عالم الطفل

كيف نحمي أطفالنا من أعراض الحساسية؟

الحساسية.. وراثية وبيئية

أسباب كثيرة وراء ظهورها، والطفل المصاب يحتاج إلى عناية خاصة.

• القاهرة: أهلًا وسهلًا

kids_world

§ عدم العناية الكافية بحساسية الجلد يؤدي إلى انتقالها إلى الرئتين

§ نوع الأطعمة التي تسبب الحساسية تختلف من طفل إلى آخر

§ السبب الرئيس لحساسية الجلد لدى الأطفال غير معروف إلى الآن

حساسية الجلد أو «الإكزيما»، من الأمراض التي تلعب الوراثة دورًا مهمًا في الإصابة بها، ويمكن توقع إصابة الأطفال بمجرد معرفة التاريخ العائلي للأسرة، وقد يصاب الطفل في أول شهرين من عمره، أو يتأخر أحيانًا إلى السنة الثانية، أو الثالثة، حيث يتم تشخيص 60% من الحالات قبل عمر سنة، و90% قبل سن خمس سنوات.

    يرث الطفل الاستعداد للحساسية، وعند ظهور أعراضها على الطفل الرضيع، فإن انتقالها إلى رئتيه يكون متوقعًا، ما لم تُتخذ إجراءات وقائية كافية قد تقلل فرص ظهورها فيما بعد أو تؤخرها. وتوجد إلى جانب المسببات الوراثية مسببات بيئية مثل: الرضاعة الصناعية، والاعتماد على الحليب الصناعي في السنة الأولى من عمر الطفل، وتقديم الوجبات الإضافية له مبكرًا قبل بلوغه ستة أشهر، حيث تزداد فرص امتصاص البروتينات غير كاملة الهضم من أمعاء الرضيع الذي لديه استعداد وراثي للحساسية.

حساسية الصدر

    ووفق د.إلهام حسني، أستاذ طب الأطفال بجامعة عين شمس، هناك مسببات أخرى لحساسية الجلد مرتبطة بحساسية الصدر مثل: غبار المنزل، أو عتة الفراش، أو بعض الطحالب التي تنمو في الجو الرطب، أو حبوب اللقاح، أو شعر الحيوانات الأليفة التي تتم تربيتها داخل البيت أو مخلفاتها. وقد تبين أن الرضع مصابون بحساسية غذائية من بعض المأكولات مثل: البيض، والقمح، وحليب الأبقار، وقد أصبح من السهل الآن اكتشاف حساسية الغذاء إكلينيكيًا، وبالتالي يمكن تجنبها.

أعراض الحساسية

    تبدأ أعراض الحساسية، حسب د.إلهام، عادة، بظهور بقع أو حبوب حمراء على الخدين في أول شهرين من عمر الرضيع، ويكون هذا أول مؤشر للطبيب على وجود استعداد لدى الوليد للحساسية، ثم تنتشر البقع والحبوب إلى بقية أجزاء الوجه، والرقبة، والرسغين، واليدين، وأجزاء من الساقين والذراعين، ولا تصيب الأنف، أو الكفين، أو بطن القدمين. وعندما يبلغ الرضيع أشهر عدة تظهر البقع الحمراء في المفاصل، خصوصًا المرفقين، والركبتين، وتسبب حكة شديدة، فيصبح الرضيع عصبيًا، ويبكي كثيرًا مع الرغبة في الهرش.

طرق العلاج

    يجب العناية بالجلد المصاب بإكزيما الحساسية الذي يكون غالبًا في حالة جفاف، ما يزيد الإحساس بالحكة، وكلما حك الطفل جلده ظهرت بقع حمراء، وحبوب خشنة، وخدوش. ولتجنب الجفاف يجب استخدام صابون متعادل وليس قلويًا، ويكون مرطبًا يحتوي على دهون مثل: الجلسرين، ويجب تجنب الصابون المحتوي على ألوان وروائح، كما قد يفيد الطفل استخدام بعض الزيوت المرطبة في أثناء الحمام، والحرص على قص أظفاره باستمرار، ومنعه من الهرش ليلاً. والحرص على أن يعيش الطفل حياته بصورة طبيعية قدر الإمكان، وأن يمارس الرياضة، خصوصًا السباحة، لأنها لا تسبب العرق، على أن يتم شطف بقايا مادة الكلور من الجسم بالاستحمام، ثم باستخدام الدهانات المرطبة. كذلك عدم التسرع في استخدام العقاقير دون الرجوع إلى الطبيب.

