سياحة |
||||||||
جبل قارة • استطلاع وتصوير : عبدالعزيز محمد العريفي جبل قارة الواقع في منطقة الأحساء واحة القارة الجميلة من عجائب الدنيا الطبيعية، ومن أهم المعالم الجيولوجية في المملكة العربية السعودية التي تتجلى فيها روعة المكان وإبداع الخالق، ليس ككل الجبال، فطبيعته تثير في النفس المتعة والرغبة في التأمل .
يلوح في الأفق بأبراجه الصخرية وكأنها عمالقة من الرجال ينتظرون بأريحية الكرام مقدم الضيوف ليقوموا بواجبهم، تقترب منه أكثر فأكثر، فينتابك شعور غريب بأنك ربما ما زالت تغط في نوم عميق، وتعيش لحظة حلم جميل لا تود أن تفيق منها، بيد أن صور الواقع المحسوس لا تلبث حتى تقتحم خيالك وتوقظه من سباته المؤقت، لتكتشف أنك أمام أعجوبة من أعاجيب الخالق العظيم التي ربما لا يوجد لها مثيل في العالم، فتجتاحك في تلك اللحظة أحاسيس فياضة مفعمة بالحب والإعجاب والفخر بهذا الوطن العظيم وبانتمائك إليه، هذا الوطن الغني ليس ببتروله فقط، وإنما بكل ما تحمله كلمة غني من شمولية في المعاني والمضامين الراقية، فهو غني بإرثه الحضاري، والتاريخي، واللغوي، والطبيعي . عجائب الدنيا يعد جبل قارة الواقع في منطقة الأحساء وسط واحة القارة الجميلة من عجائب الدنيا الطبيعية، ومن أهم المعالم الجيولوجية في المملكة العربية السعودية التي تتجلى فيها روعة المكان وإبداع الخالق، وكان يعرف بـ « جبل الشعبان » ، ويقع شمال شرق مدينة الهفوف ويبعد عنها نحو 12 كيلومترًا، ويمتد بطول 2 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب، وبعرض يساوي ثلاثة أرباع الكيلو، بين قرية التهيمية في الشمال الشرقي، وقرية التويثير في الجنوب الشرقي، وقرية القارة في الشمال الغربي، وقرية الدالوة في الجنوب الغربي . بساتين النخيل ويرتفع جبل قارة عن سطح البحر بأكثر من مئتي متر، وهو عبارة عن تكوينات صخرية رسوبية من الحجر الرملي الجيري، تأخذ أشكالًا وهيئات متعددة، فتارة أشبه بالتماثيل الفرعونية الضخمة، وتارة أخرى تبرز تكويناته الشاهقة كحيوانات أسطورية اشرأبت أعناقها استعدادًا لحرب ضروس مع التنانين، ويشبه، إلى حد ما، في بعض جهاته قصور الأنباط المنحوتة في الجبال بمدائن صالح والبتراء، وإذا تسنى لك صعود أحد مرتفعاته، فستشاهد منظر بساتين النخيل تحيط به من كل جانب ليبدو كحسناوات عماليق يسبحن في لجة بحر من الزمرد الأخضر، وما إن تبدأ جولتك داخل كهوفه المتعددة ومغاراته المهيبة حتى تنتابك قشعريرة مزدوجة النشوة، قشعريرة الرهبة والدهشة من روعة المكان وعظمته وإبداع الخالق، وقشعريرة برودة الجو الأشبه بمربعانية الشتاء على الرغم من أن درجة حرارة الجو في الخارج قد تصل إلى ما فوق الأربعين . كهوف الجبل يعلل المؤرخ الكبير الراحل حمد الجاسر في معجمه الجغرافي برودة كهوف الجبل بأنها ناشئة عن وقوع تلك الكهوف أسفل الواحة، ما يمنحها تلك الطراوة، فضلًا عن حجب الصخور العظيمة حرارة الشمس، ما يسهم في تبريد التيارات الهوائية الداخلة، وفي أثناء توغلك في المكان وتشعباته والتواءاته يتفاوت اتساع الطرق والمغارات وضيقها تفاوتًا كبيرًا، فمن طريق يضطرك إلى حشر نفسك بين الصخور الملساء بصعوبة لتعبره إلى طريق آخر قد يصل إلى أمتار عدة في اتساعه، وكذا في الكهوف والمغارات، فبعضها لا تستطيع ولوجه إلا منحنيًا وجاثيًا على ركبتيك أو حتى زاحفًا وبعضها الآخر قد يصل اتساعه إلى بهو قصر كبير مثل غار الناقة الذي يستوعب أكثر من 500 شخص، وكان بعضهم ينام فيه ويضطر إلى التلحف بغطاء ثقيل لشدة برودته في أشد الأيام قيظًا . عجائب المكان الغريب أن الجبل يكاد يخلو تمامًا من الحيوانات والحشرات الضارة على اختلاف أنواعها، ما يدعو إلى دراسة مكونات الهواء داخل تلك الكهوف وتحليلها كخطوة احترازية، وما زال هناك الكثير داخل الجبل لم يكتشف بعد، بسبب ضيق بعض المداخل وشدة الظلمة، إلا أن الهيئة العليا للسياحة، كما سمعنا من بعض الإخوان، تسعى جاهدة لكشف المزيد من عجائب هذا المكان الفريد في نوعه وتأهيله، ليستقطب السائحين من جميع أنحاء العالم . معلم سياحي وقد صادفنا سائحين من الكويت، وقطر، والإمارات العربية قدموا لمشاهدة هذا المعلم السياحي المهم بعدما علموا عنه عن طريق الإنترنت، حسب إفادة بعضهم، وقد عمدت بلدية الأحساء إلى تحسين المواقع والمساحات حوله، إلا أنه ما زال متاحًا لمزيد من الاستثمار السياحي كبناء فنادق حوله، وإنشاء خط « تلفريك » يمر فوق الجبل،كما يحتاج المكان إلى تشديد الحراسة عليه، ومنع الأكل والشرب والنوم داخله، وإنارته بأضواء مخفية حتى لا تشوه تكويناته الطبيعية، ومصادرة راشات الطلاء التي بحوزة بعض الصغار من السائحين، تجنبًا لاستعمالها في الكتابة على الصخور الجميلة وتشويهها كما هو حاصل فعلًا، للأسف الشديد، في كثير من الكهوف، كما أن إزالة الكتابات الموجودة ليست صعبة مع توافر مزيلات الألوان الكيميائية الفاعلة . مجمل القول : إن المكان يزخر بمقومات سياحية تستحق العناية والاهتمام من الهيئة العليا للسياحة، ما يشجع على استثمارها وإدراجها في قائمة الأماكن السياحية العالمية .
|
||||||||
|
||||||||