الموهوبون والرياضة
اركض أسرع.. تبدع أكثر
الإبداع الرياضي أداء مهاري في موقف وتوقيت غير متوقع.
• بقلم أ.د.رياض المنشاوي
عميد كلية التربية الرياضية بجامعة طنطا
هل يختلف الموهوبون رياضيًا عن غيرهم من الموهوبين العاديين؟ الإجابة بـ«نعم» تختصر كثيرًا من المعطيات، والإجابة بـ«لا» تنفي كثيرًا من الإشكالات، لكن بين الاثنين ثمة مسافة فاصلة يمكن اختصارها للتقريب بينهما.
|
|
|
تعددت الدراسات عن خصائص المتفوقين، وإن كثيرًا منها يتناول الموهوبين رياضيًّا سواء من الناحية العقلية أو الحركية أو الانفعالية أو الاجتماعية، إلى أن جاءت دراسة العالم «إيرلك» في بداية الثمانينيات التي أوردت 38 صفة للموهوبين أهمها: التفوق في الذاكرة، المهارة في الكتابة، سرعة التعلم، مرونة التفكير، التخطيط والتنظيم، الخيال الإبداعي، التفوق في الخبرة، حب الاستطلاع، الحس المرهف، المدى الواسع من المعلومات والاهتمامات الجمالية والذوقية، الانتباه للتفاصيل، الأداء المتميز، الإنجاز المدرسي المتفوق، الشخصية القيادية، الانتباه والتركيز. إضافة إلى بعض الخصائص التي قد تكون أكثر ارتباطًا بمدرسي التربية الرياضية من خلال تواصلهم مع تلاميذهم، منها:
الخصائص الجسمية
يلاحظ أن الطفل الموهوب عمومًا أضخم بنية وأكثر قوة وأقل وزنًا وأحسن صحة، ويعدّ في هذه النواحي فوق المتوسط، ولكن الانهماك في العمل العقلي قد يصرفه عن النشاط الجسمي، وقد يؤدي هذا إلى زيادة الوزن وضعف اللياقة البدنية.
وهذه الخصائص هي نفسها سمات الموهوبين رياضيًّا، لكن انهماك الرياضيين في الأنشطة الحركية يساعدهم على زيادة اللياقة البدنية وإكساب أجسامهم الشكل الرياضي.
وعند مقارنة الموهوبين بالعاديين في أداء بعض الأعمال التي تحتاج إلى لياقة بدنية نجد، بحسب بعض الباحثين، أن الفروق في السرعة والدقة تكون لصالح الموهوبين.
الخصائص الاجتماعية
تفيد دراسة الباحثة كارول «1956» أن الطفل الموهوب في سن «9» سنوات يتساوى مع الطفل العادي في سن «14» سنة من حيث درجة نمو الشخصية، وقد ينظر إليه على أنه قائد لهم، ولكن ليس دائمًا. كما تفيد بعض الدراسات أن الموهوبين يفضلون صداقة الكبار.
الخصائص الانفعالية
وأفادت دراسات «هولنجورث» بأن الموهوبين لا يقلون ثباتًا انفعاليًّا عن أقرانهم، وأن نسبة وجود العصابين أقل.
وأشار الباحث فاروق أبو عوف إلى أن الموهوب رياضيًّا يتسم بالسرعة في الجري مقارنة بزملائه وأقرانه، وبالقدرة على التحكم في الكرة والمراوغة والوصول إلى الهدف والتسديد، والاهتمام بالتدريبات الرياضية، وإتقان حركاتها ومهاراتها الفنية المثيرة للانتباه. وهو يتسم باختياره الملابس الرياضية المتميزة، ومتابعة الأخبار الرياضية.
الإبداع والموهبة الرياضية
ما سبق يدفعنا إلى السؤال التالي: ما علاقة مكونات الإبداع بالموهبة الرياضية؟
يعرِّف العالم توارنس الإبداع بأنه عملية إدراك الثغرات، والاختلال في المعلومات، وعدم الاتساق، والعناصر المفقودة، والبحث عن دلائل ومؤشرات تقود إلى التصحيح، ووضع الفروض لها واختبار صحتها، والربط بين النتائج، وربما إجراء تعديلات وإعادة اختبار الفروض. ويؤكد توارنس أن هذا التعريف يشمل المعالم الرئيسة للتعريفات الأخرى، مثل إنتاج شيء جديد، أو التفكير المغامر بالخروج عن المألوف.
ويتضح من التعريف أن الإبداع تفكير أو أداء يتصف بالمرونة، ومن ثَمَّ وضع المبدع الفروض وأجرى عليها التعديلات بحسب متطلبات الموقف.
