جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية
دار للحكمة ومنارة للتسامح
خادم الحرمين الشريفين: الجامعة لا تبدأ من الصفر، فهي استمرار لما تميزت به حضارتنا في عصور ازدهارها.
رعى خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفل افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، شمال محافظة جدة، بحضور أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والدولة والمعالي قادة وممثلي عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة، وذلك مساء يوم الأربعاء الرابع من شهر شوال 1430هـ، الموافق 23 سبتمبر 2009م الذي صادف اليوم الوطني التاسع والسبعين للمملكة.
|
|
|
|
استقبلت الجامعة التي كانت حلمًا ظل يراود خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله، طيلة 25 عامًا، الدفعة الأولى من طلابها البالغ عددهم 400 طالب وطالبة من السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية، ومن أوروبا، وأمريكا، وشرق آسيا، والهند، وجنوب أفريقيا، في أول فصل دراسي لهذه الجامعة العالمية التي تختص بالبحث العلمي والتطوير التقني والابتكار والإبداع, وتمنح الجامعة درجات في الدراسات العليا فقط، فخطة الأبحاث هي أساس البرامج التعليمية على مستوى درجتي الماجستير والدكتوراه في 11 مجالاً دراسيًا هي: الرياضيات التطبيقية، وعلوم الحاسوب, العلوم البيولوجية, الهندسة الكيميائية والبيولوجية, العلوم الكيميائية، وعلوم الحاسوب، وعلوم وهندسة الأرض, الهندسة الكهربائية، والعلوم والهندسة البيئية, العلوم والهندسة البحرية, علوم وهندسة المواد، والهندسة الميكانيكية.
وقال رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، البروفيسور تشون فونغ شيهي، في كلمة له: «إن الجامعة تهدف إلى اكتشاف المعرفة وتبادلها وتطبيقها، وهي تجمع العلماء الرواد والواعدين من جميع أنحاء العالم لمتابعة تحصيلهم العلمي، ليكونوا في مقدمة صفوف الباحثين والمخترعين والمبتكرين، الذين ستساعد إنجازاتهم العلمية المنتظرة على رفع مستوى حياة الناس والتصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه البشرية، وتوقع البروفيسور تشون فونغ شيه أن تحقق الجامعة بعد جيل واحد من الآن، حلم خادم الحرمين الشريفين بأن تكون ملتقى للعلوم والبحوث، ومنارة من منارات المعرفة للأجيال المقبلة».
بعدها ألقى معالي وزير البترول والثروة المعدنية، رئيس أمناء الجامعة، المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، كلمة أكد فيها أن الجامعة تهيئ بيئة راقية للعلم الذي يعم ولا يخص، وينفع ولا يضر، ويوفر للنوابغ من كل أرجاء العالم كل السبل والوسائل التي تمكنهم من الوصول إلى أهدافهم العلمية، وقال: «ينطلقون من هنا لينشغلوا بإنجاز ما يحقق فائدة مجتمعاتهم، وينعكس على جامعات العالم برمته، لتتحقق الرؤية الأولى من رؤياك يا خادم الحرمين الشريفين، وهي أن يعم نفع هذه الجامعة الإنسانية بأكملها، مهما تباعدت مسافاتها واختلفت حضاراتها وثقافاتها».
ثم شاهد خادم الحرمين الشريفين والحضور فيلمًا قصيرًا بعنوان «رحلة المعرفة»، عقب ذلك ألقى معالي وزير التعليم العالي د.خالد بن محمد العنقري، كلمة قال فيها: «إن وجه المملكة العربية السعودية يشرق بأحداث تاريخها العظيم وتتزايد فضائلها مع مرور الأعوام رسوخًا وتماسكًا وازدهارًًا وتيمنًا بذكرى اليوم الوطني، وتفاؤلاً بمعطياته، فها هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، حاملة لواء العلم والمعرفة، ومشعل التقدم والريادة، تنطلق اليوم لتنير دربًا جديدًا واعدًا للأجيال، وإننا في ظل هذا المنجز الوطني والدولي يحسن بنا أن نصحب ضيوفنا الكرام في جولة ذهنية سريعة نتابع فيها أبرز المنعطفات في مسيرة التعليم العالي في مملكتنا الغالية، لكي ندرك ما تحقق له من تطور منذ أن أنشئت أولى الكليات وأولى الجامعات في ثلاثينيات القرن المنصرم».
