وتسر العابرين، وتخلب الألباب.
    هذه المنطقة المتأنقة في الخريف تتباهى مع الطقس البديع بمهرجانها الرائع الذي يهل سنويًا ليجدد البسمة على الشفاه، ويحرك مكامن الإبداع في نفوس عشاق الخريف، لتتلاقى في ساحته ثقافات الشعوب، تتمازج مع ثقافة عمان وحضارتها العريقة، ومع فنون محافظة ظفار التي تتماثل هي الأخرى لتروي حكاية عشق أبدية جسدها العُماني في هذه الأرض الطيبة.
    فلكيًا يبدأ موسم الخريف في محافظة ظفار في الحادي والعشرين من يونيو، ويستمر حتى نهاية سبتمبر، وخلال هذه الفترة تكتسب ظفار أهمية سياحية خاصة، لتوافر المقومات الطبيعية، والسياحية، والأثرية، والزراعية، والبيئية كافة التي تتكامل فيما بينها لتشكل في مجملها لوحة طبيعية رائعة، فالطبيعة بجمالها الساحر تحيط بالمكان وتعطي الزمان أبعاده، حيث البيئة الطبيعية المتنوعة، والمناظر الرائعة، والجبال الخضراء، والطقس المعتدل، والأودية، والعيون، والشلالات، والمياه المتدفقة، والشواطئ الممتدة برمالها الفضية، والحياة المائية المتنوعة، وهذه الطبيعة الرائعة تشيع التفاؤل في النفوس، وتعطي كل صور الاستمتاع، وكل ذلك جعلها مقصدًا لآلاف الزوار والسياح.
    وقد هيأت الجهات المختصة السبل الملائمة للاحتفاء بالسياح وتمكينهم من قضاء أفضل الأوقات من خلال تدعيم البنية الأساسية للسياحة، وإضافة المرافق والخدمات التي تلبي متطلبات السائح، وافتتاح عدد من البيوت والشقق الفندقية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السياح في فصل الخريف وتلبية احتياجاتهم واهتماماتهم، بالإضافة إلى إنشاء المرافق الترفيهية والخدمات الضرورية في الأماكن السياحية.
    وخلال الموسم البديع يستمتع زوار محافظة ظفار بمهرجان صلالة السنوي الذي يشكل احتفالية بهية تواكب موسم الخريف في كل عام، ويترقب الجميع مفاجآته والاستمتاع بتنوع فعالياته الفنية، والثقافية، والرياضية، والتراثية، والحفلات الفنية الساهرة التي يشارك فيها نخبة من كبار نجوم الفن من الخليج والوطن العربي، بالإضافة إلى المسابقات المتنوعة.salahlah2
    ومهرجان صلالة خلال السنوات الماضية ظل يحقق قفزات كبرى ونجاحات متواصلة، ويقدم العديد من المفاجآت في الأنشطة والفعاليات كافة، لوضعه في مصاف المهرجانات العالمية، حيث أصبح يستقطب الكثير من السياح والزوار الذين يقصدون محافظة ظفار للتفاعل مع روعة موسم الخريف التي تمتزج مع إبداعات المهرجان.
    من عام إلى آخر، يسجل مهرجان صلالة السياحي تفرده وتميزه عن الأعوام السابقة، ويبدو المهرجان الذي يستقطب آلاف الزوار كل يوم، ويحظى بجماهيرية كبيرة، في حلل جديدة، وبهية يشرق بهاؤها من مخيم البلدية في سهل آتين، حيث تتناغم أجواء البهجة والمرح مع الطبيعة الجميلة المتفردة لمحافظة ظفار في هذا الموسم.
    ولم يكن مهرجان صلالة، مجرد متنفس ترفيهي، ومجموعة مناشط وفعاليات تتجمع في مكان واحد، فحسب، بل هو جهود شابة وطموحة تتواءم وتتوحد لتخرج المهرجان بالألق الذي يكون عليه كل عام، وبالتناغم الذي يطغى على مناشطه، حيث إنها تستهدف أفراد العائلة كافة، وتسعى إلى إيجاد إضافة معرفية وثقافية، وصورة معبرة عن الكثير من الممارسات الحياتية في البيئات الزراعية، والبدوية، والبحرية.
    إن الجميل في مهرجان صلالة، هو إبرازه الفنون الشعبية العُمانية، وإفراد مساحة واسعة لهذه المناشط، يتحملق حولها الزوار، وهم مشدوهين ومأخوذين بسحر الأداء، وروعة الكلمات.
    وفي هذا المنوال تأتي فعاليات هذا العام لتعبر عن أصالة الفنون الشعبية العُمانية بشكل عام وفنون محافظة ظفار بشكل خاص. في حين تجذب مناشط الفنون الشعبية المقامة في القرية التراثية أعدادًا كبيرة من الزوار، حيث تتنافس ولايات محافظة ظفار في تقديم إبداعاتها من الفنون الشعبية، وإبراز جمالية هذه الفنون، وإبداعها الذي يتجدد باستمرار.
    أضف إلى ذلك ما يُقدم في العديد من المواقع السياحية التي تشتهر بها محافظة ظفار، كالمغسيل، وسوق الحافة، والعيون المائية من رقصات وأهازيج، تشارك فيها مجموعة من فرق الفنون الشعبية في المحافظة، الأمر الذي يضفى جوًا من المتعة والبهجة، ويضيف ألقًا إلى هذه المواقع.
    إن مهرجان صلالة وهو ينقل ثقافات الشعوب، ويجمعها في بوتقة واحدة، يقدم في المقابل الفنون والثقافات العُمانية، ويجد مساحة واسعة من التلاقي والتحاور بين ثقافات الشعوب وفنونهم، الأمر الذي يعمق الصلة والتواصل بينه وبين زواره.
    إن زيارة صلالة في هذا الموسم تمثل حلمًا جميلًا يظل محفورًا في الذاكرة أمدًا بعيدًا تستعيد لوحات الطبيعة البديعة والمناخ الفريد. حلم يظل يدغدغ مشاعرنا حد التماهي فيه والانعتاق، لدرجة أننا نعيشه واقعًا ولا ندري أهو كذلك أم ما زال حلمًا من أحلام الذاكرة.