إسبانيا
سحر المكان وعبق الزمان
التباين بين القديم والجديد في إسبانيا أمر لافت للنظر كما في بالنسيا.
• إعداد: د.مروان أسمر
بدأت العطلة في مطار مدريد الدولي، وصولاً من عمان وروما، وحطت الطائرتان بفارق ساعتين بين الواحدة والأخرى، وبعد تدقيق الجوازات توجهنا سريعًا إلى الفندق لتبدأ بعدها جولة استكشافية سيرًا على الأقدام، وفي وسائل النقل المحلية.
|
|
|
|
الرحلة إلى إسبانيا قادتنا إلى مدريد، وبالنسيا، وغرناطة، وإشبيليا، وقرطبة، وبرشلونة، ومن ثم السفر إلى باريس. وشملت المواقع كافة لدرجة زيارتها أكثر من مرة.
والتباين بين القديم والجديد في إسبانيا أمر لافت للنظر كما في بالنسيا، حيث يتضح في العمارة عتيقة الطراز والجميلة وسط المدينة ومحطة قطارها القديمة.
وتكللت الرحلة بزيارة قصر الحمراء في قرطبة، وهكذا ترسخت الذكريات، نتيجة الصور الكثيرة والشاملة التي تم التقطاها.
ويعد قصر الحمراء الواقع على أحد تلال إقليم الأندلس مجمع قصور، وباحات، وجنات مفتوحة غنية باللوحات الإسلامية التي تتميز بفنها المعماري المتوسطي والإسلامي المغربي، كما يتجلى في رسومها الجصية، وجدارياتها الزيتية، والكتابات القرآنية التي تنم عن ماضٍ مجيد.
لقد استغرق التجول في مجمع الحمراء ست ساعات، كونه يطل على مدينة غرناطة بأكملها، حيث المشهد المثير، والإحساس بأنها مدينة إسلامية حقيقية.
إن ما يؤكد التاريخ الإسلامي في جنوب إسبانيا، أيضًا، وجود أنساق مترادفة من أشجار الزيتون المرتبة خلف بعضها، تذكيرًا بالتواصل بين ضفتي المتوسط الغربية والشرقية، إذ يعد هذا جزءًا من المشهد المعماري الإسلامي.
المسجد الكبير في قرطبة يقف اليوم معلمًا شاهدًا على بناء شُيد في ظل الحكم الأموي في القرنين السابع والثامن.ويدهش الزائر بالحضور الإسلامي المتجسد في المآذن، والأقواس، والممرات المقنطرة التي جسدت الطراز المغربي للمباني الإسلامية.
كانت أبرز الملامح التي تجذب الانتباه واجهات المباني وتنوعها، حيث تجمع الطرازين القوطي والباروك، بالإضافة إلى النمط الإسلامي والأكثر حداثة، وكانت واجهات المباني أمتع ما في الرحلة، وتجلت الدهشة والإبداع في بناء الشرفات المتميزة والأشكال والأحجام المختلفة.
تشتهر برشلونة بفنها المعماري المسمى فن غاودي المعماري، وبأشكال المباني وأنماطها التي تعد امتدادًا لسريالية (سلـ?ـادور) دالي المصحوبة بتنميقات متضافرة لتبين أن هناك متسعًا كبيرًا للإبداع الثقافي.
لقد تجسد أسلوب أنطونيو غاودي العصري المتفرد واقعًا ملموسًا في شوارع المدينة من خلال عروضه المختلفة التي راوحت بين الأعمال الفنية، والمهرجين، والتمثيل الإيمائي، ومسرح الدمى، والكوميديا، والرسوم الزاهية.
لقد كان قضاء الأصائل والأماسي المتأخرة في المدينة وقتًا ممتعًا دون ريب، وذلك لاستكشاف أركانها النائية، وزواياها المظلمة. وكانت الأنوار رائعة تمامًا، وكان انعكاسها على الواجهات المعمارية وعلى المباني والأحجار المختلفة صافيًا وهادئًا. وجسدت المقاهي المتصلة على الأرصفة، والميادين، والساحات العامة طرازًا أوروبيًا مميزًا، ما أتحف جو الاستلقاء والاسترخاء.