وفي هذا السياق يمكن القول بأن الإبداع ينطبق على المجال الرياضي تمامًا، إذ كثيرًا ما تقع ثغرات وخلل في صفوف فريق ما، فيدركها الفريق المنافس الذي يتوقع استخدام مهارات معينة «فرض الفرض»، ثم يبدأ في أداء تلك المهارات بحركات المحاورة «اختبار صحة الفروض»، وإذا حدثت استماتة دفاعية من الفريق المنافس غيَّر المهاجم من اتجاهه ومهاراته «إجراء تعديلات»، وكل ذلك في سلسلة مترابطة ومتناغمة.
ويتضمن هذا الموقف مكونات الإبداع وهي:
• الطلاقة: القدرة على استدعاء أكبر عدد من المهارات في مدة زمنية محدودة.
• المرونة: تنوع المهارات بحسب متطلبات الموقف.
• الأصالة: القدرة على استخدام مهارات غير شائعة في الموقف، أو غير مستخدمة في هذا التوقيت بالتحديد.
الإبداع والألفاظ
يؤكد الباحث محمد عماد الدين إسماعيل أن هذه المكونات تختلف باختلاف المجال الذي يظهر فيه الإبداع، فهي في المجال الذي يعتمد على الألفاظ مختلفة عن المجالات الأخرى كالفن أو التربية الرياضية، وبالنظر إلى الأنشطة الرياضية نجد أنها مكونة من مجموعة من المواقف الإبداعية. فمروق اللاعب المهاجم من لاعبي الفريق المنافس، يعد موقفًا إبداعيًّا، يشتمل على مكونات الإبداع «الطلاقة والمرونة والأصالة».
فيقوم اللاعب بأداء أكبر عدد من المهارات المناسبة للموقف «طلاقة»، متسمة بالتنوع «مرونة»، ثم يأتي بمهارة غير متوقعة أو غير شائعة في هذا الموقف أو هذا الوقت كتجاوز من المنافسين «أصالة»، وعلى ذلك تكون الأصالة هي أداء مهاري في موقف وتوقيت غير متوقع.
الاكتشاف والاختبار
هناك عدة أساليب لاكتشاف الموهوبين رياضيًّا، وبعض الاختبارات لانتقاء الناشئين، من ذلك:
• قياس المحددات البيولوجية للانتقاء وتقويمها.
• قياس العمر المناسب للبدء في ممارسة نشاط رياضي ما وتقويمه.
• الصفات الجسمية المورفولوجية «الطول، العرض، المحيط..».
• قياس مستوى نمو الصفات البدنية الأساسية وتقويمه.
• القوة العضلية «قوة القبضة، قوة عضلات الرجلين، قوة عضلات الظهر، ثني الذراعين من وضع الانبطاح المائل، الجلوس من الرقود».
• التحمل الدوري التنفسي: الجري 5×55 مترًا، الجري 400 متر، جري 800 متر، جري 1500 متر.
• السرعة « عدو 30، 50، 70، 100 متر».
• المرونة «ثني الجذع للأمام من الوقوف، ثني الجذع للأمام من الجلوس الطويل، إطالة الجذع، مرونة المنكبين، فتحة البرجل، اختبار العصا».
• الرشاقة «الجري الارتدادي 4× 10 أمتار، الجري المتعرج المنعطف بين المقاعد، الانبطاح المائل من الوقوف في 10 ثوان».
• الخصائص الوظيفية «تقويم لياقة الجهاز الدوري التنفسي، تقويم استعادة الاستشفاء..».
المحددات السيكولوجية للانتقاء
قياس السمات العقلية المعرفية وتقويمها، وقياس القدرة العقلية العامة وتقويمها، وتقاس باختبارات الذكاء «اختبار المصفوفات المتتابعة العادي، اختبار الذكاء غير اللفظي، اختبار المصور، اختبار القدرات العقلية الأولية»، وقياس القدرات الإدراكية وتقويمها، والانتباه «اختبار بوردون- أنفيموف، اختبار التنظيم الإدراكي وتركيز الانتباه». والسرعة الإدراكية: الإدراك الحركي «اختبار هيتشنس، ومقياس بوردو للإدراك الحركي، واختبار الإدراك الحركي بمسافة الوثب، واختبار ويب للإدراك الحركي، وقائمة التقدير المبدئي للإدراك الحركي»، وقياس السمات الانفعالية الوجدانية وتقويمها «مقياس تقدير السلوك للناشئين، اختبار إدراك الذات الرياضية، اختبار الشجاعة واتخاذ القرار»، وقياس الميول والاتجاهات وتقويمها «مقياس تنر للرضى الحركي، ومقياس الاتجاهات نحو النشاط الرياضي».