والجامعة التي صممت بنيتها التحتية للشبكة الحاسوبية لدعم حمل تقنية المعلومات المتقدمة ومتطلباتها لجامعة أبحاث من الطراز الأول إلى مستوى العالم، وتعد من المراكز العالمية المتميزة في البحوث العلمية والابتكار والإبداع، تهدف إلى توفير البيئة المحفزة والجاذبة لاستقطاب العلماء المتميزين من مختلف أنحاء العالم، ورعاية الطلاب الموهوبين والمبدعين والباحثين، إضافة إلى دعم التنمية والاقتصاد الوطني، ولتوجه الاقتصاد نحو الصناعات القائمة على المعرفة, ودعم منظومة الإبداع والقدرة على توليد الأفكار المبتكرة، وتحويلها إلى اختراعات تشكل قيمة اقتصادية مضافة، والإسهام الإيجابي في التعامل مع المؤسسات البحثية، والإسهام في التحول إلى مجتمع صانع للمعرفة.
وفي مجال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم عقدت الجامعة العديد منها في مجال التعاون مع مراكز البحث العلمي لشراكة الأبحاث العالمية لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وهي عبارة عن برنامج للمشاركة في الأبحاث العالمية يساعد العلماء والباحثين العالميين في المؤسسات العلمية المرموقة على التعاون في حل المشكلات العلمية والتقنية الصعبة التي تواجه السعودية والمنطقة والعالم. وهذه الشراكة هي الآلية الرئيسة للجامعة التي ستبدأ على أساسها بتنفيذ برامج أبحاثها من أعضاء هيئة التدريس والطلاب. وينفذ برنامج شراكة الأبحاث العالمية من خلال ثلاث قنوات رئيسة هي: مراكز الأبحاث، والمراكز قيد التطوير، والباحثون، وزملاء الأبحاث.
مباني الجامعة
تضم الجامعة 25 مبنى، منها 4 مراكز بحوث علمية متخصصة بمساحة تتجاوز 500 ألف متر مربع، تهتم بدراسة الاحتياجات الصناعية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وتطوير الصناعات المستقبلية، وهذه المعاهد هي:
• معهد الموارد والطاقة والبيئة: حيث يقوم بإجراء بحوث في مجال استخلاص الكربون من الهواء وخلايا الهيدروجين والوقود، وتصميم العمليات والاحتراق والطاقة الشمسية، ومجالات تحلية المياه وترشيدها والزراعة المناسبة للمناخات الصحراوية.
• معهد العلوم والهندسة الحيوية: يعمل في مجالات مثل المعالجة الحيوية الميكروبية، والمعالجة الحيوية للموارد البتروكيمياوية، والزراعة المستدامة للأحياء والنباتات المائية، والبيئة البحرية للبحر الأحمر وتقنية الصحة، كما سيجري المعهد بحوثًا حول الأمراض الوبائية الإقليمية والعوامل الوراثية للسكان.
• معهد علم وهندسة المواد: وتشمل البحوث التي يجريها، مجالات البوليمرات والأغشية ومواد تقنية النانو، بما في ذلك المواد المعالجة حيويًا المستخدمة في هذه التقنية، وموضوعات مثل الكربون والتطبيقات الكهروضوئية. كما ستشمل بحوث المعهد ميدان الكيمياء الحفزية والمواد التي تستخدم في الأوساط عالية الإجهاد.
• معهد الرياضيات التطبيقية وعلم الحاسب الآلي: وتشمل البحوث التي يجريها المعهد، تقنيات البرمجيات اللغوية، واستخدام الحاسب في تطبيقات اللغويات، كالتعرف على الأصوات واستخلاص المعاني، واستخدام الحاسب في حل المشكلات العلمية، كالمشكلات الكيميائية وإعداد النماذج الرياضية للمكامن والبيئة الإقليمية، كما ستشمل بحوث تقنية المعلومات والاتصالات، بحوثًا مثل: أمن المعلومات، والاتصالات الشبكية، والتعامل المعلوماتي لأغراض الرعاية.
