April_09Banner

تاريخ


الدرعية التاريخية
تستعيد دائرة الضوء والاهتمام
ضاحية ثقافية، وسياحية، وترويحية بمستوى عالمي لمدينة الرياض.
Health1_April

• الرياض: نزار الغنانيم

يأتي برنامج تطوير الدرعية ليتوافق مع مكانتها كرمز وطني بارز في تاريخ المملكة، ومع ما قدمته إبان ازدهارها، فقد ارتبطت ذكراها بالدولة السعودية الأولى، إذ يتضمن البرنامج عددًا كبيرًا من المشاريع التطويرية الثقافية، والتراثية، والعمرانية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي تعيد الدرعية التاريخية إلى دائرة الضوء والاهتمام، والمشاركة الحضارية الفاعلة، على المستويين المحلي والدولي.

  • ينطلق برنامج التطوير من مقومات الدرعية، وقيمتها التاريخية، والسياسية، والثقافية، وتراثها العمراني

  • متاحف متخصصة لتقديم صورة متكاملة لأوجه الحياة المختلفة في عصر الدولة السعودية الأولى

يشكل تسجيل الدرعية التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي, الذي تقوم عليه منظمة «اليونسكو»، أحد أهداف الخطة التنفيذية لتطويرها, حيث ستدعم هذه الخطوة مشاريع التطوير السياحي, وتزيد من القيمة الأثرية، والتراثية، والمعنوية للدرعية التاريخية.
ووفق الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، يجمع برنامج تطوير الدرعية التاريخية، العاصمة الأولى للدولة السعودية، بين المحاور العمرانية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، من جهة، وبين متطلبات التطوير البيئي لوادي حنيفة، ليشكل نموذجًا لعمران الواحات، من جهة أخرى، إذ ينطلق البرنامج الذي وضعته الهيئة، من مقومات الدرعية المتمثلة في قيمتها التاريخية، والسياسية والثقافية، وتراثها العمراني، وموقعها الفريد على ضفاف وادي حنيفة، لذا اعتمدت الهيئة في البرنامج، مبدأ التكامل مع مدينة الرياض، بحيث تكون الدرعية ضاحية ثقافية، سياحية، ترويحية بمستوى عالمي.

متحف مفتوح
يعد حي الطريف التاريخي، من أهم معالم الدرعية الأثرية، لاحتضانه أهم المباني الأثرية، والقصور، والمعالم التاريخية، إذ ضم معظم المباني الإدارية في عهد الدولة السعودية الأولى، وفي مقدمتها قصر سلوى، ومسجد الإمام محمد بن سعود، ومجموعة كبيرة من القصور والمنازل، إضافة إلى المساجد الأخرى، والأوقاف، والآبار، والأسوار، والمرافق الخدمية.
والهدف العام للخطة التطويرية لهذا الحي، هو إبرازه كموقع تاريخي أثري متحفي مفتوح، تتكامل فيه جوانب العرض، ما بين الشواهد والآثار المعمارية، إلى البيئة الطبيعية للحي، فضلاً عن العروض التفاعلية والأنشطة الحية، من خلال توظيف أبرز المنشآت المعمارية، لاستيعاب مؤسسات ثقافية متحفية، أو أنشطة وفعاليات ثقافية تراثية، ضمن أسس وضوابط تمكِّن الزائر من قراءة تاريخ الموقع ومعايشة الأحداث التي جرت عليه، واستشعار قيمته الثرية والحضارية في إطار ثقافي ترويحي.

التوثيق البصري والمساحي
وتتضمن مشاريع حي الطريف، التي تم الانتهاء منها حتى الآن، مشروع التوثيق البصري والمساحي لكل العناصر المعمارية والمنشآت القائمة في حي الطريف، فيما تشمل المشاريع التي يجري العمل على تنفيذها حاليًا، كلاً من: الطرق، وشبكات المرافق العامة، ومشروع التوثيق الأثري، الذي يشمل الرفع المساحي للمباني الأثرية، وإزالة الرديم منها، والتوثيق الأثري لعناصرها المعمارية، وما تحتويه من آثار، وذلك ضمن عدة مراحل.
ويتضمن المشروع تأهيل جامع الإمام محمد بن سعود، والتوثيق الأثري للمبنى، وإعادة استخدامه، بعد ترميم وظائفه الأصلية، وتحويل قصر سلوى إلى متحف الدرعية، الذي يهدف إلى التعريف بتاريخ الدولة السعودية الأولى، من خلال منظومة من المكونات المتحفية، والأنشطة المناسبة التي سيحويها القصر. وسيكون هذا المتحف من أهم المؤسسات الثقافية في حي الطريف التاريخي، إذ يشمل قاعات متحفية للعرض، تحتوي على معروضات متنوعة من اللوحات، والأفلام الوثائقية، والقطع المتحفية، والمجسمات.

