مهرجان الجنادرية
وطن الشموس يزداد تألقًا
حمل شعار «الإسلام وحوار الثقافات» واستضاف أكثر من 300 شخصية عربية وعالمية.
• الرياض: فتحي سمير
• تصوير : هشام شما
من أهم أهداف مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة تأكيد الهوية العربية والإسلامية للمملكة العربية السعودية، وتأصيل موروثها الوطني بجميع جوانبه ليبقى ثابتًا وشامخًا أمام الأجيال القادمة التي تستمد هويتها من حاضرها، وماضيها، ومستقبلها.
|
|
|
|
يعد المهرجان حدثًا ثقافيًا مهمًا يعكس اهتمام القيادة الحكيمة بالتراث والثقافة والتقاليد العربية الأصيلة، من خلال رعاية الحدث كل عام والمشاركة فيه بشكل فعال، ليمتزج فيه نشاط الحاضر بعبق التاريخ المجيد.
وما يعكس الاهتمام الكبير لهذا المهرجان هو توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لجميع القطاعات للبقاء على استعداد تام لتقديم كل ما يمكن تقديمه إلى المهرجان، والمشاركة فيه بشكل فعال من قبل مختلف الجهات بالدولة بإشراف صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز، نائب رئيس الحرس الوطني ورئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، ومتابعة من صاحب السمو الملكي الفريق أول ركن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية ونائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة.
الجنادرية «24»
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، قد رعى حفل انطلاقة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الدورة الرابعة والعشرين بتنظيم الحرس الوطني بالجنادرية.
وشهد حفل الافتتاح مشاركة العديد من الضيوف من مختلف البلدان على رأسهم الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد إمارة أبو ظبي.
وكعادة سنوية افتتح المهرجان فعالياته بسباق الهجن الكبير الذي شارك فيه أكثر من 600 متسابق من دول مجلس التعاون الخليجي، وشاركت فيه لأول مرة الفرق الفلكلورية والشعبية، ويعد هذا السباق رقم «35» في تاريخ سباقات الهجن منذ انطلاقها.
وبعد انتهاء الشوط الأول من السباق تسلم الفائزون الخمسة الأوائل جوائزهم من خادم الحرمين الشريفين، بالإضافة إلى هدايا مقدمة من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات سلمها نيابة عنه الشيخ حامد بن زايد آل نهيان.
وحضر المهرجان أكثر من 300 شخصية من المفكرين العرب والأجانب من العلماء، والأدباء، ورجال الإعلام والصحافة، تمت دعوتهم في وقت سابق للمشاركة في الفعاليات الثقافية التي عقدت أيام المهرجان، حيث استقبلهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز مرحبًا بهم في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية خادمة الإسلام والعرب والإنسانية.
وقدم المثقفون هدية رمزية إلى خادم الحرمين الشريفين بمناسبة مرور ربع قرن على بدء فعاليات مهرجان الجنادرية، ومَثَّلهم في ذلك كل من د.أحمد عمر هاشم من مصر، ود.عبدالعزيز سعود البابطين من الكويت، ود.حسن فهد الهويمل من السعودية، وشفيق الحوت من فلسطين.
وحمل المهرجان لهذا العام شعار «الإسلام وحوار الثقافات»، وذلك بهدف إثراء الحوار الحضاري، والتمهيد للتفاهم بين الحضارات المختلفة والثقافات المتعددة، فضلاً عن طرح بعض الموضوعات المتعلقة بمناقشة القضية الفلسطينية.
ومنح خادم الحرمين الشريفين وسام الملك عبدالعزيز للدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر الوزير ورجل الدولة والأديب البارز، بوصفه الشخصية السعودية الثقافية لهذا العام، تكريمًا لمسيرته الإبداعية والعملية، كما أقيمت ندوة خاصة لتكريمه خلال أيام المهرجان شارك فيها د.ناصر الحجيلان، ود.عبدالعزيز الثنيان، ود.أحمد الزيعلي.
وضمن فعاليات المهرجان عقدت أضخم مسابقة لحفظ القرآن الكريم تحت عنوان: «مسابقة خادم الحرمين لحفظ الكريم الكريم والسنة النبوية للطلبة والطالبات»، اشترك فيها طلاب المدارس، ورعاها الفريق أول ركن متعب بن عبدالله في خطوة تهدف إلى ربط الجيل الجديد بالقرآن والسنة، وترسيخ المبادئ الدينية داخل عقولهم.
وتم تخصيص أيام محددة من المهرجان لزيارة العوائل من أجل إتاحة الفرصة أمام الجميع للاطلاع على الفعاليات الثقافية المتعددة داخل المعرض، وزيارة الأجنحة المختلفة للجهات المشاركة من مختلف قطاعات الدولة والشركات الخاصة.
الخطوط السعودية ومشاركة مميزة
وشاركت الخطوط الجوية العربية السعودية في المهرجان عبر مقرها الدائم «متحف السعودية» ، لتعرض مراحل تطورها منذ نشأتها إلى وضعها الحالي، وما تقدمه من خدمات جديدة ومنها التذاكر الإلكترونية وغيرها، وأساليب الحجز المتطورة.
وحظي الزوار بشرح من قبل المختصين المسؤولين عن جناح الشركة، وتزودوا بكم كبير من المعلومات حول الطائرات ومنها معدات السلامة والصندوق الأسود، وأنواع الطائرات، والعديد من الموضوعات الأخرى التي انجذب إليها الزوار.
