April_09Banner

فنون


التشكيلي أحمد نوار:
المضمون أهم من القيمة الجمالية
اللوحة التشكيلية ليست كتابًا أدبيًا أو قصيدة شعرية، ولكنها منتج فني له عالمه الخاص.
Report2_1

• القاهرة: شريف عبدالمنعم

د.أحمد نوار فنان تشكيلي غير تقليدي، تحمل لوحاته معاني إنسانية نبيلة كالسلام والإرادة والتحدي، ويعبر عن هذه المفاهيم بالرسم أو الحفر أو الجرافيك.
التقينا د.نوار في مرسمه القريب من أهرامات الجيزة، وتحدثنا معه في العديد من الموضوعات التي تتعلق برحلته مع الفن التشكيلي، والرسالة التي يحملها الفنان ويعبر عنها من خلال الأدوات والعناصر المتباينة، والعديد من القضايا الأخرى التي يحتويها الحوار التالي.

  • قمت برحلات استكشافية سيرًا على الأقدام آلاف الكيلومترات، من أجل رسم الأماكن التاريخية والمناظر الطبيعية

  • التعبير عن القضايا الإنسانية من خلال الشكل العضوي والهندسي هو محور أعمالي منذ عام 1965 وإلى الآن

  • الحركة التشكيلية العربية تفتقد إلى متخصصين قادرين على تسويق أعمال الفنانين

Report2_2

كيف أثرت البيئة والتنشئة في إبداعاتك؟
كان للبيئة التي نشأت فيها، دون شك، تأثير كبير في أعمالي الفنية منذ البداية وإلى الآن، فمرجعية نشأتي تعود إلى ميلادي في قرية صغيرة بمركز «الشين» في محافظة الغربية، ما أهلني للاستفادة من جمال القرية وعمارتها البيئية التقليدية الرائعة التي بناها وصممها الفلاحون أنفسهم، فتجد فيها رائحتهم، وبساطتهم، وأصالتهم، وسمات الريف المميزة كافة.

تأثرت، أيضًا، بالعادات والتقاليد التي رأيتها وتربيت عليها، كالطقوس المتعلقة بالمواسم الزراعية، والأفراح، والمناسبات المختلفة، كالأعياد، والمناسبات الدينية، هذا بالإضافة إلى المظاهر الجميلة التي تتركز في الأزياء الخاصة بالفلاحين، والفلاحات، والأطفال، ومشاهد الزراعة الخضراء الممتدة في الأفق وشروق الشمس وغروبها، فهذا كله أثر بصريًا في كل مفرداتي التي تعاملت معها منذ البداية واستمر معي إلى الآن.

متى كانت بداية علاقتك مع الريشة واللوحة؟
المرحلة الأولى منذ سن 7 أعوام إلى 15 عامًا، وفيها شملت لوحاتي انطباعاتي الأولى عن القرية، والريف، والحيوانات، والزراعة، والسوق الشعبية التي تقام ليوم واحد كل أسبوع، وكل ما يتعلق بالعادات والتقاليد والعمارة الريفية، وحينما وصلت إلى المرحلة الجامعية اخترت الدراسة في كلية الفنون الجميلة، وكنت أسافر كل أسبوع إلى قريتي، وآخذ معي الألوان واللوحات، وأرسم المناظر المختلفة التي أشاهدها، حيث كانت هوية الريف المصري متأصلة في معظم أعمالي خلال تلك المرحلة.

وفي عام 1965 قمت ومعي أصدقائي في الكلية برحلة سيرًا على الأقدام طولها نحو 7 آلاف كيلو في المحافظات المصرية كافة، واستغرقت مدتها أربعة أشهر، وكنا نسجل كل ما تقع عليه أعيننا من مناظر لافتة للانتباه، وما زالت عندي هذه تلك اللوحات وأعتز بها جدًا، وأعدها من أهم مراحل حياتي الفنية على الرغم من مرور 44 عامًا من رحلتي مع الفن التشكيلي.

امتد اهتمامي بعادات الناس وتقاليدهم بعد ذلك، حينما انتقلت إلى المدينة، فكنت أذهب مع زملائي إلى المناطق والأحياء الشعبية كالحسين، وخان الخليلي، والفخارين، والقللي، ثم قمت مع أصدقائي برحلة إلى سبع دول عربية، وبعض الدول منها: قبرص، ولبنان، والكويت، والأردن، والقدس الشرقية، وكان اهتمامنا منصبًا على رسم الأسواق الشعبية، والأماكن التي بها طابع، وعبق، وتاريخ المدينة التي نذهب إليها، وأعد رحلات الاكتشاف تلك والإقدام عليها على الرغم من قسوة السفر والترحال كان لها تأثير كبير في حياتي، وما زلت محتفظًا بإنتاجي خلال تلك المرحلة إلى الآن.

هل هذا المضمون متغير؟ بمعنى أن كل شخص من الممكن أن يقرأ العمل الفني بطريقة مختلفة؟
فك شفرات العمل الفني من خلال العناصر الموجودة به من الممكن أن يتباين بالفعل من شخص لآخر، والعمل الجيد هو الذي يترك مساحة للمشاهد تجعله يفكر بعمق فيما تحمله اللوحة من مضمامين، وتحفزه على المشاركة والتفاعل مع عناصر العمل.

الحركة التشكيلية العربية كيف تقيمها؟ وما الصعوبات التي تواجهها؟
من حيث المستوى نجد أن هناك مجموعات من الفنانين المتميزين في بعض الدول العربية منها: مصر، والعراق، وسوريا، ولبنان، وتونس، والأدرن، وفلسطين، والجزائر، والسودان، كما بدأت الحركة التشكيلية في دول الخليج تنشط خلال العقدين الأخيرين بطريقة ملحوظة، وإن كان ينقص تلك الحركة تطعيمها بالمتاحف والكليات والمدارس الفنية.

أما من ناحية السوق، فالمنطقة العربية للأسف الشديد تفتقد إلى متخصصين على مستوى علمي وثقافي قادرين على تسويق أعمال الفنانين التشكيليين، وعلى الرغم من أن هناك مجهودات ذاتية من بعض قاعات العرض لتسويق أعمال بعض الفنانين، إلا أن تلك المجهودات الفردية ليست كافية، وتحتاج إلى إثقالها بتدخل الحكومات العربية، لأننا منطقة غنية بالعناصر الفنية والتراثية، ولا يمكن أن نفتقد مثل هذه السوق أو متحف فني يجمع خيرة أعمال الفنانين العرب.