April_09Banner

أماكن


المهدية التونسية
عاصمة التاريخ والجمال
تملك مدينة المهدية كلّ ما يلزم لتسحر زائريها، مثل مينائها الكبير، ومدينتها العتيقة.

Health1_April

• تونس: منال العابدي

يمتد الطريق من المنستير بمحاذاة الساحل نحو المهدية, مارًا بمدن عديدة, منها لمطة التي يعمل سكانها في تجفيف الصوف والعناية بأشجار الزيتون، وصيادة، وقصر هلال، ومدينة المكنين، لنجد مدينة طبلبة، مرورًا بمدينة البقالطة التي لا تبعد أكثر من 10 كلم من مدينة المهدية، وهي آخر مدينة تابعة لمحافظة المنستير من جهة البحر، محاذية لمدينة المهدية، حيث بساتين الرمان، وغابات الزيتون، والزراعات السقوية.

  • مدينة المهدية ذات الماضي العريق عرفت قديمًا برأس أفريقيا، فقد كانت ميناءً فينيقيًا قديمًا

  • يحتل التزيين الداخلي للمنازل التونسية مكانًا بارزًا في المهديّة بشكل خاص، حيث تصبح تحفة حقيقية

  • تتميز المهدية بذلك البهاء التقليدي المميّز للمدن البحريّة، فهي تضم ميناء صيد بحري يعد أحد أهم الموانئ في تونس

مدينة البقالطة بنيت على أنقاض المدينة الرومانية الشهيرة تابسوس (THAPSUS)، بعدها تأتي المهدية الواقعة على مرتفع ساعدها في الماضي لتكون حصنًا، جعلها الفينيقيون والرومان قاعدة استراتيجية لهم، لكن مجدها تحقق على أيدي العرب، لأن القائد الفاطمي الأول، عبيدالله، والذي دعي بالمهدي، بنى فيها حصنًا سنة 916، مواجهًا لمصر التي كانت هدفًا لرغباته، وسميت المهدية باسمه. وما زالت تحتفظ حتى الآن بالعديد من الآثار الفاطمية، لعل أشهرها أطلال قصر القائم بأمر الله الذي يرى بمواجهة الحصن العثماني المطل على البحر.

دمرت المدينة بنهاية القرن العاشر، ثم جعلها الصقليون والبربر قاعدة لهم، ودمرها الإسبان في القرن السادس عشر، بعد ذلك جاء الأتراك وأعادوا بناءها كحصن، مرة أخرى. وبالإمكان زيارة الحصن والمتحف الذي يضمّ شواهد أثرية من مختلف العصور التي مرّت بها المهدية.كما يوجد فيها الجامع الكبير والقصبة التي تم بناؤها أواخر القرن السادس عشر. وبين الجامع والقصبة آثار رومانية قديمة كثيرة، تقوم على جزء من موقع مدينة رومانية قديمة كانت الأغنى في أفريقيا، وكانت تدعى (Thysdrus).

ومدينة «المهدية» ذات الماضي العريق عرفت قديمًا برأس أفريقيا، فقد كانت ميناءً فينيقيًا قديمًا، وتلت قرطاج ثم القيروان كعاصمة لتونس في القرن العاشر الميلادي. وتم تشييد هذه المدينة على شبه جزيرة تمتد في البحر الأبيض المتوسط شرق تونس، وتستمد بهاءها من بحرها الجميل وشواطئها الخلابة، ومدينتها العتيقة التي تتسم بحركيّة دائمة وتجارة لا تنقطع.
ومدينة المهدية، التي تبعد نحو 65 كيلو مترًا إلى الجنوب من مدينة سوسة و50 كيلومترًا إلى الجنوب من مدينة المنستير، تشتهر كوجهة سياحية رئيسة وكمدينة لصيد البحر ونسج الحرير.

ذاكرة المهدية
كانت المهدية، كما ذكرنا سابقًا، إحدى عواصم تونس تاريخيًا، ويعود ذلك إلى أنه عندما غادر عبيدالله المهدي مدينة القيروان سنة 912، قرّر أن يختار مدينة أخرى تكون عاصمة لملكه. وحسبما تذكر الروايات، فقد أشار الخبراء إلى أنه أراد أن يقيم عاصمته على شبه الجزيرة التي كانت ميناءً قديمًا للقرطاجنِّيين. فأقام على ذلك الموقع عاصمته التي اختار لها اسم المهديّة، وشيَّد حولها الأسوار، وجعل عند مدخلها بوابة ضخمة، تحمل حاليًا اسم «السقيفة الكحلة» أي المظلمة، أو السوداء.
وقد احتوت المدينة في عهد عبيدالله المهدي، كغيرها من المدن التي أسسها المسلمون في مختلف الأمصار، على مركز الخلافة، وقصر الخليفة، والمسجد الجامع، ودواوين السلطة، والدكاكين، ومحال الحرفيين مثل: النسّاجين والحدّادين والصاغة، إلا أنه كان على كل هؤلاء العاملين المبيت في حيّ خارج أسوار المدينة يدعى «الزويلة».
وتعرضت المهديّة لهجمات النورمان من صقلية، وفرسان مالطا، إلى حين قيام الدولة الحفصيّة سنة 1234، والمراديّة سنة 1612، والحسينيّة سنة 1705، لتنعم عندها بالاستقرار. وقد أدى وصول دفعات من الأندلسيين والقادمين من الأناضول، إلى إثراء ثقافة المدينة وتقاليدها.

