• استطلاع وتصوير: عبدالعزيز محمد العريفي

تنهمر أشعة الشمس في الغروب وتتوهج على صفحة البحر وأمواجه المضطربة وكأنها قلائد من الذهب في نحر رعبوب لعوب ، نسمة بحرية ناعمة أشبه بخصلات شعر حسناء حريرية تدغدغ وجنتيك وتنتشي لها روحك فتفرز رحيق الذكريات اللذيذة وأنت تقف مشدوها ومشدودا أمام شاطئ نصف القمر التابع لمدينة الخبر ، والقريب من مدينة الدمام في المنطقة الشرقية ، ومدينة الخبر هي إحدى أهم مدن المنطقة الشرقية وأجملها بل أنها تعد من أجمل المدن العربية وأكثرها تطورا وحداثة ويتجلى ذلك بشوارعها الفسيحة ومنتزهاتها فائقة الروعة ومبانيها المنشئة وفق أحدث المواصفات العالمية فضلا عن ( كورنيشها ) المميز بأشجاره الوارفة ومسطحاته الخضراء.

تبسط الشمس أشعتها في الغروب وتتوهج على صفحة البحر وأمواجه المضطربة وكأنها قلائد من الذهب

أنت تقف مشدوهًا ومشدودًا أمام شاطئ نصف القمر التابع لمدينة الخبر، والقريب من مدينة الدمام في المنطقة الشرقية

شاطئ نصف القمر يتميز باعتدال أجوائه غالبية السنة، وفي الصيف تتدثر سواحله بالضباب الخفيف

أصل كلمة خبر أي الأرض التي تتجمع فيها مياه الأمطار، وبحكم أن مجتمع الخبر يتشكل من عدة دوائر ثقافية كون المهاجرين إليه هم غالبًا من المتعلمين في بلادهم، هذا التمازج الفريد النخبوي ساهم في نهوض المدينة بإيقاعات مرتبة وسريعة، وجهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد جعلت من وتيرة التطور هذه مراهنة مضمونة النتائج.

ومسمى نصف القمر جاء محاكاة لشاطئ نصف القمر على المحيط الهادي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، إلا أن بعضهم حتى من الأمريكان أنفسهم يعد شاطئ نصف القمر السعودي أجمل من الأمريكي وأكثر دفئًا، هذا الشاطئ الفاتن برماله اللؤلؤية ومياهه الدافئة يأخذ شكل القوس عند التقاء اليابسة بالماء، ما يجعل انحناءه يشبه انحناء القمر عندما يكون هلالاً، ويشهد إقبالاً كبيرًا من الزوار لجماله، ولأنه من الشواطئ القليلة التي يسمح فيها بممارسة هواية السباحة. كما أن الكثبان الرملية الناعمة على طوله تحفز مرتاديه من الشباب والأطفال لإطلاق مواهبهم ومهاراتهم الرياضية، وإشباع نهمهم للمغامرة في قيادة السيارات ذات الدفع الرباعي «التطعيس»، والدراجات النارية، والتزلج على الرمال، وركوب الخيل، وطائرات التحكم عن بعد، وسباق اليخوت الشراعية.

كما يعج بأماكن الترفيه المختلفة، وتنتشر حوله مدن الألعاب كمدينة الملك فهد الساحلية بما تحويه من صالات عالمية مغلقة، ومدينة الأمير محمد بن فهد، ومدينة ألعاب العزيزية، فضلاً عما يضمه الشاطئ الساحر من منتجعات و«شاليهات» تغري بزيارته مرات عديدة، ناهيك من المهرجانات والفعاليات الرياضية والثقافية والترفيهية التي تقام فيه طوال العام، إلى جانب سوق الحرف، وعروض الليزر والأمسيات الشعرية في تلك الأجواء الشاعرية.

وشاطئ نصف القمر يتميز باعتدال أجوائه غالبية السنة إلا أن الرياح تكون فيه شديدة إلى حد ما في فصل الشتاء. وفي الصيف تتدثر سواحله بالضباب الخفيف، أما في الخريف والربيع فتكون سماؤه صحوًا، وأجواؤه منعشة تميل إلى الرطوبة.. وعلى الرغم من أنه من الشواطئ القليلة التي يسمح فيها بالسباحة لخلوه من الحفر إلا أن ممارسة تلك الرياضة الجميلة في مياهه قد تكون محفوفة بالمخاطر، خصوصًا في فصل الخريف عندما تكثر الأمواج الارتدادية القوية الباردة نسبيًا، والقادرة على جذب حتى أكثر السباحين مهارة.

وفي أثناء تجوالك فوق رمال شاطئ نصف القمر، خصوصًا فوق تلك الرمال المستقرة التي لم تعبث بها عجلات سيارات الدفع الرباعي أو الدراجات النارية، ولم يطلها الامتداد العمراني فحتمًا ستقع عيناك على قطعة مما يطلق عليه ورد الرمل «ساند روزز»، وهي تشكيلات بلورية تتكون عادة تحت الرمال بأعماق تتراوح ما بين نصف متر إلى متر، وتشبه في شكلها هيئة الورد إلى حد كبير، وتتكون عندما يتبخر ماء البحر المذاب فيه كميات كبيرة من معدن الجبس، وتتبلور بتركز واتحاد سولفيت الكالسيوم (CaSO 4+ 2H 2 O)، وهي صلبة وأطرافها حادة وتذوب في الماء، وتتفاوت أحجامها ما بين السنتيمتر الواحد إلى المتر، كما تتعدد ألوانها حسب نوعية الرمال التي تكونت فيها، إلا أنها تشترك في جمال منظرها وغرابة تكوينها، ما يشجع الكثير من هواة اقتناء الأحجار والصخور النادرة في التهافت على جمعها، وربما استخدامها للديكور والزينة.. والغريب أنك لن تجد أبدًا مهما حرصت بلورتين منها متشابهتين. وأفضل أنواعها وأجمله ما كان مغمورًا في الرمال، ما يضطرك للحفر عميقًا واستخلاصها بصعوبة وعناء، إلا أن تعبك يزول حالما تحصل على كنزك.

وشاطئ نصف القمر أو «الهاف موون» يفتقد المزيد من الاستثمار السياحي الذي يسهم في استقطاب المزيد من السواح، سواء من داخل المملكة أو من خارجها، والشاطئ يستحق ذلك ومؤهل لأن يكون في مصاف المنتجعات العالمية، ويدل على ذلك كثرة السواح، خصوصًا من العائلات في الأعياد والإجازات الذين يأتون ليقضوا أوقاتًا جميلة مع أطفالهم في السباحة، وصيد الأسماك، وركوب القوارب، ومن ثم السمر والشواء، والأكل طوال الليل وممارسة شتى أنواع الألعاب فوق رمال الشاطئ.