حساسية الجلد

    حسب د.حنان درويش، استشاري الأمراض الجلدية والحساسية بجامعة الأزهر، أثبتت الدراسات أن حساسية الجلد تصيب طفلًا واحدًا من بين كل خمسة أطفال، كما أنها من الأمراض التي تشكل عبئًا ماديًا على قطاع الصحة في كثير من الدول المتقدمة، خصوصًا أن السبب الرئيس لحساسية الجلد لدى الأطفال غير معروف إلى الآن.
    وحساسية الجلد لدى الأطفال لا تشكل خطرًا على الحياة، وهي ليست من الأمراض المعدية، لكن إذا أصيب المريض بالتهابات جرثومية، وهو معرض أكثر من غيره، نتيجة خلل الجلد الوظيفي، فإنه قد ينقل عدوى الالتهابات إلى شخص سليم، لذا يجب مراجعة طبيب مختص إذا تغير شكل المرض، أو أصيب بأعراض مصاحبة.

تشخيص المرض

    تعد حساسية الجلد من الأمراض المزمنة والمتكررة الحدوث، وقد تستمر في حالات نادرة إلى ما بعد سن البلوغ، وزيارة الطبيب المختص هي الخطوة الأولى في تشخيص المرض، ويتطلب ذلك فحص المريض فحصًا شاملاً مع أخذ السجل العائلي والمرضي. ويعتمد الطبيب في التشخيص على أعراض المرض والتحاليل المعملية.
    وتختفي، غالبًا، أعراض المرض في السنين الأولى من العمر، أو عند سن البلوغ، ولكن يعتمد الأطباء على وضع الحالة تحت السيطرة، وتقليل الشعور بالحكة وظهور الطفح، لذلك يجب تثقيف الأهل والمريض بأهمية الامتناع عن الحكة، ويعول الأطباء في ذلك، بشكل رئيس، على مضادات الجفاف، والكريمات المرطبة، ويمكن استخدام مضادات للحكة مثل مضادات الهيستمين المهدئة، كما أن استخدام الكمادات الرطبة الموصوفة من قبل الطبيب تساعد كثيرًا في تخفيف حدة الحكة، وإعطاء المريض فرصة لنوم أكثر هدوءًا.

نصائح مهمة

    حسب د.حنان، هناك ضرورة للمحافظة على نظافة الجلد دون إفراط أو تفريط، والاستحمام الزائد للطفل قد يكون ضارًا في بعض حالات الحساسية، كما أن استعمال الصابون غير المناسب يؤدي إلى مزيد من جفاف الجلد، خصوصًا في المناطق الصحراوية الجافة، ويجب عدم استخدام الإسفنج أو الأنواع الخشنة منها، إذ من الأفضل استعمال ليف من القطن الناعم. كما يجب تجفيف جلد الطفل برقة بعد الحمام، وعدم فركه بعنف، خصوصًا بالفوطة الخشنة أو التي تحتوي على مركبات النايلون. كما يجب عدم استعمال المناديل الورقية لتجفيف الجلد، إذ إن بعضها يكون خشنًا، وبعضها يحتوي على أنواع من العطور أو المركبات التي تؤثر على جلد الطفل.

ملابس الأطفال

    ينبغي عدم المبالغة في تلبيس الطفل وتدفئته، إذ إن الدفء الزائد قد يؤدي إلى مردود عكسي، وإلى زيادة العرق الذي يثير الجلد، لما يحويه من أملاح وغير ذلك، وعدم استعمال الملابس النايلون، أو الحرير، أو الصوف مباشرة على جلد الطفل المصاب بمرض الحساسية.
    وإن كان لا بد من استعمال تلك الأنواع، فيجب ارتداء ملابس قطنية داخلية تحتها لتحمي جلده من تأثيرها، كذلك يفضل استعمال مخدة من القطن وليس من الريش أو النايلون، لكي لا تؤذي جلد الطفل عند احتكاكه بها، أو أن تغطى المخدة بالقماش المصنوع من القطن الناعم.
    وعند غسل ملابس الأطفال يجب شطفها جيدًا، ليتم التخلص من رواسب الصابون والمنظفات الأخرى، خصوصًا الملابس الداخلية والجوارب، إذ قد تذوب تلك الرواسب مع العرق، وتؤدي، أحيانًا، إلى الحساسية، ويتم التخلص من رواسب صابون الغسيل بنقع الملابس بعد غسلها في الماء، وتركها مدة من الزمن.
    ويمكن أن يضاف إلى الماء بعض نقاط من عصير الليمون أو الخل الأبيض، حيث تساعد على ترسب مركبات الصابون، ومن ثم تشطف الملابس جيدًا بالماء. ويجب الحذر، أيضًا، من استعمال العطور، وعدم رشها مباشرة على جلد الطفل، وترش عند الضرورة على الملابس فقط.