تطوير الدرعية

وقع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، في مكتب سموه بقصر الحكم، يوم الثلاثاء الثامن من جمادى الأولى لعام 1429هـ، ثلاثة عقود ضمن برنامج تطوير الدرعية التاريخية، تشمل: تنفيذ مقر مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الثقافية، وتحسينات مسجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب في حي البجيري بالدرعية التاريخية، وتنفيذ الساحات والميادين العامة، ومواقف السيارات، ومباني الخدمات، ومتنزه الدرعية في حي البجيري بالدرعية التاريخية، وتنفيذ ترميم المباني الطينية في الطريف بالدرعية التاريخية.

المتاحف المتخصصة
كما تشتمل الخطة على إنشاء عدد من المتاحف المتخصصة في الحي، لتقديم صورة متكاملة لأوجه الحياة المختلفة في عصر الدولة السعودية الأولى، ومظاهر الحياة الاجتماعية بحي الطريف، منها: متحف الحياة الاجتماعية المخصص لعرض جوانب من الحياة اليومية، والعادات، والتقاليد، والأدوات المستخدمة في فترة ازدهار الدولة السعودية الأولى، وذلك في قصر عمر بن سعود والمباني الطينية المجاورة له.
والمتحف المتخصص الثاني هو متحف الحرب والدفاع، الذي يقع ضمن المباني المجاورة لقصر ثنيان بن سعود، وفيه تعرض الجوانب الحربية في تاريخ الدرعية، كأدوات الحرب والمعارك الحربية، كما خصص عرض متحفي مستقل يعرض قصة الدفاع عن الدرعية في أواخر عهدها، في قصر ثنيان بن سعود.
والمتحف الثالث هو متحف التجارة والمال، يقع ضمن مباني بيت المال وسبالة موضي، ويعرض الازدهار الاقتصادي الذي شهدته الدرعية، إضافة إلى معالم التجارة، والعملات، والموازين، والأوقاف. وللتعريف بالخيل العربية وطرق رعايتها في فترة ازدهار الدرعية، سيتم إنشاء متحف الخيل العربي، ويقع المتحف ضمن المباني المجاورة لقصر ثنيان بن سعود، إضافة إلى المبنى المجاور لقصر الإمام عبدالله بن سعود.

عرض الصوت والضوء
وسيحتوي الحي على مركز للزوار، ليقدم خدمات الإرشاد السياحي، إذ يقوم باستقبال زوار الطريف وتوجيههم، إضافة إلى التعريف بالطريف، فهو يحتوي على التجهيزات الفنية لعرض الصوت والضوء، كما يحتوي على أماكن للجمهور ولمشاهدة العرض. كما سيتم توثيق تاريخ الدرعية من خلال مركز خاص، يقع بقصر إبراهيم بن سعود، وتقوم عليه دارة الملك عبدالعزيز، ليشكل مرجعًا توثيقيًا تاريخيًا، ومقرًا لفرق العمل التي تقوم بالبحث، وأعمال التوثيق، والبحوث، والدراسات، وسيوجه خدماته للباحثين والمهتمين بالتاريخ والآثار.
كما سيتم تقديم عرض الصوت والضوء، وذلك لتقديم دراما تصورية، تحكي تاريخ الدولة السعودية الأولى، والأحداث التي مرت بها الدرعية، وسيعرض ذلك من خلال إسقاطات ضوئية على أطلال قصر سلوى، باستخدام تقنية الصوت والضوء ومجموعة من المؤثرات.
وسيتم العمل على إنشاء سوق الطريف التقليدي، الذي سيعرض المنتجات التقليدية والمصنوعات الحرفية المحلية، وتقديم خدمات تجارية للزوار، يقع ضمن مجموعة من المباني المرممة المخصصة لهذه العروض بحي الطريف، إضافة إلى إدارة للحي، لإدارة كل ما يتعلق بالشؤون الإدارية لحي طريف، وتقع بقصر فهد بن سعود، كما سيتم تطوير البنى التحتية، وشبكات الخدمات، والتجهيزات الأساسية، وتهيئتها في الحي.

