ذكرى الوطن.. احتفاء «غير»
• عبدالرحمن محمد السدحان
تحل بساحتنا أوائل العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم مناسبة وطنية غالية القيمة عالية المقام، هي ذكرى تأسيس هذا الكيان العزيز على يد الباني العظيم، جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه وأرضاه، وقد قيل وكتب الكثير، وسيكتب ويقال الكثير عن هذا اليوم الأغر، تذكيرًا به، وتمجيدًا له، وثناء على مَنْ كان السبب، بعد الله، في تأسيسه، حتى غدا جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
قديمًا، كنا نطل على ذكرى اليوم الوطني من «شرفة المتفرجين» داخل الوطن نتابع بـ«الريموت كنترول» ما يحدث في الخارج من فعاليات احتفاء بهذا اليوم، عبر ممثليات المملكة في كل أرجاء الأرض، وكنا نقرأ أو نسمع أو نشاهد ما تجود به وسائل الإعلام المحلية وغير المحلية من نصوص مكررة عن ذلك اليوم.
لكننا رغم ذلك كله، لم نكن نستحضر عمق المعاني التي يرمز إليها اليوم الوطني، حدثًا، وتاريخًا، ووجدانًا، بل لا أبالغ إذا قلت إن المناسبة كانت تحل أحيانًا دون أن يعلم بها بعضنا، خصوصًا الشباب، إلا عندما يقرأ في صحف ذلك اليوم، أو يختلس نظرة، أو يسترق سمعًا إلى التلفاز أو المذياع، ليعلم أن اليوم الوطني قد حل، ثم لا يلبث أن ينصرف إلى ما يلهيه، أو يلهو به، أو يعنيه من شؤون حياته، بعيدًا عن صخب الحدث والحديث عنه.
اليوم تبدلت الحال، بات «اليوم الوطني» جزءًا من «الأجندة» السنوية للناس، احتفاء واهتمامًا ومشاركة، وليس مجرد «ورقة تقويم» تورق قليلًا، ثم تذبل مثل ورقة خريف!
لم نعد نشاهد فعاليات الاحتفاء به التي تقام في سفارات بلادنا وممثلياتها فحسب، بل صرنا نشهد عن قرب الكثير من تلك الفعاليات في بعض الشوارع، والميادين، وقاعات المحاضرات، وغدا اليوم الوطني إجازة رسمية للدولة والقطاع الخاص، تُعطل خلاله الأعمال تعبيرًا رمزيًا عن المكانة الرفيعة لذلك اليوم في الوجدان العام، وتذكيرًا للأفئدة الغافلة بنعم الله التي أفاء بها على هذا الوطن الذي صنع أبناؤه الأوائل قبل نحو ثمانية عقود أول وحدة عربية وأقواها وأقومها، أصولها في القلوب وفروعها في سماوات العز والكبرياء. تحققت هذه الوحدة بفضل الله، ثم بجهود ابن الجزيرة البار، البطل عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وإخوانه، وأبنائه، ورفاقه الغر الميامين.
اللهم يا رب السموات والأرض ورب العرش العظيم، احفظ لنا هذا الوطن سالمًا آمنًا مطمئنًا قويًا، واحفظ له قيادته وأبناءه وبناته، واكتب اللهم له المزيد من الخير والثبات على طريق الحق، وارزقه يا كريم من الثمرات ما يرفع به شأنه، ويحمي كرامته، ويصون حقه في العيش الحر الكريم. وكل عام وأمتي بألف خير.