الحساسية ليست معدية

    حسب د.حنان، فإن مرض الحساسية لا يمنع من أن يمارس الطفل حياته العادية كأي طفل آخر، ويجب أن يبلغ ذلك لإدارة المدرسة بتقرير من الطبيب المعالج، لأن الحساسية ليست معدية ولا تؤثر على أقرانه، ويجب أن يعمل الجميع على توفير جو طبيعي للطفل داخل الفصل.

تعاون الأسرة

    للعوامل النفسية والعصبية أثر مهم على أمراض الحساسية، فرغم ما قد يسببه الطفل من إجهاد وأرق للوالدين، إلا أن عليهما التحلي بالصبر، والاحتمال، وسعة الصدر، ليستطيع الطفل العيش في جو هادئ، بعيدًا عن التوترات المستمرة، وأن يزرعا في نفسه الثقة والطمأنينة، ولا بد من تعاون الأسرة بأكملها، وليس ذلك من باب الشفقة، بل المحبة والاحترام المتبادل ليكونا عونًا له على تخطى تلك المحنة.

غرفة نوم الطفل

    يجب الاهتمام بغرفة نوم الطفل، وأن تكون جيدة التهوية، ودرجة حرارتها مناسبة «نحو 27 درجة مئوية»، إذ إن الحرارة الزائدة أو البرودة الشديدة قد تؤثر على مرض الحساسية، كما أن للرطوبة أثرًا كذلك، ففي المناطق الصحراوية الجافة يفضل استعمال جهاز لترطيب الهواء إذا كان الطفل يشكو جفافًا بالجلد، ويمكن استعمال بخار الماء ليؤدي الغرض نفسه.
    كما يجب ملاحظة أن نباتات الزينة التي تستعمل داخل المنازل خاصة المزهر منها، قد تؤثر على حساسية الطفل، والحيوانات الأليفة داخل المنزل لها دور مهم، إذ إن شعر القطط والكلاب وغيرها قد يزيد مضاعفات الحساسية، وقد تكون سببًا لها، كما أن ريش عصافير الزينة قد يؤثر، كذلك، على مريض الحساسية.
    للغبار، أيضًا، أثر مهم على مرضى الحساسية، خصوصًا حساسية الجهاز التنفسي، ويجب ملاحظة ذلك جيدًا في البيوت القديمة، إذ يجب رش الغرف بالماء قبل كنسها حتى لا يتناثر الغبار، ويجب تنظيف زواياها جيدًا، لكي لا يترسب فيها الغبار، وكذلك بعض أنواع طفيليات الغبار المنزلي الذي له أثر مهم جدًا على حساسية الجهاز التنفسي.

تخفيف الحكة

    ولأن الحكة من أهم أعراض مرض الحساسية، وقد تكون مضنية للطفل، وقد تسبب له جروحًا، إذ ينشب، دائمًا، أظفاره بالجلد، وتظهر آثار ذلك واضحة، لذلك من المهم جدًا محاولة تخفيف الحكة حتى تهيأ الفرصة لالتئام الجلد، لذلك يجب باستمرار تقليم أظفار الطفل جيدًا، واستعمال كفوف قطنية، أو لف الأيدي بالقماش، لكي لا يؤذي جلده عند الحك.
    ويمكن استعمال ملابس خاصة مقفلة الأكمام ولا تسمح بظهور الأصابع، وإيجاد جو هادئ للطفل بعيدًا عن التوترات، كما يجب محاولة تسلية الطفل، ولكل سن ما يناسبها من وسائل التسلية المختلفة، وذلك إما بالألعاب، أو الرياضة، أو المطالعة، فلا بد من إشغاله بدلاً من أن يتسلى على جلده بالحك المستمر، فكلما زاد الطفل في حك الجلد شعر بالراحة، وكلما سبب بذلك لنفسه كثيرًا من الأذى.

تغذية الطفل

    تقول د.حنان: إن بعض أنواع الأطعمة والمشروبات قد تسبب حساسية للطفل، ويمكن، بالتعاون مع الطبيب المعالج، تحديد تلك الأصناف وتجنبها بعد ذلك، ولكن يجب ملاحظة أنه ليس كل نوع من الحساسية يسببها الحليب، والبيض، والموز، والسمك، كما يعتقد البعض، إذ إن حجب هذه الأطعمة عن الأطفال قد يؤثر على النمو.
    ولكن إذا ثبت فعلًا أن لها علاقة فلا بد من الاستعانة بمواد غذائية أخرى ذات قيمة غذائية تعوض تلك الأصناف، كما أنه لا يفضل إعطاؤه البرتقال ليأكله الطفل مباشرة، ويجب عصره أو تقطيعه، إذ إن ملامسة قشر البرتقال أو ما يتساقط من العصير على الجلد، قد يسبب حساسية موضعية حول الفم.