أبرز مهامها
من أبرز المهام الملقاة على عاتق الجامعة في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، التركيز على تقنية النانو في مجال النفط، وتحويل أشعة الشمس من مصدر حرارة غير مستغلة إلى مصدر وفير للطاقة المتجددة، تحلية المياه المالحة وتحويل الرمال الصحراوية إلى تقنيات، والنباتات الصحراوية منخفضة الغلة إلى محاصيل غذائية عالية الغلة. كما تعد من مهامها إزالة مشتقات ثاني أكسيد الكربون الملوثة من الجو نتيجة احتراق النفط.
الدرجات العلمية
تمنح الجامعة درجة الماجستير في الهندسة، ومدتها سنة واحدة، ومحورها التطوير والتدريب المهنيان، ودرجة ماجستير العلوم في الهندسة، ومدتها سنتان، مع برنامج دراسي وأطروحة لدرجة الماجستير، كما تمنح الجامعة درجة الدكتوراه، وهي عادة من ثلاث إلى أربع سنوات بعد درجة الماجستير، وتتضمن بحثًا أصليًا في أحد معاهد جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، يتوج بأطروحة بحث. فيما تتوزع مجالات الدراسة بين الهندسة الكيميائية والرياضيات التطبيقية وعلم تحليل المشكلات باستخدام الحاسب والهندسة الميكانيكية، وعلم وهندسة المواد والهندسة المدنية وهندسة البيئة.
كلمة خادم الحرمين الشريفين |
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
أيها الحضور الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لقد كانت فكرة هذه الجامعة حلمًا راودني أكثر من 25 عامًا، وكانت هاجسًا ملحًا، عشت معه طويلاً، وإني أحمد الله - جل جلاله - أن مكننا من تجسيدها واقعًا نراه اليوم شامخًا - بحول الله وقوته - على تراب أرضنا، فباسم الشعب السعودي أعرب لكم عن شكرنا العميق لحضوركم ومشاركتنا احتفال مولد ذلك الحلم.
أيها الحضور الكرام:
لقد كان للحضارة الإسلامية في تاريخها دور عظيم في خدمة الحضارة الإنسانية، بعد الله، جل جلاله، فقد أسهم علماء المسلمين في مجالات كثيرة، منها الطب ودور ابن النفيس فيه، وفي الكيمياء كان لجابر بن حيان تأثيره البالغ في مسيرته، وفي الجبر كان للخوارزمي دور فاعل، أما في علم الاجتماع فقد كان لابن خلدون تأثيره العظيم فيه.
لذلك كله فالجامعة التي نحتفل بافتتاحها لا تبدأ من الصفر، فهي استمرار لما تميزت به حضارتنا في عصور ازدهارها، وهذا هو المعنى الأول للجامعة.
أيها الحضور الكرام:
لقد ارتبطت القوة عبر التاريخ، بعد الله، بالعلم، والأمة الإسلامية تعلم أنها لن تبلغها إلا إذا اعتمدت، بعد الله، على العلم.
فالعلم والإيمان لا يمكن أن يكونا خصمين إلا في النفوس المريضة، ولقد أكرمنا الله بعقولنا التي بوسعنا أن نعرف سنة الله في خلقه، وهو القائل جل وعلا: }إنما يخشى الله من عباده العلماء{، وهذا المعنى الثاني للجامعة.
أيها الإخوة الحضور:
لقد تعرضت الإنسانية لهجوم عنيف من المتطرفين الذين يرفعون لغة الكراهية، ويخشون الحوار، ويسعون للهدم. ولا يمكننا أن نواجههم إلا إذا أقمنا التعايش محل النزاع، والمحبة محل الأحقاد، والصداقة محل الصدام. ولا شك أن المراكز العلمية التي تحتضن الجميع، هي الخط الأول للدفاع ضد هؤلاء. واليوم ستنضم هذه الجامعة إلى زميلاتها في كل مكان من العالم دارًا للحكمة، ومنارة للتسامح وهذا هو المعنى الثالث للجامعة.
وأخيرًا أشكر أرامكو السعودية التي أشرفت على تأسيس هذه الجامعة خلال فترة وجيزة، وأتمنى لمنسوبي الجامعة التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|