غذاء |
||||||||
الحملة الوطنية الأولى لسلامة الغذاء لا تقتصر الأسباب على الميكروبات، بل تتجاوزها إلى النباتات، والأحياء البحرية السامة , والزرنيخ , والرصاص , والزئبق .
أ . د . إبراهيم بن سعد المهيزع •
للغذاء مكانة مهمة في حياة الإنسان، فبه تنمو أجسامنا، وتصان، وتقوم بالأنشطة والجهد، ويأتي الغذاء والماء بعد الأكسجين في الأهمية لاستمرار الحياة، ليس للإنسان فحسب، ولكن لسائر الكائنات الحية، لذلك تحرص المملكة على أن تولي هذا الجانب أهمية قصوى لتوعية المواطن بالسبل المؤدية إلى المحافظة على الصحة العامة . من هنا كانت الحملة الوطنية الأولى لسلامة الغذاء برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، مناسبة لتوعية المستهلك بسلامة الغذاء الذي يتناوله، وكيفية الحد من التسمم الغذائي، وتجنب أضراره على الفرد والمجتمع . بين عصرين إن ما ينفق على الغذاء تزيد نسبته وتنقص حسب مستوى الدخل والمستوى المعيشي للفرد، وقد تصل حال الكثيرين إلى أن ما يحصلونه من كدِّهم لا يكفي لسد رمقهم . تسمم غذائي ليس الغذاء مطلبًا ضروريًا للإنسان فحسب، ولكنه ضروري لجميع الكائنات، ومنها الأحياء الدقيقة أو الميكروبات، وهذا ما يجعل الغذاء عرضة لأن تنقضَّ عليه هذه الكائنات للظفر بنصيبها منه، وحين تصل إليه تترك آثارًا سلبية عليه تتمثل في ظهور علامات الفساد، وبعضها ينتج سمومًا في الغذاء تسبب أعراضًا مرضية للإنسان تتمثل في الغثيان، والقيء، والإسهال، والمغص، والصداع منفردة أو مجتمعة، والحمَّى أحيانًا . وهذه الأعراض يُطلق عليها « أعراض التسمم الغذائي » ، وتقاس شدتها ووطأتها حسب الميكروب، فقد يكون التسمم من النوع الخفيف كما هي الحال في النوع الذي تسببه البكتيريا الشائعة التي تعرف بـ « المكورات العنقودية » ، حيث تظهر الأعراض بعد ساعة أو ساعتين من تناول الطعام الملوث، وتنتهي الحالة، عادة، دون مضاعفات . وقد تكون خطيرة حيث تتسبب في وفاة المصاب كالتسمم البوتشليني . الاهتمام ضرورة ولما تقدم يجب الاهتمام بموضوع التسمم وإيلاؤه حقه من العناية . كيف لا وهو يرتبط بالغذاء الذي يتكرر تناوله يوميًا ما دام الإنسان حيًا !
أضرار فادحة الأضرار التي تنتج عن التسمم الغذائي فادحة على المستويين الفردي والجماعي، وتتجاوز معاناة المصاب إلى جوانب أخرى منها : كلفة العلاج المرتفعة، وخسائر الانقطاع عن العمل، ونفقات إضافية جراء دفع تعويضات للمتضررين، وقد تصل إلى إفلاس المنشآت الغذائية المتسببة في التسمم، وتُقدر الخسائر بسبب التسمم وأمراض الغذاء في أمريكا سنويًا بما يقارب 76 مليار دولار . من هنا وهناك لعل من أضخم حوادث التسمم الغذائي ما حدث في الصين، إذ أصيب نحو 300 ألف شخص بفيروس التهاب الكبد الوبائي « النوع أ » عن طريق المحار الملوث بهذا المرض . وفي عام 1999 أصيب في اليابان 16 ألف شخص، بسبب تناول حليب ملوث بميكروب « المكورات العنقودية » ، وأدى هذا إلى إفلاس أكبر شركة مصنعة للحليب في اليابان . مساعدات داعمة تختلف العوامل التي تساعد على انتشار أمراض الغذاء والتسمم من بلد لآخر، ففي المملكة العربية السعودية، مثلاً، تجد أن درجة الحرارة تعد من العوامل المهمة، حيث إنها تؤثر بشدة في تكاثر الميكروبات وإنتاج السموم بالغذاء، وفي المملكة حيث تسود أجواء حارة في معظم أيام السنة، تساعد على زيادة حوادث التسمم الغذائي، وخصوصًا في أشهر الصيف الحار . ومن ذلك مصادر الغذاء، إذ تستورد المملكة أكثر من 60 ? من احتياجاتها الغذائية من دول تتفاوت فيها مستويات الاهتمام بسلامة الغذاء، وهذا يضع عبئًا ثقيلًا على كاهل الجهات الرقابية المعنية بفسح الغذاء المستورد، للعمل على حماية المستهلك من خلال ضمان سلامة الغذاء، دون إعاقة حركة تجارة الأغذية . ومنها تناول الطعام خارج المنزل، وهو غالبًا ما يصنع بأيدي عمال وافدين من بلدان شتى وثقافات مختلفة، وهم في الغالب غير مدربين، الأمر الذي يعرض سلامة الغذاء للخطر . من المسؤول؟ أظهرت التحليلات الإحصائية لمسببات حوادث التسمم بمختلف دول العالم أن أبرز العوامل المسؤولة عن التسمم هي : الطهو غير الكافي للأغذية النيئة، والتبريد غير الكافي للأغذية الجاهزة، وإذابة الأغذية المجمدة بطريقة خاطئة، وممارسات عمال المطاعم غير الصحية، وتلوث مصدر الغذاء كالحليب المأخوذ من حيوان مريض، أو الخضراوات المروية بمياه الصرف الصحي، وترك الغذاء الجاهز للأكل في درجة حرارة الغرفة زمنًا طويلًا قبل تناوله، والتسخين غير الكافي للمتبقي من الوجبات . وهذه العوامل يختلف ترتيبها حسب آثارها الضارة من منطقة إلى أخرى في العالم، وحسب العادات الغذائية، ودرجة الوعي، ونمط الاستهلاك الغذائي. الوقاية أولًا لما كانت الوقاية خيرًا من العلاج وجب الاحتياط والحذر من وصول الميكروبات الممرضة إلى الغذاء، ويتحقق هذا باتباع الإجراءات الصحية، بدءًا بإنتاج المأكولات في المزرعة، وانتهاءً بتحضيرها في المطبخ . والعلاج تاليًا لا بد عند إصابة الغذاء بالميكروبات الضارة من العمل على القضاء عليها، ونظرًا إلى استحالة منع وصول الميكروبات إلى الغذاء عمليًا، لوجودها في كل مكان تقريبًا، نتبع الأساليب المناسبة التي تشمل ما يلي : إبطاء نمو هذه الميكروبات بالتبريد أو بأي وسيلة أخرى، وهذا يؤدي إلى عدم زيادة عدد الميكروبات المسببة للمرض، وإيقافها باستخدام التجميد أو المواد الحافظة المسموح بها، والقضاء عليها باستخدام الحرارة كما هي الحال في البسترة، والتعقيم التجاري، والطبخ، أو باستخدام وسائل الحفظ الأخرى . قواعد ذهبية للحد من التسمم الغذائي
|
||||||||
|
||||||||