سوق «علي بابا»
تتحوّل بوابة «السقيفة الكحلة» إلى سوق علي بابا، الشبيه بذلك الذي ورد في قصص ألف ليلة وليلة. وفي أثناء السوق الأسبوعية التي تقام يوم الجمعة في المدينة، تعرض النساء اللواتي يشتغلن بالحياكة والتطريز والنسيج، منتجاتهنّ من الملابس التقليدية الجميلة، ومنسوجاتهن المصنوعة من الحرير المذهب، ومصوغاتهن التقليدية ذات التصاميم المتنوعة. وتمثل زيارة هذه السوق فرصة للاطّلاع على هذه الصناعات التقليدية النسوية، التي تمثِّل إحدى العلامات المميّزة للصناعات التقليديّة التونسيّة.
ويحتل التزيين الداخلي للمنازل التونسية مكانًا بارزًا في المهديّة بشكل خاص، حيث تصبح تحفة حقيقية، ويبدو ذلك واضحًا في منازل الأثرياء، خصوصًا في نهج الحمزوات الذي به العديد من المنازل الجميلة المبنيّة في أوائل القرن العشرين الميلادي من قبل أفراد عائلة واحدة. وتتميز المهديّة بذلك البهاء التقليدي المميّز للمدن البحريّة، فهي تضم ميناء صيد بحري يعد أحد أهم الموانىء في تونس، ويختصّ بصيد سمك السردين بالاعتماد على الأضواء ليلاً، ما يجعل ليالي الصيف في هذه المدينة تتحوّل عند مغادرة سفن الصيد باتجاه البحر، إلى مناسبات فرح جميلة، حيث ينار الميناء والبحر بآلاف المصابيح، ويصبح شاطىء المدينة محل حركة كبيرة عند خيوط الفجر الأولى في أيّام فصل الصيف، ويخترق جنباته صراخ باعة السمك، ووصول مئات الصناديق من سمك السردين والأنشوجة، التي تم صيدها في أعالي البحار.

منطقة سياحية بامتياز
تملك مدينة المهديّة كلّ ما يلزم لتسحر زائريها عند قدومهم إليها للسياحة أو لقضاء إجازة، مثل مينائها الكبير، ومدينتها العتيقة اللصيقة بموج البحر، وأجوائها التقليديّة، وشواطئها الرائعة، والعديد من الفنادق الحديثة التي جعلت منها منطقة سياحيّة جذابة. وتضم مدينة المهدية، رغم صغرها، أكثر من خمسة وعشرين فندقًا من الفنادق الحديثة، التي تراوح بين 3 نجوم و 5 نجوم، ما يتيح للسائح الاختيار حسب مقدرته المالية.
وتتيح المهدية لزوارها السياحة العلاجية والثقافية والرياضية. فبالنسبة للسياحة العلاجية، فإن مدينة المهديّة تعد مقصدًا مثاليًا لمن يرغبون في المعالجة بمياه البحر، وفيها حاليًا مركزان صحيان مندمجان في فندقين، أحدهما من فئة 4 نجوم والآخر من فئة 5 نجوم. وبالنسبة للسياحة الثقافية، فإن المدينة تحتوي على العديد من المعالم الثقافية مثل: متحف المهدية الإقليمي ومتحف سلكتا، وبرج المهدية الذي هو عبارة عن قلعة تعود للقرن السادس عشر الميلادي. أما بالنسبة للسياحة الرياضية، فعلى بعد خمسين كيلومترًا من المدينة، يجد محبو رياضة الجولف ضالتهم في ملعبي الجولف في مدينة المنستير، وهما الفلامينجو جولف والبالم لينكس.

للبحر عيده
تحتضن مدينة المهدية مهرجانًا صيفيًا من نوع خاص هو عيد البحر، يتضمن برنامجًا ثريًا ومتنوعًا يجمع بين الأنشطة الثقافية والرياضية والبيئية، فضلاً عن تنظيم «اليوم السياحي» وندوات وملتقيات فكرية، إضافة إلى العديد من العروض المتنوعة، منها العرض التنشيطي الفرجوي الافتتاحي لرياضة الكيوكنشكاي للبطل العالمي الصادق كوكة، فضلاً عن إقامة دورات في الرياضات الفردية، على غرار دورة كرة المضرب الشاطئية، وكأس تونس للسباحة في المياه الحرة.