الغش التجاري والتقليد في السلع الكهربائية
• المهندس: باسم هاني سلامة
إن التقييس الكهروتقني يهدف إلى السلامة والحد من المخاطر، وهنا تبرز أهمية مخاطر التقليد والغش التجاري، خصوصًا في السلع الكهربائية، حيث إن ذلك خطر على حياة المواطن وممتلكاته، حيث تُعد ظاهرة تفشي الغش التجاري والتقليد، في الوقت الراهن، معضلة الأسواق في المملكة العربية السعودية، خصوصًا مع الانفتاح المتزايد على التجارة العالمية، ما يشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، وتحتاج إلى وقفة حكومية حازمة لمكافحتها والحد منها.
ومن أبرز الأمثلة على أساليب الغش في التركيبات الكهربائية، استخدام مواد غير متوافقة مع التصميم السليم، ومن ذلك السبائك النحاسية التي يفترض أنها مصممة وفقًا لنسب النحاس والزنك فيها، بمساحة مقاطع معينة، تتحمل التيار المقنن المفترض أن يمر خلالها، بينما نجد في السلع المغشوشة سبائك حديدية مطلية بالزنك، لتعطي انطباعًا بأنها من النحاس، بما يغرر بالمستهلك ويضلله.
ومن أهم التطبيقات في التركيبات الكهربائية، والتي طالها الغش، عنصر الحماية الأساسي في التركيبات الكهربائية ألا وهو القاطع الكهربائي الذي يحمي من أخطار الحمل الزائد وقصر الدارة، «الالتماسات» ويتم ذلك عبر آلية تلقائية تعتمد مبدأ ظاهرة النظرية الكهروحرارية «الكهربائية-الحرارية» في حالة الحمل الزائد، بينما تعتمد على مبدأ ظاهرة النظرية الكهرومغناطيسية «الكهربائية-المغناطيسية» في حالة قصر الدارة «الشورت».
مما سبق، تتبين خطورة أي خلل في هذه الآلية، وما يسببه من تعرض المستهلك وعائلته وممتلكاته لخطر الصعق أو الحريق، في حال فشل هذا القاطع في حمايته، ولا يسبب الفشل إلا استخدام قاطع مغشوش أو مقلد، مصنع دون معرفة ودراسات تصميمية واختبارات تطويرية دقيقة، والتي يفتقر إليها الغشاشون، عوضًا عن استخدامهم مواد رديئة غير مطابقة لرخص سعرها، وهذا ما يلجؤون إليه لخفض السعر، وبالتالي جذب المستهلك للشراء.
لقد أصبحت الأسواق تـعـج بالسلع الكهربائية من جميع المصادر، وفي النهاية سيعود ذلك على الاقتصاد الوطني والمستهلك بالدمار والخسارة، مع أن ضعفاء النفوس من التجار، بقصر نظرهم، يرون الربح السريع من تلك السلع المقلدة والمغشوشة، نجاحًا لهم وإرضاءً لطمعهم، لكن الغش التجاري والتقليد لا يقتصران على الخسائر المادية وحسب، بل يطالان الأرواح والممتلكات، وكما أن الاقتصاد الوطني مهتم بعدم هدر الأموال، فكل تلك الأمور لا تقل أهمية عما قد يسببه الغش والتقليد من خطر على حياة الإنسان وممتلكاته، ويكفينا أن نعود إلى إحصائيات الدفاع المدني، لنرى مدى خطورة الكهرباء على حياة الإنسان وممتلكاته.
لنأخذ في الحسبان أن مجمل المنتجات السعودية تصنع عبر عمليات التجميع، وبالتالي فحقوق الملكية الفكرية، خصوصًا للنماذج الصناعية، محدودة بمنشأ التقنية الذي يمنح المصنع السعودي حق تجميع منتج ما، ولكن التحدي الأكبر هو للمصنعين السعوديين، الذين تبنوا استراتيجية البحث، والتطوير، والابتكار، واعتمدوا على ابتكار التقنية وتصميم المنتج، وبذلوا الجهد والمال في الدراسات والتصميم والاختبارات إلى أن تمكنوا من صناعة منتج وطني أصيل كاملاً 100%، وذلك تحقق، بحمد الله، في كثير من التركيبات الكهربائية: الكوابل، والأسلاك، والقواطع، والمفاتيح، والقابسات، «الأفياش» الكهربائية، وتلك القدرات الصناعية التي يفتخر بها كل مواطن، تسجل على أنها حقوق ملكية فكرية بنماذج صناعية مبتكرة لمالكها من المصانع السعودية، والتعدي عليها بالسلع المقلدة والمغشوشة، يعد جريمة يعاقب عليها قانون حماية الملكية، ولوائح الغش والتقليد بوزارة التجارة والصناعة.
فمن الواجب كذلك على الجميع، معرفة أن السلع من التركيبات الكهربائية آنفة الذكر، صنعت بناء على تصميمات ودراسات لمواءمة الظروف الوطنية للمملكة العربية السعودية، لذا فهي الأنسب لتعمل بأداء وجودة فائقة في المملكة، فهي تخضع للمواصفات القياسية السعودية، وليس لمواصفات قياسية مستوردة من دول أخرى لا تدقق في ظروف المستهلك وحاجات السوق السعودي.
إن صناعة التقنية المتعلقة بالملكية الفكرية، يمكن أن تساعد على خفض حجم الاستيراد الخارجي بشكل كبير، ما يوفر العملة الصعبة، وعلى العكس فتوطين هذه الصناعات يخدم الاقتصاد الوطني بشكل كبير، خصوصًا في حالة تصدير تلك التركيبات الكهربائية للعالم.
لتأكيد ما سبق، فإن العملية تبدأ من المشاركة على جميع المستويات الوطنية بالمملكة، بإعداد المواصفات القياسية السعودية لضبط السلع، ومن ثم إيجاد مختبرات للفحص والاختبار، تمكن من الحكم على المطابقة، وأخيرًا الحماية الفكرية لملكية التصميمات الصناعية، وصرامة التشريعات في المكافحة، والحد من الغش والتقليد، وهذه الأمور تتعلق بالجهات الحكومية، أما ما يتعلق بجانب المستهلك الذي يجب توعيته وتبصيره بما يقع على عاتقه من مسؤولية، التحقق والانتباه إلى ما يشتريه من سلع كهربائية، وينأى بنفسه عما هو مغشوش ومقلد.
وكنتيجة، يجدر بنا تنويه المستهلك، والمهندس، والمقاول، والاستشاري، بأن السلع الكهربائية المطابقة للمواصفات والمقاييس، وخصوصًا السلع الكهربائية الحائزة علامة الجودة، تعد مصلحة وطنية واقتصادية كبرى، وكذلك ضرورة حماية الملكية الفكرية، والتصميمات الهندسية للمنتج الوطني.