وبرز العنصر النسائي خلال هذه المشاركة، من خلال زيارة الأقسام المتعددة داخل الجناح، والاستفسار عن كل ما يتعلق بالطيران وتلقي الإجابات عن هذه التساؤلات، مع تقديم الشرح الوافي حول المواضيع المطروحة
روسيا ضيف شرف
واستمرارًا لما قدمه المهرجان في العام الماضي من استضافة دولة كضيف شرف لتشارك في المهرجان، تمت دعوة روسيا للتعرف على الثقافة الروسية والتقاليد الخاصة بها، من خلال الجناح الروسي الذي قدم العديد من المعروضات التي تعبر عن كل المناطق الروسية، وعرضت التشكيلات المتنوعة للقطع الخشبية المنقوشة، والحرف الشعبية، وفن الطرق على المعدن والفخار، والأساليب الفنية للحدادة والمعدن، والخياطة التراثية بالخيوط الذهبية، والحرف الشعبية السيبيرية، ومعرض الأزياء الشعبية.
أوبريت الجنادرية
ومن أهم ما يميز مهرجانات الجنادرية هو «الأوبريت» الخاص بكل مهرجان، والذي بدأ تقديمه في عام 1410هـ بعنوان: «مولد أمة». وتعتمد الأوبريتات المقدمة على كلمات أشهر الشعراء والفنانين المعروفين.
ويتضمن الأوبريت لوحات استعراضية تعكس أحداثًا معينة، أو تشرح وتعكس ما يتم تقديمه من أشعار وغناء خلال الأوبريت، أو للتعبير عن بعض الظواهر الاجتماعية.
وهذا العام، قدم الفنانون أوبريت «وطن الشموس» من كلمات الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن.
ومضات من تاريخ المهرجان |
افتتح المهرجان الأول في 2/7/1405هـ واستمر حتى 13/7/1405هـ، بهدف الاهتمام بالتراث السعودي وتذكير الأجيال القادمة به.
وضم المهرجان قرية متكاملة للتراث تجمع كل منطقة من مناطق المملكة بطريقة خاصة بها، وأدوات ومقتنيات وبضائع قديمة تعكس حال المجتمع في فترة تصل إلى 50 عامًا سابقة. وحقق هذا المهرجان نجاحًا واسعًا حتى تم افتتاح المهرجان الثاني في العام التالي في اليوم نفسه، وزاره أكثر من نصف مليون زائر خلال مدة المهرجان الذي امتد إلى أسبوعين.
وتم تقديم العديد من العروض الشعبية خلال المهرجان الذي شاركت فيه 13 فرقة من جميع أنحاء المملكة، بالإضافة إلى أمسيات شعرية شارك فيها أكثر من 200 شاعر، كما تم تقديم جميع المقتنيات القديمة، والحرف اليدوية الشعبية من خلال 57 محلاً تم إعدادها خصيصًا لهذا الأمر.
وخلال المهرجان الثالث تم إقرار تقديم ندوة ثقافية كبرى يشارك فيها كبار المثقفين والمفكرين العرب، ويخصص موضوع للمناقشة كل عام يتعلق بالتراث الشعبي للمملكة وعلاقته بالفنون الأخرى، ويقدم الباحثون خلالها أوراق عمل ودراسات متعلقة بذلك.
وفي هذا المهرجان تم توسعة المساحة المخصصة للمهرجان بـ2000 متر مربع، وذلك لإتاحة الفرصة لاستيعاب أكبر قدر ممكن من المعارض، فضلاً عن إنشاء صالة جديدة للنشاطات الثقافية الأخرى بمساحة 2000 متر مربع أيضًا.
وشهد المهرجان الرابع تطورًا مهمًا، حيث تم عمل معرض للوثائق ضم عددًا كبيرًا من الوثائق السياسية، والاجتماعية، والتاريخية الخاصة بالمملكة، في خطوة تهدف إلى إبراز تاريخ المملكة وكفاح الملك عبدالعزيز، رحمه الله.
بعد ذلك دخل المسرح السعودي إلى الميدان بقوة وحقق نجاحًا كبيرًا لفت الانتباه، وأدخل المزيد من المشاركات الثقافية والفنية إلى المعرض، وساهم في جذب المزيد من الزوار، هذا بجانب المضمار الرياضي الذي يقدم سباق الهجن الكبير الذي يتم كل عام في بداية المهرجان.
ويعد معرض الكتاب من عناصر الجذب التي عرفها مهرجان الجنادرية، حيث بدأت إقامة المعرض مع المهرجان الخامس، بمشاركة 36 دار نشر جذبت أكثر من 150 ألف شخص لزيارة المعرض، والاطلاع على ما يضمه من كتب، ثم شمل فيما بعد معرضًا مصاحبًا للوثائق والصور.
ودخلت المرأة في الصورة خلال المهرجان الثاني عشر، حيث خرجت من دور المرأة التراثية والفلكلورية إلى آفاق أرحب مكنتها من تقديم نشاط ثقافي تعده اللجنة الثقافية الخاصة بالمهرجان ويشمل ندوات، ومحاضرات ثقافية متعددة.
وكان المهرجان الرابع عشر له طابع مميز، حيث جاء بالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، ما دفع المنظمين لاتخاذهم بعدًا تنظيميًا يليق بمواكبة حجم المناسبة الكبيرة لهذه الذكرى العظيمة التي احتفل بها كل المشاركين في المهرجان.
وشاركت العديد من الجهات المهمة في المهرجان التاسع عشر، ومنها وزارة الخارجية، ووزارة البترول والثروة المعدنية، كما تم تجهيز مبنى خاص بوزارة الدفاع والطيران، ومبنى لإمارة منطقة جازان.
ومن أبرز النشاطات التي شهدها المهرجان التاسع عشر هو قيام مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض بإقامة المعرض الفوتوغرافي الدولي «الأرض من السماء» والذي قام خلاله المصور العالمي يان ارتوس برتوان بتسليط الضوء على حالة الكرة الأرضية في الألفية الجديدة من خلال صور التقطها من السماء.
|
|