|
..المُبَخِّرات
كيف نتجنب مخاطرها؟
هي مواد كيميائية شديدة السمية تتبخر بسهولة وتأثيرها في الصحة سريع وقاتل. |
• د.عبدالبديع حمزة زلليً
أستاذ علم التلوث والتسمم البيئي بجامعة طيبة
المُبَخِّرات ويُطلق عليها أيضًا المُدخِّنات أو الداخنات (Fumigant) وهو مصطلح حديث قد يكون جديدًا على مسامع بعضنا. وهذا المصطلح يعني مواد كيميائية معينة شديدة السمية، ولذلك فقد شاع استخدامها في وقاية المحاصيل المخزونة مثل الحبوب والتمور ونحوهما. ولشدة خطورة هذه المواد كان لا بد علينا أن نعرف شيئًا عنها وعن أهميتها، وفي الوقت نفسه نتعرف على شيء من خطورتها البالغة، وما هو احتمال وصول هذه الأخطار إلى بيوتنا؟ وكيف نتجنبها؟
|
|
|
ما المُبَخِّرات؟
المبخرات هي مواد كيميائية معينة سائلة أو صلبة مشتقة من الميثان، أو الإيثان، أو البروبان, شديدة السمية, تتبخر بسهولة, وتتطاير عادة في درجة حرارة الغرفة أو درجات الحرارة الأقل. ولها تأثير سريع مدمر وقاتل لكل كائن يتعرض لها، ولذلك تُستخدم مبيدات للهوام والبكتيريا والفطريات والعفون، والجرذان، وبعضها شديد التفاعل مع كل مادة تلامسها. وتتميز معظم المبخرات أنها عديمة اللون, وعديمة الرائحة.
استخدامات المُبَخِّرات
تستخدم المبخرات في مكافحة القوارض، والحشرات، والآفات الأخرى. وتتم المكافحة بالمبخرات غالبًا في الحقول الزراعية والمستودعات, ونادرًا جدًا ما تستخدم في البيوت والمساكن. ونذكر فيما يلي نماذج من استخدام المبخرات:
• تستخدم لتطهير التربة الزراعية من الديدان الخيطية (Nematodes) التي تهاجم جذور النباتات، والقضاء على الأعشاب الضارة. حيث تعالج بعض أراضي مزارع المحاصيل المصابة بحقن التربة بالمبخرات. وتستخدم لهذا الغرض الأغطية البلاستيكية كغطاء للتربة المحقونةمن أجل أن تعمل على حجز الأبخرة السامة، وتزيد من كفاءتها لقتل الحشائش الضارة، والحشرات، والآفات النباتية الأخرى. وبعد الانتهاء من عملية المعالجة تؤخذ هذه الأغطية بعيدًا لمدة تتراوح بين 24 ساعة إلى 48 ساعة بعد المعالجة. ويمكن أن تصبح الحقول آمنة للزراعة بعد حوالي أسبوع أو أسبوعين من معالجة التربة بالمبخرات, حيث يكون محتوى المبخرات قد تبخر وتطاير من التربة.
• تستخدم لحماية الحبوب، والبندق، والتمور، والتوابل من الجرذان والحشرات في أثناء التخزين، أو عند شحنها ونقلها، وتغطى عادة المواد الغذائية المخزونة بأغطية بلاستيكية في أثناء تبخيرها بالمبخرات. وهذه الأغطية تحجز الغازات المتبخرة أسفلها فتمكن الأطعمة من امتصاصها.
• تبخر المساكن والمباني الأخرى أحيانًا لقتل الصراصير، والعتة، والحشرات الأخرى، مع إغلاق جميع النوافذ والأبواب بصورة محكمة. ويجب ألا تتم هذه المعالجة إلا بوساطة مؤسسات خاصة لديهم خبراء مؤهلون بالقيام بهذا العمل.
وعلى أي حال فإن من أخطر استعمالات المبخرات هو استخدامها في المساكن دون حذر أو وقاية، ودون مراعاة لتطبيق تعليمات الأمان، إذ ربما ينتقل أذاها وضررها من مكان إلى آخر. فعلى سبيل المثال يمكن أن تنتقل الأبخرة السامة القاتلة من غرفة مغلقة الأبواب والنوافذ إلى الغرف الأخرى في المسكن نفسه، بل من المحتمل جدًا أن تنتقل هذه الأبخرة من مسكن إلى مسكن آخر في المبنى نفسه، لأن الأبخرة والغازات يمكنها أن تتسرب وتنتقل بسهولة من أي فتحات موجودة مهما صغرت.