منهجية التعامل مع حي الطريف
نظرًا لأهمية حي الطريف التراثية والتاريخية، ولأنَّ هذا النوع من المواقع يتطلَّب أسسًا خاصة للتطوير، فقد وضعت الهيئة منهجية علمية، ترسم كيفية التعامل مع المباني، بصورة تتماشى مع المواثيق العالمية للتطوير والحفاظ على المواقع التراثية.
وتتضمن هذه المنهجية، التعامل مع الواقع التاريخي، وفترات الازدهار والاندثار، التي تعاقبت على الحي وعناصره المعمارية، بدءًا من نشأته في عهد أمراء آل مقرن، ومرورًا بفترة الازدهار في عهد الدولة السعودية الأولى، ثم تدمير الدرعية، وانتهاءً بفترة الإعمار الجزئي في الستينيات الهجرية من القرن الماضي، ومن ثم قرارات الحماية وأنظمتها التي صدرت من أجل الحفاظ على الحي، وإعادة دوره كرمز تاريخي ثقافي.

الحفر والتوثيق الأثري
قد أكدت نتائج المسوحات، التي أجريت، والتنقيبات الأثرية التي تمت على بعض العناصر، ضرورة القيام بأعمال التنقيب الأثري للمباني البارزة بحي الطريف، للتأكد من أصالتها، وتماشيًا مع المواثيق العالمية في هذا الشأن، بما يضفي مصداقية على كامل المشروع، ويتمثل ذلك في توسيع نطاق الحفر الأثري، وما يتبعه من دراسات متعمقة، وهذا يعني القيام بنشاط إضافي، وإضافة مهام جديدة لبرنامج تطوير الدرعية، ويعد ذلك من أهم الأعمال، نظرًا لكونها الأساس الذي يتم الانطلاق منه نحو إعداد وثائق تصميم صادقة ومطابقة لواقع الحي الأصلي.
نتيجة لذلك، فقد اعتمد برنامج تطوير الدرعية التاريخية، القيام بأعمال التنقيب الأثري للعديد من القصور والمباني والمعالم المهمة في الحي، للتأكد من أصالة هذه المباني. وسيتم التعامل مع نتائج أعمال التنقيب وفقًا لعدة عوامل، منها: وظيفة المبنى، وأهميته، وحالته الراهنة.

مشاريع حي البجيري
يتسم حي البجيري بقيمة ثقافية وموقع استراتيجي، لكونه يتوسط الدرعية التاريخية، إضافة إلى إطلالته المميزة على وادي حنيفة, حيث يشكل مدخلاً لها، وبوابة أولى لحي الطريف. وتهدف المشاريع التي يجري تنفيذها في هذا الحي إلى إبراز قيمته الثقافية، وتوظيف موقعه المتميز في خدمة الأهداف التطويرية الأخرى للخطة التنفيذية.
وتشمل مشاريع حي البجيري، ضمن برنامج تطوير الدرعية التاريخية، تأسيس «مؤسسة الشيـخ محمد بن عبدالوهاب»، وهي هيئة علمية معنية بتقديم تراث الشيخ العلمي والفكري، والعناية بمدرسته الفكرية، والاهتمام بالدراسات العقدية والدعوية المتخصصة، وخدمة الباحثين في مجالها، وتحمل المؤسسة أبعادًا ثقافية عالمية في التواصل الفكري، والاهتمام بالدعوة.
وبهدف جعلها بمنزلة نقطة انطلاق لزوار الدرعية التاريخية عمومًا، ستشغل المنطقة المركزية في حي البجيري، معظم الأجزاء المتبقية من الحي، والمساحة الأكبر من الحي سوف يحتلها متنزه الدرعية، الذي من أبرز عناصره، المدرجات الطبيعية على حافة الوادي، وقد أقيم المتنزه وفق الضوابط البيئية لوادي حنيفة، كما يحفل بالعناصر المعمارية الجمالية والخدمية المتناسبة مع تصميم الدرعية التاريخية.
أما مسجد الظويهرة، فسيتم ترميمه وتأهيله وفق المنهج العلمي المتبع لدى الهيئة العليا لتطوير الرياض في ترميم المنشآت الأثرية، ليشكل نموذجًا لقدرة العمارة المحلية على الأداء الوظيفي المعاصر، تمهيدًا لإقامة الصلوات فيه.