عملية التوصيلات الشريانية للقلب
مقارنة بين القثطرة والبالون
يتم اللجوء إلى القثطرة للسيطرة على آلام خناق الصدر المستقر وغير المستقر، وفي حالات احتشاء القلب الحادة.
• د.نادر الشيخ الغنيمي
اختصاصي جراحة القلب
بالرغم من أن عمليات التوصيلات الشريانية للقلب (CABG) سبقت عمليات التوسعة بالقثطرة التي بدأت في سويسرا على يد (Gruentzig Andreas) عام 1977، فإن القثطرة اكتسبت شعبية بين الأطباء، حيث أصبحت في منتصف الثمانينيات منتشرة بشكل كبير، ولقد عُرفت تحت اسم: «القثطرة الوعائية القلبية عبر الجلد» (Percutanous Transluminal Coronary Angioplasty PTCA). لقد تم سحب البساط من أمام عمليات القلب، وأصبح الكثير من الأطباء يفضلونها، خصوصًا عند إصابة شريان واحد غير الشريان الأيسر الرئيس.
في البداية كان الشريان يعود للتضيق في 30? إلى 40% من الحالات خلال العام الأول، بالرغم من استخدام البالون. وكانت 3% من الحالات تفشل ما يضطر جراح القلب إلى القيام بعملية توصيلات شريانية للقلب عاجلة. لذا تم تطوير فكرة إدخال نابض «راسور» (stents) داعمًا بعد التوسعة بالبالون، فتحسنت النتائج كثيرًا. ولكن عادت التضيقات في الحدوث بعد فترة أطول، ما استوجب تحسين نوع النوابض وطليها بالبلاتين والذهب. في بعض البلدان مثل اليابان تفوق حالات القثطرة السبعة أضعاف عمليات القلب. أما في أمريكا فتُجرى سنويًا نحو 600 ألف حالة قثطرة وتوسعة. وتعود أسباب تفضيلها إلى كونها أقل كلفة وأقل تدخلاً من الجراحة (less invasive)، وخصوصًا بعد أن انتشر إجراء القثطرة والتوسعة معًا في وقت واحد. بينما تحتاج الجراحة إلى قثطرة منفصلة, ودخول المشفى في وقت ثانٍ لإجراء عملية القلب. لكن مريض القثطرة يضطر خلال سنوات إلى العودة لإجراء قثطرة ثانية. وهناك حالات تكون للجراحة اليد الطولى، إذا كانت الإصابة في الجذع الرئيس أو في الشرايين المحيطة. وكذلك فإن الجراحة تتفوق في مرضى السكري، وفي حالات إصابة شرايين عدة (multivessel). تزول الآلام الصدرية بشكل أكبر عند مرضى الجراحة، ونادرًا ما يحتاجون إلى إعادة العملية قبل مرور عشر سنوات، ولكن بعض الناس يشعرون بألم صدري في عظم القص لا يتعلق بالجهد. لا يمكن أن تتم المقارنة بين الطريقتين الآن دون الأخذ في الحسبان أن نتيجة تفضيل القثطرة كحل أولي، فإن الحالات التي تحول إلى الجراحة تكون متقدمة أكثر، لذا لا يمكن مقارنة النتائج بشكل مُنصف.
يتم اللجوء إلى القثطرة للسيطرة على آلام خناق الصدر المستقر وغير المستقر، وفي حالات احتشاء القلب الحادة. وإذا كانت الأوعية المحيطية متضيقة فلا يُنصح بها، وكذلك في حالة إصابة شرايين عدة معًا، وكذلك عند مرضى السكري.
