اقتصاد

الركود يكشر عن أنيابه
تداعيات أزمة سوق الائتمان العقاري الأمريكي تنذر بمخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمي .

 

Tareq AlMady

طــارق المـاضي
كاتب اقتصادي

هناك شبه إجماع على أن الأزمة التي يمر بها القطاع المالي في الاقتصاد الأمريكي خلال هذه الأيام هي نتيجة مباشرة لعدم إيجاد حلول ناجحة لأزمة الرهن العقاري الأمريكي المستفحلة منذ فترة طويلة في أمريكا وبريطانيا تحديدًا . ويمكن اختصار أزمة الرهن العقاري في تقديم آلاف القروض من البنوك الاستثمارية بأسعار فائدة عالية لمقترضين غير مؤهلين حسب سجلهم الائتماني الضعيف وتعثر الكثير منهم عن السداد . وسياسة التوسع في عمليات الإقراض دون وجود الضمانات الكافية هي نتيجة المنافسة الشرسة في سوق الإقراض العقاري التي كانت تعد نشاطًا شديد الربحية، وتسببت عمليات التخلف عن سداد القروض في موجة هذه المصارف الاستثمارية في أزمة سيولة خانقة، ولتدخل في دائرة الخطر شركات التأمين والرهن الأمريكية .

ولأنها كانت ولابد أن تكون لتلك الأزمة تداعيات، إن آجلاً أو عاجلاً، فقد تم إعلان إفلاس بنك « ليمان برذر » رابع أكبر بنك استثماري في الولايات المتحدة الأمريكية الذي تأسس قبل 150 عامًا، ورغم إحجام الفديرلي الأمريكي عن بذل أي محاولات لإنقاذ البنك، خصوصًا بعد انسحاب البنوك التي كانت تتفاوض من أجل عمليات استحوذ عليها، إلا أن صلبة الفديرلي الأمريكي أصبحت أقل خلال ساعات عندما بدأ الخطر يقترب من شركة التأمين العالمية أميركان إنترناشيونال غروب « إيه . آي . جي » ، وأصبحت تميل إلى ضخ سيولة لإنقاذ الشركة من مصير بنك ليمن برذر، خصوصًا أن الشركة تقدم خدمتها لنحو 75 مليون عميل عبر العالم، وتوظف 116 ألف شخص في 130 دولة .

ولمنع تساقط المؤسسات المالية الأمريكية كقطع لعبة الدومينو الشهيرة الواحدة تلو الأخرى توجهت السلطة الاقتصادية الأمريكية إلى مجلس النواب الأمريكي لإصدار تشريع يتيح له ضخ مبلغ 700 مليار دولار في محاولة لمنع تلك المؤسسات المالية من السقوط الواحدة تلو الأخرى . وفي محاولة لوقف تأثير انعدام الثقة في المالي الأمريكي والذي كان سببًا في حالة من الاضطراب الشديدة التي انعكست في سوق المال الأمريكية لتتحول وبشكل سريع وعبر الأطلسي إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية وجميع أسواق العالم التي شاهدت هبوطًا حادًا نتيجة أكبر أزمة مالية منذ أزمة الكساد الكبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1929 ، لذلك قام الفديرلي الأمريكي بتخفيض معدلات الفائدة وبشكل سريع نصف نقطة لتصبح 1 . 5 ?، وذلك في محاولة لجعل الاستثمار في الأسهم أكثر جاذبية من الوعائية الاستثمارية الأخرى .. وتعد الأزمة المالية العالمية الحالية الأضخم والأخطر منذ أكثر من 80 عامًا .