أضرار المبخرات وأخطارها
بالرغم من الفوائد التي يمكن أن يجنيها الإنسان من المبخرات، إن أحسن استخدامها, إلا أن الإفراط في استخدامها وسوء استعمالها قد عمل، ولا زال، على ضرر البيئة وانتشار الأمراض المستعصية، وقد يؤدي إلى الموت, كما أن عدم أخذ الحذر والحيطة عند استخدامها ربما يسبب تخريب الأمتعة وإتلافها والمواد التي تتصل بها. ولذلك فهي تمثل مصدرًا رئيسًا لإحداث الأضرار المادية والأخطار الصحية.
الأضرار الصحية
أما الأخطار الصحية التي يمكن أن يواجهها من يتعرض للمبخرات شديدة السمية مثل غاز الفوسفين القاتل الذي ينبعث من تعرض فوسفيد الكالسيوم للهواء، وأبخرة مادة بروميد الميثيل، فهي إما أن تكون تأثيرات حادة، أو تأثيرات مزمنة. ولا تنتج التأثيرات الحادة غالبًا إلا في حالة الحوادث المفاجئة التي تحدث في الأماكن التي تستخدم هذه المادة, أو في أماكن تخزينها أو عند نقلها، أو عند الدخول في غرفة التبخير التي لم تتبدد منها الغازات السامة.
ويمكن أن تتعرض عبوات المُبَخِّرات للانفجار نتيجة تعرضها لحرارة عالية، أو سقوطها أو اصطدامها، فتتحرر منها الغازات السامة القاتلة بتركيزات عالية تقضي في الفور على من يستنشقها، وإن سلم من الوفاة الفورية، فهو غالبًا لا يسلم من المشكلات التالية:
• صعوبة التنفس، واستسقاء رئوي سعال.
• إعياء وإجهاد جسمي وصداع.
• غثيان وتقيؤ ومغص في البطن.
• التهاب العضلة القلبية (myocarditis).
• هبوط غير سوي في ضغط الدم.
• خلل في الأوعية الدموية.
• ضعف ووهن في الجهاز العصبي المركزي في الجسم.
كيف نتجنب أخطار المبخرات؟
ينبغي على كل فرد منا أن يعوِّد نفسه أن يقرأ ما هو مكتوب من بيانات توضح المحتويات والتعليمات التي نجدها عادة على ظهر كل عبوة للمستلزمات التي نود أن نجلبها إلى بيوتنا. فقد نجد أحد أسماء المركبات التي أشرنا إليها سابقًا وعندئذ يلزمنا أن نأخذ الحذر والحيطة. وينبغي أن نشير هنا إلى أن بعض المنتجات الصناعية وبخاصة المبيدات قد تدخل خلسة دون الإشارة إلى المحتويات التي تتضمنها فيجب عندئذ عدم جلبها إلى بيوتنا لكونها قد تحتوي على أنواع من المركبات شديدة السمية وشديدة التطاير.
توجد في الأسواق أنواع من المبخرات على هيئة جل معبأ في أنابيب جاهزة للحقن في الشقوق الأرضية، والفتحات الصغيرة من أجل مكافحة النمل الأبيض الكبير والحشرات الأخرى. ونجد بعضها مجهولاً لا تعرف ما هي محتوياته، وليس له رائحة. فيجب عدم جلب هذا النوع إلى مساكننا لأسباب عديدة ومنها: أنها ربما تحتوي على المركبات شديدة السمية لتقضي على الحشرات والآفات الأخرى بكفاءة عالية لكنها ستقضي على البشر الذين يتعرضون لها ببطء شديد دون أن يشعروا، ولكونها عديمة الرائحة فإن الإنسان لا يشعر بوجودها حتى لو وجدت بتركيزات عالية.
• وينبغي البعد تمامًا عن جلب المبخرات من الأنواع التي توجد على هيئة أقراص مثل فوسفيد الألمنيوم، فهذه الأنواع مفرطة في السمية ويصعب النجاة من تأثيراتها.