يعمد الطبيب إلى إدخال القثطرة عن طريق الشريان الفخدي (Femoral)، وفي حالات أقل عن طريق الشريان الكعبري (Radial)، أو الشريان العضدي (Bracial). يُدخل الطبيب إبرة خاصة (introducer needle) عبر الجلد، ومن هنا جاء الاسم (percutanous)، ويتم إدخالها من خلال الغمد (sheath) لإبقاء الشريان مفتوحًا، ثم إدخال القثطرة الموجهة (guiding catheter) عبر الغمد. يلجأ الطبيب إلى المناورة بالقثطرة لإيصالها إلى فوهة الشريان القلبي الإكليلي في بداية الأبهر، حينها تحقن المادة الظليلة الشعاعية. ويؤدي حقن المادة الظليلة إلى وضوح الرؤية الشعاعية، وتتبين أماكن التضيقات في الشرايين التاجية، وأماكن وضع الصفيحات العصيدية «الشحمية» (atheromatous plaque). يُدخل الطبيب البالون ذا القياس المناسب عبر القثطرة مع السلك الموجه، ويكون البالون الأجوف من الوسط محيطًا بالسلك. يدفع السلك الموجه عبر القثطرة عبر فوهة الشريان التاجي، وحين يصل إلى التضيق تتم المناورة لتجاوز التضيق، ويجري زلق البالون حوله ليصل إلى مكان التضيق. بعد أن يقرر الطبيب نفخ البالون فيؤدي إلى سحق الصفيحات العصيدية «الشحمية» ويوسع الشريان بالمباعدة بين جدرانه. وفي حال أراد الطبيب أن يستخدم النابض الداعم (stent)، فإنه يكون أصلاً حول البالون، وعند نفخ البالون يفتح النابض كما تفتح المظلة، ويبقى داخل الشريان ما يؤمن بقاء الجدران متباعدة. إن إبقاء النابض (stent) أدى إلى تحسين فترة بقاء الشرايين مفتوحة، وقلل من نسبة إعادة القثطرة. ولكن وجود النابض كجسم أجنبي يؤدي إلى تراكم خلايا بالعة حوله، ما قد يسبب خثرة دموية. ولقد تم طلي النوابض بالبلاتين أو الذهب، ما خفف من حدوث الخثرات، فضلاً عن استخدام مميعات الدم والأسبرين.
وتم تصنيع نوع خاص من الدواعم يقوم بإطلاق أدوية لمدة بين 30 يومًا حتى 90 يومًا بشكل موضعي للوقاية من تجمع الخلايا، ولكن ذلك يسبب، أيضًا، تأخرًا في تكوين خلايا اندوتليالية.
يكون المريض مستيقظًا في أثناء القثطرة, وقد يعاني آلامًا في الصدر خلالها، ما يضطر الطبيب إلى تغيير طريقة المناورة، وأحيانًا العدول عن المُضي في القثطرة.
من المشاكل التي قد تسببها القثطرة حدوث نزيف حول مكان دخول القثطرة، وذلك بسبب استخدام مميعات الدم (heparin & aspirin)، وغالبًا ما تتشكل كدمة زرقاء, أو ورم دموي (hemtoma)، وذلك أمر يحدث نادرًا، وقد يحدث التهاب في مكان دخول القثطرة. ويحدث في حالات نادرة تمزق في جدار الشريان (dissection). وتقل نسبة حدوث الاختلاطات الشريانية عند استخدام شرايين الذراع. وتحصل لبعض الناس ارتكاسة تحسسية من جراء مواد الصبغة الظليلية (allergic reaction).
أما الاختلاطات الخطرة فيشكل الموت نسبة 1% وحدوث جلطة في 3% من الحالات، ما قد يستوجب عملاً جراحيًا فوريًا لتوصيلات شريانية (CABG). وتحدث حوادث وعائية دماغية في 0.1%، وقد يمتد التمزق إلى جدار الأبهر.
بالرغم من بعض المخاطر فإن القثطرة القلبية والدواعم أعطت الأطباء أدوات كثيرة ساعدتهم على تحسين نوعية الحياة لدى مرضى القلب، وأسهمت في تأخير اللجوء إلى عمليات التوصيلات الشريانية للقلب.