روما
مدينة زاخرة بآثارها
لقبت لقرون بـ«المدينة الأبدية»، ففيها الكثير من المعالم التي لم تمحها معالم العصر الحديث.
• روما: جمانة مصطفى
روما لا تخذل زوارها، حيث تتعايش المتناقضات جنبًا إلى جنب، فستجد وسط المدينة الملونة الصاخبة التماثيل الصامتة الشاهدة على عظمة ما كان، فكل شيء يصنع بفن.
روما مدينة رُسمت بالفرجار وليس بالمسطرة، فالانحناءات والتعرجات سمة رئيسة ظلت من موروث الحضارة الرومانية، وقد ترك هذا الامتداد التاريخي بصماته الواضحة على طابعها الحالي.
لقبت لقرون بـ«المدينة الأبدية»، حتى بعد تفكك الامبراطورية الرومانية، وبقيت كذلك حتى عام 1929.
فيها كثير من الروائع الأخاذة التي لم تمحها معالم العصر الحديث، إذ كان الجمال سخيًا معها، فالآثار ما زالت صامدة على حالها، والعيون ما زالت تستمتع بمشهد المدينة الغني، المختلف، والصاخب.
وحتى للأوروبيين، فإن لروما طابعها الخاص الذي يعده بعض الناس عشوائيًا، بسبب قلة التحديث الذي طرأ عليها بهدف الحفاظ على الآثار الرومانية، كذلك تعد شبكة القطارات الأرضية متواضعة بالمقارنة مع مثيلاتها الأوروبية، لحذر بلديتها من الأعمال التي تحت الأرض وتأثيرها في الآثار، أما الطابع الحديث للمدن فستجده في الضواحي الخارجية لهذه العاصمة.
وللإنصاف لا يمكن تفضيل المواقع الأثرية على بعضها بسهولة، لكن يجب التوجه إلى تلك التي حظيت بشهرة عالمية وعلى رأسها، طبعًا، مدرج الكولوسيوم الذي بني عام 72 بعد الميلاد، حيث كانت تدور المصارعة الرومانية الشهيرة بين المجالدين والوحوش، وتتوج روما انتصاراتها بالاحتفالات الفخمة.
يتكون المدرج من أربعة طوابق تمثل في مجملها تحفة فنية رائعة في فن العمارة الهندسية، وتقول الأسطورة الرومانية إنه ما دام الكولوسيوم قائمًا فإن روما ستبقى قائمة، إلا أن جزءًا منه انهار بالفعل في القرون الوسطى إثر زلزال ضخم ضرب روما، وقد استخدم عدد من ارستقراطيي ذلك العصر الحجارة المنهارة لبناء قلاعهم وقصورهم.
في روما افعل ما يفعل أهلها. إنها العادات التي تحكم تحركات السائحين وليس الاعتقاد في الأساطير، فإحدى أجمل هذه العادات هي رمي العملات المعدنية في نافورة الأمنيات (Fontana di Trevi).
روما مدينة تسلب الحواس منذ اللحظة الأولى، لا سيما النظر، تستوقفك تماثيلها واحدًا تلو الآخر، ولكل تمثال حكاية وربما أسطورة، ولعلها المدينة المثالية لهواة التاريخ والآثار، وهذا الثراء البصري الرائع سيتطلب من زائرها أن يسير بالخطوة البطيئة، فالسرعة تختزل متعة التأمل.
ومن المعالم الجديرة بالزيارة، بالإضافة إلى ما ذكر، نهر التبر (Tevere) وساحة الرسامين الشهيرة (P.zza Navona)، حيث يجتمع عدد من فناني إيطاليا، ويمكنك الحصول على عدد من الرسومات الرائعة بأسعار معقولة.
من يزر روما يدرك منذ الساعات الأولى كيف خرجت معظم المدارس الفنية منها، حيث جذور الفنون والآداب الكلاسيكية والحديثة، لا سيما الرسم والنحت.
في هذه العاصمة للمرء أن يتجاوز القاعدة القائلة: «لا تلمس العمل الفني» فتلمس الآثار متعة أخرى، على الأقل المسموح به منها، والكل يود تأمل سلاسة يد النحات في انشغاله بمنحوتته، واستشعار خشب الأبواب القديمة والجدران، والأشجار العريضة التي يتجاوز عمرها الألف عام في الحدائق العامة، أو الجلوس على حواف النوافير ومداعبة المياه الباردة.
وفي قلب المطبخ الإيطالي الشهير يجب على الزائر أن يتوقع الكثير من البيتزا والباستا، فالفرق بين المعكرونة والباستا أمر أساسي لدي الشعب الإيطالي، يجب على السائح أن يدركه ليعرف ما سيقدم في طبقه، فالباستا هي المصطلح العام، أما المعكرونة فهي صغيرة الحجم فقط، ويجب على السائح أن يجرب الأنواع الإيطالية التي تشتهر بها إيطاليا دون غيرها، والتي لن تجدها في المطاعم الأمريكية التجارية «البيتزا».
أما المقبلات الإيطالية فتعتمد بشكل رئيس على الخضراوات واللحوم المجففة، ولا ضير من زيارة محال التموين الكبيرة وشراء كمية قليلة من كل نوع من الجبن. والمطبخ الإيطالي وإن كان يشبه في مكوناته المطبخ العربي، لا سيما تلك البلاد المطلة على البحر المتوسط، إلا أنه يختلف في استخدام الأجبان بكثرة.
يفضل أن يطلب السائح نصيحة النادل عن أفضل الأطباق، مع ضرورة حصوله على شرح مفصل للمكونات، لا سيما المسلمين، فيجب عليهم التأكد من عدم وجود النبيذ.
وتضم المدينة دور الأوبرا والمسارح التي تعد الأهم في العالم، ولعشاق هذا الفن يجب أن يحددوا مواعيد زيارتهم بعد السادس من أكتوبر من كل عام حيث يبدأ الموسم الجديد.