تراث


العرضة السعودية
من رقصة حرب إلى فرح وسلام
العرضة السعودية نتاج تطور لعادة عربية قديمة، وهي ملازمة للرجال.

King Abdullah1

• الرياض: عبدالله العميرة
• تصوير: خالد الخميس، وأحمد يسري

تعد العرضة النجدية، كما هو معروف، فنًا حربيًا كان يؤديه أهالي نجد بعد الانتصار في المعارك، وذلك قبل توحيد أجزاء البلاد عندما كانت الحروب سائدة في الجزيرة العربية.

King Abdullah2

من مستلزمات هذا اللون من الفن الراية، والسيوف، والبنادق، لمنشدي قصائد الحرب، بينما هناك مجموعة من حَمَلة الطبول، يضربون عليها بإيقاع جميل متوافق مع إنشاد الصفوف، ويطلق على أصحاب الطبول الذين يقفون في الخلف «طبول التخمير»، أما الذين في الوسط، فهم الذين يؤدون رقصات خاصة بطبول الإركاب، كما يوجد بالوسط حامل البيرق «العلم».

وتقام في وقتنا الحاضرالعرضة السعودية في مواسم الأعياد والأفراح. كما أصبحت تقام في كل عام في موسم المهرجان الوطني السعودي للتراث والثقافة «الجنادرية» بحضور الملك. ويحرص جميع السعوديين في مثل هذا اليوم من كل عام على حضور حفل العرضة، ومشاهدته في موقع إقامة الحفل، أو عن طريق متابعته على الهواء مباشرة على شاشة التلفاز الذي يعتاد نقل فعالية العرضة على هامش فعاليات الجنادرية وأنشطتها.

ويُعرف عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز إجادته العرضة باحترافية عالية، كما عُرف عن الملك فيصل بن عبدالعزيز، يرحمه الله، إجادته أداء العرضة، وكذلك الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض، والعديد من الأمراء من مؤدي العرضة الأفضل.

وبالنظر إلى طريقة أداء العرضة السعودية، فإننا نجد أنه يغلب عليها أداء الكورال الذي يكرر أبياتًا معينة، ثم تليها الرقصة التي تكون، عادة، عبارة عن رفع للسيف، وتمايل جهة اليمين أو جهة اليسار، مع التقدم لعدد من الخطوات إلى الأمام. ويكون المنشدون، عادة، في صف واحد، وتستخدم فيها أنواع مختلفة من الطبول يطلق على الكبيرة منها اسم «طبول التخمير»، والصغيرة «طبول التثليث» التي اكتشفت مع العرضة السعودية في الوقت نفسه، بهدف رفع المعنويات، وكذلك لاستعراض القوة قبل الخروج إلى الحروب. وعندما اكتشف المحاربون أن الأصوات لا تكفي لأداء الغرض، وبالعودة إلى الأزياء التي تستخدم في العرضة النجدية، تم إدخال عنصر الإبهار الجمالي في تشكيلات هذه الرقصة، لذا فقد اهتم الراقص بإظهار الأسلحة وأدوات الحرب والقتال طوال هذه الرقصة، بالإضافة إلى وجود زي خاص يستخدم فيها، وهو زي فضفاض واسع يسمح بسهولة الحركة للراقصين، ويصنع من قماش أبيض اللون خفيف حتى يتلاءم مع الطبيعة المحيطة التي تؤثر فيها عوامل الطقس، ويرتدي، عادة، فوق هذه القطعة قطيفة سوداء تسمى «القرملية» تكون، أحيانًا، ذات أكمام طويلة، وتلبس مع الشماغ، والغترة، والعقال. ومن المستبعد أن تتم العرضة دون حضور السيف الذي يعد عماد الرقصة، ويلبس الراقص في الوقت الحاضر «محزمًا»، وهو «جله» يوضع بشكل متقاطع، وكان قديمًا ذا أهمية في وضع الرصاص للبنادق. ويتم تسخين طبول التخمير أو طبول التثليث تحت الشمس أو تحت نار هادئة، بغرض شدها ليكون إيقاعها رنانًا وعاليًا.

ومن أشهرالأبيات التي يتم ترديدها: «نحمد الله جات على ما نتمنى.. من وليّ العرش جزل الوهايب». ويشكل هذا البيت واحدًا من أبرز سمات الثقافة النجدية السعودية، حيث يأتي مطلعًا للعرضة السعودية، وهي الرقصة الرسمية للبلاد، والحاضرة الدائمة في كل المناسبات الوطنية التي يعبر فيها في الوقت الحاضر عن الفرح والسلام. كما أن في مناطق المملكة العديد من الرقصات الشعبية التي يؤديها الأهالي في المناسبات العامة والخاصة.